المبحث الأوّل فیما یتعلّق بماهیّة الصوم

ذنابة : فی وحدة الأمر وعدم انحلاله فی الکفّارات

ذنابة : فی وحدة الأمر وعدم انحلاله فی الکفّارات

‏ ‏

‏قد تبیّن حتّی الآن: أنّ فی الـکفارات لا تـتعدّد الأوامر، ولا ینحلّ الأمر‏‎ ‎‏الـواحد إلـی الأوامر الاستقلالیّـة، ولا یکون الـواجب بنعت الـعامّ‏‎ ‎‏الاستغراقی، بل فی الـکفّارات أمر واحد متعلّق بعنوان واحد، وصیام الأیّام فی‏‎ ‎‏حکم الأجزاء أو الـمحصّلات لـعنوان الـمأمور بـه، فلا أمر بالـنسبـة إلـیٰ‏‎ ‎‏خصوص الـیوم الأوّل أو الـثانی؛ حتّیٰ یختلف الـقصد وحکمـه، بل هو نظیر‏‎ ‎‏أجزاء الـصلاة.‏

‏فالـمکلّف یقصد الأمر الـمتوجّـه إلـیـه، الـباعث إیّاه نحوصوم‏‎ ‎‏الـکفّارة، فما دام لـم یأت بمجموع الـصیام لا یسقط الأمر، فما فی‏‎ ‎‏«الـعروة»‏‎[1]‎‏ وغیرها خالٍ من الـتحصیل؛ ضرورة أنّـه لا یستحقّ إلاّ عقاباً‏‎ ‎‏واحداً، وثواباً واحداً، وهذا شاهد وحدة الأمر.‏

‏ولابدّ علیٰ هذا من قصد امتثال أمر الـکفّارة، وهو تعبّدی.‏

‏أو أنّـه أمر توصّلی، ولکنّ صیام الـکفّارة ـ لأجل انطباق عنوان‏‎ ‎‏الـصیام الـمطلق علیـه ـ مورد الأوامر الاستحبابیّـة الـمطلقـة، فیقصد‏‎ ‎‏أمرها تعبّداً، وأمر الـکفّارة توصّلاً، نظیر ما إذا نذر صلاة اللیل،‏‎ ‎‏فإنّـه یقصد ـ وفاءً بالـنذر ـ إمتثال أمر صلاة اللیل الاستحبابیّ،‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 127
‏کما تقرّر فی محلّـه‏‎[2]‎‏.‏

‏ومقتضیٰ ما اُشیر إلـیـه أخیراً؛ أنّ الـحکم فی قضاء رمضان وغیره أیضاً‏‎ ‎‏من هذا الـقبیل، ویکون الـواجب عنواناً واحداً، ونفس الـصوم لـیس مورد‏‎ ‎‏الأمر، بل قضاء الـصوم مورد الأمر، کما عرفت فی الـکفّارة، فلیتدبّر.‏

‏وهذا هو مقتضی الـجمع بین مفاد الـکتاب والـسنّـة؛ وإن کان ظاهر‏‎ ‎‏الـکتاب‏‎[3]‎‏ أنّ الـعدّة واجبـة، لا الـعنوان الـبسیط.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 128

  • )) العروة الوثقیٰ 2 : 169، کتاب الصوم ، فصل فی النیّة ، المسألة 2 .
  • )) تحریرات فی الاُصول 4 : 248 ـ 252 .
  • )) البقرة (2) : 184 .