کتاب الحدود وفیه فصول

الفصل السادس:فی حدّ المحارب

‏ ‏

الفصل السادس:فی حدّ المحارب

‏         (مسألة 1): المحارب:هو کلّ من جرّد سلاحه أو جهّزه لإخافة الناس ‏‎ ‎‏وإرادة الإفساد فی الأرض؛فی برّ کان أو فی بحر،فی مصر أو غیره،لیلاً أو ‏‎ ‎‏نهاراً.ولا یشترط کونه من أهل الریبة مع تحقّق ما ذکر،ویستوی فیه الذکر ‏‎ ‎‏والاُنثی،وفی ثبوته للمجرّد سلاحه بالقصد المزبور مع کونه ضعیفاً لا یتحقّق من ‏‎ ‎‏إخافته خوف لأحد،إشکال بل منع.نعم،لو کان ضعیفاً لکن لا بحدّ لا یتحقّق ‏‎ ‎‏الخوف من إخافته،بل یتحقّق فی بعض الأحیان و الأشخاص،فالظاهر کونه ‏‎ ‎‏داخلاً فیه.‏

‏         (مسألة 2): لا یثبت الحکم للطلیع،و هو المراقب للقوافل ونحوها لیخبر ‏‎ ‎‏رفقاءه من قطّاع الطریق،ولا للردء و هو المعین لضبط الأموال،ولا لمن شهر ‏‎ ‎‏سیفه أو جهّز سلاحه لإخافة المحارب ولدفع فساده،أو لدفع من یقصده ‏‎ ‎‏بسوء ونحو ذلک ممّا هو قطع الفساد لا الإفساد،ولا للصغیر و المجنون،ولا ‏‎ ‎‏للملاعب.‏

‏         (مسألة 3): لو حمل علی غیره من غیر سلاح لیأخذ ماله أو یقتله جاز بل ‏‎ ‎‏وجب الدفاع فی الثانی ولو انجرّ إلی قتله،لکن لا یثبت له حکم المحارب،ولو ‏‎ ‎‏أخاف الناس بالسوط و العصا و الحجر ففی ثبوت الحکم إشکال،بل عدمه أقرب ‏‎ ‎‏فی الأوّلین.‏

‏         (مسألة 4): یثبت المحاربة بالإقرار مرّة،والأحوط مرّتین،وبشهادة عدلین، ‏‎ ‎‏ولا تقبل شهادة النساء منفردات ولا منضمّات،ولا تقبل شهادة اللصوص ‏‎ ‎‏والمحاربین بعضهم علی بعض،ولا شهادة المأخوذ منهم بعضهم لبعض؛بأن ‏

کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 526
‏قالوا جمیعاً:«تعرّضوا لنا وأخذوا منّا»،و أمّا لو شهد بعضهم لبعض،وقال: ‏

‏«عرضوا لنا وأخذوا من هؤلاء لا منّا»،قبل علی الأشبه.‏

‏         (مسألة 5): الأقوی فی الحدّ تخییر الحاکم بین القتل و الصلب و القطع ‏‎ ‎‏مخالفاً و النفی،ولا یبعد أن یکون الأولی له أن یلاحظ الجنایة ویختار ما ‏‎ ‎‏یناسبها،فلو قتل اختار القتل أو الصلب،ولو أخذ المال اختار القطع،ولو شهر ‏‎ ‎‏السیف وأخاف فقط اختار النفی.و قد اضطربت کلمات الفقهاء و الروایات، ‏‎ ‎‏والأولی ما ذکرنا.‏

‏         (مسألة 6): ما ذکرنا فی المسألة السابقة حدّ المحارب؛سواء قتل شخصاً أو ‏‎ ‎‏لا،وسواء رفع ولیّ الدم أمره إلی الحاکم أو لا.نعم،مع الرفع یقتل قصاصاً مع ‏‎ ‎‏کون المقتول کفواً،ومع عفوه فالحاکم مختار بین الاُمور الأربعة؛سواء کان قتله ‏‎ ‎‏طلباً للمال أو لا،وکذا لو جرح ولم یقتل کان القصاص إلی الولیّ،فلو اقتصّ ‏‎ ‎‏کان الحاکم مختاراً بین الاُمور المتقدّمة حدّاً،وکذا لو عفا عنه.‏

‏         (مسألة 7): لو تاب المحارب قبل القدرة علیه سقط الحدّ،دون حقوق ‏‎ ‎‏الناس من القتل و الجرح و المال،ولو تاب بعد الظفر علیه لم یسقط الحدّ أیضاً.‏

‏         (مسألة 8): اللصّ إذا صدق علیه عنوان المحارب کان حکمه ما تقدّم،وإلّا ‏‎ ‎‏فله أحکام تقدّمت فی ذیل کتاب الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر.‏

‏         (مسألة 9): یصلب المحارب حیّاً،ولا یجوز الإبقاء مصلوباً أکثر من ثلاثة ‏‎ ‎‏أیّام،ثمّ ینزّل فإن کان میّتاً،یغسّل ویکفّن ویصلّی علیه ویدفن،و إن کان حیّاً ‏‎ ‎‏قیل یجهز علیه،و هو مشکل.نعم،یمکن القول بجواز الصلب علی نحو یموت ‏‎ ‎‏به،و هو أیضاً لا یخلو من إشکال.‏


کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 527
‏         (مسألة 10): إذا نفی المحارب عن بلده إلی بلد آخر،یکتب الوالی-إلی ‏‎ ‎‏کلّ بلد یأوی إلیه-بالمنع عن مؤاکلته ومعاشرته ومبایعته ومناکحته ‏‎ ‎‏ومشاورته،والأحوط أن لا یکون أقلّ من سنة و إن تاب،ولو لم یتب استمرّ ‏‎ ‎‏النفی إلی أن یتوب،ولو أراد بلاد الشرک یمنع منها،قالوا:و إن مکّنوه من دخولها ‏‎ ‎‏قوتلوا حتّی یخرجوه.‏

‏         (مسألة 11): لا یعتبر فی قطع المحارب السرقة،فضلاً عن اعتبار النصاب ‏‎ ‎‏أو الحرز،بل الإمام علیه السلام مخیّر بمجرّد صدق المحارب،ولو قطع فالأحوط ‏‎ ‎‏البدأة بقطع الید الیمنی ثمّ یقطع الرجل الیسری،والأولی الصبر بعد قطع ‏‎ ‎‏الیمنی حتّی تحسم،ولو فقدت الیمنی أو فقد العضوان یختار الإمام علیه السلام ‏‎ ‎‏غیر القطع.‏

‏         (مسألة 12): لو أخذ المال بغیر محاربة لا یجری علیه حکمها،کما لو أخذ ‏‎ ‎‏المال وهرب،أو أخذ قهراً من غیر إشهار سلاح،أو احتال فی أخذ الأموال ‏‎ ‎‏بوسائل،کتزویر الأسناد أو الرسائل ونحو ذلک،ففیها لا یجری حدّ المحارب ‏‎ ‎‏ولا حدّ السارق،ولکن علیه التعزیر حسب ما یراه الحاکم.‏

‏ ‏

کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 528