المبحث الأوّل فیما یتعلّق بماهیّة الصوم

بقی بحث آخر: إذا صام یوم الشکّ بنیّة رمضان ثمّ بان أنّه من شعبان

بقی بحث آخر: إذا صام یوم الشکّ بنیّة رمضان ثمّ بان أنّه من شعبان

‏ ‏

‏وهو ما إذا تبیّن الغد أنّـه من شعبان، فقد عرفت أنّ الـمشهور علی‏‎ ‎‏الـبطلان‏‎[1]‎‏، وربّما یعلّل ذلک بأنّـه نویٰ رمضان، فلا یقع عن شعبان حسب‏‎ ‎‏الأصل والقاعدة‏‎[2]‎‏.‏

وفیه :‏ أنّ عنوان «الشعبانیّ» لیس من المنوّعات لطبیعة الصوم، فلو‏‎ ‎‏أمسک فی شعبان قربةً إلـیٰ اللّٰه تعالـیٰ یصحّ صومـه بلا شبهة.‏

‏نعم، ربّما یترتّب الـثواب الـخاصّ الـشعبانیّ علی الـقصد؛ إن لـم یکن‏‎ ‎‏لدلیل الـثواب إطلاق.‏


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 236
‏ومقتضی الـقاعدة هو الـصحّـة. نعم بناءً علیٰ کونـه منهیّاً عنـه، ویکون‏‎ ‎‏الـصوم الـمتشرّع بـه باطلاً، یلزم بطلانـه هنا أیضاً.‏

ولکنّ الإنصاف: ‏أنّ جهـة الـنهی فی هذه الأخبار لـیست إلاّ کونـه أحد‏‎ ‎‏موارد الـتشریع، وأنّ الـمحرّم هو أن یصوم عن رمضان بعنوان یلحق قید‏‎ ‎‏رمضان بما نواه قربةً إلـی اللّٰه تعالـیٰ، وبناءً علیـه یختصّ الـحکم بالـعالـم؛‏‎ ‎‏لأنّ الـجاهل لا یکون مشرّعاً.‏

إن قلت :‏ ظاهر الأدلّـة هی حرمـة الـصوم علیٰ أنّـه من رمضان‏‎[3]‎‏.‏

قلت: ‏نعم، ولکنّـه خلاف ما هو الـمتفاهم من الأدلّـة الـواقعیّـة‏‎ ‎‏الـمتکفّلـة لوجوب صوم رمضان، ولاسیّما مع انسباق الإتیان بصوم رمضان‏‎ ‎‏بعنوانـه.‏

‏اللهمّ إلاّ أن یقال: إنّ الـواجب بتلک الأدلّـة، هو الإمساک الـقربیّ فی‏‎ ‎‏شهر رمضان، ومن شرائط صحّـة الإمساک الـمزبور عدم اقترانـه بنیّـة رمضان‏‎ ‎‏فی یوم الـشکّ‏‎[4]‎‏، وعندئذٍ لا تـتمّ الـمناقشـة الأخیرة فی الـجهـة الاُولیٰ،‏‎ ‎‏والـسند الأوّل الـمزبور لـفتوی الـمشهور یکون هو الـمستند.‏

‏ثمّ إنّ هنا روایـة عن «الـمقنع» عن عبداللّٰه بن سِنان: أنّـه سأل أبا‏‎ ‎‏عبداللّٰه ‏‏علیه السلام‏‏عن رجل صام شعبان، فلمّا کان شهر رمضان أضمر یوماً من شهر‏‎ ‎‏رمضان، فبان أنّـه من شعبان؛ لأنّـه وقع فیـه الـشکّ.‏

‏فقال: ‏«یعید ذلک الیوم، وإن أضمر من شعبان فبان أنّه من رمضان فلا‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 237
شیء علیه»‎[5]‎‏.‏

‏ودلالتـه علی الـبطلان لـقولـه ‏«یعید»‏ أقویٰ ممّا سبق، فتدبّر.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 238

  • )) تقدّم فی الصفحة 223 .
  • )) الحدائق الناضرة 13 : 34 .
  • )) مصباح الفقیه 14 : 338 .
  • )) لاحظ جواهر الکلام 16 : 212 .
  • )) المقنع : 186 ، وسائل الشیعة 10 : 23 ، کتاب الصوم ، أبواب وجوب الصوم ونیّته ، الباب 5 ، الحدیث 10 .