ذنابة : فی وحدة الأمر وعدم انحلاله فی الکفّارات
قد تبیّن حتّی الآن: أنّ فی الـکفارات لا تـتعدّد الأوامر، ولا ینحلّ الأمر الـواحد إلـی الأوامر الاستقلالیّـة، ولا یکون الـواجب بنعت الـعامّ الاستغراقی، بل فی الـکفّارات أمر واحد متعلّق بعنوان واحد، وصیام الأیّام فی حکم الأجزاء أو الـمحصّلات لـعنوان الـمأمور بـه، فلا أمر بالـنسبـة إلـیٰ خصوص الـیوم الأوّل أو الـثانی؛ حتّیٰ یختلف الـقصد وحکمـه، بل هو نظیر أجزاء الـصلاة.
فالـمکلّف یقصد الأمر الـمتوجّـه إلـیـه، الـباعث إیّاه نحوصوم الـکفّارة، فما دام لـم یأت بمجموع الـصیام لا یسقط الأمر، فما فی «الـعروة» وغیرها خالٍ من الـتحصیل؛ ضرورة أنّـه لا یستحقّ إلاّ عقاباً واحداً، وثواباً واحداً، وهذا شاهد وحدة الأمر.
ولابدّ علیٰ هذا من قصد امتثال أمر الـکفّارة، وهو تعبّدی.
أو أنّـه أمر توصّلی، ولکنّ صیام الـکفّارة ـ لأجل انطباق عنوان الـصیام الـمطلق علیـه ـ مورد الأوامر الاستحبابیّـة الـمطلقـة، فیقصد أمرها تعبّداً، وأمر الـکفّارة توصّلاً، نظیر ما إذا نذر صلاة اللیل، فإنّـه یقصد ـ وفاءً بالـنذر ـ إمتثال أمر صلاة اللیل الاستحبابیّ،
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 127
کما تقرّر فی محلّـه.
ومقتضیٰ ما اُشیر إلـیـه أخیراً؛ أنّ الـحکم فی قضاء رمضان وغیره أیضاً من هذا الـقبیل، ویکون الـواجب عنواناً واحداً، ونفس الـصوم لـیس مورد الأمر، بل قضاء الـصوم مورد الأمر، کما عرفت فی الـکفّارة، فلیتدبّر.
وهذا هو مقتضی الـجمع بین مفاد الـکتاب والـسنّـة؛ وإن کان ظاهر الـکتاب أنّ الـعدّة واجبـة، لا الـعنوان الـبسیط.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 128