القول : فی بیع الصرف
وهو بیع الذهب بالذهب أو بالفضّة ، أو الفضّة بالفضّة أو بالذهب ، ولا فرق بین المسکوک منهما وغیره ؛ حتّی فی الکلبتون المصنوع من الإبریسم . وأحد النقدین إذا بیع بالآخر وقوبل بین النقدین اللذین فیهما یکون صرفاً ، وأمّا إذا قوبل بین الثوبین فالظاهر عدم جریان الصرف فیه ، وکذا إذا بیع بأحدهما . ویشترط فی صحّته التقابض فی المجلس ، فلو تفرّقا ولم یتقابضا بطل البیع ، ولو قبض بعض صحّ فیه خاصّة وبطل فیما لا یقبض ، وکذا إذا بیع أحد النقدین مع غیرهما صفقة واحدة بأحدهما ولم یقبض الجملة حتّی تفرّقا ، بطل فی النقد وصحّ فی غیره .
(مسألة 1) : لو فارقا المجلس مصطحبین لم یبطل البیع ، فإذا تقابضا قبل أن یفترقا صحّ .
(مسألة 2) : إنّما یشترط التقابض فی معاوضة النقدین إذا کانت بالبیع دون غیره ، کالصلح والهبة المعوَّضة وغیرهما .
(مسألة 3) : لو وقعت المعاملة علی النوت والمنات والأوراق النقدیة المتعارفة فی زماننا من طرف واحد أو الطرفین ، فالظاهر عدم جریان أحکام بیع الصرف علیها ، ولکن لا یجوز التفاضل لو اُرید التخلّص من الربا ، فمن أراد الإقراض بربح فتخلّص منه ببیع الأوراق النقدیة متفاضلاً فعل حراماً ، وبطل
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 573
البیع أیضاً ، ولو فرض فی مورد وقوع المعاملة بین النقدین وکانت المذکورات کالصکوک التجاریة ، یجری فیها الصرف ویثبت الربا ، لکنّه مجرّد فرض فی أمثالها فی هذا الزمان ، وحینئذٍ لا یکفی فی التقابض المعتبر فی الصرف قبض المذکورات .
(مسألة 4) : الظاهر أ نّه یکفی فی القبض کونه فی الذمّة ، ولا یحتاج إلی قبض خارجی ، فلو کان فی ذمّة زید دراهم لعمرو فباعها بالدنانیر وقبضها قبل التفرّق صحّ ، بل لو وکّل زیداً بأن یقبضها عنه صحّ .
(مسألة 5) : لو اشتری دراهم ببیع الصرف ثمّ اشتری بها دنانیر قبل قبض الدراهم لم یصحّ الثانی ، فإذا حصل التقابض بعد ذلک قبل التفرّق صحّ الأوّل ، وإن افترقا قبله بطل الأوّل أیضاً .
(مسألة 6) : لو کان له علیه دراهم ، فقال للذی هی علیه : حوّلها دنانیر ، فرضی وتقبّلها فی ذمّته بدل الدراهم ، فإن کان ذلک توکیلاً منه فی بیع ما فی ذمّته بالآخر صحّ ، وإلاّ فبمجرّد الرضا بالتحویل والتقبّل المذکور یشکل أن تقع المعاملة . واحتمال أن یکون ذلک عنواناً آخر غیر البیع بعید .
(مسألة 7) : الدراهم والدنانیر المغشوشة إن کانت رائجة بین عامّة الناس ولو علموا بالحال ، یجوز صرفها وإنفاقها والمعاملة بها ، وإلاّ فلا یجوز إلاّ بعد إظهار حالها ، والأحوط کسرها وإن لم تعمل للغشّ .
(مسألة 8) : حیث إنّ الذهب والفضّة من الربوی ، فإذا بیع کلُّ منهما بجنسه ، یلزم علی المتعاملین إیقاعه علی نحو لا یقعان فی الربا ؛ بأن لا یکون
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 574
التفاضل ، وهذا ممّا ینبغی أن یهتمّ به المتعاملون خصوصاً الصیارفة ، وقد نهی عن الصرف معلّلاً بأنّ الصیرفی لا یسلم من الربا .
(مسألة 9) : یکفی فی الضمیمة وجود دخیل فی الذهب والفضّة إن کان له مالیة لو تخلّص منهما ، فإذا بیعت فضّة ذات دخیل بمثلها ، جاز بالمثل وبالتفاضل إذا لم یکن المقصود الفرار من الربا ، وإذا بیعت بالخالصة لا بدّ أن تکون الخالصة زائدة منها حتّی تقع الزیادة مقابل الدخیل ، وإذا لم یعلم مقدار الدخیل والفضّة تباع بغیر جنسها ، أو بمقدار یعلم إجمالاً زیادته علی الفضّة فی ذات الدخیل ، وکذلک الأشیاء المحلاّة بالذهب أو الفضّة ونحوها .
(مسألة 10) : لو اشتری فضّة معیّنة بفضّة أو بذهب ـ مثلاً ـ فوجدها من غیر جنسها ـ کالنحاس والرصاص ـ بطل البیع ، ولیس له مطالبة البدل ، کما أ نّه لیس للبائع إلزامه به ، ولو وجد بعضها کذلک بطل فیه وصحّ فی الباقی ، وله ردّ الکلّ ؛ لتبعّض الصفقة ، وللبائع أیضاً ردّه مع جهلـه بالحال . ولو اشتری فضّـة کلّیاً فی الذمّـة بذهب أو فضّـة ، وبعد ما قبضها وجد المدفوع کلاًّ أو بعضاً من غیر جنسها ، فإن کان قبل أن یفترقا فللبائع الإبدال بالجنس ، وللمشتری مطالبة البدل ، وإن کان بعد التفرّق بطل فی الکلّ أو البعض علی حذو ما سبق . هذا إذا کان من غیر الجنس .
وأمّا إذا کان من الجنس ، ولکن ظهر بها عیب ـ کخشونة الجوهر ، والدخیل الزائد علی المتعارف ، واضطراب السکّة ، ونحوها ـ ففی الأوّل ، وهو ما
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 575
إذا کان المبیع فضّة معیّنة فی الخارج ، کان له الخیار بردّ الجمیع أو إمساکه ، ولیس له ردّ المعیب وحده لو کان هو البعض ؛ علی إشکال تقدّم فی خیار العیب ، ولیس له مطالبة الأرش لو کان العوضان متجانسین ، کالفضّة بالفضّة فی مثل خشونة الجوهر واضطراب السکّة علی الأحوط لو لم یکن الأقوی ؛ للزوم الربا . ولو تخالفا ـ کالفضّة بالذهب ـ فله ذلک قبل التفرّق ، وأمّا بعده ففیه إشکال ، خصوصاً إذا کان الأرش من النقدین ، ولکن الأقوی أنّ له ذلک ، خصوصاً إذا کان من غیرهما . وأمّا فی الثانی وهو ما لو کان المبیع کلّیاً فی الذمّة ، وظهر عیب فی المدفوع ، فلا یبعد أن یکون مخیّراً بین إمساک المعیب بالثمن ومطالبة البدل قبل التفرّق ، وأمّا بعده ففیه إشکال . وهل له أخذ الأرش ؟ الأقرب عـدم ثبوتـه حتّی فی المتخالفین کالفضّـة بالـذهب ، وحتّی قبل التفرّق .
(مسألة 11) : لا یجوز أن یشتری من الصائغ خاتماً أو قرطاً ـ مثلاً ـ من فضّة أو ذهب بجنسه مع زیادة بملاحظة اُجرته ، بل إمّا أن یشتریه بغیر جنسه أو یشتری منه مقداراً منهما بجنسه مثلاً بمثل ، ویعیّن له اُجرة لصیاغته . نعم ، لو کان فصّ الخاتم ـ مثلاً ـ من الصائغ ، وکان من غیر جنس حلقته ، جاز الشراء بجنسه مع الزیادة فی غیر صورة التخلّص من الربا .
(مسألة 12) : لو کان علی زید دنانیر ، وأخذ منه دراهم تدریجاً شیئاً فشیئاً ، فإن کان ذلک بعنوان الوفاء والاستیفـاء ، ینتقص مـن الـدنانیر فـی کلّ دفعـة بمقدار ما أخذه من الدراهم بسعر ذلک الوقت ، وإن کان أخذها بعنوان الاقتراض
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 576
اشتغلت ذمّته بالدراهم ، وبقیت ذمّة زید مشغولة بتلک الدنانیر ، فلکلٍّ منهما مطالبة صاحبه حقّه ، وفی احتساب کلّ منهما ما له علی الآخر وفاءً عمّا علیه للآخـر ولو مـع التراضی إشکال ، کما أنّ فی بیع إحـداهما بالاُخـری إشکالاً ، فلا محیص إلاّ من إبراء کلّ منهما ما له علی الآخر أو مصالحة الدنانیر بالدراهم . نعم ، لو کانت الدراهم المأخوذة تدریجاً قد اُخذت بعنوان الأمانة حتّی إذا اجتمعت عنده بمقدار الدنانیر تحاسبا ، فلا إشکال فی جواز جعلها عند الحساب وفاء ، کما أ نّه یجوز بیع الدنانیر التی فی الذمّة بالدراهم الموجودة . وعلی أیّ حال یلاحظ سعر الدنانیر والدراهم عند الحساب ، ولا ینظر إلی اختلاف الأسعار السابقة .
(مسألة 13) : لو أقرض زیـداً نقـداً معیّناً ، أو باعـه شیئاً بنقد معیّن کاللیرة إلـی أجـل معلوم ، وزاد سعر ذلک النقـد أو نقص عند حلول الأجل عن سعره یوم الإقراض أو البیع ، لا یستحقّ إلاّ عیـن ذلک النقد ، ولا ینظر إلی زیـادة سعـره ونقصانه .
(مسألة 14) : یجوز أن یبیع مثقالاً من فضّة خالصة من الصائغ ـ مثلاً ـ بمثقال من فضّة فیها دخیل متموّل ، واشترط علیه أن یصوغ له خاتماً مثلاً . وکذا یجوز أن یقول للصائغ : صغ لی خاتماً وأنا أبیعک عشرین مثقالاً من فضّة جیّدة بعشرین مثقالاً من فضّة ردیّة ، ولم یلزم الربا فی الصورتین ؛ بشرط أن لا یکون المقصود التخلّص من الربا .
(مسألة 15) : لو باع عشر روپیات ـ مثلاً ـ بلیرة واحدة إلاّ روپیة واحدة ،
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 577
صحّ بشرط أن یعلما نسبة الروپیة بحسب سعر الوقت إلی اللیرة ؛ حتّی یعلما أیّ مقدار استُثنی منها ، وبشرط أن لا یکون المراد التخلّص من الربا .
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 578