کتاب العاریة

‏ ‏

کتاب العاریة

‏و هی التسلیط علی العین للانتفاع بها علی جهة التبرّع،أو هی عقد ثمرته ‏‎ ‎‏ذلک،أو ثمرته التبرّع بالمنفعة.و هی من العقود تحتاج إلی إیجاب بکلّ لفظ له ‏‎ ‎‏ظهور عرفی فی هذا المعنی،کقوله:«أعرتک»،أو«أذنت لک فی الانتفاع به»،أو ‏‎ ‎‏«انتفع به»،أو«خذه لتنتفع به»،ونحو ذلک،وقبول:و هو کلّ ما أفاد الرضا بذلک، ‏‎ ‎‏ویجوز أن یکون بالفعل؛بأن یأخذه-بعد إیجاب المعیر-بهذا العنوان.بل ‏‎ ‎‏الظاهر وقوعها بالمعاطاة،کما إذا دفع إلیه قمیصاً لیلبسه فأخذه لذلک،أو دفع إلیه ‏‎ ‎‏إناءً أو بساطاً لیستعمله فأخذه واستعمله.‏

‏         (مسألة 1): یعتبر فی المعیر أن یکون مالکاً للمنفعة،وله أهلیة التصرّف، ‏‎ ‎‏فلا تصحّ إعارة الغاصب عیناً أو منفعة،وفی جریان الفضولیة فیها حتّی تصحّ ‏‎ ‎‏بإجازة المالک وجه قویّ.وکذا لا تصحّ إعارة الصبیّ و المجنون و المحجور علیه ‏‎ ‎‏لسفه أو فلس إلّامع إذن الولیّ أو الغرماء.وفی صحّة إعارة الصبیّ بإذن الولیّ ‏‎ ‎‏احتمال لا یخلو من قوّة.‏

‏         (مسألة 2): لا یشترط فی المعیر أن یکون مالکاً للعین،بل تکفی ملکیة ‏

کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 629
‏المنفعة بالإجارة،أو بکونها موصیً بها له بالوصیّة.نعم،إذا اشترط استیفاء ‏‎ ‎‏المنفعة فی الإجارة بنفسه لیس له الإعارة.‏

‏         (مسألة 3): یعتبر فی المستعیر أن یکون أهلاً للانتفاع بالعین،فلا تصحّ ‏‎ ‎‏استعارة المصحف للکافر،واستعارة الصید للمحرم؛لا من المحلّ ولا من ‏‎ ‎‏المحرم.وکذا یعتبر فیه التعیین،فلو أعار شیئاً أحد هذین،أو أحد هؤلاء لم ‏‎ ‎‏تصحّ.ولا یشترط أن یکون واحداً،فیصحّ إعارة شیء واحد لجماعة،کما إذا ‏‎ ‎‏قال:أعرت هذا الکتاب أو الإناء لهؤلاء العشرة،فیستوفون المنفعة بینهم ‏‎ ‎‏بالتناوب و القرعة،کالعین المستأجرة،ولا یجوز الإعارة لجماعة غیر محصورة ‏‎ ‎‏علی الأقوی.‏

‏         (مسألة 4): یعتبر فی العین المستعارة کونها ممّا یمکن الانتفاع بها منفعة ‏‎ ‎‏محلّلة؛مع بقاء عینها،کالعقارات و الدوابّ و الثیاب و الکتب و الأمتعة ونحوها، ‏‎ ‎‏بل وفحل الضراب و الهرّة و الکلب للصید و الحراسة وأشباه ذلک،فلا یجوز ‏‎ ‎‏إعارة ما لا منفعة محلّلة له کآلات اللهو،وکذا آنیة الذهب و الفضّة؛لاستعمالها ‏‎ ‎‏فی المحرّم.وکذا ما لا ینتفع به إلّابإتلافه،کالخبز و الدهن و الأشربة وأشباهها ‏‎ ‎‏للأکل و الشرب.‏

‏         (مسألة 5): جواز إعارة الشاة للانتفاع بلبنها و البئر للاستقاء منها،لا یخلو ‏‎ ‎‏من وجه وقوّة.‏

‏         (مسألة 6): لا یشترط تعیین العین المستعارة عند الإعارة،فلو قال:أعرنی ‏‎ ‎‏إحدی دوابّک،فقال:خذ ما شئت منها،صحّت.‏

‏         (مسألة 7): العین التی تعلّقت بها العاریة،إن انحصرت جهة الانتفاع بها فی ‏

کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 630
‏منفعة خاصّة-کالبساط للافتراش،واللحاف للتغطیة،والخیمة للاکتنان،وأشباه ‏‎ ‎‏ذلک-لا یلزم التعرّض لجهة الانتفاع بها عند إعارتها،و إن تعدّدت-کالأرض ‏‎ ‎‏ینتفع بها للزرع و الغرس،والبناء و الدابّة للحمل و الرکوب،ونحو ذلک-فإن ‏‎ ‎‏کانت الإعارة لأجل منفعة أو منافع خاصّة من منافعها،یجب التعرّض لها، ‏‎ ‎‏واختصّت حلّیة الانتفاع بما استعیرت لها،و إن کانت لأجل الانتفاع المطلق جاز ‏‎ ‎‏التعمیم و التصریح بالعموم،وجاز الإطلاق؛بأن یقول:أعرتک هذه الدابّة،فیجوز ‏‎ ‎‏الانتفاع بکلّ منفعة مباحة منها.نعم،ربما یکون لبعض الانتفاعات خفاء ‏‎ ‎‏لا یندرج فی الإطلاق،ففی مثله لا بدّ من التنصیص به أو التعمیم علی وجه ‏‎ ‎‏یعمّه،وذلک کالدفن،فإنّه و إن کان من أحد وجوه الانتفاع من الأرض،لکنّه ‏‎ ‎‏لا یعمّه الإطلاق.‏

‏         (مسألة 8): العاریة جائزة من الطرفین،فللمعیر الرجوع متی شاء، ‏‎ ‎‏وللمستعیر الردّ کذلک.نعم،فی خصوص إعارة الأرض للدفن،لم یجز بعد ‏‎ ‎‏المواراة فیها الرجوع ونبش القبر علی الأحوط،و أمّا قبل ذلک فله الرجوع ‏‎ ‎‏حتّی بعد وضع المیّت فی القبر قبل مواراته،ولیس علی المعیر اجرة الحفر ‏‎ ‎‏ومؤونته لو رجع بعده،کما أنّه لیس علی ولیّ المیّت طمّ الحفر بعد ما کان ‏‎ ‎‏بإذن المعیر.‏

‏(مسألة 9): تبطل العاریة بموت المعیر،بل بزوال سلطنته بجنون ونحوه.‏

‏         (مسألة 10): یجب علی المستعیر الاقتصار فی نوع المنفعة علی ما عیّنها ‏‎ ‎‏المعیر،فلا یجوز له التعدّی إلی غیرها ولو کان أدنی وأقلّ ضرراً علی المعیر، ‏‎ ‎‏وکذا یجب أن یقتصر فی کیفیة الانتفاع علی ما جرت به العادة،فلو أعاره دابّة ‏

کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 631
‏للحمل لا یحمّلها إلّاالقدر المعتاد؛بالنسبة إلی ذلک الحیوان وذلک المحمول ‏‎ ‎‏وذلک الزمان و المکان،فلو تعدّی نوعاً أو کیفیة کان غاصباً وضامناً،وعلیه اجرة ‏‎ ‎‏ما استوفاه من المنفعة لو تعدّی نوعاً،و أمّا لو تعدّی کیفیة فلا تبعد أن تکون علیه ‏‎ ‎‏اجرة الزیادة.‏

‏         (مسألة 11): لو أعاره أرضاً للبناء أو الغرس جاز له الرجوع،وله إلزام ‏‎ ‎‏المستعیر بالقلع،لکن علیه الأرش.وکذا فی عاریتها للزرع إذا رجع قبل إدراکه، ‏‎ ‎‏ویحتمل عدم استحقاق المعیر إلزام المستعیر بقلع الزرع لو رضی بالبقاء ‏‎ ‎‏بالاُجرة،ویحتمل جواز الإلزام بلا أرش.والمسألة بشقوقها مشکلة جدّاً، ‏‎ ‎‏فلا یترک الاحتیاط فی أشباهها بالتصالح و التراضی.ومثل ذلک ما إذا أعار ‏‎ ‎‏جذوعه للتسقیف،ثمّ رجع بعد ما أثبتها المستعیر فی البناء.‏

‏         (مسألة 12): العین المستعارة أمانة بید المستعیر؛لا یضمنها لو تلفت إلّا ‏‎ ‎‏بالتعدّی أو التفریط.نعم،لو شرط الضمان ضمنها و إن لم یکن تعدّ وتفریط،کما ‏‎ ‎‏أ نّه لو کان العین ذهباً أو فضّة ضمنها مطلقاً إلّاأن یشترط السقوط.‏

‏         (مسألة 13): لا تجوز للمستعیر إعارة العین المستعارة ولا إجارتها إلّابإذن ‏‎ ‎‏المالک،فتکون إعارته حینئذٍ فی الحقیقة إعارة المالک،و هو وکیل ونائب عنه، ‏‎ ‎‏فلو خرج المستعیر عن قابلیة الإعارة بعد ذلک-کما إذا جنّ-بقیت العاریة ‏‎ ‎‏الثانیة علی حالها.‏

‏         (مسألة 14): لو تلفت العین بفعل المستعیر،فإن کان بسبب الاستعمال ‏‎ ‎‏المأذون فیه من دون التعدّی عن المتعارف،لیس علیه ضمان،و إن کان بسبب ‏‎ ‎‏آخر ضمنها.‏


کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 632
‏         (مسألة 15): إنّما یبرأ المستعیر عن عهدة العین المستعارة بردّها إلی ‏‎ ‎‏مالکها أو وکیله أو ولیّه،ولو ردّها إلی حرزها الذی کانت فیه بلا ید من المالک ‏‎ ‎‏ولا إذن منه لم یبرأ،کما إذا ردّ الدابّة إلی الإصطبل وربطها فیه بلا إذن من المالک ‏‎ ‎‏فتلفت أو أتلفها مُتلف.‏

‏         (مسألة 16): لو استعار عیناً من الغاصب،فإن لم یعلم بغصبه کان قرار ‏‎ ‎‏الضمان علی الغاصب،فإن تلفت فی ید المستعیر،أو لا فی یده بعد وقوعها ‏‎ ‎‏علیها،فللمالک الرجوع بعوض ماله علی کلّ من الغاصب و المستعیر،فإن رجع ‏‎ ‎‏علی المستعیر یرجع هو علی الغاصب،و إن رجع علی الغاصب لیس له الرجوع ‏‎ ‎‏علی المستعیر،وکذلک بالنسبة إلی بدل ما استوفاه المستعیر من المنفعة وغیرها ‏‎ ‎‏من المنافع الفائتة علی ضمانه،فإنّه لو رجع بها علی المستعیر یرجع هو علی ‏‎ ‎‏الغاصب،دون العکس.ولو کان عالماً بالغصب لم یرجع علی الغاصب لو رجع ‏‎ ‎‏المالک علیه،بل الأمر بالعکس،فیرجع الغاصب علیه لو رجع المالک علیه إذا ‏‎ ‎‏تلفت فی ید المستعیر.ولا یجوز له أن یردّ العین إلی الغاصب بعد علمه ‏‎ ‎‏بالغصبیة،بل یجب ردّها إلی مالکها.‏

کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 633