القول:فی الرضاع
انتشار الحرمة بالرضاع یتوقّف علی شروط:
الأوّل: أن یکون اللبن حاصلاً من وطء جائز شرعاً؛بسبب نکاح أو ملک یمین أو تحلیل وما بحکمه،کسبق الماء إلی فرج حلیلته من غیر وطء.
ویلحق به وطء الشبهة علی الأقوی.فلو درّ اللبن من الامرأة من دون نکاح وما یلحق به لم ینشر الحرمة،وکذا لو کان من دون وطء وما یلحق به ولو مع النکاح،وکذا لو کان اللبن من الزنا،بل الظاهر اعتبار کون الدرّ بعد الولادة،فلو درّ من غیر ولادة ولو مع الحمل لم تنشر به الحرمة علی الأقوی.
(مسألة 1): لا یعتبر فی النشر بقاء المرأة فی حبال الرجل،فلو طلّقها الزوج أو مات عنها-و هی حامل منه أو مرضعة-فأرضعت ولداً نشر الحرمة و إن تزوّجت ودخل بها الزوج الثانی ولم تحمل منه،أو حملت منه وکان اللبن بحاله لم ینقطع ولم تحدث فیه زیادة،بل مع حدوثها إذا احتمل کونه للأوّل.
الثانی: أن یکون شرب اللبن بالامتصاص من الثدی،فلو وجر فی حلقه اللبن أو شرب المحلوب من المرأة لم ینشر الحرمة.
الثالث: أن تکون المرضعة حیّة،فلو ماتت فی أثناء الرضاع وأکمل النصاب حال موتها ولو رضعة،لم ینشر الحرمة.
الرابع: أن یکون المرتضع فی أثناء الحولین وقبل استکمالهما،فلا عبرة
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 285
برضاعه بعدهما،ولا یعتبر الحولان فی ولد المرضعة علی الأقوی،فلو وقع الرضاع بعد کمال حولیه،نشر الحرمة إذا کان قبل حولی المرتضع.
(مسألة 2): المراد بالحولین أربعة وعشرون شهراً هلالیاً من حین الولادة، ولو وقعت فی أثناء الشهر یکمل من الشهر الخامس و العشرین ما مضی من الشهر الأوّل علی الأظهر،فلو تولّد فی العاشر من شهر تکمل حولاه فی العاشر من الخامس و العشرین.
الشرط الخامس: الکمّیة،و هی بلوغه حدّاً معیّناً،فلا یکفی مسمّی الرضاع ولا رضعة کاملة،وله تحدیدات وتقدیرات ثلاثة:الأثر و الزمان و العدد،وأیّ منها حصل کفی فی نشر الحرمة،ولا یبعد کون الأثر هو الأصل و الباقیان أمارتان علیه،لکن لا یترک الاحتیاط لو فرض حصول أحدهما دونه.فأمّا الأثر فهو أن یرضع بمقدار نبت اللحم وشدّ العظم.و أمّا الزمان فهو أن یرتضع من المرأة یوماً ولیلة مع اتّصالهما؛بأن یکون غذاؤه فی هذه المدّة منحصراً بلبن المرأة.
و أمّا العدد فهو أن یرتضع منها خمس عشرة رضعة کاملة.
(مسألة 3): المعتبر فی إنبات اللحم وشدّ العظم،استقلال الرضاع فی حصولهما علی وجه ینسبان إلیه،فلو فرض ضمّ السکّر ونحوه إلیه علی نحو ینسبان إلیهما،أشکل ثبوت التحریم،کما أنّ المدار هو الإنبات و الشدّ المعتدّ به منهما علی نحو مبان یصدقان عرفاً،ولا یکفی حصولهما بالدقّة العقلیة،و إذا شکّ فی حصولهما بهذه المرتبة أو استقلال الرضاع فی حصولهما،یرجع إلی التقدیرین الآخرین.
(مسألة 4): یعتبر فی التقدیر بالزمان أن یکون غذاؤه فی الیوم و اللیلة
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 286
منحصراً باللبن،ولا یقدح شرب الماء للعطش،ولا ما یأکل أو یشرب دواء إن لم یخرج ذلک عن المتعارف.والظاهر کفایة التلفیق فی التقدیر بالزمان لو ابتدأ بالرضاع فی أثناء اللیل أو النهار.
(مسألة 5): یعتبر فی التقدیر بالعدد امور:
منها:کمال الرضعة؛بأن یروی الصبیّ ویصدر من قبل نفسه،ولا تحسب الرضعة الناقصة،ولا تضمّ الناقصات بعضها ببعض؛بأن تحسب رضعتان ناقصتان أو ثلاث رضعات ناقصات-مثلاً-واحدة.نعم،لو التقم الصبیّ الثدی ثمّ رفضه لا بقصد الإعراض؛بأن کان للتنفّس،أو الالتفات إلی ملاعب،أو الانتقال من ثدی إلی آخر،أو غیر ذلک،کان الکلّ رضعة واحدة.
ومنها:توالی الرضعات؛بأن لا یفصل بینها رضاع امرأة اخری رضاعاً تامّاً کاملاً علی الأقوی،ومطلقاً علی الأحوط.نعم،لا یقدح القلیل جدّاً،ولا یقدح فی التوالی تخلّل غیر الرضاع من المأکول و المشروب و إن تغذّی به.
ومنها:أن یکون کمال العدد من امرأة واحدة،فلو ارتضع بعض الرضعات من امرأة،وأکملها من امرأة اخری،لم ینشر الحرمة و إن اتّحد الفحل،فلا تکون واحدة من المرضعتین امّاً للمرتضع ولا الفحل أباً له.
ومنها:اتّحاد الفحل؛بأن یکون تمام العدد من لبن فحل واحد،ولا یکفی اتّحاد المرضعة،فلو أرضعت امرأة من لبن فحل ثمان رضعات،ثمّ طلّقها الفحل وتزوّجت بآخر وحملت منه،ثمّ أرضعت ذلک الطفل من لبن الفحل الثانی تکملة العدد؛من دون تخلّل رضاع امرأة اخری فی البین-بأن یتغذّی الولد فی هذه المدّة المتخلّلة بالمأکول و المشروب-لم ینشر الحرمة.
(مسألة 6): ما ذکرناه من الشروط شروط لناشریة الرضاع للحرمة،فلو
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 287
انتفی بعضها لا أثر له،ولیس بناشر لها أصلاً حتّی بین الفحل و المرتضعة،وکذا بین المرتضع و المرضعة،فضلاً عن الاُصول و الفروع و الحواشی.وفی الرضاع شرط آخر زائد علی ما مرّ مختصّ بنشر الحرمة بین المرتضعین وبین أحدهما وفروع الآخر.وبعبارة اخری:شرط لتحقّق الاُخوّة الرضاعیة بین المرتضعین، و هو اتّحاد الفحل الذی ارتضع المرتضعان من لبنه،فلو ارتضع صبیّ من امرأة من لبن شخص رضاعاً کاملاً،وارتضعت صبیّة من تلک المرأة من لبن شخص آخر کذلک؛بأن طلّقها الأوّل وزوّجها الثانی،وصارت ذات لبن منه فأرضعتها رضاعاً کاملاً،لم تحرم الصبیّة علی ذلک الصبیّ ولا فروع أحدهما علی الآخر، بخلاف ما إذا کان الفحل وصاحب اللبن واحداً وتعدّدت المرضعة،کما إذا کانت لشخص نسوة متعدّدة،وأرضعت کلّ واحدة منهنّ من لبنه طفلاً رضاعاً کاملاً، فإنّه یحرم بعضهم علی بعض وعلی فروعه؛لحصول الاُخوّة الرضاعیة بینهم.
(مسألة 7): إذا تحقّق الرضاع الجامع للشرائط،صار الفحل و المرضعة أباً واُمّاً للمرتضع،واُصولهما أجداداً وجدّات،وفروعهما إخوة وأولاد إخوة له،ومن فی حاشیتهما وفی حاشیة اصولهما أعماماً أو عمّات وأخوالاً أو خالات له، وصار هو-أعنی المرتضع-ابناً أو بنتاً لهما،وفروعه أحفاداً لهما،و إذا تبیّن ذلک فکلّ عنوان نسبی محرّم من العناوین السبعة المتقدّمة إذا تحقّق مثله فی الرضاع یکون محرّماً،فالاُمّ الرضاعیة کالاُمّ النسبیة،والبنت الرضاعیة کالبنت النسبیة وهکذا.فلو أرضعت امرأة من لبن فحل طفلاً حرمت المرضعة واُمّها واُمّ الفحل علی المرتضع للاُمومة،والمرتضعة وبناتها وبنات المرتضع علی الفحل وعلی أبیه وأبی المرضعة للبنتیة،وحرمت اخت الفحل واُخت المرضعة علی المرتضع؛لکونهما عمّة وخالة له،والمرتضعة علی أخی الفَحل وأخی المرضعة؛
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 288
لکونها بنت أخ أو بنت اخت لهما،وحرمت بنات الفحل علی المرتضع والمرتضعة علی أبنائه؛نسبیّین کانوا أم رضاعیّین.وکذا بنات المرضعة علی المرتضع و المرتضعة علی أبنائها إذا کانوا نسبیّین للاُخوّة.و أمّا أولاد المرضعة الرضاعیّون ممّن أرضعتهم بلبن فحل آخر غیر الفحل الذی ارتضع المرتضع بلبنه،فلم یحرموا علی المرتضع؛لما مرّ من اشتراط اتّحاد الفحل فی نشر الحرمة بین المرتضعین.
(مسألة 8): تکفی فی حصول العلاقة الرضاعیة المحرّمة دخالة الرضاع فیه فی الجملة،فقد تحصل من دون دخالة غیره فیها،کعلاقة الاُبوّة والاُمومة والابنیة و البنتیة الحاصلة بین الفحل و المرضعة وبین المرتضع،وکذا الحاصلة بینه وبین اصولهما الرضاعیّین،کما إذا کان لهما أب أو امّ من الرضاعة؛حیث إنّهما جدّ وجدّة للمرتضع من جهة الرضاع محضاً.و قد تحصل به مع دخالة النسب فی حصولها،کعلاقة الاُخوّة الحاصلة بین المرتضع وأولاد الفحل والمرضعة النسبیّین،فإنّهم و إن کانوا منسوبین إلیهما بالولادة،إلّاأنّ اخوّتهم للمرتضع حصلت بسبب الرضاع،فهم إخوة أو أخوات له من الرضاعة.
توضیح ذلک:أنّ النسبة بین شخصین قد تحصل بعلاقة واحدة،کالنسبة بین الولد ووالده ووالدته،و قد تحصل بعلاقتین کالنسبة بین الأخوین،فإنّها تحصل بعلاقة کلّ منهما مع الأب أو الاُمّ أو کلیهما،وکالنسبة بین الشخص وجدّه الأدنی،فإنّها تحصل بعلاقة بینه وبین أبیه-مثلاً-وعلاقة بین أبیه وبین جدّه، و قد تحصل بعلاقات ثلاث کالنسبة بین الشخص وبین جدّه الثانی،وکالنسبة بینه وبین عمّه الأدنی،فإنّها تحصل بعلاقة بینک وبین أبیک،وبعلاقة کلّ من أبیک وأخیه مع أبیهما مثلاً،وهکذا تتصاعد وتتنازل النسب،وتنشعب بقلّة العلاقات
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 289
وکثرتها؛حتّی أنّه قد تتوقّف نسبة بین شخصین علی عشر علائق أو أقلّ أو أکثر.و إذا تبیّن ذلک،فإن کانت تلک العلائق کلّها حاصلة بالولادة،کانت العلاقة نسبیة،و إن حصلت کلّها أو بعضها ولو واحدة من العشر بالرضاع،کانت العلاقة رضاعیة.
(مسألة 9): لمّا کانت المصاهرة التی هی أحد أسباب تحریم النکاح-کما یأتی-علاقةً بین أحد الزوجین وبعض أقرباء الآخر،فهی تتوقّف علی أمرین:مزاوجة وقرابة،والرضاع إنّما یقوم مقام الثانی دون الأوّل، فمرضعة ولدک لا تکون بمنزلة زوجتک حتّی تحرم امّها علیک،لکن الاُمّ والبنت الرضاعیتین لزوجتک تکونان کالاُمّ و البنت النسبیّین لها،فتحرمان علیک،وکذلک حلیلة الابن الرضاعی کحلیلة الابن النسبی،وحلیلة الأب الرضاعی کحلیلة الأب النسبی،تحرم الاُولی علی أبیه الرضاعی،والثانیة علی ابنه الرضاعی.
(مسألة 10): قد تبیّن ممّا سبق:أنّ العلاقة الرضاعیة المحضة قد تحصل برضاع واحد،کالحاصلة بین المرتضع وبین المرضعة وصاحب اللبن،و قد تحصل برضاعین کالحاصلة بین المرتضع وبین أبوی الفحل و المرضعة الرضاعیّین،و قد تحصل برضاعات متعدّدة،فإذا کان لصاحب اللبن-مثلاً- أب من جهة الرضاع،وکان لذلک الأب الرضاعی أیضاً أب من الرضاع،وکان للأخیر أیضاً أب من الرضاع،وهکذا إلی عشرة آباء-مثلاً-کان الجمیع أجداداً رضاعیّین للمرتضع الأخیر،وجمیع المرضعات جدّات له،فإن کانت انثی حرمت علی جمیع الأجداد،و إن کان ذکراً حرمت علیه جمیع الجدّات،بل لو کانت للجدّ الرضاعی الأعلی اخت رضاعیة حرمت علی المرتضع الأخیر؛
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 290
لکونها عمّته العلیا من الرضاع،ولو کانت للمرضعة الأبعد التی هی الجدّة العلیا للمرتضع اخت حرمت علیه؛لکونها خالته العلیا من الرضاع.
(مسألة 11): قد عرفت فیما سبق:أنّه یشترط فی حصول الاُخوّة الرضاعیة بین المرتضعین اتّحاد الفَحل،ویتفرّع علی ذلک مراعاة هذا الشرط فی العُمُومة والخُؤُولة الحاصلتین بالرضاع أیضاً؛لأنّ العمّ و العمّة أخ واُخت للأب،والخال والخالة أخ واُخت للاُمّ،فلو تراضع أبوک أو امّک مع صبیّة من امرأة،فإن اتّحد الفحل کانت الصبیّة عمّتک أو خالتک من الرضاعة،بخلاف ما إذا لم یتّحد، فحیث لم تحصل الاُخوّة الرضاعیة بین أبیک أو امّک مع الصبیّة لم تکن هی عمّتک أو خالتک،فلم تحرم علیک.
(مسألة 12): لا یجوز أن ینکح أبو المرتضع فی أولاد صاحب اللبن ولادة بل ورضاعاً علی الأحوط،وکذا فی أولاد المرضعة نسباً لا رضاعاً.و أمّا أولاده الذین لم یرتضعوا من هذا اللبن،فیجوز نکاحهم فی أولاد صاحب اللبن وفی أولاد المرضعة التی أرضعت أخاهم؛و إن کان الاحتیاط لا ینبغی ترکه.
(مسألة 13): إذا أرضعت امرأة ابن شخص بلبن فحلها،ثمّ أرضعت بنت شخص آخر من لبن ذلک الفحل،فتلک البنت و إن حرمت علی ذلک الابن،لکن تحلّ أخوات کلّ منهما لإخوة الآخر.
(مسألة 14): الرضاع المحرّم کما یمنع من النکاح لو کان سابقاً،یبطله لو حصل لاحقاً،فلو کانت له زوجة صغیرة،فأرضعتها بنته أو امّه أو اخته أو بنت أخیه أو بنت اخته أو زوجة أخیه بلبنه رضاعاً کاملاً،بطل نکاحها وحرمت علیه؛لصیرورتها بالرضاع بنتاً أو اختاً أو بنت أخ أو بنت اخت له،فحرمت علیه
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 291
لاحقاً کما کانت تحرم علیه سابقاً.وکذا لو کانت له زوجتان صغیرة وکبیرة، فأرضعت الکبیرة الصغیرة حرمت علیه الکبیرة؛لأنّها صارت امّ زوجته،وکذلک الصغیرة إن کانت رضاعها من لبنه أو دخل بالکبیرة؛لکونها بنتاً له فی الأوّل، وبنت زوجته المدخول بها فی الثانی.نعم،ینفسخ عقدها و إن لم یکن الرضاع من لبنه ولم یدخل بالکبیرة؛و إن لم تحرم علیه.
تنبیه
إذا کان أخوان فی بیت واحد-مثلاً-وکانت زوجة کلّ منهما أجنبیّة عن الآخر،وأرادا أن تصیر زوجة کلّ منهما من محارم الآخر حتّی یحلّ له النظر إلیها،یمکن لهما الاحتیال بأن یتزوّج کلّ منهما بصبیّة،وتُرضع زوجةُ کلّ منهما زوجة الآخر رضاعاً کاملاً،فتصیر زوجة کلّ منهما امّاً لزوجة الآخر،فتصیر من محارمه،وحلّ نظره إلیها،وبطل نکاح کلتا الصبیّتین؛لصیرورة کلّ منهما بالرضاع بنت أخی زوجها.
(مسألة 1): إذا أرضعت امرأة ولد بنتها وبعبارة اخری:أرضعت الولدَ جدّته من طرف الاُمّ،حرمت بنتها امّ الولد علی زوجها،وبطل نکاحها؛سواء أرضعته بلبن أبی البنت أو بلبن غیره؛وذلک لأنّ زوج البنت أب للمرتضع،وزوجته بنت للمرضعة جدّة الولد،و قد مرّ أنّه یحرم علی أبی المرتضع نکاح أولاد المرضعة، فإذا منع منه سابقاً أبطله لاحقاً.وکذا إذا أرضعت زوجة أبی البنت من لبنه ولدَ البنت،بطل نکاح البنت؛لما مرّ من أنّه یحرم نکاح أبی المرتضع فی أولاد صاحب اللبن.و أمّا الجدّة من طرف الأب إذا أرضعت ولد ابنها فلا یترتّب علیه شیء،کما أنّه لو کان رضاع الجدّة من طرف الاُمّ ولد بنتها بعد وفاة بنتها أو
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 292
طلاقها أو وفاة زوجها،لم یترتّب علیه شیء،فلا مانع منه و إن یترتّب علیه حرمة نکاح المطلّقة واُختها،وکذا اخت المتوفّاة.
(مسألة 2): لو زوّج ابنه الصغیر بابنة أخیه الصغیرة،ثمّ أرضعت جدّتهما من طرف الأب أو الاُمّ أحدهما-وذلک فیما إذا تزوّج الأخوان الاُختین-انفسخ نکاحهما؛لأنّ المرتضع إن کان هو الذکر،فإن أرضعته جدّته من طرف الأب صار عمّاً لزوجته،و إن أرضعته جدّته من طرف الاُمّ صار خالاً لزوجته،و إن کان هو الاُنثی،صارت هی عمّة لزوجها علی الأوّل وخالة له علی الثانی،فبطل النکاح علی أیّ حال.
(مسألة 3): إذا حصل الرضاع الطارئ المبطل للنکاح،فإمّا أن یبطل نکاح المرضعة بإرضاعها،کما فی إرضاع الزوجة الکبیرة لشخص زوجته الصغیرة بالنسبة إلی نکاحها،و إمّا أن یبطل نکاح المرتضعة،کالمثال بالنسبة إلی نکاح الصغیرة،و إمّا أن یبطل نکاح غیرهما،کما فی إرضاع الجدّة من طرف الاُمّ ولد بنتها.والظاهر بقاء استحقاق الزوجة للمهر فی الجمیع إلّافی الصورة الاُولی فیما إذا کان الإرضاع وانفساخ العقد قبل الدخول،فإنّ فیها تأمّلاً،فالأحوط التخلّص بالصلح،بل الأحوط ذلک فی جمیع الصور و إن کان الاستحقاق أقرب، وهل تضمن المرضعة ما یغرمه الزوج من المهر قبل الدخول فیما إذا کان إرضاعها مبطلاً لنکاح غیرها؟قولان،أقواهما العدم،والأحوط التصالح.
(مسألة 4): قد سبق أنّ العناوین المحرّمة من جهة الولادة و النسب سبعة:
الاُمّهات،والبنات،والأخوات،والعمّات،والخالات،وبنات الأخ،وبنات الاُخت،فإن حصل بسبب الرضاع أحد هذه العناوین کان محرّماً کالحاصل
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 293
بالولادة،و قد عرفت فیما سبق کیفیة حصولها بالرضاع مفصّلاً.و أمّا لو لم یحصل بسببه أحد تلک العناوین السبعة،لکن حصل عنوان خاصّ لو کان حاصلاً بالولادة لکان ملازماً ومتّحداً مع أحد تلک العناوین السبعة-کما لو أرضعت امرأة ولد بنتها فصارت امّ ولد بنتها،واُمّ ولد البنت لیست من تلک السبع،لکن لو کانت امومة ولد البنت بالولادة کانت بنتاً له،والبنت من المحرّمات السبعة-فهل مثل هذا الرضاع أیضاً محرّم،فتکون مرضعة ولد البنت کالبنت،أم لا؟الحقّ هو الثانی،وقیل بالأوّل.و هذا هو الذی اشتهر فی الألسنة بعموم المنزلة الذی ذهب إلیه بعض الأجلّة،ولنذکر لذلک أمثلة:
أحدها:زوجتک أرضعت بلبنک أخاها فصار ولدک،وزوجتک اخت له،فهل تحرم علیک من جهة أنّ اخت ولدک:إمّا بنتک أو ربیبتک،وهما محرّمتان علیک، وزوجتک بمنزلتهما،أم لا؟فمن قال بعموم المنزلة یقول:نعم،ومن قال بالعدم یقول:لا.
ثانیها:زوجتک أرضعت بلبنک ابن أخیها فصار ولدک،و هی عمّته،وعمّة ولدک حرام علیک لأنّها اختک،فهل تحرم من الرضاع أم لا؟فمن قال بعموم المنزلة یقول:نعم،ومن قال بالعدم یقول:لا.
ثالثها:زوجتک أرضعت عمّها أو عمّتها أو خالها أو خالتها فصارت امّهم،واُمّ عمّ واُمّ عمّة زوجتک حرام علیک؛حیث إنّها جدّتها من الأب،وکذا امّ خال واُمّ خالة زوجتک حرام علیک؛حیث إنّها جدّتها من الاُمّ،فهل تحرم علیک من جهة الرضاع أم لا؟فمن قال بعموم المنزلة یقول:نعم،ومن قال بالعدم یقول:لا.
رابعها:زوجتک أرضعت بلبنک ولد عمّها أو ولد خالها،فصرت أبا ابن عمّها أو أبا ابن خالها،و هی تحرم علی أبی ابن عمّها وأبی ابن خالها؛لکونهما عمّها
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 294
وخالها،فهل تحرم علیک من جهة الرضاع أم لا؟فمن قال بعموم المنزلة یقول:
نعم،ومن قال بالعدم یقول:لا
خامسها:امرأة أرضعت أخاک أو اختک لأبویک فصارت امّاً لهما،و هی محرّمة فی النسب لأنّها امٌّ لک،فهل تحرم علیک من جهة الرضاع ویبطل نکاح المرضعة إن کانت زوجتک أم لا؟فمن قال بعموم المنزلة یقول:نعم،ومن قال بالعدم یقول:لا.
سادسها:امرأة أرضعت ولد بنتک فصارت امّاً له،فهل تحرم علیک لکونها بمنزلة بنتک،و إن کانت المرضعة زوجتک بطل نکاحها،أم لا؟فمن قال بعموم المنزلة یقول:نعم،ومن قال بالعدم یقول:لا.
سابعها:امرأة أرضعت ولد اختک فصارت امّاً له،فهل تحرم علیک من جهة أنّ امّ ولد الاُخت حرام علیک،لأنّها اختک،و إن کانت المرضعة زوجتک بطل نکاحها،أم لا؟فمن قال بعموم المنزلة یقول:نعم،ومن قال بالعدم یقول:لا.
ثامنها:امرأة أرضعت عمّک أو عمّتک أو خالک أو خالتک فصارت امّهم،واُمّ عمّک وعمّتک نسباً تحرم علیک؛لأنّها جدّتک من طرف أبیک،وکذا امّ خالک وخالتک؛لأنّها جدّتک من طرف الاُمّ،فهل تحرم علیک بسبب الرضاع،و إن کانت المرضعة زوجتک بطل نکاحها،أم لا؟فمن قال بعموم المنزلة یقول:نعم، ومن قال بالعدم یقول:لا.
(مسألة 5): لو شکّ فی وقوع الرضاع أو فی حصول بعض شروطه من الکمّیة أو الکیفیة،بنی علی العدم.نعم،یُشکل فیما لو علم بوقوع الرضاع
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 295
بشروطه،ولم یعلم بوقوعه فی الحولین أو بعدهما،وعلم تأریخ الرضاع وجهل تأریخ ولادة المرتضع،فحینئذٍ لا یترک الاحتیاط.
(مسألة 6): لا تقبل الشهادة علی الرضاع إلّامفصّلة:بأن یشهد الشهود علی الارتضاع فی الحولین بالامتصاص من الثدی خمس عشرة رضعة متوالیات -مثلاً-إلی آخر ما مرّ من الشروط.ولا یکفی الشهادة المطلقة و المجملة؛بأن یشهد علی وقوع الرضاع المحرّم،أو یشهد-مثلاً-علی أنّ فلاناً ولد فلانة،أو فلانة بنت فلان من الرضاع،بل یسأل منه التفصیل.نعم،لو علم عرفانهما شرائط الرضاع،وأ نّهما موافقان معه فی الرأی-اجتهاداً أو تقلیداً-تکفی.
(مسألة 7): الأقوی أنّه تُقبل شهادة النساء العادلات فی الرضاع مستقلّات؛ بأن تشهد به أربع نسوة،ومنضمّات؛بأن تشهد به امرأتان مع رجل واحد.
(مسألة 8): یستحبّ أن یختار لرضاع الأولاد،المسلمة العاقلة العفیفة الوضیئة ذات الأوصاف الحسنة،فإنّ للّبن تأثیراً تامّاً فی المرتضع،کما یشهد به الاختبار ونطقت به الأخبار و الآثار:فعن الباقر علیه السلام قال:«قال رسول اللّٰه صلی الله علیه و آله و سلم:لا تسترضعوا الحمقاء و العمشاء،فإنّ اللبن یعدی».وعن أمیر المؤمنین علیه السلام:«لا تسترضعوا الحمقاء،فإنّ اللبن یغلب الطباع».وعنه علیه السلام:
«اُنظروا من ترضع أولادکم،فإنّ الولد یشبّ علیه»...إلی غیر ذلک من الأخبار المستفاد منها رجحان اختیار ذوات الصفات الحمیدة خلقاً وخلقاً،ومرجوحیة اختیار أضدادهنّ وکراهته،لا سیّما الکافرة،و إن اضطرّ إلی استرضاعها فلیختر الیهودیة و النصرانیة علی المشرکة و المجوسیة،ومع ذلک لا یسلّم الطفل إلیهنّ، ولا یذهبن بالولد إلی بیوتهنّ.ویمنعها عن شرب الخمر وأکل لحم الخنزیر.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 296
ومثل الکافرة-أو أشدّ کراهة-استرضاع الزانیة باللبن الحاصل من الزنا، والمرأة المتولّدة من زناً.فعن الباقر علیه السلام:«لبن الیهودیة و النصرانیة و المجوسیة أحبّ إلیّ من ولد الزنا»،وعن الکاظم علیه السلام-سئل عن امرأة زنت هل یصلح أن تُسترضع؟-قال:«لا یصلح،ولا لبن ابنتها التی وُلدت من الزنا».
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 297