کتاب النکاح

القول:فی الرضاع

‏ ‏

القول:فی الرضاع 

‏انتشار الحرمة بالرضاع یتوقّف علی شروط:‏

‏         الأوّل: أن یکون اللبن حاصلاً من وطء جائز شرعاً؛بسبب نکاح أو ملک ‏‎ ‎‏یمین أو تحلیل وما بحکمه،کسبق الماء إلی فرج حلیلته من غیر وطء. ‏

‏ویلحق به وطء الشبهة علی الأقوی.فلو درّ اللبن من الامرأة من دون نکاح وما ‏‎ ‎‏یلحق به لم ینشر الحرمة،وکذا لو کان من دون وطء وما یلحق به ولو مع ‏‎ ‎‏النکاح،وکذا لو کان اللبن من الزنا،بل الظاهر اعتبار کون الدرّ بعد الولادة،فلو ‏‎ ‎‏درّ من غیر ولادة ولو مع الحمل لم تنشر به الحرمة علی الأقوی.‏

‏         (مسألة 1): لا یعتبر فی النشر بقاء المرأة فی حبال الرجل،فلو طلّقها الزوج ‏‎ ‎‏أو مات عنها-و هی حامل منه أو مرضعة-فأرضعت ولداً نشر الحرمة و إن ‏‎ ‎‏تزوّجت ودخل بها الزوج الثانی ولم تحمل منه،أو حملت منه وکان اللبن بحاله ‏‎ ‎‏لم ینقطع ولم تحدث فیه زیادة،بل مع حدوثها إذا احتمل کونه للأوّل.‏

‏         الثانی: أن یکون شرب اللبن بالامتصاص من الثدی،فلو وجر فی حلقه ‏‎ ‎‏اللبن أو شرب المحلوب من المرأة لم ینشر الحرمة.‏

‏         الثالث: أن تکون المرضعة حیّة،فلو ماتت فی أثناء الرضاع وأکمل النصاب ‏‎ ‎‏حال موتها ولو رضعة،لم ینشر الحرمة.‏

‏         الرابع: أن یکون المرتضع فی أثناء الحولین وقبل استکمالهما،فلا عبرة ‏

کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 285
‏برضاعه بعدهما،ولا یعتبر الحولان فی ولد المرضعة علی الأقوی،فلو وقع ‏‎ ‎‏الرضاع بعد کمال حولیه،نشر الحرمة إذا کان قبل حولی المرتضع.‏

‏         (مسألة 2): المراد بالحولین أربعة وعشرون شهراً هلالیاً من حین الولادة، ‏‎ ‎‏ولو وقعت فی أثناء الشهر یکمل من الشهر الخامس و العشرین ما مضی من ‏‎ ‎‏الشهر الأوّل علی الأظهر،فلو تولّد فی العاشر من شهر تکمل حولاه فی العاشر ‏‎ ‎‏من الخامس و العشرین.‏

‏         الشرط الخامس: الکمّیة،و هی بلوغه حدّاً معیّناً،فلا یکفی مسمّی الرضاع ‏‎ ‎‏ولا رضعة کاملة،وله تحدیدات وتقدیرات ثلاثة:الأثر و الزمان و العدد،وأیّ ‏‎ ‎‏منها حصل کفی فی نشر الحرمة،ولا یبعد کون الأثر هو الأصل و الباقیان ‏‎ ‎‏أمارتان علیه،لکن لا یترک الاحتیاط لو فرض حصول أحدهما دونه.فأمّا الأثر ‏‎ ‎‏فهو أن یرضع بمقدار نبت اللحم وشدّ العظم.و أمّا الزمان فهو أن یرتضع من المرأة ‏‎ ‎‏یوماً ولیلة مع اتّصالهما؛بأن یکون غذاؤه فی هذه المدّة منحصراً بلبن المرأة. ‏

‏و أمّا العدد فهو أن یرتضع منها خمس عشرة رضعة کاملة.‏

‏         (مسألة 3): المعتبر فی إنبات اللحم وشدّ العظم،استقلال الرضاع فی ‏‎ ‎‏حصولهما علی وجه ینسبان إلیه،فلو فرض ضمّ السکّر ونحوه إلیه علی نحو ‏‎ ‎‏ینسبان إلیهما،أشکل ثبوت التحریم،کما أنّ المدار هو الإنبات و الشدّ المعتدّ به ‏‎ ‎‏منهما علی نحو مبان یصدقان عرفاً،ولا یکفی حصولهما بالدقّة العقلیة،و إذا ‏‎ ‎‏شکّ فی حصولهما بهذه المرتبة أو استقلال الرضاع فی حصولهما،یرجع إلی ‏‎ ‎‏التقدیرین الآخرین.‏

‏         (مسألة 4): یعتبر فی التقدیر بالزمان أن یکون غذاؤه فی الیوم و اللیلة ‏

کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 286
‏منحصراً باللبن،ولا یقدح شرب الماء للعطش،ولا ما یأکل أو یشرب دواء إن لم ‏‎ ‎‏یخرج ذلک عن المتعارف.والظاهر کفایة التلفیق فی التقدیر بالزمان لو ابتدأ ‏‎ ‎‏بالرضاع فی أثناء اللیل أو النهار.‏

‏(مسألة 5): یعتبر فی التقدیر بالعدد امور:‏

‏منها:کمال الرضعة؛بأن یروی الصبیّ ویصدر من قبل نفسه،ولا تحسب ‏‎ ‎‏الرضعة الناقصة،ولا تضمّ الناقصات بعضها ببعض؛بأن تحسب رضعتان ‏‎ ‎‏ناقصتان أو ثلاث رضعات ناقصات-مثلاً-واحدة.نعم،لو التقم الصبیّ الثدی ‏‎ ‎‏ثمّ رفضه لا بقصد الإعراض؛بأن کان للتنفّس،أو الالتفات إلی ملاعب،أو ‏‎ ‎‏الانتقال من ثدی إلی آخر،أو غیر ذلک،کان الکلّ رضعة واحدة.‏

‏ومنها:توالی الرضعات؛بأن لا یفصل بینها رضاع امرأة اخری رضاعاً تامّاً ‏‎ ‎‏کاملاً علی الأقوی،ومطلقاً علی الأحوط.نعم،لا یقدح القلیل جدّاً،ولا یقدح ‏‎ ‎‏فی التوالی تخلّل غیر الرضاع من المأکول و المشروب و إن تغذّی به.‏

‏ومنها:أن یکون کمال العدد من امرأة واحدة،فلو ارتضع بعض الرضعات من ‏‎ ‎‏امرأة،وأکملها من امرأة اخری،لم ینشر الحرمة و إن اتّحد الفحل،فلا تکون ‏‎ ‎‏واحدة من المرضعتین امّاً للمرتضع ولا الفحل أباً له.‏

‏ومنها:اتّحاد الفحل؛بأن یکون تمام العدد من لبن فحل واحد،ولا یکفی ‏‎ ‎‏اتّحاد المرضعة،فلو أرضعت امرأة من لبن فحل ثمان رضعات،ثمّ طلّقها الفحل ‏‎ ‎‏وتزوّجت بآخر وحملت منه،ثمّ أرضعت ذلک الطفل من لبن الفحل الثانی تکملة ‏‎ ‎‏العدد؛من دون تخلّل رضاع امرأة اخری فی البین-بأن یتغذّی الولد فی هذه ‏‎ ‎‏المدّة المتخلّلة بالمأکول و المشروب-لم ینشر الحرمة.‏

‏         (مسألة 6): ما ذکرناه من الشروط شروط لناشریة الرضاع للحرمة،فلو ‏

کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 287
‏انتفی بعضها لا أثر له،ولیس بناشر لها أصلاً حتّی بین الفحل و المرتضعة،وکذا ‏‎ ‎‏بین المرتضع و المرضعة،فضلاً عن الاُصول و الفروع و الحواشی.وفی الرضاع ‏‎ ‎‏شرط آخر زائد علی ما مرّ مختصّ بنشر الحرمة بین المرتضعین وبین أحدهما ‏‎ ‎‏وفروع الآخر.وبعبارة اخری:شرط لتحقّق الاُخوّة الرضاعیة بین المرتضعین، ‏‎ ‎‏و هو اتّحاد الفحل الذی ارتضع المرتضعان من لبنه،فلو ارتضع صبیّ من امرأة ‏‎ ‎‏من لبن شخص رضاعاً کاملاً،وارتضعت صبیّة من تلک المرأة من لبن شخص ‏‎ ‎‏آخر کذلک؛بأن طلّقها الأوّل وزوّجها الثانی،وصارت ذات لبن منه فأرضعتها ‏‎ ‎‏رضاعاً کاملاً،لم تحرم الصبیّة علی ذلک الصبیّ ولا فروع أحدهما علی الآخر، ‏‎ ‎‏بخلاف ما إذا کان الفحل وصاحب اللبن واحداً وتعدّدت المرضعة،کما إذا کانت ‏‎ ‎‏لشخص نسوة متعدّدة،وأرضعت کلّ واحدة منهنّ من لبنه طفلاً رضاعاً کاملاً، ‏‎ ‎‏فإنّه یحرم بعضهم علی بعض وعلی فروعه؛لحصول الاُخوّة الرضاعیة بینهم.‏

‏         (مسألة 7): إذا تحقّق الرضاع الجامع للشرائط،صار الفحل و المرضعة أباً ‏‎ ‎‏واُمّاً للمرتضع،واُصولهما أجداداً وجدّات،وفروعهما إخوة وأولاد إخوة له،ومن ‏‎ ‎‏فی حاشیتهما وفی حاشیة اصولهما أعماماً أو عمّات وأخوالاً أو خالات له، ‏‎ ‎‏وصار هو-أعنی المرتضع-ابناً أو بنتاً لهما،وفروعه أحفاداً لهما،و إذا تبیّن ذلک ‏‎ ‎‏فکلّ عنوان نسبی محرّم من العناوین السبعة المتقدّمة إذا تحقّق مثله فی ‏‎ ‎‏الرضاع یکون محرّماً،فالاُمّ الرضاعیة کالاُمّ النسبیة،والبنت الرضاعیة کالبنت ‏‎ ‎‏النسبیة وهکذا.فلو أرضعت امرأة من لبن فحل طفلاً حرمت المرضعة واُمّها واُمّ ‏‎ ‎‏الفحل علی المرتضع للاُمومة،والمرتضعة وبناتها وبنات المرتضع علی الفحل ‏‎ ‎‏وعلی أبیه وأبی المرضعة للبنتیة،وحرمت اخت الفحل واُخت المرضعة علی ‏‎ ‎‏المرتضع؛لکونهما عمّة وخالة له،والمرتضعة علی أخی الفَحل وأخی المرضعة؛ ‏

کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 288
‏لکونها بنت أخ أو بنت اخت لهما،وحرمت بنات الفحل علی المرتضع ‏‎ ‎‏والمرتضعة علی أبنائه؛نسبیّین کانوا أم رضاعیّین.وکذا بنات المرضعة علی ‏‎ ‎‏المرتضع و المرتضعة علی أبنائها إذا کانوا نسبیّین للاُخوّة.و أمّا أولاد المرضعة ‏‎ ‎‏الرضاعیّون ممّن أرضعتهم بلبن فحل آخر غیر الفحل الذی ارتضع المرتضع ‏‎ ‎‏بلبنه،فلم یحرموا علی المرتضع؛لما مرّ من اشتراط اتّحاد الفحل فی نشر ‏‎ ‎‏الحرمة بین المرتضعین.‏

‏         (مسألة 8): تکفی فی حصول العلاقة الرضاعیة المحرّمة دخالة الرضاع فیه ‏‎ ‎‏فی الجملة،فقد تحصل من دون دخالة غیره فیها،کعلاقة الاُبوّة والاُمومة ‏‎ ‎‏والابنیة و البنتیة الحاصلة بین الفحل و المرضعة وبین المرتضع،وکذا الحاصلة ‏‎ ‎‏بینه وبین اصولهما الرضاعیّین،کما إذا کان لهما أب أو امّ من الرضاعة؛حیث ‏‎ ‎‏إنّهما جدّ وجدّة للمرتضع من جهة الرضاع محضاً.و قد تحصل به مع دخالة ‏‎ ‎‏النسب فی حصولها،کعلاقة الاُخوّة الحاصلة بین المرتضع وأولاد الفحل ‏‎ ‎‏والمرضعة النسبیّین،فإنّهم و إن کانوا منسوبین إلیهما بالولادة،إلّاأنّ اخوّتهم ‏‎ ‎‏للمرتضع حصلت بسبب الرضاع،فهم إخوة أو أخوات له من الرضاعة.‏

‏توضیح ذلک:أنّ النسبة بین شخصین قد تحصل بعلاقة واحدة،کالنسبة بین ‏‎ ‎‏الولد ووالده ووالدته،و قد تحصل بعلاقتین کالنسبة بین الأخوین،فإنّها تحصل ‏‎ ‎‏بعلاقة کلّ منهما مع الأب أو الاُمّ أو کلیهما،وکالنسبة بین الشخص وجدّه ‏‎ ‎‏الأدنی،فإنّها تحصل بعلاقة بینه وبین أبیه-مثلاً-وعلاقة بین أبیه وبین جدّه، ‏‎ ‎‏و قد تحصل بعلاقات ثلاث کالنسبة بین الشخص وبین جدّه الثانی،وکالنسبة ‏‎ ‎‏بینه وبین عمّه الأدنی،فإنّها تحصل بعلاقة بینک وبین أبیک،وبعلاقة کلّ من أبیک ‏‎ ‎‏وأخیه مع أبیهما مثلاً،وهکذا تتصاعد وتتنازل النسب،وتنشعب بقلّة العلاقات ‏

کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 289
‏وکثرتها؛حتّی أنّه قد تتوقّف نسبة بین شخصین علی عشر علائق أو أقلّ أو ‏‎ ‎‏أکثر.و إذا تبیّن ذلک،فإن کانت تلک العلائق کلّها حاصلة بالولادة،کانت ‏‎ ‎‏العلاقة نسبیة،و إن حصلت کلّها أو بعضها ولو واحدة من العشر بالرضاع،کانت ‏‎ ‎‏العلاقة رضاعیة.‏

‏         (مسألة 9): لمّا کانت المصاهرة التی هی أحد أسباب تحریم النکاح-کما ‏‎ ‎‏یأتی-علاقةً بین أحد الزوجین وبعض أقرباء الآخر،فهی تتوقّف ‏‎ ‎‏علی أمرین:مزاوجة وقرابة،والرضاع إنّما یقوم مقام الثانی دون الأوّل، ‏‎ ‎‏فمرضعة ولدک لا تکون بمنزلة زوجتک حتّی تحرم امّها علیک،لکن الاُمّ ‏‎ ‎‏والبنت الرضاعیتین لزوجتک تکونان کالاُمّ و البنت النسبیّین لها،فتحرمان ‏‎ ‎‏علیک،وکذلک حلیلة الابن الرضاعی کحلیلة الابن النسبی،وحلیلة الأب ‏‎ ‎‏الرضاعی کحلیلة الأب النسبی،تحرم الاُولی علی أبیه الرضاعی،والثانیة ‏‎ ‎‏علی ابنه الرضاعی.‏

‏         (مسألة 10): قد تبیّن ممّا سبق:أنّ العلاقة الرضاعیة المحضة قد تحصل ‏‎ ‎‏برضاع واحد،کالحاصلة بین المرتضع وبین المرضعة وصاحب اللبن،و قد ‏‎ ‎‏تحصل برضاعین کالحاصلة بین المرتضع وبین أبوی الفحل و المرضعة ‏‎ ‎‏الرضاعیّین،و قد تحصل برضاعات متعدّدة،فإذا کان لصاحب اللبن-مثلاً- ‏‎ ‎‏أب من جهة الرضاع،وکان لذلک الأب الرضاعی أیضاً أب من الرضاع،وکان ‏‎ ‎‏للأخیر أیضاً أب من الرضاع،وهکذا إلی عشرة آباء-مثلاً-کان الجمیع أجداداً ‏‎ ‎‏رضاعیّین للمرتضع الأخیر،وجمیع المرضعات جدّات له،فإن کانت انثی ‏‎ ‎‏حرمت علی جمیع الأجداد،و إن کان ذکراً حرمت علیه جمیع الجدّات،بل لو ‏‎ ‎‏کانت للجدّ الرضاعی الأعلی اخت رضاعیة حرمت علی المرتضع الأخیر؛ ‏

کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 290
‏لکونها عمّته العلیا من الرضاع،ولو کانت للمرضعة الأبعد التی هی الجدّة العلیا ‏‎ ‎‏للمرتضع اخت حرمت علیه؛لکونها خالته العلیا من الرضاع.‏

‏         (مسألة 11): قد عرفت فیما سبق:أنّه یشترط فی حصول الاُخوّة الرضاعیة ‏‎ ‎‏بین المرتضعین اتّحاد الفَحل،ویتفرّع علی ذلک مراعاة هذا الشرط فی العُمُومة ‏‎ ‎‏والخُؤُولة الحاصلتین بالرضاع أیضاً؛لأنّ العمّ و العمّة أخ واُخت للأب،والخال ‏‎ ‎‏والخالة أخ واُخت للاُمّ،فلو تراضع أبوک أو امّک مع صبیّة من امرأة،فإن اتّحد ‏‎ ‎‏الفحل کانت الصبیّة عمّتک أو خالتک من الرضاعة،بخلاف ما إذا لم یتّحد، ‏‎ ‎‏فحیث لم تحصل الاُخوّة الرضاعیة بین أبیک أو امّک مع الصبیّة لم تکن هی ‏‎ ‎‏عمّتک أو خالتک،فلم تحرم علیک.‏

‏         (مسألة 12): لا یجوز أن ینکح أبو المرتضع فی أولاد صاحب اللبن ولادة بل ‏‎ ‎‏ورضاعاً علی الأحوط،وکذا فی أولاد المرضعة نسباً لا رضاعاً.و أمّا أولاده ‏‎ ‎‏الذین لم یرتضعوا من هذا اللبن،فیجوز نکاحهم فی أولاد صاحب اللبن وفی ‏‎ ‎‏أولاد المرضعة التی أرضعت أخاهم؛و إن کان الاحتیاط لا ینبغی ترکه.‏

‏         (مسألة 13): إذا أرضعت امرأة ابن شخص بلبن فحلها،ثمّ أرضعت بنت ‏‎ ‎‏شخص آخر من لبن ذلک الفحل،فتلک البنت و إن حرمت علی ذلک الابن،لکن ‏‎ ‎‏تحلّ أخوات کلّ منهما لإخوة الآخر.‏

‏         (مسألة 14): الرضاع المحرّم کما یمنع من النکاح لو کان سابقاً،یبطله لو ‏‎ ‎‏حصل لاحقاً،فلو کانت له زوجة صغیرة،فأرضعتها بنته أو امّه أو اخته أو بنت ‏‎ ‎‏أخیه أو بنت اخته أو زوجة أخیه بلبنه رضاعاً کاملاً،بطل نکاحها وحرمت ‏‎ ‎‏علیه؛لصیرورتها بالرضاع بنتاً أو اختاً أو بنت أخ أو بنت اخت له،فحرمت علیه ‏

کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 291
‏لاحقاً کما کانت تحرم علیه سابقاً.وکذا لو کانت له زوجتان صغیرة وکبیرة، ‏‎ ‎‏فأرضعت الکبیرة الصغیرة حرمت علیه الکبیرة؛لأنّها صارت امّ زوجته،وکذلک ‏‎ ‎‏الصغیرة إن کانت رضاعها من لبنه أو دخل بالکبیرة؛لکونها بنتاً له فی الأوّل، ‏‎ ‎‏وبنت زوجته المدخول بها فی الثانی.نعم،ینفسخ عقدها و إن لم یکن الرضاع ‏‎ ‎‏من لبنه ولم یدخل بالکبیرة؛و إن لم تحرم علیه.‏

‏تنبیه ‏

‏إذا کان أخوان فی بیت واحد-مثلاً-وکانت زوجة کلّ منهما أجنبیّة عن ‏‎ ‎‏الآخر،وأرادا أن تصیر زوجة کلّ منهما من محارم الآخر حتّی یحلّ له النظر ‏‎ ‎‏إلیها،یمکن لهما الاحتیال بأن یتزوّج کلّ منهما بصبیّة،وتُرضع زوجةُ کلّ منهما ‏‎ ‎‏زوجة الآخر رضاعاً کاملاً،فتصیر زوجة کلّ منهما امّاً لزوجة الآخر،فتصیر من ‏‎ ‎‏محارمه،وحلّ نظره إلیها،وبطل نکاح کلتا الصبیّتین؛لصیرورة کلّ منهما ‏‎ ‎‏بالرضاع بنت أخی زوجها.‏

‏         (مسألة 1): إذا أرضعت امرأة ولد بنتها وبعبارة اخری:أرضعت الولدَ جدّته ‏‎ ‎‏من طرف الاُمّ،حرمت بنتها امّ الولد علی زوجها،وبطل نکاحها؛سواء أرضعته ‏‎ ‎‏بلبن أبی البنت أو بلبن غیره؛وذلک لأنّ زوج البنت أب للمرتضع،وزوجته بنت ‏‎ ‎‏للمرضعة جدّة الولد،و قد مرّ أنّه یحرم علی أبی المرتضع نکاح أولاد المرضعة، ‏‎ ‎‏فإذا منع منه سابقاً أبطله لاحقاً.وکذا إذا أرضعت زوجة أبی البنت من لبنه ‏‎ ‎‏ولدَ البنت،بطل نکاح البنت؛لما مرّ من أنّه یحرم نکاح أبی المرتضع فی أولاد ‏‎ ‎‏صاحب اللبن.و أمّا الجدّة من طرف الأب إذا أرضعت ولد ابنها فلا یترتّب علیه ‏‎ ‎‏شیء،کما أنّه لو کان رضاع الجدّة من طرف الاُمّ ولد بنتها بعد وفاة بنتها أو ‏

کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 292
‏طلاقها أو وفاة زوجها،لم یترتّب علیه شیء،فلا مانع منه و إن یترتّب علیه ‏‎ ‎‏حرمة نکاح المطلّقة واُختها،وکذا اخت المتوفّاة.‏

‏         (مسألة 2): لو زوّج ابنه الصغیر بابنة أخیه الصغیرة،ثمّ أرضعت جدّتهما من ‏‎ ‎‏طرف الأب أو الاُمّ أحدهما-وذلک فیما إذا تزوّج الأخوان الاُختین-انفسخ ‏‎ ‎‏نکاحهما؛لأنّ المرتضع إن کان هو الذکر،فإن أرضعته جدّته من طرف الأب ‏‎ ‎‏صار عمّاً لزوجته،و إن أرضعته جدّته من طرف الاُمّ صار خالاً لزوجته،و إن ‏‎ ‎‏کان هو الاُنثی،صارت هی عمّة لزوجها علی الأوّل وخالة له علی الثانی،فبطل ‏‎ ‎‏النکاح علی أیّ حال.‏

‏         (مسألة 3): إذا حصل الرضاع الطارئ المبطل للنکاح،فإمّا أن یبطل نکاح ‏‎ ‎‏المرضعة بإرضاعها،کما فی إرضاع الزوجة الکبیرة لشخص زوجته الصغیرة ‏‎ ‎‏بالنسبة إلی نکاحها،و إمّا أن یبطل نکاح المرتضعة،کالمثال بالنسبة إلی نکاح ‏‎ ‎‏الصغیرة،و إمّا أن یبطل نکاح غیرهما،کما فی إرضاع الجدّة من طرف الاُمّ ولد ‏‎ ‎‏بنتها.والظاهر بقاء استحقاق الزوجة للمهر فی الجمیع إلّافی الصورة الاُولی ‏‎ ‎‏فیما إذا کان الإرضاع وانفساخ العقد قبل الدخول،فإنّ فیها تأمّلاً،فالأحوط ‏‎ ‎‏التخلّص بالصلح،بل الأحوط ذلک فی جمیع الصور و إن کان الاستحقاق أقرب، ‏‎ ‎‏وهل تضمن المرضعة ما یغرمه الزوج من المهر قبل الدخول فیما إذا کان ‏‎ ‎‏إرضاعها مبطلاً لنکاح غیرها؟قولان،أقواهما العدم،والأحوط التصالح.‏

‏         (مسألة 4): قد سبق أنّ العناوین المحرّمة من جهة الولادة و النسب سبعة: ‏

‏الاُمّهات،والبنات،والأخوات،والعمّات،والخالات،وبنات الأخ،وبنات ‏‎ ‎‏الاُخت،فإن حصل بسبب الرضاع أحد هذه العناوین کان محرّماً کالحاصل ‏

کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 293
‏بالولادة،و قد عرفت فیما سبق کیفیة حصولها بالرضاع مفصّلاً.و أمّا لو لم یحصل ‏‎ ‎‏بسببه أحد تلک العناوین السبعة،لکن حصل عنوان خاصّ لو کان حاصلاً ‏‎ ‎‏بالولادة لکان ملازماً ومتّحداً مع أحد تلک العناوین السبعة-کما لو أرضعت ‏‎ ‎‏امرأة ولد بنتها فصارت امّ ولد بنتها،واُمّ ولد البنت لیست من تلک السبع،لکن لو ‏‎ ‎‏کانت امومة ولد البنت بالولادة کانت بنتاً له،والبنت من المحرّمات السبعة-فهل ‏‎ ‎‏مثل هذا الرضاع أیضاً محرّم،فتکون مرضعة ولد البنت کالبنت،أم لا؟الحقّ هو ‏‎ ‎‏الثانی،وقیل بالأوّل.و هذا هو الذی اشتهر فی الألسنة بعموم المنزلة الذی ذهب ‏‎ ‎‏إلیه بعض الأجلّة،ولنذکر لذلک أمثلة:‏

‏أحدها:زوجتک أرضعت بلبنک أخاها فصار ولدک،وزوجتک اخت له،فهل ‏‎ ‎‏تحرم علیک من جهة أنّ اخت ولدک:إمّا بنتک أو ربیبتک،وهما محرّمتان علیک، ‏‎ ‎‏وزوجتک بمنزلتهما،أم لا؟فمن قال بعموم المنزلة یقول:نعم،ومن قال بالعدم ‏‎ ‎‏یقول:لا.‏

‏ثانیها:زوجتک أرضعت بلبنک ابن أخیها فصار ولدک،و هی عمّته،وعمّة ‏‎ ‎‏ولدک حرام علیک لأنّها اختک،فهل تحرم من الرضاع أم لا؟فمن قال بعموم ‏‎ ‎‏المنزلة یقول:نعم،ومن قال بالعدم یقول:لا.‏

‏ثالثها:زوجتک أرضعت عمّها أو عمّتها أو خالها أو خالتها فصارت امّهم،واُمّ ‏‎ ‎‏عمّ واُمّ عمّة زوجتک حرام علیک؛حیث إنّها جدّتها من الأب،وکذا امّ خال واُمّ ‏‎ ‎‏خالة زوجتک حرام علیک؛حیث إنّها جدّتها من الاُمّ،فهل تحرم علیک من جهة ‏‎ ‎‏الرضاع أم لا؟فمن قال بعموم المنزلة یقول:نعم،ومن قال بالعدم یقول:لا.‏

‏رابعها:زوجتک أرضعت بلبنک ولد عمّها أو ولد خالها،فصرت أبا ابن عمّها ‏‎ ‎‏أو أبا ابن خالها،و هی تحرم علی أبی ابن عمّها وأبی ابن خالها؛لکونهما عمّها ‏

کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 294
‏وخالها،فهل تحرم علیک من جهة الرضاع أم لا؟فمن قال بعموم المنزلة یقول: ‏

‏نعم،ومن قال بالعدم یقول:لا ‏‎[1]‎

‏خامسها:امرأة أرضعت أخاک أو اختک لأبویک فصارت امّاً لهما،و هی ‏‎ ‎‏محرّمة فی النسب لأنّها امٌّ لک،فهل تحرم علیک من جهة الرضاع ویبطل نکاح ‏‎ ‎‏المرضعة إن کانت زوجتک أم لا؟فمن قال بعموم المنزلة یقول:نعم،ومن قال ‏‎ ‎‏بالعدم یقول:لا.‏

‏سادسها:امرأة أرضعت ولد بنتک فصارت امّاً له،فهل تحرم علیک لکونها ‏‎ ‎‏بمنزلة بنتک،و إن کانت المرضعة زوجتک بطل نکاحها،أم لا؟فمن قال بعموم ‏‎ ‎‏المنزلة یقول:نعم،ومن قال بالعدم یقول:لا.‏

‏سابعها:امرأة أرضعت ولد اختک فصارت امّاً له،فهل تحرم علیک من ‏‎ ‎‏جهة أنّ امّ ولد الاُخت حرام علیک،لأنّها اختک،و إن کانت المرضعة زوجتک ‏‎ ‎‏بطل نکاحها،أم لا؟فمن قال بعموم المنزلة یقول:نعم،ومن قال بالعدم ‏‎ ‎‏یقول:لا.‏

‏ثامنها:امرأة أرضعت عمّک أو عمّتک أو خالک أو خالتک فصارت امّهم،واُمّ ‏‎ ‎‏عمّک وعمّتک نسباً تحرم علیک؛لأنّها جدّتک من طرف أبیک،وکذا امّ خالک ‏‎ ‎‏وخالتک؛لأنّها جدّتک من طرف الاُمّ،فهل تحرم علیک بسبب الرضاع،و إن ‏‎ ‎‏کانت المرضعة زوجتک بطل نکاحها،أم لا؟فمن قال بعموم المنزلة یقول:نعم، ‏‎ ‎‏ومن قال بالعدم یقول:لا.‏

‏         (مسألة 5): لو شکّ فی وقوع الرضاع أو فی حصول بعض شروطه من ‏‎ ‎‏الکمّیة أو الکیفیة،بنی علی العدم.نعم،یُشکل فیما لو علم بوقوع الرضاع ‏‎ ‎

کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 295
‏بشروطه،ولم یعلم بوقوعه فی الحولین أو بعدهما،وعلم تأریخ الرضاع وجهل ‏‎ ‎‏تأریخ ولادة المرتضع،فحینئذٍ لا یترک الاحتیاط.‏

‏         (مسألة 6): لا تقبل الشهادة علی الرضاع إلّامفصّلة:بأن یشهد الشهود علی ‏‎ ‎‏الارتضاع فی الحولین بالامتصاص من الثدی خمس عشرة رضعة متوالیات ‏‎ ‎‏-مثلاً-إلی آخر ما مرّ من الشروط.ولا یکفی الشهادة المطلقة و المجملة؛بأن ‏‎ ‎‏یشهد علی وقوع الرضاع المحرّم،أو یشهد-مثلاً-علی أنّ فلاناً ولد فلانة،أو ‏‎ ‎‏فلانة بنت فلان من الرضاع،بل یسأل منه التفصیل.نعم،لو علم عرفانهما ‏‎ ‎‏شرائط الرضاع،وأ نّهما موافقان معه فی الرأی-اجتهاداً أو تقلیداً-تکفی.‏

‏         (مسألة 7): الأقوی أنّه تُقبل شهادة النساء العادلات فی الرضاع مستقلّات؛ ‏‎ ‎‏بأن تشهد به أربع نسوة،ومنضمّات؛بأن تشهد به امرأتان مع رجل واحد.‏

‏         (مسألة 8): یستحبّ أن یختار لرضاع الأولاد،المسلمة العاقلة العفیفة ‏‎ ‎‏الوضیئة ذات الأوصاف الحسنة،فإنّ للّبن تأثیراً تامّاً فی المرتضع،کما ‏‎ ‎‏یشهد به الاختبار ونطقت به الأخبار و الآثار:فعن الباقر علیه السلام قال:«قال ‏‎ ‎‏رسول اللّٰه صلی الله علیه و آله و سلم:لا تسترضعوا الحمقاء و العمشاء،فإنّ اللبن یعدی».وعن ‏‎ ‎‏أمیر المؤمنین علیه السلام:«لا تسترضعوا الحمقاء،فإنّ اللبن یغلب الطباع».وعنه علیه السلام: ‏

‏«اُنظروا من ترضع أولادکم،فإنّ الولد یشبّ علیه»...إلی غیر ذلک من الأخبار ‏‎ ‎‏المستفاد منها رجحان اختیار ذوات الصفات الحمیدة خلقاً وخلقاً،ومرجوحیة ‏‎ ‎‏اختیار أضدادهنّ وکراهته،لا سیّما الکافرة،و إن اضطرّ إلی استرضاعها فلیختر ‏‎ ‎‏الیهودیة و النصرانیة علی المشرکة و المجوسیة،ومع ذلک لا یسلّم الطفل إلیهنّ، ‏‎ ‎‏ولا یذهبن بالولد إلی بیوتهنّ.ویمنعها عن شرب الخمر وأکل لحم الخنزیر. ‏

کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 296
‏ومثل الکافرة-أو أشدّ کراهة-استرضاع الزانیة باللبن الحاصل من الزنا، ‏‎ ‎‏والمرأة المتولّدة من زناً.فعن الباقر علیه السلام:«لبن الیهودیة و النصرانیة و المجوسیة ‏‎ ‎‏أحبّ إلیّ من ولد الزنا»،وعن الکاظم علیه السلام-سئل عن امرأة زنت هل یصلح أن ‏‎ ‎‏تُسترضع؟-قال:«لا یصلح،ولا لبن ابنتها التی وُلدت من الزنا».‏

‏ ‏

کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 297

  • -فی(أ)لم یرد هذا الفرض بتمامه.