کتاب المساقاة
و هی المعاملة علی اصول ثابتة؛بأن یسقیها مدّة معیّنة بحصّة من ثمرها.
و هی عقد یحتاج إلی إیجاب-کقول صاحب الاُصول:«ساقیتک»،أو «عاملتک»،أو«سلّمت إلیک»،وما أشبه ذلک-وقبول نحو«قبلت»وشبهه.
ویکفی فیهما کلّ لفظ دالّ علی المعنی المذکور بأیّ لغة کانت.والظاهر کفایة القبول الفعلی بعد الإیجاب القولی،کما تجری فیها المعاطاة علی ما مرّ فی المزارعة.
ویعتبر فیها بعد شرائط المتعاقدین من البلوغ،والعقل،والقصد،والاختیار، وعدم الحَجر لسفه فیهما،ولفلس من غیر العامل،أن تکون الاُصول مملوکة عیناً أو منفعةً،أو یکون المتعامل نافذ التصرّف لولایة أو غیرها،وأن تکون معیّنة عندهما معلومة لدیهما،وأن تکون مغروسة ثابتة،فلا تصحّ فی الفسیل قبل الغرس،ولا علی اصول غیر ثابتة کالبطّیخ و الخیار ونحوهما.وأن تکون المدّة معلومة مقدّرة بما لا یحتمل الزیادة و النقصان کالأشهر و السنین.والظاهر کفایة جعل المدّة إلی بلوغ الثمر فی العام الواحد إذا عیّن مبدأ الشروع فی السقی، وأن تکون الحصّة معیّنة مشاعة بینهما مقدّرة بمثل النصف أو الثلث ونحوهما،
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 683
فلا یصحّ أن یجعل لأحدهما مقداراً معیّناً و البقیّة للآخر،أو یجعل لأحدهما أشجاراً معلومة وللآخر اخری.نعم،لا یبعد جواز أن یشترط اختصاص أحدهما بأشجار معلومة والاشتراک فی البقیّة،أو یشترط لأحدهما مقدار معیّن مع الاشتراک فی البقیّة؛إذا علم کون الثمر أزید منه وأ نّه تبقی بقیّة.
(مسألة 1): لا إشکال فی صحّة المساقاة قبل ظهور الثمر،وفی صحّتها بعد الظهور وقبل البلوغ قولان،أقواهما الصحّة إذا کانت الأشجار محتاجة إلی السقی،أو عمل آخر ممّا تستزاد به الثمرة ولو کیفیة،وفی غیره محلّ إشکال، کما أنّ الصحّة بعد البلوغ و الإدراک-بحیث لا یحتاج إلی عمل غیر الحفظ والاقتطاف-محلّ إشکال.
(مسألة 2): لا تجوز المساقاة علی الأشجار غیر المثمرة کالخِلاف ونحوه.
نعم،لا یبعد جوازها علی ما ینتفع بورقه أو ورده منها،کالتوت الذکر و الحنّاء وبعض أقسام الخلاف ذی الورد ونحوها.
(مسألة 3): تجوز المساقاة علی فسلان مغروسة قبل أن تصیر مثمرة؛ بشرط أن تجعل المدّة بمقدار تصیر مثمرة فیها،کخمس سنین أو ستّ أو أزید.
(مسألة 4): لو کانت الأشجار لا تحتاج إلی السقی-لاستغنائها بماء السماء،أو لمصّها من رطوبات الأرض-ولکن احتاجت إلی أعمال اخر، فالأقرب الصحّة إذا کانت الأعمال یستزاد بها الثمر؛کانت الزیادة عینیة أو کیفیة، وفی غیرها تشکل الصحّة،فلا یترک الاحتیاط.
(مسألة 5): لو اشتمل البستان علی أنواع من الشجر و النخیل،یجوز أن یفرد کلّ نوع بحصّة مخالفة للحصّة من النوع الآخر،کما إذا جعل النصف فی
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 684
ثمرة النخیل،والثلث فی الکرم،والربع فی الرمّان مثلاً،لکن إذا علما بمقدار کلّ نوع من الأنواع.کما أنّ العلم الرافع للغرر شرط فی المعاملة علی المجموع بحصّة متّحدة.
(مسألة 6): من المعلوم أنّ ما یحتاج إلیه البساتین و النخیل و الأشجار-فی إصلاحها وتعمیرها واستزادة ثمارها وحفظها-أعمال کثیرة:
فمنها:ما یتکرّر فی کلّ سنة،مثل إصلاح الأرض،وتنقیة الأنهار،وإصلاح طریق الماء،وإزالة الحشیش المضرّ،وتهذیب جرائد النخل و الکرم،والتلقیح، والتشمیس،وإصلاح موضعه،وحفظ الثمرة إلی وقت القسمة،وغیر ذلک.
ومنها:ما لا یتکرّر غالباً،کحفر الآبار و الأنهار،وبناء الحائط و الدولاب والدالیة،ونحو ذلک.فمع إطلاق عقد المساقاة الظاهر أنّ القسم الثانی علی المالک،و أمّا القسم الأوّل فیتّبع التعارف و العادة،فما جرت علی کونه علی المالک أو العامل کان هو المتّبع،ولا یحتاج إلی التعیین.ولعلّ ذلک یختلف باختلاف البلاد.و إن لم تکن عادة لا بدّ من تعیین أنّه علی أیّهما.
(مسألة 7): المساقاة لازمة من الطرفین لا تنفسخ إلّابالتقایل أو الفسخ بخیار،ولا تبطل بموت أحدهما،بل یقوم وارثهما مقامهما.نعم،لو کانت مقیّدة بمباشرة العامل تبطل بموته.
(مسألة 8): لا یشترط فی المساقاة أن یکون العامل مباشراً بنفسه،فیجوز أن یستأجر أجیراً لبعض الأعمال أو تمامها،وتکون علیه الاُجرة.وکذا یجوز أن یتبرّع متبرّع بالعمل،ویستحقّ العامل الحصّة المقرّرة.نعم،لو لم یقصد التبرّع عنه ففی کفایته إشکال،وأشکل منه لو قصد التبرّع عن المالک.وکذا
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 685
الحال لو لم یکن علیه إلّاالسقی،ویستغنی عنه بالأمطار ولم یحتج إلیه أصلاً.
نعم،لو کان علیه أعمال اخر غیر السقی،واستغنی عنه بالمطر وبقی سائر الأعمال،فإن کانت بحیث یستزاد بها الثمر فالظاهر استحقاق حصّته،وإلّا فمحلّ إشکال.
(مسألة 9): یجوز أن یشترط للعامل مع الحصّة من الثمر شیئاً آخر من نقد وغیره،وکذا حصّة من الاُصول مشاعاً أو مفروزاً.
(مسألة 10): کلّ موضع بطل فیه عقد المساقاة تکون الثمرة للمالک،وللعامل علیه اجرة مثل عمله حتّی مع علمه بالفساد شرعاً.نعم،لو کان الفساد مستنداً إلی اشتراط کون جمیع الثمرة للمالک لم یستحقّ الاُجرة حتّی مع جهله بالفساد.
(مسألة 11): یملک العامل الحصّة من الثمر حین ظهوره،فإن مات بعده قبل القسمة،وبطلت المساقاة من جهة اشتراط مباشرته للعمل انتقلت حصّته إلی وارثه،وتجب علیه الزکاة لو بلغت النصاب.
(مسألة 12): المغارسة باطلة،و هی أن یدفع أرضاً إلی غیره لیغرس فیها؛ علی أن یکون المغروس بینهما؛سواء اشترط کون حصّة من الأرض أیضاً للعامل أو لا،وسواء کانت الاُصول من المالک أو من العامل.وحینئذٍ یکون الغرس لصاحبه،فإن کانت من مالک الأرض فعلیه اجرة عمل الغارس،و إن کانت من الغارس فعلیه اجرة الأرض،فإن تراضیا علی الإبقاء بالاُجرة أو لا معها فذاک،وإلّا فلمالک الأرض الأمر بالقلع،وعلیه أرش النقص إن نقص بالقلع،کما أنّ للغارس قلعه،وعلیه طمّ الحفر ونحو ذلک ممّا حصل بالغرس، ولیس لصاحب الأرض إلزامه بالإبقاء ولو بلا اجرة.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 686
(مسألة 13): بعد بطلان المغارسة یمکن أن یتوصّل إلی نتیجتها؛بإدخالها تحت عنوان آخر مشروع،یشترکان فی الاُصول:إمّا بشرائها بالشرکة؛ولو بأن یوکّل صاحب الأرض الغارس؛فی أنّ کلّ ما یشتری من الفسیل یشتریه لهما، ثمّ یؤاجر الغارس نفسه لغرس حصّة صاحب الأرض وسقیها وخدمتها فی مدّة معیّنة بنصف منفعة أرضه إلی تلک المدّة أو بنصف عینها.أو بتملیک أحدهما للآخر نصف الاُصول-مثلاً-إن کانت من أحدهما،ویجعل العوض-إذا کانت لصاحب الأرض-الغرس و الخدمة إلی مدّة معیّنة؛شارطاً علی نفسه بقاء حصّة الغارس فی أرضه مجّاناً إلی تلک المدّة،و إذا کانت من الغارس،یجعل العوض نصف عین الأرض أو نصف منفعتها إلی مدّة معیّنة؛شارطاً علی نفسه غرس حصّة صاحب الأرض وخدمتها إلی تلک المدّة.
(مسألة 14): الخراج الذی یأخذه السلطان من النخیل و الأشجار فی الأراضی الخراجیة علی المالک،إلّاإذا اشترطا کونه علی العامل أو علیهما.
(مسألة 15): لا یجوز للعامل فی المساقاة أن یساقی غیره إلّابإذن المالک، لکن مرجع إذنه فیها إلی توکیله فی إیقاع مساقاة اخری للمالک مع شخص ثالث بعد فسخ الاُولی،فلا یستحقّ العامل الأوّل شیئاً.نعم،یجوز للعامل تشریک غیره فی العمل علی الظاهر.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 687