المبحث الأوّل فیما یتعلّق بماهیّة الصوم

الجهة الخامسة : حکم صوم یوم الشکّ بنیّة التردید

الجهة الخامسة : حکم صوم یوم الشکّ بنیّة التردید

‏ ‏

‏إن صام یوم الـشکّ علیٰ أنّـه إن کان رمضان فیقع عن رمضان، وإن کان‏‎ ‎‏شعبان فیقع تطوّعاً، ففیـه قولان:‏

‏فعن موضع من «الـتذکرة» دعوی الإجماع علیٰ عدم الإجزاء، معلّلاً‏‎ ‎‏بعلل‏‎[1]‎‏ لا ترجع إلـیٰ محصّل، وفی «الـمدارک» نسبتـه إلـیٰ أکثر‏‎ ‎‏الـمتأخّرین‏‎[2]‎‏، وهو ظاهر «الـشرائع» بل وابن إدریس‏‎[3]‎‏.‏

‏وینافی الإجماع الـمزبور ذهاب الـشیخ إلـی الإجزاء فی «الـمبسوط»‏‎ ‎‏و«الـخلاف»‏‎[4]‎‏ وهو الـمحکیّ عن الـعمّانی، وابن حمزة، والـعلاّمـة فی‏‎ ‎‏«الـمختلف»‏‎[5]‎‏ والـشهید فی ظاهر «الـدروس» و«الـبیان»‏‎[6]‎‏ وهو الـمحکیّ‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 238
‏عن تمایل الأردبیلیّ والـکاشانیّ‏‎[7]‎‏.‏

‏وقد تشبّث کلٌّ بوجوه عقلیّـة إختراعیّـة غیر فقهیّـة، والـذی تقتضیـه‏‎ ‎‏الـقواعد الـمحرّرة هی الـصحّـة. والـعجب من الـجملـة الـمنسوبـة إلـی‏‎ ‎‏الـشیخ الأعظم الأنصاریّ ‏‏قدس سره‏‏من الـمناقشـة فی الـصحّـة؛ لأجل الـمناقشـة‏‎ ‎‏فی الـنیّـة وحصولها‏‎[8]‎‏! مع أنّـه أعرف بأحکام هذه الـبحوث.‏

وعلیٰ کلّ تقدیر:‏ لا یکون ناوی صوم الـغد، إلاّ ناوی الإمساک الـقربیّ‏‎ ‎‏الـمتعیّن قهراً للفرض إن وقع فی رمضان، کما عرفت‏‎[9]‎‏ من ذیل معتبر‏‎ ‎‏الـزهریّ‏‎[10]‎‏، وإن کان ینافیـه ـ حسب الـظاهر ـ ذیل خبر سَماعـة، حیث قال‏‎ ‎‏فیـه بالإجزاء تفضّلاً وتوسّعاً‏‎[11]‎‏، ولکن معناه هو أنّ الـشرع یتفضّل أو یوسّع فی‏‎ ‎‏الـواجب؛ لـعدم اعتبار الـنیّـة الـزائدة عن الـقربـة، وما ظنّـه الـفقیـه‏‎ ‎‏الـهمدانیّ ‏‏قدس سره‏‎[12]‎‏ هنـا، غیر تامّ.‏

ولو قلنا : ‏بأنّ الـتردید الـمزبور فی غیـر ما نحن فیـه یضرّ؛ لأنّـه لا‏‎ ‎‏یکون الـعمل متلوّناً بلون، ولا یمکن تعیـین لـونـه حینئذٍ ، ولکنّـه فیما نحن‏‎ ‎‏فیـه لا یضرّ؛ لأنّ الـواجب بلا لـون، وهکذا الـمندوب؛ ضرورة عدم اعتبار‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 239
‏قصد الـشعبانیّـة والـرمضانیّـة.‏

‏وأمّا خبر بشیر الـنـبّال، عن أبی عبداللّٰه ‏‏علیه السلام‏‏ قال: سألـتـه عن صوم یوم‏‎ ‎‏الـشکّ فقال: ‏«صمه، فإن یکُ من شعبان کان تطوّعاً، وان یکُ من شهر رمضان‎ ‎فیوم وفّقت له»‎[13]‎‏.‏

‏فلا یستظهر منـه هذه الـصورة؛ لـظهوره فیما لـم یتردّد فی الـنیّـة، بل‏‎ ‎‏یقصد صوم الـغد، فإنّ من الـمحتمل أن تضرّ الـنیّـة الـمزبورة شرعاً وتعبّداً.‏

‏نعم، قضیّـة إطلاق معتبر ابن مسلم‏‎[14]‎‏، وهشام بن سالـم‏‎[15]‎‏ ـ علی‏‎ ‎‏الـوجـه الـذی استشهدنا بهما ـ بطلان مطلق الـصوم، خرج منـه الـصوم بنیّـة‏‎ ‎‏شعبان علی الـنسبـة والاستصحاب.‏

‏اللهمّ إلاّ أن یقال: بأنّ إثبات الإطلاق فی الأوّل، مرهون برجوع الـقید‏‎ ‎‏والـجارِّ إلـیٰ قولـه: «یشک» وهو خلاف فهم الـجمهور‏‎[16]‎‏.‏

‏نعم، إطلاق الـخبر الـثانی سلیم من هذه الـمناقشـة، لا لأجل ذیلـه‏‎ ‎‏الـمحتمل کونـه من کلامـه ‏‏علیه السلام‏‏ فعلیٰ هذا تحصّل أنّ الـقول بالـصّحـة قویّ‏‎ ‎‏جدّاً.‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 240

  • )) مستمسک العروة الوثقیٰ 8 : 225 ، تذکرة الفقهاء 6 : 20 .
  • )) مدارک الأحکام 6 : 37 .
  • )) شرائع الإسلام 1 : 169 ، السرائر 1 : 384 .
  • )) المبسوط 1 : 276 ـ 277 ، الخلاف 2 : 179 ، المسألة 21 .
  • )) مختلف الشیعة 3 : 383 ، الوسیلة : 140 .
  • )) الدروس الشرعیّة 1 : 267 ، البیان : 359 .
  • )) مجمع الفائدة والبرهان 5 : 164 ، الوافی 11 : 107 .
  • )) مستمسک العروة الوثقیٰ 8 : 226 ، الصوم ، الشیخ الأنصاری 12 : 121 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 219 .
  • )) الکافی 4 : 85 / 1 ، وسائل الشیعة 10 : 22 ، کتاب الصوم ، أبواب وجوب الصوم ونیّته ، الباب 5 ، الحدیث 8 .
  • )) الکافی 4 : 82 / 6 ، وسائل الشیعة 10 : 21 ، کتاب الصوم ، أبواب وجوب الصوم ونیّته ، الباب 5 ، الحدیث 4 .
  • )) مصباح الفقیه 14 : 351 ـ 352 .
  • )) الکافی 4 : 82 / 5 ، وسائل الشیعة 10 : 21 ، کتاب الصوم ، أبواب وجوب الصوم ونیّته ، الباب 5 ، الحدیث 3 .
  • )) تهذیب الأحکام 4 : 182 / 507 ، وسائل الشیعة 10 : 25 ، کتاب الصوم ، أبواب وجوب الصوم ونیّته ، الباب 6 ، الحدیث 1 .
  • )) تهذیب الأحکام 4 : 162 / 457 ، وسائل الشیعة 10 : 27 ، کتاب الصوم ، أبواب وجوب الصوم ونیّته ، الباب 6 ، الحدیث 5 .
  • )) لاحظ مجمع الفائدة والبرهان 5 : 161 ، ریاض المسائل 1 : 303 / السطر 31 .