کتاب المضاربة
وتسمّی قِراضاً،و هی عقد واقع بین شخصین علی أن یکون رأس المال فی التجارة من أحدهما و العمل من الآخر،ولو حصل ربح یکون بینهما.ولو جعل تمام الربح للمالک یقال له:البضاعة.وحیث إنّها عقد،تحتاج إلی الإیجاب من المالک و القبول من العامل،ویکفی فی الإیجاب کلّ لفظ یفید هذا المعنی بالظهور العرفی،کقوله:«ضاربتُک»أو«قارضتُک»أو«عاملتُک»علی کذا،وفی القبول:
«قبلتُ»وشبهه.
(مسألة 1): یشترط فی المتعاقدین البلوغ و العقل والاختیار،وفی ربّ المال عدم الحجر لفلس.وفی العامل القدرة علی التجارة برأس المال،فلو کان عاجزاً مطلقاً بطلت،ومع العجز فی بعضه لا تبعد الصحّة بالنسبة علی إشکال.نعم،لو طرأ فی أثناء التجارة تبطل من حین طروّه بالنسبة إلی الجمیع لو عجز مطلقاً، وإلی البعض لو عجز عنه علی الأقوی.وفی رأس المال أن یکون عیناً،فلا تصحّ بالمنفعة ولا بالدین؛سواء کان علی العامل أو غیره إلّابعد قبضه.وأن یکون درهماً ودیناراً،فلا تصحّ بالذهب و الفضّة غیر المسکوکین و السبائک و العروض.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 646
نعم،جوازها بمثل الأوراق النقدیة ونحوها من الأثمان-غیر الذهب و الفضّة- لا یخلو من قوّة،وکذا فی الفلوس السود.وأن یکون معیّناً،فلا تصحّ بالمبهم، کأن یقول:قارضتُک بأحد هذین أو بأیّهما شئت.وأن یکون معلوماً قدراً ووصفاً.
وفی الربح أن یکون معلوماً،فلو قال:«إنّ لک مثل ما شرط فلان لعامله»ولم یعلماه بطلت.وأن یکون مشاعاً مقدّراً بأحد الکسور کالنصف أو الثلث،فلو قال:علی أنّ لک من الربح مائة و الباقی لی،أو بالعکس،أو لک نصف الربح وعشرة دراهم مثلاً،لم تصحّ.وأن یکون بین المالک و العامل لا یشارکهما الغیر، فلو جعلا جزءاً منه لأجنبیّ بطلت إلّاأن یکون له عمل متعلّق بالتجارة.
(مسألة 2): یشترط أن یکون الاسترباح بالتجارة،فلو دفع إلی الزارع مالاً لیصرفه فی الزراعة ویکون الحاصل بینهما،أو إلی الصانع لیصرفه فی حرفته ویکون الفائدة بینهما،لم یصحّ ولم یقع مضاربة.
(مسألة 3): الدراهم المغشوشة إن کانت رائجة مع کونها کذلک تجوز المضاربة بها،ولا یعتبر الخلوص فیها.نعم،لو کانت قلباً یجب کسرها ولم تجز المعاملة بها،لم تصحّ.
(مسألة 4): لو کان له دین علی شخص یجوز أن یوکّل أحداً فی استیفائه، ثمّ إیقاع المضاربة علیه موجباً وقابلاً من الطرفین.وکذا لو کان المدیون هو العامل،یجوز توکیله فی تعیین ما فی ذمّته فی نقد معیّن للدائن،ثمّ إیقاعها علیه موجباً وقابلاً.
(مسألة 5): لو دفع إلیه عروضاً وقال:بعها ویکون ثمنها مضاربة،لم تصحّ إلّا إذا أوقع عقدها بعد ذلک علی ثمنها.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 647
(مسألة 6): لو دفع إلیه شبکة علی أن یکون ما وقع فیها من السمک بینهما بالتنصیف-مثلاً-لم یکن مضاربة،بل هی معاملة فاسدة،فما وقع فیها من الصید للصائد بمقدار حِصّته التی قصدها لنفسه،وما قصده لغیره فمالکیته له محلّ إشکال،ویحتمل بقاؤه علی إباحته،وعلیه اجرة مثل الشبکة.
(مسألة 7): لو دفع إلیه مالاً؛لیشتری نخیلاً أو أغناماً علی أن تکون الثمرة والنتاج بینهما،لم یکن مضاربة،فهی معاملة فاسدة تکون الثمرة و النتاج لربّ المال،وعلیه اجرة مثل عمل العامل.
(مسألة 8): تصحّ المضاربة بالمشاع کالمفروز،فلو کانت دراهم معلومة مشترکة بین اثنین،فقال أحدهما للعامل:«قارضتُک بحصّتی من هذه الدراهم»، صحّ مع العلم بمقدار حصّته،وکذا لو کان عنده ألف دینار-مثلاً-وقال:
«قارضتک بنصف هذه الدنانیر».
(مسألة 9): لا فرق بین أن یقول:«خذ هذا المال قراضاً ولکلّ منّا نصف الربح»،وأن یقول:«...والربح بیننا»،أو یقول:«...ولک نصف الربح»،أو «...لی نصف الربح»فی أنّ الظاهر أنّه جعل لکلّ منهما نصف الربح.وکذلک لا فرق بین أن یقول:«خذه قراضاً ولک نصف ربحه»،أو یقول:«...لک ربح نصفه»،فإنّ مفاد الجمیع واحد عرفاً.
(مسألة 10): یجوز اتّحاد المالک وتعدّد العامل فی مال واحد؛مع اشتراط تساویهما فیما یستحقّان من الربح وفضل أحدهما علی الآخر؛و إن تساویا فی العمل.ولو قال:«قارضتکما ولکما نصف الربح»کانا فیه سواء.وکذا یجوز تعدّد المالک واتّحاد العامل؛بأن کان المال مشترکاً بین اثنین،فقارضا واحداً
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 648
بالنصف-مثلاً-متساویاً بینهما؛بأن یکون النصف للعامل و النصف بینهما بالسویّة وبالاختلاف؛بأن یکون فی حصّة أحدهما بالنصف وفی حصّة الآخر بالثلث مثلاً،فإذا کان الربح اثنی عشر،استحقّ العامل خمسة وأحد الشریکین ثلاثة و الآخر أربعة.نعم،إذا لم یکن اختلاف فی استحقاق العامل بالنسبة إلی حصّة الشریکین،وکان التفاضل فی حصّة الشریکین فقط،کما إذا اشترط أن یکون للعامل النصف و النصف الآخر بینهما بالتفاضل،مع تساویهما فی رأس المال؛بأن یکون للعامل الستّة من اثنی عشر،ولأحد الشریکین اثنان وللآخر أربعة،ففی صحّته وجهان بل قولان،أقواهما البطلان.
(مسألة 11): المضاربة جائزة من الطرفین یجوز لکلّ منهما فسخها؛قبل الشروع فی العمل وبعده،قبل حصول الربح وبعده،صار المال کلّه نقداً أو کان فیه أجناس لم تنضّ بعد،بل لو اشترطا فیها الأجل جاز لکلّ منهما فسخها قبل انقضائه.ولو اشترطا فیها عدم الفسخ،فإن کان المقصود لزومها بحیث لا تنفسخ بفسخ أحدهما-بأن جعل ذلک کنایة عن لزومها،مع ذکر قرینة دالّة علیه-بطل الشرط دون أصل المضاربة علی الأقوی،و إن کان المقصود التزامهما بأن لا یفسخاها فلا بأس به،ولا یبعد لزوم العمل علیهما،وکذلک لو شرطاه فی ضمن عقد جائز ما لم یفسخ،و أمّا لو جعلا هذا الشرط فی ضمن عقد خارج لازم-کالبیع و الصلح ونحوهما-فلا إشکال فی لزوم العمل به.
(مسألة 12): الظاهر جریان المعاطاة و الفضولیة فی المضاربة،فتصحّ بالمعاطاة،ولو وقعت فضولاً من طرف المالک أو العامل تصحّ بإجازتهما.
(مسألة 13): تبطل المضاربة بموت کلّ من المالک و العامل.وهل یجوز
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 649
لورثة المالک إجازة العقد فتبقی بحالها بإجازتهم أم لا؟الأقوی عدم الجواز.
(مسألة 14): العامل أمین،فلا ضمان علیه لو تلف المال أو تعیّب تحت یده، إلّا مع التعدّی أو التفریط.کما أنّه لا ضمان علیه من جهة الخسارة فی التجارة، بل هی واردة علی صاحب المال.ولو اشترط المالک علی العامل أن یکون شریکاً معه فی الخسارة کما هو شریک فی الربح ففی صحّته وجهان،أقواهما العدم.نعم،لو کان مرجعه إلی اشتراط أنّه علی تقدیر وقوع الخسارة علی المالک خسر العامل نصفه-مثلاً-من کیسه لا بأس به،ولزم العمل به لو وقع فی ضمن عقد لازم،بل لا یبعد لزوم الوفاء به ولو کان فی ضمن عقد جائز ما دام باقیاً.نعم،له فسخه ورفع موضوعه،کما أنّه لا بأس بالشرط-علی وجه غیر بعید-لو کان مرجعه إلی انتقال الخسارة إلی عهدته بعد حصولها فی ملکه؛ بنحو شرط النتیجة.
(مسألة 15): یجب علی العامل بعد عقد المضاربة القیام بوظیفته؛من تولّی ما یتولّاه التاجر لنفسه علی المعتاد بالنسبة إلی مثل تلک التجارة فی مثل ذلک المکان و الزمان ومثل ذلک العامل؛من عرض القماش و النشر و الطیّ مثلاً وقبض الثمن وإحرازه فی حرزه،واستئجار ما جرت العادة باستئجاره،کالدلّال والوزّان و الحمّال،ویُعطی اجرتهم من أصل المال،بل لو باشر مثل هذه الاُمور هو بنفسه لا بقصد التبرّع،فالظاهر جواز أخذ الاُجرة.نعم،لو استأجر لما یتعارف فیه مباشرة العامل بنفسه کانت علیه الاُجرة.
(مسألة 16): مع إطلاق عقد المضاربة یجوز للعامل الاتّجار بالمال علی ما
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 650
یراه من المصلحة؛من حیث الجنس المشتری و البائع و المشتری وغیر ذلک حتّی فی الثمن،فلا یتعیّن علیه أن یبیع بالنقود،بل یجوز أن یبیع الجنس بجنس آخر،إلّاأن یکون هناک تعارف ینصرف إلیه الإطلاق.ولو شرط علیه المالک أن لا یشتری الجنس الفلانی،أو إلّاالجنس الفلانی،أو لا یبیع من الشخص الفلانی،أو الطائفة الفلانیة،وغیر ذلک من الشروط،لم یجز له المخالفة،ولو خالف ضمن المال و الخسارة،لکن لو حصل الربح،وکانت التجارة رابحة، شارک المالک فی الربح علی ما قرّراه فی عقد المضاربة.
(مسألة 17): لا یجوز للعامل خلط رأس المال بمال آخر لنفسه أو لغیره،إلّا بإذن المالک عموماً أو خصوصاً،فلو خلط ضمن المال و الخسارة،لکن لو اتّجر بالمجموع وحصل ربح فهو بین المالین علی النسبة.
(مسألة 18): لا یجوز مع الإطلاق أن یبیع نسیئة،خصوصاً فی بعض الأزمان وعلی بعض الأشخاص،إلّاأن یکون متعارفاً بین التجّار-ولو فی ذلک البلد أو الجنس الفلانی-بحیث ینصرف إلیه الإطلاق،فلو خالف فی غیر مورد الانصراف ضمن،لکن لو استوفاه وحصل ربح کان بینهما.
(مسألة 19): لیس للعامل أن یسافر بالمال-برّاً وبحراً-والاتّجار به فی بلاد اخر غیر بلد المال،إلّامع إذن المالک ولو بالانصراف لأجل التعارف،فلو سافر به ضمن التلف و الخسارة،لکن لو حصل ربح یکون بینهما.وکذا لو أمره بالسفر إلی جهة فسافر إلی غیرها.
(مسألة 20): لیس للعامل أن ینفق فی الحضر من مال القراض و إن قلّ حتّی فلوس السقاء،وکذا فی السفر إذا لم یکن بإذن المالک،و أمّا لو کان بإذنه فله
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 651
الإنفاق من رأس المال،إلّاإذا اشترط المالک أن تکون النفقة علی نفسه، والمراد بالنفقة ما یحتاج إلیه؛من مأکول ومشروب وملبوس ومرکوب وآلات وأدوات-کالقربة و الجوالق-واُجرة المسکن ونحو ذلک،مع مراعاة ما یلیق بحاله عادة علی وجه الاقتصاد،فلو أسرف حسب علیه،ولو قتّر علی نفسه،أو لم یحتج إلیها من جهة صیرورته ضیفاً-مثلاً-لم یُحسب له،ولا تکون من النفقة هنا جوائزه وعطایاه وضیافاته وغیر ذلک،فهی علی نفسه إلّاإذا کانت لمصلحة التجارة.
(مسألة 21): المراد بالسفر المجوّز للإنفاق من المال هو العرفی لا الشرعی، فیشمل ما دون المسافة،کما أنّه یشمل أیّام إقامته عشرة أیّام أو أزید فی بعض البلاد؛إذا کانت لأجل عوارض السفر،کما إذا کانت للراحة من التعب، أو لانتظار الرفقة،أو خوف الطریق،وغیر ذلک،أو لاُمور متعلّقة بالتجارة، کدفع العشور،وأخذ جواز السفر.و أمّا لو بقی للتفرّج أو لتحصیل مال لنفسه ونحو ذلک،فالظاهر کون نفقته علی نفسه إذا کانت الإقامة لأجل مثل هذه الأغراض بعد تمام العمل.و أمّا قبله فإن کان بقاؤه لإتمامه وغرض آخر، فلا یبعد التوزیع بالنسبة إلیهما،والأحوط احتسابها علی نفسه،و إن لم یتوقّف الإتمام علی البقاء و إنّما بقی لغرض آخر فنفقة البقاء علی نفسه، ونفقة الرجوع علی مال القراض لو سافر للتجارة به.و إن عرض فی الأثناء غرض آخر و إن کان الأحوط التوزیع فی هذه الصورة،وأحوط منه الاحتساب علی نفسه.
(مسألة 22): لو کان عاملاً لاثنین أو أزید،أو عاملاً لنفسه وغیره،توزّع النفقة.وهل هو علی نسبة المالین أو نسبة العملین؟فیه تأمّل وإشکال،فلا یترک
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 652
الاحتیاط برعایة أقلّ الأمرین إذا کان عاملاً لنفسه وغیره؛والتخلّص بالتصالح بینهما،ومعهما إذا کان عاملاً لاثنین مثلاً.
(مسألة 23): لا یعتبر ظهور الربح فی استحقاق النفقة،بل ینفق من أصل المال و إن لم یکن ربح.نعم،لو أنفق وحصل الربح فیما بعد،یجبر ما أنفقه من رأس المال بالربح کسائر الغرامات و الخسارات،فیعطی المالک تمام رأس ماله فإن بقی شیء یکون بینهما.
(مسألة 24): الظاهر أنّه یجوز للعامل الشراء بعین مال المضاربة؛بأن یعیّن دراهم شخصیة ویشتری بها شیئاً،کما یجوز الشراء بالکلّی فی الذمّة و الدفع والأداء منه؛بأن یشتری جنساً بألف درهم کلّی علی ذمّة المالک،ودفعه بعد ذلک من المال الذی عنده،ولو تلف مال المضاربة قبل الأداء،لم یجب علی المالک الأداء من غیره؛لعدم الإذن علی هذا الوجه،وما هو لازم عقد المضاربة،هو الإذن بالشراء کلّیاً متقیّداً بالأداء من مال المضاربة؛لأنّه من الاتّجار بالمال عرفاً.نعم،للعامل أن یعیّن دراهم شخصیة ویشتری بها؛و إن کان غیر متعارف فی المعاملات،لکنّه مأذون فیه قطعاً وأحد مصادیق الاتّجار بالمال.هذا مع الإطلاق،و أمّا مع اشتراط نحو خاصّ فیتّبع ما اشترط علیه.
(مسألة 25): لا یجوز للعامل أن یوکّل غیره فی الاتّجار-بأن یوکّل إلیه أصل التجارة-من دون إذن المالک.نعم،یجوز له التوکیل والاستئجار فی بعض المقدّمات،بل وفی إیقاع بعض المعاملات التی تعارف إیکالها إلی الدلّال، وکذلک لا یجوز له أن یضارب غیره أو یشارکه فیها إلّابإذن المالک،ومع الإذن إذا ضارب غیره،یکون مرجعه إلی فسخ المضاربة الاُولی؛وإیقاع مضاربة
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 653
جدیدة بین المالک وعامل آخر،أو بینه وبین العامل مع غیره بالاشتراک،و أمّا لو کان المقصود إیقاع مضاربة بین العامل وغیره-بأن یکون العامل الثانی عاملاً للعامل الأوّل-فالأقوی عدم الصحّة.
(مسألة 26): الظاهر أنّه یصحّ أن یشترط أحدهما علی الآخر فی ضمن عقد المضاربة مالاً أو عملاً،کما إذا شرط المالک علی العامل أن یخیط له ثوباً أو یعطیه درهماً وبالعکس.
(مسألة 27): الظاهر أنّه یملک العامل حصّته من الربح بمجرّد ظهوره، ولا یتوقّف علی الإنضاض-بمعنی جعل الجنس نقداً-ولا علی القسمة.کما أنّ الظاهر صیرورته شریکاً مع المالک فی نفس العین الموجودة بالنسبة،فیصحّ له مطالبة القسمة،وله التصرّف فی حصّته من البیع و الصلح،ویترتّب علیه جمیع آثار الملکیة؛من الإرث وتعلّق الخمس و الزکاة وحصول الاستطاعة وتعلّق حقّ الغرماء وغیر ذلک.
(مسألة 28): لا إشکال فی أنّ الخسارة الواردة علی مال المضاربة،تجبر بالربح ما دامت المضاربة باقیة؛سواء کانت سابقة علیه أو لاحقة،فملکیة العامل له بالظهور متزلزلة؛تزول کلّها أو بعضها بعروض الخسران إلی أن تستقرّ،والاستقرار یحصل بعد الإنضاض وفسخ المضاربة و القسمة قطعاً،فلا جبران بعد ذلک.وفی حصوله بدون اجتماع الثلاثة وجوه وأقوال،أقواها تحقّقه بالفسخ مع القسمة و إن لم یحصل الإنضاض،بل لا یبعد تحقّقه بالفسخ والإنضاض و إن لم یحصل القسمة،بل تحقّقه بالفسخ فقط،أو بتمام أمدها لو کان لها أمد،لا یخلو من وجه.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 654
(مسألة 29): کما یجبر الخسران فی التجارة بالربح،کذلک یجبر به التلف؛ سواء کان بعد الدوران فی التجارة أو قبله أو قبل الشروع فیها،وسواء تلف بعضه أو کلّه،فلو اشتری فی الذمّة بألف،وکان رأس المال ألفاً فتلف،فباع المبیع بألفین فأدّی الألف،بقی الألف الآخر جبراً لرأس المال.نعم،لو تلف الکلّ قبل الشروع فی التجارة بطلت المضاربة،إلّامع التلف بالضمان مع إمکان الوصول.
(مسألة 30): لو حصل فسخ أو انفساخ فی المضاربة،فإن کان قبل الشروع فی العمل ومقدّماته فلا إشکال،ولا شیء للعامل ولا علیه.وکذا إن کان بعد تمام العمل و الإنضاض؛إذ مع حصول الربح یقتسمانه،ومع عدمه یأخذ المالک رأس ماله،ولا شیء للعامل ولا علیه.و إن کان فی الأثناء بعد التشاغل بالعمل،فإن کان قبل حصول الربح لیس للعامل شیء ولا اجرة له لما مضی من عمله؛سواء کان الفسخ منه أو من المالک أو حصل الانفساخ قهراً.کما أنّه لیس علیه شیء حتّی فیما إذا حصل الفسخ منه فی السفر المأذون فیه من المالک،فلا یضمن ما صرفه فی نفقته من رأس المال،ولو کان فی المال عروض لا یجوز للعامل التصرّف فیه بدون إذن المالک،کما أنّه لیس للمالک إلزامه بالبیع و الإنضاض.
و إن کان بعد حصول الربح فإن کان بعد الإنضاض فقد تمّ العمل،فیقتسمان ویأخذ کلّ منهما حقّه،و إن کان قبل الإنضاض فعلی ما مرّ؛من تملّک العامل حصّته من الربح بمجرّد ظهوره،شارک المالک فی العین،فإن رضیا بالقسمة علی هذا الحال،أو انتظرا إلی أن تباع العروض ویحصل الإنضاض،کان لهما ولا إشکال.و إن طلب العامل بیعها لم یجب علی المالک إجابته،وکذا إن طلبه المالک لم یجب علی العامل إجابته؛و إن قلنا بعدم استقرار ملکیته للربح إلّابعد
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 655
الإنضاض،غایة الأمر حینئذٍ لو حصلت خسارة بعد ذلک قبل القسمة یجب جبرها بالربح،لکن قد مرّ المناط فی استقرار ملک العامل.
(مسألة 31): لو کان فی المال دیون علی الناس،فهل یجب علی العامل أخذها وجمعها بعد الفسخ أو الانفساخ أم لا؟الأشبه عدمه،خصوصاً إذا استند الفسخ إلی غیر العامل،لکن لا ینبغی ترک الاحتیاط،خصوصاً مع فسخه وطلب المالک منه.
(مسألة 32): لا یجب علی العامل بعد حصول الفسخ أو الانفساخ أزید من التخلیة بین المالک وماله،فلا یجب علیه الإیصال إلیه؛حتّی لو أرسل المال إلی بلد آخر غیر بلد المالک وکان ذلک بإذنه،ولو کان بدون إذنه یجب علیه الردّ إلیه؛حتّی أنّه لو احتاج إلی اجرة کانت علیه.
(مسألة 33): لو کانت المضاربة فاسدة کان الربح بتمامه للمالک إن لم یکن إذنه فی التجارة متقیّداً بالمضاربة،وإلّا تتوقّف علی إجازته،وبعد الإجازة یکون الربح له؛سواء کانا جاهلین بالفساد أو عالمین أو مختلفین.وللعامل اجرة مثل عمله لو کان جاهلاً بالفساد؛سواء کان المالک عالماً به أو جاهلاً،بل لو کان عالماً بالفساد فاستحقاقه لاُجرة المثل أیضاً لا یخلو من وجه؛إذا حصل ربح بمقدار کان سهمه علی فرض الصحّة مساویاً لاُجرة المثل أو أزید.و أمّا مع عدم الربح أو نقصان سهمه عنها،فمع علمه بالفساد لا یبعد عدم استحقاقه علی الأوّل،وعدم استحقاق الزیادة عن مقدار سهمه علی الثانی،ومع جهله به فالأحوط التصالح،بل لا یترک الاحتیاط به مطلقاً.وعلی کلّ حال لا یضمن العامل التلف و النقص الواردین علی المال.نعم،یضمن علی الأقوی ما أنفقه فی السفر علی نفسه و إن کان جاهلاً بالفساد.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 656
(مسألة 34): لو ضارب بمال الغیر من دون وکالة ولا ولایة وقع فضولیاً،فإن أجازه المالک وقع له،وکان الخسران علیه،والربح بینه وبین العامل علی ما شرطاه.و إن ردّه فإن کان قبل أن یعامل بماله طالبه،ویجب علی العامل ردّه إلیه،و إن تلف أو تعیّب کان له الرجوع علی کلّ من المضارب و العامل،فإن رجع علی الأوّل لم یرجع هو علی الثانی،و إن رجع علی الثانی رجع هو علی الأوّل.
هذا إذا لم یعلم العامل بالحال،وإلّا یکون قرار الضمان علی من تلف أو تعیّب عنده،فینعکس الأمر فی المفروض.و إن کان بعد أن عومل به کانت المعاملة فضولیة،فإن أمضاها وقعت له،وکان تمام الربح له وتمام الخسران علیه،و إن ردّها رجع بماله إلی کلّ من شاء من المضارب و العامل کما فی صورة التلف، ویجوز له أن یجیزها علی تقدیر حصول الربح،ویردّها علی تقدیر الخسران؛ بأن یلاحظ مصلحته،فإن رآها رابحة أجازها وإلّا ردّها.هذا حال المالک مع کلّ من المضارب و العامل.و أمّا معاملة العامل مع المضارب،فإن لم یعمل عملاً لم یستحقّ شیئاً،وکذا إذا عمل وکان عالماً بکون المال لغیر المضارب.و أمّا لو عمل ولم یعلم بکونه لغیره استحقّ اجرة مثل عمله،ورجع بها علی المضارب.
(مسألة 35): لو أخذ العامل رأس المال،لیس له ترک الاتّجار به وتعطیله عنده بمقدار لم تجرِ العادة علیه وعدّ متوانیاً متسامحاً.فإن عطّله کذلک ضمنه لو تلف،لکن لم یستحقّ المالک غیر أصل المال،ولیس له مطالبة الربح الذی کان یحصل علی تقدیر الاتّجار به.
(مسألة 36): لو اشتری نسیئة بإذن المالک کان الدین فی ذمّة المالک،فللدائن الرجوع علیه،وله أن یرجع علی العامل،خصوصاً مع جهله بالحال،و إذا رجع
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 657
علیه رجع هو علی المالک.ولو لم یتبیّن للدائن أنّ الشراء للغیر یتعیّن له فی الظاهر الرجوع علی العامل؛و إن کان له فی الواقع الرجوع علی المالک.
(مسألة 37): لو ضاربه بخمسمائة-مثلاً-فدفعها إلیه وعامل بها،وفی أثناء التجارة دفع إلیه خمسمائة اخری للمضاربة،فالظاهر أنّهما مضاربتان،فلا تجبر خسارة إحداهما بربح الاُخری.ولو ضاربه علی ألف-مثلاً-فدفع خمسمائة فعامل بها،ثمّ دفع إلیه خمسمائة اخری،فهی مضاربة واحدة تجبر خسارة کلّ بربح الاُخری.
(مسألة 38): لو کان رأس المال مشترکاً بین اثنین فضاربا شخصاً،ثمّ فسخ أحد الشریکین تنفسخ بالنسبة إلی حصّته،و أمّا بالنسبة إلی حصّة الآخر فمحلّ إشکال.
(مسألة 39): لو تنازع المالک مع العامل فی مقدار رأس المال ولم تکن بیّنة، قدّم قول العامل؛سواء کان المال موجوداً أو تالفاً ومضموناً علیه.هذا إذا لم یرجع نزاعهما إلی مقدار نصیب العامل من الربح،وإلّا ففیه تفصیل.
(مسألة 40): لو ادّعی العامل التلف أو الخسارة أو عدم حصول المطالبات؛ مع عدم کون ذلک مضموناً علیه،وادّعی المالک خلافه،ولم تکن بیّنة،قدّم قول العامل.
(مسألة 41): لو اختلفا فی الربح ولم تکن بیّنة قدّم قول العامل؛سواء اختلفا فی أصل حصوله أو فی مقداره.بل وکذا الحال لو قال العامل:ربحت کذا،لکن خسرت بعد ذلک بمقداره فذهب الربح.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 658
(مسألة 42): لو اختلفا فی نصیب العامل من الربح؛وأ نّه النصف-مثلاً-أو الثلث،ولم تکن بیّنة،قدّم قول المالک.
(مسألة 43): لو تلف المال أو وقع خسران،فادّعی المالک علی العامل الخیانة أو التفریط فی الحفظ،ولم تکن له بیّنة،قدّم قول العامل.وکذا لو ادّعی علیه الاشتراط أو مخالفته لما شرط علیه،کما لو ادّعی:أنّه قد اشترط علیه أن لا یشتری الجنس الفلانی و قد اشتراه فخسر،وأنکر العامل أصل هذا الاشتراط، أو أنکر مخالفته لما اشترط علیه.نعم،لو کان النزاع فی صدور الإذن من المالک فیما لا یجوز للعامل إلّابإذنه،کما لو سافر بالمال أو باع نسیئة فتلف أو خسر، فادّعی العامل کونه بإذنه وأنکره،قدّم قول المالک.
(مسألة 44): لو ادّعی ردّ المال إلی المالک وأنکره قدّم قول المنکر.
(مسألة 45): لو اشتری العامل سلعة فظهر فیها ربح،فقال:اشتریتها لنفسی، وقال المالک:اشتریته للقراض،أو ظهر خسران فادّعی العامل أنّه اشتراها للقراض،وقال صاحب المال:اشتریتها لنفسک،قدّم قول العامل بیمینه.
(مسألة 46): لو حصل تلف أو خسارة فادّعی المالک أنّه أقرضه،وادّعی العامل أنّه قارضه،یحتمل التحالف بلحاظ محطّ الدعوی،ویحتمل تقدیم قول العامل بلحاظ مرجعها.ولو حصل ربح فادّعی المالک قراضاً و العامل إقراضاً، یحتمل التحالف أیضاً بلحاظ محطّها،وتقدیم قول المالک بلحاظ مرجعها،ولعلّ الثانی فی الصورتین أقرب.
(مسألة 47): لو ادّعی المالک أنّه أعطاه المال بعنوان البضاعة؛فلا یستحقّ
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 659
العامل شیئاً من الربح،وادّعی العامل المضاربة؛فله حصّة منه،فالظاهر أنّه یقدّم قول المالک بیمینه،فیحلف علی نفی المضاربة،فله تمام الربح لو کان.واحتمال التحالف هنا ضعیف.
(مسألة 48): یجوز إیقاع الجعالة علی الاتّجار بمال؛وجعل الجعل حصّة من الربح؛بأن یقول:إن اتّجرت بهذا المال وحصل ربح فلک نصفه أو ثلثه، فتکون جعالة تفید فائدة المضاربة،لکن لا یشترط فیها ما یشترط فی المضاربة،فلا یعتبر کون رأس المال من النقود،بل یجوز أن یکون عروضاً أو دیناً أو منفعة.
(مسألة 49): یجوز للأب و الجدّ المضاربة بمال الصغیر مع عدم المفسدة، لکن لا ینبغی لهما ترک الاحتیاط بمراعاة المصلحة.وکذا یجوز للقیّم الشرعی کالوصیّ و الحاکم الشرعی مع الأمن من الهلاک وملاحظة الغبطة و المصلحة،بل یجوز للوصیّ علی ثلث المیّت أن یدفعه مضاربة،وصرف حصّته من الربح فی المصارف المعیّنة للثلث إذا أوصی به المیّت،بل و إن لم یوص به،لکن فوّض أمر الثلث إلی نظر الوصیّ،فرأی الصلاح فی ذلک.
(مسألة 50): لو مات العامل وکان عنده مال المضاربة،فإن علم بوجوده فیما ترکه بعینه فلا إشکال،و إن علم به فیه من غیر تعیین؛بأن کان ما ترکه مشتملاً علیه وعلی مال نفسه،أو کان عنده أیضاً ودائع أو بضائع للآخرین واشتبه بعضها مع بعض،یعامل معه ما هو العلاج فی نظائره من اشتباه أموال متعدّدین.وهل هو بإعمال القرعة،أو إیقاع التصالح،أو التقسیم بینهم علی نسبة أموالهم؟ وجوه،أقواها القرعة،وأحوطها التصالح.نعم،لو کان للمیّت دیّان وعنده مال
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 660
مضاربة،ولم یعلم أنّه بعینه لفلان،فهو اسوة الغرماء.وکذا الحال لو علم المال جنساً و قدراً،واشتبه بین أموال من جنسه له أو لغیره من غیر امتزاج،فالأقوی فیه القرعة أیضاً،خصوصاً إذا کانت الأجناس مختلفة فی الجودة و الرداءة،ومع الامتزاج کان المجموع مشترکاً بین أربابه بالنسبة.ولو علم بعدم وجوده فیها، واحتمل أنّه قد ردّه إلی مالکه،أو تلف بتفریط منه أو بغیره،فالظاهر أنّه لم یحکم علی المیّت بالضمان،وکان الجمیع لورثته.وکذا لو احتمل بقاؤه فیها.ولو علم بأنّ مقداراً من مال المضاربة،قد کان قبل موته داخلاً فی هذه الأجناس الباقیة التی قد ترکها،ولم یعلم أنّه هل بقی فیها أو ردّه إلی المالک أو تلف،ففیه إشکال،و إن کانت مورّثیة الأموال لا تخلو من قوّة،والأحوط الإخراج منها مع عدم قاصر فی الورثة.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 661