المبحث الأوّل فیما یتعلّق بماهیّة الصوم

بقی شیء : هل المفطر فی الشریعة هو الانصراف عن نیّة الصوم أم لا ؟

بقی شیء : هل المفطر فی الشریعة هو الانصراف عن نیّة الصوم أم لا ؟

‏ ‏

‏وهو أنّ الأمر لـو کان کما تحرّر، یلزم کون الـمفطر فی الـشریعـة‏‎ ‎‏واحداً؛ وأن یکون مبطل الـصوم هو الانصراف عنـه، مع أنّ الـظاهر من الأدلّـة‏‎ ‎‏الـشرعیّـة أنّ الأکل والـشرب والـجماع تضرّ الـصائم‏‎[1]‎‏. وإرجاع ذلک إلـیٰ‏‎ ‎‏أنّ الـنظر إلـیٰ أنّ الـنیّـة الـمتعلّقـة بسائر الأفعال، لا توجب الـبطلان،‏‎ ‎‏بخلاف الـنیّـة الـمتعلّقـة بهما، کما تریٰ، فیکون ماعدّ من الـمفطرات مضرّاً، إلاّ‏‎ ‎‏أنّـه فرق بین الـمفطریّـة بالـذات وبالـعرض، ویکفی لـصحّـة الاستناد کون‏‎ ‎‏الأکل والـشرب مضرّین بواسطـة الـنیّـة الـمتعلّقـة بهما.‏

وبالجملة: ‏لأجل ذلک ظاهراً فصّل الاُستاذ الـوالـد مدّظلّـه ـ جمعاً بین‏‎ ‎‏الـجهات ـ بین الـتبعیّـة والاستقلال‏‎[2]‎‏.‏

‏وهذا یرجع إلـیٰ أنّ الـنیّـة الارتکازیـة الـتی هی شرط استمراراً فی‏‎ ‎‏صحّـة الـصوم، لایبطل بالارتکاز والـتبعیّـة شرعاً، لا عقلاً، فیرجع الأمر‏‎ ‎‏بالآخرة إلـیٰ أنّ الـخلوّ من الـنیّـة الـمزبورة فی بعض أجزاء الـزمان، غیر‏‎ ‎‏مضرّ.‏

‏ولا أظنّ أن یتمکّن من إثبات ذلک بالـنسبـة إلـیٰ هذا الأمر الـمفروغ‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 253
‏عنـه عندهم وعند الـمتشرّعـة.‏

‏وممّا یؤیّد الـتفصیل أنّ الـصوم لـو بطل بنیّـة الـقاطع لـما لـزمت‏‎ ‎‏الـکفّارة، فأدلّـة جعل الـکفّارة علی الـجماع إذا تکرّر وعلی الأکل وهکذا،‏‎ ‎‏أیضاً دلیل علیٰ عدم فساد الـصوم بها.‏

‏ثمّ إنّ نیّـة الـقاطع کما ترجع إلـیٰ الـقطع، یکون الأمر أیضاً منعکساً؛‏‎ ‎‏فإنّ نیّـة الـقطع لاتعقل إلاّ بإرادة الإتیان بإحدی الـمفطرات؛ لأنّ الـصوم هو‏‎ ‎‏نیّـة ترک الـمفطرات، فلو انصرف عنـه فلابدّ أن یرتکز إتیان واحد منها، کما لا‏‎ ‎‏یخفیٰ، والـمسألـة بعد تحتاج إلـی الـتأمّل.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 254

  • )) تهذیب الأحکام 4 : 189 / 535 ، وسائل الشیعة 10 : 31 ، کتاب الصوم ، أبواب ما یمسک عنه الصائم ، الباب 1 ، الحدیث 1 .
  • )) العروة الوثقیٰ 2 : 175 ، کتاب الصوم ، فصل فی النیّة ، الهامش 5 .