المبحث الأوّل فیما یتعلّق بماهیّة الصوم

الفرع الأوّل: لوأصبح یوم‏ الشکّ بنیّة الإفطار ثمّ بان أنّه من الشهر

الفرع الأوّل: لوأصبح یوم الشکّ بنیّة الإفطارثمّ بان أنّه من الشهر

‏ ‏

‏فإن تناول الـمفطر فعلیـه الـقضاء بلا خلاف‏‎[1]‎‏، وعلیـه الـنّص‏‎[2]‎‏. وإنّما‏‎ ‎‏الـکلام فی وجوب إمساک بقیّـة الـنهار شرعاً وجوباً تأدیبیّاً، أو حرمـة الإتیان‏‎ ‎‏بالـمفطرات شرعاً، أم یحرم الإعلان والإظهار بالأکل وشبهـه.‏

‏فالـذی هو الـمحکیّ عن جملـة من الـعامّـة‏‎[3]‎‏ وعموم الـخاصّـة هو‏‎ ‎‏الأوّل‏‎[4]‎‏، ویظهر من الـشیخ الأعظم ‏‏قدس سره‏‏ الـمناقشـة فی ثبوت الـحکم؛ لـما لـم‏‎ ‎‏یجد علیـه دلیلاً ظاهراً‏‎[5]‎‏.‏

‏وما تمسّک بـه جماعـة من الـمتأخّرین‏‎[6]‎‏ من حدیث الأعرابیّ‏‎[7]‎‏، فغیر‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 246
‏نقیّ، والانجبار‏‎[8]‎‏ غیر ثابت؛ لـعدم الـشهرة الـعملیّـة. ومثلـه الـتمسّک‏‎[9]‎‎ ‎‏بحدیث الـمیسور‏‎[10]‎‏ واشباهـه‏‎[11]‎‏.‏

‏وأمّا الـتمسّک بأنّ الـصوم والإمساک واجب فی جمیع إجزاء الـنهار؛‏‎ ‎‏حسب الإطلاق الـمستفاد من الـکتاب، وقد خرج منـه الـمسافر والـمریض‏‎ ‎‏والـصبیّ وبعض الـعناوین الاُخَر للدلیل الـخاصّ، فیکون الإمساک الأعمّ‏‎ ‎‏لازماً‏‎[12]‎‏ وإن لـم یکن صوماً شرعیّاً، فهو أیضاً غیر راجع إلـیٰ محصّل فی‏‎ ‎‏الـفقـه.‏

‏نعم، یمکن دعویٰ استفادة الـحکم ممّا ورد فی الـمسافر الـقادم،‏‎ ‎‏الـظاهر فی أنّ خصوصیّـة شهر رمضان اقتضت الـنهی عن الـمواقعـة، والأمر‏‎ ‎‏بالـکفّ عن الأکل بقیّـة الـنهار، ومن صوم الـتأدیب فی معتبر الـزهریّ‏‎ ‎‏الـسابق: ‏«أمر بالإمساک بقیّة النهار، ولیس بفرض»‎[13]‎‏ کما فیـه، والـمراد أنّـه‏‎ ‎‏لـیس الـصوم فرضاً، لا أنّ الإمساک لـیس بفرض، فتأمّل.‏

‏نعم، فی الـباب الـسابع من أبواب من یصحّ منـه الـصوم عن سَماعـة‏‎ ‎‏قال: سألتـه ...‏


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 247
‏إلـیٰ أن قال: ‏«لا ینبغی له أن یأکل...»‎[14]‎‏ إلـیٰ آخره.‏

‏هذا مع أنّـه لـو کان الـنظر إلـیٰ حرمـة شهر رمضان فلا ینبغی‏‎ ‎‏الـتفصیل بین ما قبل الـزوال وبعده.‏

‏مع أنّ هنا نصوصاً تدلّ علیٰ جواز الإفطار بعد الـزوال‏‎[15]‎‏، إلاّ أنّ فی خبر‏‎ ‎‏سَماعـة، فی الـباب الـسادس قال: ‏«أفطر، ولا یأکل شیئاً ظاهراً»‎[16]‎‏ وربّما‏‎ ‎‏یمکن أن یستفاد منـه أنّ الإفطار الـظاهر ممنوع، کمایساعده الاعتبار، فإنّ‏‎ ‎‏مفاده الـنهی مطلقاً عن الأکل ظاهراً.‏

‏ولو کان فی الأدلّـة ما یدلّ علی الـوجوب أو حرمـة الأکل، فقضیّـة‏‎ ‎‏الـجمع بینهما ذلک بعد إلـغاء الـخصوصیّـة عن الـمسافر، وعن الـمریض؛‏‎ ‎‏لـما فی خبر الـزهری أیضاً قال: ‏«وکلّ من أفطر لعلّة فی أوّل النهار، ثمّ قوی‎ ‎بعد ذلک، اُمِر بالإمساک بقیّة یومه تأدیباً، ولیس بفرض»‎[17]‎‏ انتهیٰ، فإنّ من‏‎ ‎‏الـتقیـید بالـتأدیب یستفاد أنّ الـعلّـة هی الأدب ومراعاة حرمـة الـشهر،‏‎ ‎‏فلایختصّ بـه الـمریض والـمسافر، ولا قبل الـزوال، ولا بعده.‏

‏نعم، فی خصوص ما بعد الـزوال ورد الـنصّ بالإفطار، ولکن کلّ واحد‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 248
‏من الـدلیلین یحمل ـ حسبما سبق ـ علی الـمنع ظاهراً، واللّٰه الـعالـم. وفی‏‎ ‎‏أخبار الـحائض فی الـنهار أو الـطاهرة فی أثنائـه‏‎[18]‎‏، ما یؤیّد أصل الـمسألـة.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 249

  • )) الخلاف 2 : 179 ، تذکرة الفقهاء 6 : 19 ، العروة الوثقیٰ 2 : 174 ، کتاب الصوم ، فصل فی النیّة ، المسألة 18 .
  • )) وسائل الشیعة 12 : 12 ، کتاب الصوم ، أبواب وجوب الصوم ونیّته ، الباب 2 ، الحدیث 8 .
  • )) الخلاف 2 : 179 ، المعتبر 2 : 652 ، تذکـرة الفقهاء 6 : 20 ـ 21 ، المغنی ، ابن قدامة 3 : 71 / السطر4 .
  • )) الخلاف 2 : 179 ، منتهی المطلب 2 : 561 / السطر 23 ، تذکرة الفقهاء 6 : 19 ـ 20 ، مستمسک العروة الوثقیٰ 8 : 228 .
  • )) الصوم ، الشیخ الأنصاری 12 : 123 .
  • )) مصباح الفقیه 14 : 353 ، مستمسک العروة الوثقیٰ 8 : 228 ، مهذّب الأحکام 10: 44.
  • )) المعتبر 2 : 646 ، المبسوط ، السرخسی 3 : 62 / السطر 12 .
  • )) مصباح الفقیه 14 : 353 .
  • )) ریاض المسائل 1 : 304 / السطر 17 .
  • )) عوالی اللآلی 4 : 58 / 205 .
  • )) عوالی اللآلی 4 : 58 / 206 و 207 .
  • )) مستند العروة الوثقیٰ ، کتاب الصوم 1 : 80 .
  • )) الکافی 4 : 86 ، تهذیب الأحکام 4 : 294 / 895 ، وسائل الشیعة 10 : 191 ـ 193 ، کتاب الصوم ، أبواب بقیة وجوب الصوم الواجب ، الباب 1 ، الحدیث 1 .
  • )) الکافی 4 : 132 / 8 ، وسائل الشیعة 10 : 191 ، کتاب الصوم ، أبواب من یصحّ عنه الصوم ، الباب 7 ، الحدیث 1 .
  • )) تهذیب الأحکام 4 : 242 / 710 ، وسائل الشیعة 10 : 193 ، کتاب الصوم ، أبواب من یصحّ عنه الصوم ، الباب 7 ، الحدیث 4 .
  • )) تهذیب الأحکام 4 : 327 / 1020 ، وسائل الشیعة 10 : 191 ، کتاب الصوم ، أبواب من یصحّ عنه الصوم ، الباب 6 ، الحدیث 7 .
  • )) تهذیب الأحکام 4 : 294 / 895 ، وسائل الشیعة 10 : 192 ، کتاب الصوم ، أبواب من یصحّ عنه الصوم ، الباب 7 ، الحدیث 3 .
  • )) وسائل الشیعة 10: 231 ـ 233، کتاب الصوم ، أبواب من یصحّ عنه الصوم، الباب 28.