مقدّمة تشتمل علیٰ مسائل:
(مسألة 1): لا یجوز التکسّب بالأعیان النجسة بجمیع أنواعها-علی إشکال فی العموم،لکن لا یترک الاحتیاط فیها-بالبیع و الشراء وجعلها ثمناً فی البیع، واُجرة فی الإجارة،وعوضاً للعمل فی الجعالة،بل مطلق المعاوضة علیها؛ولو بجعلها مهراً،أو عوضاً فی الخلع ونحو ذلک،بل لا یجوز هبتها و الصلح علیها بلا عوض.بل لا یجوز التکسّب بها ولو کانت لها منفعة محلّلة مقصودة،کالتسمید فی العذرة.ویستثنی من ذلک،العصیر المغلیّ قبل ذهاب ثلثیه بناءً علی نجاسته، والکافر بجمیع أقسامه،حتّی المرتدّ عن فطرة علی الأقوی،وکلب الصید بل والماشیة و الزرع و البستان و الدور.
(مسألة 2): الأعیان النجسة-عدا ما استثنی-و إن لم یعامل معها شرعاً معاملة الأموال،لکن لمن کانت هی فی یده وتحت استیلائه حقّ اختصاص
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 524
متعلّق بها ناشئ:إمّا من حیازتها،أو من کون أصلها مالاً له،ونحو ذلک،کما إذا مات حیوان له فصار میتة،أو صار عنبه خمراً.و هذا الحقّ قابل للانتقال إلی الغیر بالإرث وغیره،ولا یجوز لأحد التصرّف فیها بلا إذن صاحب الحقّ،فیصحّ أن یصالح علیه بلا عوض،لکن جعله عوضاً لا یخلو من إشکال،بل لا یبعد دخوله فی الاکتساب المحظور.نعم،لو بذل له مالاً لیرفع یده عنها ویعرض فیحوزها الباذل،سلم من الإشکال،نظیر بذل المال لمن سبق إلی مکان من الأمکنة المشترکة-کالمسجد و المدرسة-لیرفع یده عنه،فیسکن الباذل.
(مسألة 3): لا إشکال فی جواز بیع ما لا تحلّه الحیاة من أجزاء المیتة؛ممّا کانت له منفعة محلّلة مقصودة،کشعرها وصوفها،بل ولبنها إن قلنا بطهارته، وفی جواز بیع المیتة الطاهرة-کالسمک ونحوه-إذا کانت له منفعة ولو من دهنه،إشکال لا یترک الاحتیاط.
(مسألة 4): لا إشکال فی جواز بیع الأرواث إذا کانت لها منفعة.و أمّا الأبوال الطاهرة فلا إشکال فی جواز بیع بول الإبل،و أمّا غیره ففیه إشکال، لا یبعد الجواز لو کانت له منفعة محلّلة مقصودة.
(مسألة 5): لا إشکال فی جواز بیع المتنجّس القابل للتطهیر،وکذا غیر القابل له إذا جاز الانتفاع به مع وصف نجاسته فی حال الاختیار،کالدهن المتنجّس الذی یمکن الانتفاع به بالإسراج وطلی السفن،والصبغ و الطین المتنجّسین،والصابون ونحو ذلک.و أمّا ما لا یقبل التطهیر،وکان جواز الانتفاع به متوقّفاً علی طهارته-کالسکنجبین النجس ونحوه-فلا یجوز بیعه والمعاوضة علیه.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 525
(مسألة 6): لا بأس ببیع التریاق المشتمل علی لحوم الأفاعی مع عدم ثبوت أنّها من ذوات الأنفس السائلات ومع استهلاکها فیه-کما هو الغالب بل المتعارف-جاز استعماله وینتفع به.و أمّا المشتمل علی الخمر فلا یجوز بیعه؛ لعدم قابلیته للتطهیر،وعدم حلّیة الانتفاع به مع وصف النجاسة حال الاختیار الذی هو المدار لا الجواز عند الاضطرار.
(مسألة 7): یجوز بیع الهرّة ویحلّ ثمنها بلا إشکال،و أمّا غیرها من أنواع السباع،فالظاهر جوازه إذا کان ذا منفعة محلّلة مقصودة عند العقلاء.وکذا الحشرات،بل المسوخ أیضاً إذا کانت کذلک.فهذا هو المدار فی جمیع الأنواع،فلا إشکال فی بیع العلق الذی یمصّ الدم الفاسد،ودود القزّ،ونحل العسل و إن کانت من الحشرات،وکذا الفیل الذی ینتفع بظهره وعظمه و إن کان من المسوخ.
(مسألة 8): یحرم بیع کلّ ما کان آلة للحرام؛بحیث کانت منفعته المقصودة منحصرة فیه،مثل آلات اللهو کالعیدان و المزامیر و البرابط ونحوها،وآلات القمار کالنرد و الشطرنج ونحوهما،وکما یحرم بیعها وشراؤها یحرم صنعتها والاُجرة علیها،بل یجب کسرها وتغییر هیئتها.نعم،یجوز بیع مادّتها من الخشب و الصفر-مثلاً-بعد الکسر،بل قبله أیضاً إذا اشترط علی المشتری کسرها،أو بیع المادّة ممّن یثق به أنّه یکسرها.ومع عدم ما ذکر ففیه إشکال.
ویجوز بیع أوانی الذهب و الفضّة للتزیین والاقتناء.
(مسألة 9): الدراهم الخارجة عن الاعتبار،أو المغشوشة المعمولة لأجل غشّ الناس،تحرم المعاملة بها وجعلها عوضاً أو معوّضاً فی المعاملات مع جهل
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 526
من تدفع إلیه،بل مع علمه واطّلاعه أیضاً علی الأحوط لو لم یکن الأقوی إلّا إذا وقعت المعاملة علی مادّتها،واشترط علی المتعامل کسرها،أو کان موثوقاً به فی الکسر؛إذ لا یبعد وجوب إتلافها ولو بکسرها؛دفعاً لمادّة الفساد.
(مسألة 10): یحرم بیع العنب و التمر لیعمل خمراً،والخشب-مثلاً-لیعمل صنماً أو آلة للّهو أو القمار ونحو ذلک؛وذلک إمّا بذکر صرفه فی المحرّم والالتزام به فی العقد،أو تواطُئِهما علی ذلک؛ولو بأن یقول المشتری لصاحب العنب مثلاً:
بعنی منّاً من العنب لأعمله خمراً،فباعه.وکذا تحرم إجارة المساکن لیُباع ویُحرز فیها الخمر،أو لیُعمل فیها بعض المحرّمات،وإجارة السفن أو الحمولة لحمل الخمر وشبهها بأحد الوجهین المتقدّمین.وکما یحرم البیع و الإجارة فیما ذکر یفسدان أیضاً،فلا یحلّ له الثمن والاُجرة،وکذا بیع الخشب لمن یعلم أنّه یجعله صلیباً أو صنماً،بل وکذا بیع العنب و التمر و الخشب ممّن یعلم أنّه یجعلها خمراً وآلة للقمار و البرابط،وإجارة المساکن لمن یعلم أنّه یعمل فیها ما ذکر أو یبیعها وأمثال ذلک؛فی وجه قویّ.والمسألة من جهة النصوص مُشکلة جدّاً، والظاهر أنّها معلّلة.
(مسألة 11): یحرم بیع السلاح من أعداء الدین حال مقاتلتهم مع المسلمین، بل حال مباینتهم معهم بحیث یخاف منهم علیهم.و أمّا فی حال الهدنة معهم،أو زمان وقوع الحرب بین أنفسهم ومقاتلة بعضهم مع بعض؛فلا بدّ فی بیعه من مراعاة مصالح الإسلام و المسلمین ومقتضیات الیوم،والأمر فیه موکول إلی نظر والی المسلمین،ولیس لغیره الاستبداد بذلک.ویلحق بالکفّار من یعادی الفرقة الحقّة من سائر الفرق المسلمة،ولا یبعد التعدّی إلی قُطّاع الطریق وأشباههم،بل
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 527
لا یبعد التعدّی من بیع السلاح إلی بیع غیره لهم؛ممّا یکون سبباً لتقویتهم علی أهل الحقّ،کالزاد و الراحلة و الحمولة ونحوها.
(مسألة 12): یحرم تصویر ذوات الأرواح من الإنسان و الحیوان إذا کانت الصورة مجسّمة،کالمعمولة من الأحجار و الفلزّات و الأخشاب ونحوها.
والأقوی جوازه مع عدم التجسیم و إن کان الأحوط ترکه.ویجوز تصویر غیر ذوات الأرواح،کالأشجار و الأوراد ونحوها ولو مع التجسیم،ولا فرق بین أنحاء التصویر من النقش و التخطیط و التطریز و الحکّ وغیر ذلک.ویجوز التصویر المتداول فی زماننا بالآلات المتداولة،بل الظاهر أنّه لیس من التصویر.وکما یحرم عمل التصویر من ذوات الأرواح مجسّمة،یحرم التکسّب به وأخذ الاُجرة علیه.هذا کلّه فی عمل الصور.و أمّا بیعها واقتناؤها واستعمالها والنظر إلیها،فالأقوی جواز ذلک کلّه حتّی المجسّمات.نعم،یُکره اقتناؤها وإمساکها فی البیت.
(مسألة 13): الغناء حرام فعله وسماعه و التکسّب به،ولیس هو مجرّد تحسین الصوت،بل هو مدّه وترجیعه بکیفیة خاصّة مطربة،تناسب مجالس اللهو ومحافل الطرب وآلات اللهو و الملاهی،ولا فرق بین استعماله فی کلام حقّ؛من قراءة القرآن و الدعاء و المرثیة،وغیره من شعر أو نثر،بل یتضاعف عقابه لو استعمله فیما یطاع به اللّٰه تعالی.نعم،قد یستثنی غناء المغنّیات فی الأعراس،و هو غیر بعید.ولا یترک الاحتیاط بالاقتصار علی زفّ العرائس و المجلس المعدّ له مقدّماً ومؤخّراً،لا مطلق المجالس،بل الأحوط الاجتناب مطلقاً.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 528
(مسألة 14): معونة الظالمین فی ظلمهم بل فی کلّ محرّم حرام بلا إشکال، بل ورد عن النبی صلی الله علیه و آله و سلم أنّه قال:«من مشی إلی ظالم لیعینه و هو یعلم أنّه ظالم، فقد خرج من الإسلام»،وعنه صلی الله علیه و آله و سلم:«إذا کان یوم القیامة ینادی منادٍ:أین الظلمة وأعوان الظلمة؛حتّی من بری لهم قلماً،ولاق لهم دواة؟»قال:
«فیجتمعون فی تابوت من حدید ثمّ یُرمی بهم فی جهنّم».و أمّا معونتهم فی غیر المحرّمات،فالظاهر جوازها ما لم یُعدّ من أعوانهم وحواشیهم و المنسوبین إلیهم، ولم یکن اسمه مقیّداً فی دفترهم ودیوانهم،ولم یکن ذلک موجباً لازدیاد شوکتهم وقوّتهم.
(مسألة 15): یحرم حفظ کتب الضلال ونسخها وقراءتها ودرسها وتدریسها؛ إن لم یکن غرض صحیح فی ذلک،کأن یکون قاصداً لنقضها وإبطالها،وکان أهلاً لذلک ومأموناً من الضلال.و أمّا مجرّد الاطّلاع علی مطالبها،فلیس من الأغراض الصحیحة المجوّزة لحفظها لغالب الناس؛من العوام الذین یخشی علیهم الضلال و الزلل،فاللازم علی أمثالهم التجنّب عن الکتب المشتملة علی ما یخالف عقائد المسلمین،خصوصاً ما اشتمل منها علی شبهات ومغالطات عجزوا عن حلّها ودفعها،ولا یجوز لهم شراؤها وإمساکها وحفظها،بل یجب علیهم إتلافها.
(مسألة 16): عمل السحر وتعلیمه وتعلّمه و التکسّب به حرام.والمراد به ما یعمل من کتابة أو تکلّم أو دخنة أو تصویر أو نفث أو عقد ونحو ذلک یؤثّر فی بدن المسحور أو قلبه أو عقله،فیؤثّر فی إحضاره أو إنامته أو إغمائه أو تحبیبه أو تبغیضه ونحو ذلک.
ویلحق بذلک استخدام الملائکة،وإحضار الجنّ وتسخیرهم،وإحضار
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 529
الأرواح وتسخیرها،وأمثال ذلک.بل یلحق به-أو یکون منه-الشعبذة:و هی إراءة غیر الواقع واقعاً بسبب الحرکة السریعة.
وکذلک الکهانة:و هی تعاطی الأخبار عن الکائنات فی مستقبل الزمان؛بزعم أ نّه یلقی إلیه الأخبار عنها بعض الجانّ،أو بزعم أنّه یعرف الاُمور بمقدّمات وأسباب یستدلّ بها علی مواقعها.
والقِیافة:و هی الاستناد إلی علامات خاصّة فی إلحاق بعض الناس ببعض، وسلب بعض عن بعض؛علی خلاف ما جعله الشارع میزاناً للإلحاق وعدمه؛ من الفراش وعدمه.
والتنجیم:و هو الإخبار علی البتّ و الجزم عن حوادث الکون؛من الرخص والغلاء و الجدب و الخصب وکثرة الأمطار وقلّتها،وغیر ذلک من الخیر و الشرّ والنفع و الضرر؛مستنداً إلی الحرکات الفلکیة و النظرات والاتّصالات الکوکبیة؛ معتقداً تأثیرها فی هذا العالم علی نحو الاستقلال أو الاشتراک مع اللّٰه-تعالی عمّا یقول الظالمون-دون مطلق التأثیر؛ولو بإعطاء اللّٰه تعالی إیّاها إذا کان عن دلیل قطعی.ولیس منه الإخبار عن الخسوف و الکسوف و الأهِلّة واقتران الکواکب وانفصالها،بعد کونه ناشئاً عن اصول وقواعد سدیدة،والخطأ الواقع منهم أحیاناً ناشئ من الخطأ فی الحساب وإعمال القواعد،کسائر العلوم.
(مسألة 17): یحرم الغشّ بما یخفی فی البیع و الشراء،کشوب اللبن بالماء، وخلط الطعام الجیّد بالردیء،ومزج الدهن بالشحم أو بالدهن النباتی،ونحو ذلک؛من دون إعلام.ولا یفسد المعاملة به و إن حرم فعله،وأوجب الخیارَ للطرف بعد الاطّلاع.نعم،لو کان الغشّ بإظهار الشیء علی خلاف جنسه-کبیع المموّه علی أنّه ذهب أو فضّة ونحو ذلک-فسد أصل المعاملة.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 530
(مسألة 18): یحرم أخذ الاُجرة علی ما یجب علیه فعله عیناً،بل ولو کفائیاً علی الأحوط فیه،کتغسیل الموتی وتکفینهم ودفنهم.نعم،لو کان الواجب توصّلیاً-کالدفن-ولم یبذل المال لأجل أصل العمل،بل لاختیار عمل خاصّ، لا بأس به،فالمحرّم أخذ الاُجرة لأصل الدفن.و أمّا لو اختار الولیّ مکاناً خاصّاً وقبراً مخصوصاً،وأعطی المال لحفر ذلک المکان الخاصّ،فالظاهر أنّه لا بأس به.کما لا بأس بأخذ الطبیب الاُجرة للحضور عند المریض؛و إن أشکل أخذها لأصل المعالجة؛و إن کان الأقوی جوازه.ولو کان العمل تعبّدیاً یشترط فیه التقرّب-کالتغسیل-فلا یجوز أخذها علیه علی أیّ حال.نعم،لا بأس بأخذها علی بعض الاُمور غیر الواجبة کما تقدّم فی غسل المیّت.وممّا یجب علی الإنسان تعلیم مسائل الحلال و الحرام،فلا یجوز أخذها علیه،و أمّا تعلیم القرآن، فضلاً عن غیره من الکتابة وقراءة الخطّ وغیر ذلک،فلا بأس بأخذها علیه.
والمراد بالواجبات المذکورة ما وجب علی نفس الأجیر.و أمّا ما وجب علی غیره ولا یعتبر فیه المباشرة،فلا بأس بأخذ الاُجرة علیه؛حتّی فی العبادات التی یشرع فیها النیابة،فلا بأس بالاستئجار للأموات فی العبادات کالحجّ والصوم و الصلاة.
(مسألة 19): یکره اتّخاذ بیع الصرف و الأکفان و الطعام حرفة،وکذا بیع الرقیق؛فإنّ شرّ الناس من باع الناس،وکذا اتّخاذ الذبح و النحر صنعة،وکذا صنعة الحیاکة و الحجامة،وکذا التکسّب بضراب الفحل؛بأن یؤاجره لذلک مع ضبطه بالمرّة و المرّات المعیّنة أو بالمدّة أو بغیر الإجارة.نعم،لا بأس بأخذ الهدیّة و العطیّة لذلک.
(مسألة 20): لا ریب فی أنّ التکسّب وتحصیل المعیشة بالکدّ و التعب
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 531
محبوب عند اللّٰه تعالی،و قد ورد عن النبی صلی الله علیه و آله و سلم و الأئمّة علیهم السلام الحثّ و الترغیب علیه مطلقاً،وعلی خصوص التجارة و الزراعة واقتناء الأغنام و البقر روایات کثیرة.نعم،ورد النهی عن إکثار الإبل.
(مسألة 21): یجب علی کلّ من یباشر التجارة وسائر أنواع التکسّب،تعلُّمُ أحکامها و المسائل المتعلّقة بها؛لیعرف صحیحها عن فاسدها،ویسلم من الربا.
والقدر اللازم أن یکون عالماً-ولو عن تقلید-بحکم التجارة و المعاملة التی یوقعها حین إیقاعها،بل ولو بعد إیقاعها إذا کان الشکّ فی الصحّة و الفساد فقط، و أمّا إذا اشتبه حکمها من جهة الحرمة و الحلّیة-لا من جهة مجرّد الصحّة والفساد-یجب الاجتناب عنها،کموارد الشکّ فی أنّ المعاملة ربویة؛بناءً علی حرمة نفس المعاملة أیضاً،کما هو کذلک علی الأحوط.
(مسألة 22): للتجارة و التکسّب آداب مستحبّة ومکروهة:
أمّا المستحبّة:فأهمّها:الإجمال فی الطلب والاقتصاد فیه؛بحیث لا یکون مضیّعاً ولا حریصاً.
ومنها:إقالة النادم فی البیع و الشراء لو استقاله.
ومنها:التسویة بین المتبایعین فی السعر،فلا یفرّق بین المماکس وغیره؛بأن یقلّل الثمن للأوّل ویزیده للثانی.نعم،لا بأس بالفرق بسبب الفضل و الدین ونحو ذلک ظاهراً.
ومنها:أن یقبض لنفسه ناقصاً ویُعطی راجحاً.
و أمّا المکروهة:فاُمور:
منها:مدح البائع لمتاعه.
ومنها:ذمّ المشتری لما یشتریه.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 532
ومنها:الیمین صادقاً علی البیع و الشراء.
ومنها:البیع فی موضع یستتر فیه العیب.
ومنها:الربح علی المؤمن إلّامع الضرورة،أو کان الشراء للتجارة،أو کان اشتراؤه للمتاع أکثر من مائة درهم،فإنّ ربح قوت الیوم منه غیر مکروه.
ومنها:الربح علی من وعده بالإحسان إلّامع الضرورة.
ومنها:السوم ما بین الطلوعین.
ومنها:الدخول فی السوق أوّلاً و الخروج منه آخراً.
ومنها:مبایعة الأدنین الذین لا یبالون بما قالوا وما قیل لهم.
ومنها:التعرّض للکیل أو الوزن أو العدّ أو المساحة إذا لم یحسنه.
ومنها:الاستحطاط من الثمن بعد العقد.
ومنها:الدخول فی سوم المؤمن علی الأظهر.وقیل بالحرمة.ولا یکون منه الزیادة فیما إذا کان المبیع فی المزایدة.
ومنها:تلقّی الرُکبان و القوافل واستقبالهم للبیع علیهم أو الشراء منهم قبل وصولهم إلی البلد.وقیل:یحرم و إن صحّ البیع و الشراء،و هو الأحوط و إن کان الأظهر الکراهة.
و إنّما یکره بشروط:
أحدها:کون الخروج بقصد ذلک.
ثانیها:تحقّق مسمّی الخروج من البلد.
ثالثها:أن یکون دون الأربعة فراسخ،فلو تلقّی فی الأربعة فصاعداً لم یثبت الحکم،بل هو سفر تجارة.والأقوی عدم اعتبار کون الرکب جاهلاً بسعر البلد.
وهل یعمّ الحکم غیر البیع و الشراء،کالإجارة ونحوها؟وجهان.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 533
(مسألة 23): یحرم الاحتکار،و هو حبس الطعام وجمعه یتربّص به الغلاء؛ مع ضرورة المسلمین وحاجتهم وعدم وجود من یبذلهم قدر کفایتهم.نعم،مجرّد حبس الطعام انتظاراً لعلوّ السعر مع عدم ضرورة الناس ووجود الباذل،لیس بحرام و إن کان مکروهاً.ولو حبسه فی زمان الغلاء لصرفه فی حوائجه لا للبیع فلا حرمة فیه ولا کراهة.والأقوی عدم تحقّقه إلّافی الغلّات الأربع و السمن والزیت.نعم،هو أمر مرغوب عنه فی مطلق ما یحتاج إلیه الناس،لکن لا یثبت لغیر ما ذکر أحکام الاحتکار.ویُجبر المحتکر علی البیع،ولا یعیَّن علیه السعر علی الأحوط،بل له أن یبیع بما شاء إلّاإذا أجحف،فیجبر علی النزول من دون تسعیر علیه،ومع عدم تعیینه یعیّن الحاکم بما یری المصلحة.
(مسألة 24): لا یجوز مع الاختیار الدخول فی الولایات و المناصب والأشغال من قبل الجائر؛و إن کان أصل الشغل مشروعاً مع قطع النظر عن تولّیه من قبله،کجبایة الخراج،وجمع الزکاة،وتولّی المناصب الجندیة و الأمنیة، وحکومة البلاد ونحو ذلک،فضلاً عمّا کان غیر مشروع فی نفسه،کأخذ العشور والمکوس وغیر ذلک من أنواع الظلم المبتدعة.نعم،یسوغ کلّ ذلک مع الجبر والإکراه؛بإلزام من یُخشی من التخلّف عن إلزامه علی نفسه أو عرضه أو ماله المعتدّ به،إلّافی الدماء المحترمة،بل فی إطلاقه بالنسبة إلی تولّی بعض أنواع الظلم،کهتک أعراض طائفة من المسلمین ونهب أموالهم وسبی نسائهم وإیقاعهم فی الحرج،مع خوفه علی عرضه ببعض مراتبه الضعیفة،أو علی ماله إذا لم یقع فی الحرج،بل مطلقاً فی بعضها،إشکال بل منع،ویسوِّغ خصوص القسم الأوّل -و هو الدخول فی الولایة علی أمر مشروع فی نفسه-القیام بمصالح المسلمین وإخوانه فی الدین،بل لو کان دخوله فیها بقصد الإحسان إلی المؤمنین ودفع
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 534
الضرر عنهم کان راجحاً،بل ربما بلغ الدخول فی بعض المناصب و الأشغال لبعض الأشخاص أحیاناً إلی حدّ الوجوب،کما إذا تمکّن شخص بسببه من دفع مفسدة دینیة،أو المنع عن بعض المنکرات الشرعیة مثلاً،ومع ذلک فیها خطرات کثیرة إلّالمن عصمه اللّٰه تعالی.
(مسألة 25): ما یأخذه الحکومة من الضریبة علی الأراضی مع شرائطها -جنساً أو نقداً-وعلی النخیل و الأشجار،یعامل معها معاملة ما یأخذه السلطان العادل،فیبرأ ذمّة الدافع عمّا کان علیه من الخراج الذی هو اجرة الأرض الخراجیة،ویجوز لکلّ أحد شراؤه وأخذه مجّاناً وبالعوض،والتصرّف فیه بأنواع التصرّف،بل لو لم یأخذه الحکومة وحوّل شخصاً علی من علیه الخراج بمقدار، فدفعه إلی المحتال یحلّ له،وتبرأ ذمّة المحال علیه عمّا علیه،لکن الأحوط خصوصاً فی مثل هذه الأزمنة،رجوع من ینتفع بهذه الأراضی ویتصرّف فیها فی أمر خراجها وکذلک من یصل إلیه من هذه الأموال شیء،إلی حاکم الشرع أیضاً -والظاهر أنّ حکم السلطان المؤالف کالمخالف-و إن کان الاحتیاط بالرجوع إلی الحاکم فی الأوّل أشدّ.
(مسألة 26): یجوز لکلّ أحد أن یتقبّل الأراضی الخراجیة،ویضمنها من الحکومة بشیء،وینتفع بها بنفسه بزرع أو غرس أو غیره،أو یقبّلها ویضمنها لغیره ولو بالزیادة؛علی کراهیة فی هذه الصورة،إلّاأن یُحدث فیها حدثاً کحفر نهر،أو عمل فیها بما یُعین المستأجر،بل الأحوط ترک التقبیل بالزیادة إلّامعه.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 535