الجهة الاُولیٰ : فی جواز صوم یوم الشکّ تکلیفاً

‏‏الجهة الاُولیٰ : فی جواز صوم یوم الشکّ تکلیفاً‏

‏‏ ‏

‏‏هل یجوز شرعاً صوم یوم الـشکّ، وهو الـمعروف الـمتّفق علیـه‏‎ ‎‏الـمفروغ عنـه‏‎[1]‎‏، أم لا ویحرم کما فی «الـحدائق»‏‎[2]‎‏ عن بعضهم، أو یکون‏‎ ‎‏مکروهاً کما حکی عن «الـمفید»‏‎[3]‎‏.‏

‏‏وغیر خفیّ:‏‏ أنّـه إن جاز یکون مستحبّاً؛ لـملازمـة الـجواز فی‏‎ ‎‏الـعبادات مع الأمر، کما هو مقتضی الـنصوص الـوافرة.‏

‏‏نعم، فی الـمسألـة روایات ذکرها «الـوسائل» فی الـباب الـسادس من‏‎ ‎‏أبواب الـنیّـة، تشعر بالـمنع والـنهی عن صیام أیّام، کالـعیدین، ومنها صوم یوم‏‎ ‎
‏‎

‏‏فعلیٰ هذا لا وجـه للقول بالـحرمـة، ولا الـکراهـة الـمنسوبـة إلـی‏‎ ‎‏الـمفید ‏‏رحمه الله‏‏وإن کان ماهو الـمنسوب إلـیـه هو الـفرض الـخاصّ، علیٰ ما‏‎ ‎‏حکی عن «الـبیان» أنّـه قال: «ولایکره صوم یوم الـشکّ بنیّـة شعبان وإن‏‎ ‎‏کانت الـموانع من الـرؤیـة منتفیـة، وقال الـمفید: یکره مع الـصحو إلاّ لِمن‏‎ ‎‏کان صائماً قبلـه»‏‎[6]‎‏ انتهیٰ.‏

‏‏ومنه یعلم:‏‏ أنّ یوم الـشکّ لـیس مجرّد الـیوم الـثلاثین من شعبان، بل‏‎ ‎‏هو یوم تردّد فیه الأمر مستنداً إلـیٰ رؤیـة بعض الـناس، أو إلـیٰ وجود الـغیم‏‎ ‎‏ونحوه، فإنّـه هو الـیوم الـمستحبّ فیـه الـصوم، بعنوان یوم الـشکّ. بل هو‏‎ ‎‏الـیوم الـذی إذا اتفق کونـه رمضان فقد وفّق لـه. کلّ ذلک لأجل مارواه‏‎ ‎‏«الـتهذیب» عن ابن خلاّد‏‎[7]‎‏، إلاّ أنّ طریقـه إلـیـه ضعیف علی الـمشهور‏‎[8]‎‏،‏‎ ‎

‏
‏‎

‏‏لکنّ الإنصاف:‏‏ أنّها مع ضعف فی سندها، لاتدلّ علیٰ ما فهمـه‏‎ ‎‏«الـحدائق» من اختصاص الاستحباب بالـیوم الـخاصّ‏‎[11]‎‏، وأنّـه الـیوم الـذی‏‎ ‎‏وفّق لـه؛ لأنّ قضیّـة الـجمع بینها هو أنّ الأمر بالإفطار لـیس إلاّ لأجل أنّـه مع‏‎ ‎‏عدم الـغیم ظاهر فی أنّ یوم الـشکّ من شعبان، بخلاف صورة الـغیم.‏

‏‏وأمّا توهّم استحباب صوم یوم الـشکّ بعنوان «صوم یوم الـشکّ» فهو بلا‏‎ ‎‏وجـه؛ لأنّ ماهو الـمستحبّ هو صوم شعبان، ویوم الـشکّ بما هو یوم الـشکّ ـ‏‎ ‎‏حسب الأخبار الـکثیرة ـ غیر محکوم بشیء؛ لأنّـه إن کان من شعبان‏‎ ‎‏فیصومـه، وقد اُمروا بالـصوم فیـه کما عرفت.‏

‏‏ومن هنا یظهر:‏‏ أنّ من صام للـیوم الـثلاثین مع الـظنّ أو الـعلم بأنّـه من‏‎ ‎‏شعبان، ثمّ تبیّن أنّـه من رمضان، یصلح رمضانَ؛ لـقولـه ‏‏علیه السلام‏‏ ـ کما یأتی بعض‏‎ ‎‏الـکلام فیـه فی روایـة الـزهری ـ : ‏‏«لأنّ الفرض إنّما وقع علی الیوم بعینه»‏‎[12]‎‏.‏

‏‏ثمّ إنّ الـکراهـة الـمنسوبـة إلـی الـمفید هی الأقلّ ثواباً، وهذا ممّا‏‎ ‎
‏‎

‏‏ ‏

‏‎ ‎

‏‎

• )) تذکرة الفقهاء 6 : 17 ، مدارک الأحکام 6 : 35 ، جواهر الکلام 16 : 211 .
• )) الحدائق الناضرة 13 : 41 .
• )) لاحظ البیان : 362 ، الحدائق الناضرة 13 : 43 .
• )) تهذیب الأحکام 4 : 183 / 509 ، وسائل الشیعة 10 : 26، کتاب الصوم ، أبواب وجوب الصوم ، الباب 6 ، الحدیث 2 .
• )) وسائل الشیعة 10 : 21 و 23، کتاب الصوم ، أبواب وجوب الصوم ، الباب 5، الحدیث4 و 8 ، و : 26 ، الباب 10 ، الحدیث 4 .
• )) الحدائق الناضرة 13 : 43 ، البیان : 362 .
• )) تهذیب الأحکام 4 : 166 / 473 ، وسائل الشیعة 10 : 24، کتاب الصوم ، أبواب وجوب الصوم ، الباب 5 ، الحدیث 12 .
• )) جامع الرواة 2 : 520 .
• )) الکافی 4 : 77 / 9 ، تهذیب الأحکام 4 : 159 / 447 ، وسائل الشیعة 10 : 299، کتاب الصوم ، أبواب أحکام شهر رمضان ، الباب 16 ، الحدیث 4 .
• )) تهذیب الأحکام 4 : 165 / 469 ، وسائل الشیعة 10 : 298، کتاب الصوم ، أبواب أحکام شهر رمضان ، الباب 16 ، الحدیث 2 .
• )) الحدائق الناضرة 13 : 42 .
• )) الکافی 4 : 85 / 1 ، وسائل الشیعة 10 : 23، کتاب الصوم ، أبواب وجوب الصوم ، الباب 5 ، الحدیث 8 .