القول:فی صفات الشهود
و هی امور:
الأوّل: البلوغ،فلا اعتبار بشهادة الصبیّ غیر الممیّز مطلقاً،ولا بشهادة الممیّز فی غیر القتل و الجرح،ولا بشهادته فیهما إذا لم یبلغ العشر.و أمّا لو بلغ عشراً وشهد بالجراح و القتل ففیه تردّد.نعم،لا إشکال فی عدم اعتبار شهادة الصبیّة مطلقاً.
الثانی: العقل،فلا تقبل شهادة المجنون حتّی الأدواری منه حال جنونه،و أمّا حال عقله وسلامته فتقبل منه إذا علم الحاکم بالابتلاء والامتحان حضور ذهنه وکمال فطنته،وإلّا لم تقبل.ویلحق به فی عدم القبول من غلب علیه السهو أو النسیان أو الغفلة أو کان به البله،وفی مثل ذلک یجب الاستظهار علی الحاکم حتّی یستثبت ما یشهدون به،فاللازم الإعراض عن شهادتهم،إلّافی الاُمور الجلیة التی یعلم بعدم سهوهم ونسیانهم وغلطهم فی التحمّل و النقل.
الثالث: الإیمان،فلا تقبل شهادة غیر المؤمن فضلاً عن غیر المسلم مطلقاً علی مؤمن أو غیره أو لهما.نعم،تقبل شهادة الذمّی العدل فی دینه فی الوصیّة
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 472
بالمال؛إذا لم یوجد من عدول المسلمین من یشهد بها،ولا یعتبر کون الموصی فی غُربة،فلو کان فی وطنه ولم یوجد عدول المسلمین تقبل شهادة الذمّی فیها.
ولا یلحق بالذمّی الفاسق من أهل الإیمان.وهل یلحق به المسلم غیر المؤمن إذا کان عدلاً فی مذهبه؟لا یبعد ذلک.وتقبل شهادة المؤمن الجامع للشرائط علی جمیع الناس من جمیع الملل.ولا تقبل شهادة الحربی مطلقاً.وهل تقبل شهادة کلّ ملّة علی ملّتهم؟به روایة،وعمل بها الشیخ قدس سره.
الرابع: العدالة،و هی الملکة الرادعة عن معصیة اللّٰه تعالی.فلا تقبل شهادة الفاسق،و هو المرتکب للکبیرة أو المصرّ علی الصغیرة،بل المرتکب للصغیرة علی الأحوط إن لم یکن الأقوی،فلا تقبل شهادة مرتکب الصغیرة إلّامع التوبة وظهور العدالة.
(مسألة 1): لا تقبل شهادة کلّ مخالف فی شیء من اصول العقائد،بل لا تقبل شهادة من أنکر ضروریاً من الإسلام-کمن أنکر الصلاة أو الحجّ أو نحوهما-و إن قلنا بعدم کفره إن کان لشبهة.وتقبل شهادة المخالف فی الفروع و إن خالف الإجماع لشبهة.
(مسألة 2): لا تقبل شهادة القاذف-مع عدم اللعان أو البیّنة أو إقرار المقذوف-إلّاإذا تاب،وحدّ توبته أن یُکذّب نفسه عند من قذف عنده أو عند جمع من المسلمین أو عندهما،و إن کان صادقاً واقعاً یورّی فی تکذیبه نفسه، فإذا کذّب نفسه وتاب تقبل شهادته إذا صلح.
(مسألة 3): اتّخاذ الحمام للاُنس وإنفاذ الکتب والاستفراخ و التطییر و اللعب لیس بحرام.نعم،اللعب بها مکروه.فتُقبل شهادة المتّخذ و اللاعب بها.و أمّا اللعب بالرهان فهو قمار حرام لا تقبل شهادة من فعل ذلک.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 473
(مسألة 4): لا تردّ شهادة أرباب الصنائع المکروهة،کبیع الصرف وبیع الأکفان وصنعة الحجامة و الحیاکة ونحوها،ولا شهادة ذوی العاهات الخبیثة کالأجذم و الأبرص.
الخامس: طیب المولد،فلا تقبل شهادة ولد الزنا و إن أظهر الإسلام وکان عادلاً.وهل تقبل شهادته فی الأشیاء الیسیرة؟قیل:نعم،والأشبه لا.و أمّا لو جهلت حاله فإن کان مُلحقاً بفراش تقبل شهادته و إن أنالته الألسن،و إن جهلت مطلقاً ولم یعلم له فراش ففی قبولها إشکال.
السادس: ارتفاع التهمة لا مطلقاً،بل الحاصلة من أسباب خاصّة،و هی امور:
منها:أن یجرّ بشهادته نفعاً له-عیناً أو منفعة أو حقّاً-کالشریک فیما هو شریک فیه،و أمّا فی غیره فتقبل شهادته.وصاحب الدین إذا شهد للمحجور علیه بمال یتعلّق دینه به،بخلاف غیر المحجور علیه،وبخلاف مال لم یتعلّق حجره به.والوصیّ و الوکیل إذا کان لهما زیادة أجر بزیادة المال،بل وکذا فیما کان لهما الولایة علیه وکانا مدّعیین بحقّ ولایتهما،و أمّا عدم القبول مطلقاً منهما ففیه تأمّل.وکشهادة الشریک لبیع الشقص الذی فیه له الشفعة،إلی غیر ذلک من موارد جرّ النفع.
ومنها:إذا دفع بشهادته ضرراً عنه،کشهادة العاقلة بجرح شهود الجنایة خطأً، وشهادة الوکیل و الوصیّ بجرح الشهود علی الموکّل و الموصی فی مثل الموردین المتقدّمین.
ومنها:أن یشهد ذو العداوة الدنیویة علی عدوّه،وتقبل شهادته له إذا لم تستلزم العداوة الفسق.و أمّا ذو العداوة الدینیة فلا تردّ شهادته له أو علیه حتّی إذا أبغضه لفسقه واختصمه لذلک.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 474
ومنها:السؤال بکفّه،والمراد منه من یکون سائلاً فی السوق وأبواب الدور، وکان السؤال حرفة ودیدناً له.و أمّا السؤال أحیاناً عند الحاجة فلا یمنع من قبول شهادته.
ومنها:التبرّع بالشهادة فی حقوق الناس،فإنّه یمنع عن القبول فی قول معروف،وفیه تردّد.و أمّا فی حقوق اللّٰه-کشرب الخمر و الزنا-وللمصالح العامّة،فالأشبه القبول.
(مسألة 5): النسب لا یمنع عن قبول الشهادة،کالأب لولده وعلیه،والولد لوالده.والأخ لأخیه وعلیه،وسائر الأقرباء بعضها لبعض وعلیه.وهل تقبل شهادة الولد علی و الده؟فیه تردّد.وکذا تقبل شهادة الزوج لزوجته وعلیها، وشهادة الزوجة لزوجها وعلیه.ولا یعتبر فی شهادة الزوج الضمیمة،وفی اعتبارها فی الزوجة وجه،والأوجه عدمه.وتظهر الفائدة فیما إذا شهدت لزوجها فی الوصیّة،فعلی القول بالاعتبار لا تثبت،وعلی عدمه یثبت الربع.
(مسألة 6): تقبل شهادة الصدیق علی صدیقه وکذا له،و إن کانت الصداقة بینهما أکیدة و الموادّة شدیدة،وتقبل شهادة الضیف و إن کان له میل إلی المشهود له.وهل تقبل شهادة الأجیر لمن آجره؟قولان أقربهما المنع.ولو تحمّل حال الإجارة وأدّاها بعدها تقبل.
(مسألة 7): من لا یجوز شهادته لصغر أو فسق أو کفر،إذا عرف شیئاً فی تلک الحال،ثمّ زال المانع واستکمل الشروط،فأقام تلک الشهادة،تقبل.وکذا لو أقامها فی حال المانع فردّت ثمّ أعادها بعد زواله؛من غیر فرق بین الفسق والکفر الظاهرین وغیرهما.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 475
(مسألة 8): إذا سمع الإقرار-مثلاً-صار شاهداً و إن لم یستدعه المشهود له أو علیه،فلا یتوقّف کونه شاهداً علی الإشهاد والاستدعاء،فحینئذٍ إن لم یتوقّف أخذ الحقّ علی شهادته فهو بالخیار بین الشهادة و السکوت،و إن توقّف وجبت علیه الشهادة بالحقّ،وکذا لو سمع اثنین یُوقعان عقداً کالبیع ونحوه أو شاهد غصباً أو جنایة،ولو قال له الغریمان أو أحدهما:«لا تشهد علینا»فسمع ما یوجب حکماً،ففی جمیع تلک الموارد یصیر شاهداً.
(مسألة 9): المشهور بالفسق إن تاب لتقبل شهادته،لا تقبل حتّی یستبان منه الاستمرار علی الصلاح وحصول الملکة الرادعة،وکذا الحال فی کلّ مرتکب للکبیرة بل الصغیرة،فمیزان قبول الشهادة هو العدالة المحرزة بظهور الصلاح،فإن تاب وظهر منه الصلاح یحکم بعدالته وتقبل شهادته.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 476