المبحث الأوّل فیما یتعلّق بماهیّة الصوم

الفرع الخامس : فی جواز بلع النخامة

الفرع الخامس : فی جواز بلع النخامة

‏ ‏

‏قد صرّحوا بجواز بلع الـنخامـة وما یصل إلـیٰ فضاء الـفم؛ من الـصدر‏‎ ‎‏کان، أو الـدماغ، وعلیـه فی الـجملـة نقل الإجماع عن «معتبر» الـمحقّق،‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 283
‏و«منتهی» الـعلاّمـة، و«تذکرتـه»‏‎[1]‎‏ و«بیان» الـشهید‏‎[2]‎‏ وغیره‏‎[3]‎‏.‏

‏وقد حکی الـخلاف بذکر الـتفصیل بین الـصدر والـدماغ؛ بالـجواز فی‏‎ ‎‏الأوّل، والـمنع فی الـثانی‏‎[4]‎‏.‏

‏وعن الـشهیدین تفصیل ثانٍ بین الـواصل إلـیٰ فضاء الـفم، وما لـم‏‎ ‎‏یصل، ولکنّـه یتمکّن من إیصالـه، فمنعا الأوّل، وجوّزا الـثانی‏‎[5]‎‏.‏

‏ویظهر من «الـحدائق» بعض أقوال اُخر‏‎[6]‎‏.‏

وعلیٰ کلّ تقدیر :‏ لایهمّنا صحّـة الأقوال استناداً، ولا سنداً.‏

‏والـذی هو مبنی الـمسألـة أحد الاُمور:‏

‏فإن قلنا بالإطلاقات الأوّلیّـة وعدم الانصراف، فلابدّ من مقیّد لـفظی،‏‎ ‎‏کمعتبر غیاث بن إبراهیم، عن أبی عبداللّٰه ‏‏علیه السلام‏‏ قال: ‏«لا بأس بأن یزدرد الصائم‎ ‎نخامته»‎[7]‎‏ فإن کان ما فی الـدماغ من الـنخامـة، فمقتضی الإطلاق جواز‏‎ ‎‏الـبلع فی الـصور الأربع.‏

‏اللهمّ إلاّ أن یقال: بأنّ الـروایـة کما هی مجملـة من ناحیـة الـنخامـة،‏‎ ‎‏مجملـة من جهـة الازدراد؛ لإحتمال کونـه مخصوصاً بما لـم یصل إلـیٰ فضاء‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 284
‏الـفم‏‎[8]‎‏، وقضیّـة ما یظهر من الـمطرّزی أنّها هی الـتی تخرج من الـخیشوم‏‎ ‎‏عند الـتنخّع‏‎[9]‎‏، وهکذا عن بعض: «أنّـه لـیس ما یخرج من الـصدر نخامةً»‏‎[10]‎‎ ‎‏بل ما یحکیٰ عن «الـنهایـة»: «أنّ الـنخامـة: هی الـبزقـة الـتی تخرج من‏‎ ‎‏أقصی الـحلق ومن مخرج الـخاء الـمعجمـة»‏‎[11]‎‏. وعن «الـمصباح»: «النخامة‏‎ ‎‏بالـضمّ ما یخرجه الإنسان من حلقـه»‏‎[12]‎‏ انتهیٰ. فلا تکون هی ما فی الـصدر،‏‎ ‎‏ولا ما فی الرأس، بل هی بصاق غلیظ یحصل فی محیط الفم بالعصر والضغط.‏

فتحصّل :‏ أنّ الـروایـة أصبحت مجملـة، وعندئذٍ یمکن الـمنع فی‏‎ ‎‏الـصور الأربع. هذا.‏

‏فإذا لـم یثبت الـمقیّد اللفظی فلابدّ من اللبّی؛ وهی الـسیرة، أو دعویٰ‏‎ ‎‏أنّ هذه الـمسألـة ممّا یکثر الابتلاء بها، ولاسیّما فی الـمدینـة، ومع ذلک لم یعدّ‏‎ ‎‏من الـمفطرات؛ لقوّة الـحاجـة إلـی الـتذکّر لها ، وبالأخصّ فی أوقات‏‎ ‎‏الـصلاة فی المساجد، مع وجود النبیّ ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏ والمعصومین ‏‏علیهم السلام‏‏ فیما بینهم‏‎[13]‎‏.‏

‏ویظهر من «الـخلاف» أنّ الـنخامـة عند الـعامّـة کالـبزاق‏‎[14]‎‏، فیعلم‏‎ ‎‏منـه أنّهم أیضاً لأجل هذه الـسیرة وکثرة الإبتلاء احتمالاً، ذهبوا إلـیٰ جوازها.‏


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 285
‏وهنا وجـه ثالـث: وهو دعویٰ قصور الأدلّـة الأوّلیّـة إطلاقاً أو انصرافاً‏‎ ‎‏من هذه الاُمور الاعتیادیّـة. هذا مع أنّ مفطریّتها تنتهی إلـیٰ ابتلاء الـناس‏‎ ‎‏بالاُمور غیر الـلائقـة بشأن الإسلام والـمسلمین.‏

‏ومن هنا یظهر جواز الـبلع وإن کان لا تنافی بین حرمـة الـبلع وعدم‏‎ ‎‏الـمفطریّـة، کما إذا وصل شیء جافّ نجس من الـخارج إلـی الـبزاق، فإنّـه‏‎ ‎‏لـو قلنا بتنجّس الـبزاق لا نقول بمفطریّتـه، فتأمّل جدّاً.‏

‏ومن الـغریب ما مال إلـیـه سیّدنا الاُستاذ الـبروجردیّ ‏‏قدس سره‏‏ من الـمنع‏‎ ‎‏فی الـصور الأربع‏‎[15]‎‏! وفی الـمسألـة تفصیل بین الـنخامـة الـکثیرة‏‎ ‎‏والـقلیلـة، ولمنع الـکثیرة وجـه.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 286

  • )) المعتبر 2 : 653 ، منتهی المطلب 2 : 563 / السطر 29 ، تذکرة الفقهاء 6 : 23 .
  • )) لم نعثر علیه فی «البیان» ، لاحظ مستمسک العروة الوثقیٰ 8 : 237 .
  • )) مدارک الأحکام 6 : 105 .
  • )) شرائع الإسلام 1 : 174 ، إرشاد الأذهان 1 : 298 ، مستند الشیعة 10 : 235 .
  • )) الدروس الشرعیّة 1 : 278 ، مسالک الأفهام 2 : 34 ، مدارک الأحکام 6 : 105 .
  • )) الحدائق الناضرة 13 : 84 ـ 85 .
  • )) الکافی 4 : 115 / 1 ، وسائل الشیعة 10 : 108 ، کتاب الصوم ، أبواب ما یمسک عنه الصائم ، الباب 39 ، الحدیث 1 .
  • )) مستند العروة الوثقیٰ ، کتاب الصوم 1 : 106 .
  • )) المصباح المنیر 2 : 728 .
  • )) مستند العروة الوثقیٰ ، کتاب الصوم 1 : 105 .
  • )) الحدائق الناضرة 13 : 84 ، النهایة 5 : 34 .
  • )) الحدائق الناضرة 13 : 84 ، المصباح المنیر 2 : 728 .
  • )) المعتبر 2 : 653 .
  • )) الخلاف 2 : 177 ، ذیل المسألة 18 .
  • )) لم نعثر علیه فی الکتب المتوفرة لدینا .