القول:فی المشترکات
و هی الطرق و الشوارع و المساجد و المدارس و الرباطات و المیاه و المعادن.
(مسألة 1): الطریق نوعان:نافذ وغیر نافذ.
فالأوّل:-و هو المسمّی بالشارع العامّ-محبوس علی کافّة الأنام،والناس فیه شرع سواء،ولیس لأحد إحیاؤه والاختصاص به،ولا التصرّف فی أرضه ببناء دکّة أو حائط،أو حفر بئر،أو غرس شجر،أو غیر ذلک.نعم،لا یبعد جواز غرس الأشجار وإحداث النهر لمصلحة المارّة لو کان الطریق واسعاً جدّاً، کالشوارع الوسیعة المستحدثة فی هذه الأعصار،کما أنّ الظاهر أنّه یجوز أن یحفر فیه بالوعة لیجتمع فیها ماء المطر وغیره؛لکونها من مصالحه
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 225
ومرافقه،لکن مع سدّها فی غیر أوقات الحاجة حفظاً للمستطرقین و المارّة.
بل الظاهر جواز حفر سرداب تحته إذا احکم الأساس و السقف؛بحیث یؤمن معه من النقض و الخسف.و أمّا التصرّف فی فضائه بإخراج روشن أو جناح،أو بناء ساباط،أو فتح باب،أو نصب میزاب،ونحو ذلک،فلا إشکال فی جوازه إذا لم یضرّ بالمارّة،ولیس لأحد منعه حتّی من یقابل داره داره،کما مرّ فی کتاب الصلح.
و أمّا الثانی:-أعنی الطریق غیر النافذ المسمّی بالسکّة المرفوعة،و قد یطلق علیه«الدریبة»،و هو الذی لا یسلک منه إلی طریق آخر أو مباح،بل احیط بثلاث جوانبه الدور و الحیطان و الجدران-فهو ملک لأرباب الدور التی أبوابها مفتوحة إلیه،دون من کان حائط داره إلیه من غیر أن یکون بابها إلیه،فیکون هو کسائر الأملاک المشترکة،یجوز لأربابه سدّه وتقسیمه بینهم وإدخال کلّ منهم حصّته فی داره.ولا یجوز لأحد من غیرهم بل ولا منهم أن یتصرّف فیه ولا فی فضائه إلّابإذن من یعتبر إذنه،کما یأتی فی المسألة الآتیة.
(مسألة 2): لا یبعد فی«الدریبة»أن یشارک الداخل للأدخل-إلی قبالة بابه ممّا هو ممرّه-مع ما یتعارف من المرافق المحتاج إلیها نوعاً،ولا یبعد أن یشارک الداخل إلی منتهی جدار داره،وینفرد الأدخل بما بعده،ومع تعدّد الشرکاء یشارک الأدخل من الجمیع معهم،وینفرد بما یکون طریقه الخاصّ.فیشترک الجمیع من أوّل الدریبة إلی الباب الأوّل أو منتهی الجدار ثمّ یشترک فیما عداه ما عدا صاحب الباب الأوّل،وهکذا تقلّ الشرکاء إلی آخر الزقاق.ولا یبعد اختصاص الآخر بالفضلة التی فی آخر الزقاق،فیجوز لمن هو أدخل من الجمیع أیّ تصرّف شاء فیما ینفرد به،بل وفی الفضلة المذکورة.ولا یجوز لغیره
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 226
التصرّف،کإخراج جناح أو روشن،أو بناء ساباط،أو حفر بالوعة أو سرداب،أو نصب میزاب،وغیر ذلک،إلّابإذن شرکائه.نعم،لکلّ منهم حقّ الاستطراق إلی داره من أیّ موضع من جداره،فلکلّ منهم فتح باب آخر أدخل من بابه الأوّل أو أسبق؛مع سدّ الباب الأوّل وعدمه.
(مسألة 3): لیس لمن کان حائط داره إلی الدریبة فتح باب إلیها إلّابإذن أربابها.نعم،له فتح ثقبة وشبّاک إلیها،ولیس لهم منعه؛لکونه تصرّفاً فی جداره لا فی ملکهم،وهل له فتح باب إلیها؛لا للاستطراق بل لمجرّد الاستضاءة ودخول الهواء؟الأقرب جوازه،ولصاحب الدریبة تحکیم سند المالکیة لدفع الشبهة.
(مسألة 4): یجوز لکلّ من أرباب الدریبة الجلوس فیها،والاستطراق والتردّد منها إلی داره بنفسه وما یتعلّق به من عیاله ودوابّه وأضیافه وعائدیه وزائریه،وکذا وضع الحطب ونحوه فیها لإدخاله فی الدار،ووضع الأحمال والأثقال عند إدخالها وإخراجها من دون إذن الشرکاء،بل و إن کان فیهم القصّر والمولّی علیهم؛من دون رعایة المساواة مع الباقین.
(مسألة 5): الشوارع و الطرق العامّة و إن کانت معدّة لاستطراق عامّة الناس، ومنفعتها الأصلیة التردّد فیها بالذهاب و الإیاب،إلّاأنّه یجوز لکلّ أحد الانتفاع بها بغیر ذلک؛من جلوس أو نوم أو صلاة وغیرها؛بشرط أن لا یتضرّر بها أحد علی الأحوط،ولم یزاحم المستطرقین ولم یتضیّق علی المارّة.
(مسألة 6): لا فرق فی الجلوس غیر المضرّ بین ما کان للاستراحة أو النزهة،وبین ما کان للحرفة و المعاملة إذا جلس فی الرحاب و المواضع
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 227
المتّسعة؛لئلّا یتضیّق علی المارّة،فلو جلس فیها بأیّ غرض من الأغراض لم یکن لأحد إزعاجه.
(مسألة 7): لو جلس فی موضع من الطریق ثمّ قام عنه،فإن کان جلوس استراحة ونحوها بطل حقّه،فجاز لغیره الجلوس فیه،وکذا إن کان لحرفة ومعاملة وقام بعد استیفاء غرضه وعدم نیّة العود،فلو عاد إلیه بعد أن جلس فی مجلسه غیره لم یکن له دفعه،ولو قام قبل استیفاء غرضه ناویاً للعود ففی ثبوت حقّ له فیه إشکال.نعم،لا یجوز التصرّف فی بساطه،فلو قام ولو بنیّة العود ورفع بساطه فالظاهر جواز جلوس غیره مکانه.والاحتیاط حسن.
(مسألة 8): ثبوت الحقّ للجالس للمعاملات ونحوها مشکل،بل الظاهر عدمه،لکن لا یجوز إزعاجه ما دام فیه،ولا التصرّف فی بساطه،ولا مانع من إشغال ما حوله ولو احتاج إلیه لوضع متاعه ووقوف المعاملین معه.وکذا یجوز له القعود بحیث یمنع من رؤیة متاعه أو وصول المعاملین إلیه،ولیس له منعه.
لکن الاحتیاط حسن،ومراعاة المؤمن مطلوب.
(مسألة 9): یجوز للجالس للمعاملة أن یظلّل علی موضع جلوسه بما لا یضرّ بالمارّة بثوب أو باریة ونحوهما،ولیس له بناء دکّة ونحوها فیه.
(مسألة 10): إذا جلس فی موضع من الطریق للمعاملة فی یوم،فسبقه فی یوم آخر شخص آخر وأخذ مکانه،فلیس للأوّل إزعاجه ومزاحمته.
(مسألة 11): إنّما یصیر الموضع شارعاً عامّاً باُمور:الأوّل:بکثرة التردّد والاستطراق ومرور القوافل ونحوها فی الأرض الموات،کالجوادّ الحاصلة فی البراری و القفار التی یسلک فیها من بلاد إلی بلاد.الثانی:أن یجعل إنسان
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 228
ملکه شارعاً وسبّله تسبیلاً دائمیاً لسلوک عامّة الناس،وسلک فیه بعض الناس، فإنّه یصیر بذلک طریقاً عامّاً،ولم یکن للمسبّل الرجوع بعد ذلک.الثالث:
أن یحیی جماعة أرضاً مواتاً-قریة أو بلدة-ویترکوا مسلکاً نافذاً بین الدور والمساکن،ویفتحوا إلیه الأبواب.والمراد بکونه نافذاً أن یکون له مدخل ومخرج؛یدخل فیه الناس من جانب،ویخرجون من جانب آخر إلی جادّة عامّة أو إلی أرض موات.
(مسألة 12): لا حریم للشارع العامّ لو وقع بین الأملاک،فلو کانت بین الأملاک قطعة أرض موات عرضها ثلاثة أو أربعة أذرع-مثلاً-واستطرقها الناس حتّی صارت جادّة،لم یجب علی الملّاک توسیعها و إن تضیّقت علی المارّة.وکذا لو سبّل شخص فی وسط ملکه أو من طرف ملکه المجاور لملک غیره ثلاثة أو أربعة أذرع-مثلاً-للشارع.و أمّا لو کان الشارع محدوداً بالموات بطرفیه أو أحد طرفیه فکان له الحریم،و هو المقدار الذی یوجب إحیاؤه نقص الشارع من سبعة أذرع علی الأحوط،فلو حدث بسبب الاستطراق شارع فی وسط الموات،جاز إحیاء طرفیه إلی حدّ یبقی له سبعة أذرع،ولا یتجاوز عن هذا الحدّ.وکذا لو کان لأحد فی وسط المباح ملک عرضه أربعة أذرع-مثلاً- فسبّله شارعاً،لا یجوز إحیاء طرفیه بما لم یبق للطریق سبعة أذرع،ولو کان فی أحد طرفی الشارع أرض مملوکة وفی الطرف الآخر أرض موات،کان الحریم من طرف الموات.بل لو کان طریق بین الموات،وسبق شخص وأحیا أحد طرفیه إلی حدّ الطریق،اختصّ الحریم بالطرف الآخر،فلا یجوز للآخر الإحیاء إلی حدّ لا یبقی للطریق سبعة أذرع،فلو بنی بناءً مجاوزاً لذلک الحدّ الزم هو بهدمه وتبعیده دون المحیی الأوّل.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 229
(مسألة 13): إذا استؤجم الطریق،أو انقطعت عنه المارّة،زال حکمه،بل ارتفع موضوعه وعنوانه،فجاز لکلّ أحد إحیاؤه کالموات؛من غیر فرق فی صورة انقطاع المارّة بین أن یکون ذلک لعدم وجودهم،أو بمنع قاهر إیّاهم،أو لهجرهم إیّاه واستطراقهم غیره،أو بسبب آخر.نعم،فی المسبّل لا یخلو جواز الإحیاء من إشکال.
(مسألة 14): لو زاد عرض الطریق المسلوک عن سبعة أذرع،ففی المسبّل لا یجوز لأحد أخذ ما زاد علیها وإحیاؤه وتملّکه قطعاً.و أمّا غیره ففی جواز إحیاء الزائد وعدمه وجهان،أوجههما العدم،إلّاإذا کان الزائد معرضاً عنه.
(مسألة 15): ومن المشترکات المسجد،و هو من مرافق المسلمین یشترک فیه عامّتهم،وهم شرع سواء فی الانتفاع به إلّابما لا یناسبه ونهی الشارع عنه،کمکث الجنب فیه ونحوه،فمن سبق إلی مکان منه لصلاة أو عبادة أو قراءة قرآن أو دعاء،بل وتدریس أو وعظ أو إفتاء وغیرها،لیس لأحد إزعاجه؛ سواء توافق السابق مع المسبوق فی الغرض أو تخالفا فیه،فلیس لأحد بأیّ غرض کان مزاحمة من سبق إلی مکان منه بأیّ غرض کان.نعم،لا یبعد تقدّم الصلاة جماعة أو فرادی علی غیرها من الأغراض،فلو کان جلوس السابق لغرض القراءة أو الدعاء أو التدریس،وأراد أحد أن یصلّی فی ذلک المکان جماعة أو فرادی،یجب علیه تخلیة المکان له.نعم،ینبغی تقیید ذلک بما إذا لم یکن اختیار مرید الصلاة فی ذلک المکان لمجرّد الاقتراح،بل کان إمّا لانحصار محلّ الصلاة فیه،أو لغرض راجح دینی کالالتحاق بصفوف الجماعة ونحوه.هذا،ولکن أصل المسألة لا تخلو من إشکال فیما إذا کان جلوس السابق لغرض العبادة-کالدعاء و القراءة-لا لمجرّد النزهة والاستراحة،فلا ینبغی فیه
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 230
ترک الاحتیاط للمسبوق بعدم المزاحمة،وللسابق بتخلیة المکان له.والظاهر تسویة الصلاة فرادی مع الصلاة جماعة،فلا أولویة للثانیة علی الاُولی،فمن سبق إلی مکان للصلاة منفرداً فلیس لمرید الصلاة جماعة إزعاجه لها؛و إن کان الأولی له تخلیة المکان له إذا وجد مکان آخر له،ولا یکون منّاعاً للخیر عن أخیه.
(مسألة 16): لو قام الجالس السابق وفارق المکان رافعاً یده منه معرضاً عنه، بطل حقّه علی فرض ثبوت حقّ له و إن بقی رحله،فلو عاد إلیه و قد أخذه غیره لیس له إزعاجه.نعم،لا یجوز التصرّف فی بساطه ورحله.و إن کان ناویاً للعود، فإن کان رحله باقیاً بقی حقّه لو قلنا بثبوت حقّ له،ولکن لا یجوز التصرّف فی رحله علی أیّ حال،وإلّا فالظاهر سقوط حقّه علی فرض ثبوته،لکن ثبوت حقّ فی أمثال ذلک مطلقاً لا یخلو من تأمّل و إن یظهر منهم التسالم علیه فی خصوص المسجد،والأحوط عدم إشغاله،خصوصاً إذا کان خروجه لضرورة، کتجدید طهارة أو إزالة نجاسة أو قضاء حاجة ونحوها.
(مسألة 17): الظاهر أنّ وضع الرحل مقدّمة للجلوس کالجلوس فی إفادة الأولویة؛لکن إن کان ذلک بمثل فرش سجّادة ونحوها ممّا یشغل مقدار مکان الصلاة أو معظمه،لا بمثل وضع تربة أو سبحة أو مسواک وشبهها.
(مسألة 18): یعتبر أن لا یکون بین وضع الرحل ومجیئه طول زمان؛بحیث استلزم تعطیل المکان،وإلّا لم یفد حقّاً،فجاز لغیره أخذ المکان قبل مجیئه؛ ورفع رحله و الصلاة مکانه إذا شغل المحلّ بحیث لا یمکن الصلاة فیه إلّابرفعه، والظاهر أنّه یضمنه الرافع إلی أن یوصله إلی صاحبه.وکذا الحال فیما لو فارق المکان معرضاً عنه مع بقاء رحله فیه.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 231
(مسألة 19): المشاهد کالمساجد فی جمیع ما ذکر من الأحکام،فإنّ المسلمین فیها شرع سواء؛سواء العاکف فیها و الباد،والمجاور لها و المتحمّل إلیها من بعد البلاد.ومن سبق إلی مکان منها لزیارة أو صلاة أو دعاء أو قراءة، لیس لأحد إزعاجه،وهل للزیارة أولویة علی غیرها،کالصلاة فی المسجد بالنسبة إلی غیرها لو قلنا بأولویتها؟لا یخلو من وجه،لکنّه غیر وجیه، کأولویة من جاء إلیها من البلاد البعیدة بالنسبة إلی المجاورین؛و إن کان ینبغی لهم مراعاتهم،وحکم مفارقة المکان ووضع الرحل وبقائه کما سبق فی المساجد.
(مسألة 20): ومن المشترکات المدارس بالنسبة إلی طالبی العلم،أو الطائفة الخاصّة منهم إذا خصّها الواقف بصنف خاصّ،کما إذا خصّها بصنف العرب أو العجم أو طالب العلوم الشرعیة أو خصوص الفقه مثلاً.فمن سبق إلی سکنی حجرة منها فهو أحقّ بها ما لم یفارقها معرضاً عنها و إن طالت مدّة السکنی،إلّا إذا اشترط الواقف له مدّة معیّنة،کثلاث سنین مثلاً،فیلزمه الخروج بعد انقضائها بلا مهلة و إن لم یؤمر به،أو شرط اتّصافه بصفة فزالت عنه تلک الصفة،کما إذا شرط کونه مشغولاً بالتحصیل أو التدریس،فطرأ علیه العجز لمرض أو هرم ونحو ذلک.
(مسألة 21): لا یبطل حقّ الساکن بالخروج لحاجة معتادة،کشراء مأکول أو مشروب أو کسوة ونحوها قطعاً و إن لم یترک رحله،ولا یلزم تخلیف أحد مکانه،بل ولا بالأسفار المتعارفة المعتادة،کالرواح للزیارة أو لتحصیل المعاش أو للمعالجة مع نیّة العود وبقاء متاعه ورحله؛ما لم تطل المدّة إلی حدّ لم یصدق معه السکنی و الإقامة عرفاً،ولم یوجب تعطیل المحلّ زائداً علی المتعارف،
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 232
ولم یشترط الواقف لذلک مدّة معیّنة،کما إذا شرط أن لا یکون خروجه أزید من شهر أو شهرین مثلاً،فیبطل حقّه لو تعدّی زمن خروجه عن تلک المدّة.
(مسألة 22): من أقام فی حجرة منها ممّن یستحقّ السکنی بها،له أن یمنع من أن یشارکه غیره إذا کان المسکن معدّاً لواحد؛إمّا بحسب قابلیة المحلّ،أو بسبب شرط الواقف،ولو اعدّ لما فوقه لم یکن له منع غیره إلّاإذا بلغ العدد الذی اعدّ له،فللسکنة منع الزائد.
(مسألة 23): یلحق بالمدارس الرباطات،و هی المواضع المبنیّة لسکنی الفقراء،والملحوظ فیها غالباً للغُرباء،فمن سبق منهم إلی إقامة بیت منها کان أحقّ به،ولیس لأحد إزعاجه.والکلام فی مقدار حقّه،وما به یبطل حقّه، وجواز منع الشریک وعدمه فیها،کما سبق فی المدارس.
(مسألة 24): ومن المشترکات المیاه،والمراد بها میاه الشطوط و الأنهار الکبار، کدجلة و الفرات و النیل أو الصغار التی لم یجرها أحد،بل جرت بنفسها من العیون أو السیول أو ذوبان الثلوج،وکذلک العیون المنفجرة من الجبال أو فی أراضی الموات،والمیاه المجتمعة فی الوهاد من نزول الأمطار،فإنّ الناس فی جمیع ذلک شرع سواء،ومن حاز منها شیئاً بآنیة أو مصنع أو حوض ونحوها ملکه،وجری علیه أحکام الملک؛من غیر فرق بین المسلم و الکافر.و أمّا میاه العیون و الآبار والقنوات التی حفرها أحد فی ملکه أو فی الموات بقصد تملّک مائها،فهی ملک للحافر کسائر الأملاک،لا یجوز لأحد أخذها و التصرّف فیها إلّابإذن المالک، عدا بعض التصرّفات التی مرّ بیانها فی کتاب الطهارة،وینتقل إلی غیره بالنواقل الشرعیة؛قهریة کانت کالإرث،أو اختیاریة کالبیع و الصلح و الهبة وغیرها.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 233
(مسألة 25): إذا شقّ نهراً من ماء مباح کالشطّ ونحوه،ملک ما یدخل فیه من الماء،ویجری علیه أحکام الملک کالماء المحوز فی آنیة ونحوها،وتتبع ملکیة الماء ملکیة النهر،فإن کان النهر لواحد ملک الماء بالتمام.و إن کان لجماعة ملک کلّ منهم من الماء بمقدار حصّته من ذلک النهر،فإن کان لواحد نصفه ولآخر ثلثه ولثالث سدسه ملکوا الماء بتلک النسبة وهکذا،ولا یتبع مقدار استحقاق الماء مقدار الأراضی التی تسقی منه،فلو کان النهر مشترکاً بین ثلاثة أشخاص بالتساوی،کان لکلّ منهم ثلث الماء،و إن کانت الأراضی التی تُسقی منه لأحدهم ألف جریب،ولآخر جریباً،ولآخر نصف جریب،فیصرفان ما زاد علی احتیاج أرضهما فیما شاءا،بل لو کان لأحدهما رحیً یدور به ولم یکن له أرض أصلاً یساوی مع کلّ من شریکیه فی استحقاق الماء.
(مسألة 26): إنّما یملک النهر المتّصل بالمباح بحفره فی الموات بقصد إحیائه نهراً،مع نیّة تملّکه إلی أن یوصله بالمباح،کما مرّ فی إحیاء الموات،فإن کان الحافر واحداً ملکه بالتمام،و إن کان جماعة کان بینهم علی قدر ما عملوا،فمع التساوی بالتساوی،ومع التفاوت بالتفاوت.
(مسألة 27): لمّا کان الماء الذی یفیضه النهر المشترک بین جماعة مشترکاً بینهم،کان حکمه حکم سائر الأموال المشترکة،فلا یجوز لکلّ واحد منهم التصرّف فیه وأخذه و السقایة به،إلّابإذن باقی الشرکاء،فإن لم یکن بینهم تعاسر ویبیح کلّ منهم سائر شرکائه أن یقضی منه حاجته فی کلّ وقت وزمان فلا بحث.و إن وقع بینهم تعاسر فإن تراضوا بالتناوب و المهایاة-بحسب الساعات أو الأیّام أو الأسابیع مثلاً-فهو،وإلّا فلا محیص من تقسیمه بینهم بالأجزاء؛بأن توضع علی فم النهر خشبة أو صخرة أو حدیدة ذات ثقب متساویة السعة حتّی
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 234
یتساوی الماء الجاری فیها،ویجعل لکلّ منهم من الثقب بمقدار حصّته،ویجری کلّ منهم ما یجری فی الثقبة المختصّة به فی ساقیة تختصّ به،فإذا کان بین ثلاثة وسهامهم متساویة فإن کانت الثقب ثلاثاً متساویة جعلت لکلّ منهم ثقبة،و إن کانت ستّاً جعلت لکلّ منهم ثقبتان،و إن کانت سهامهم متفاوتة تجعل الثقب علی أقلّهم سهماً،فإذا کان لأحدهم نصفه ولآخر ثلثه ولثالث سدسه،جعلت الثقب ستّاً:ثلاث منها لذی النصف،واثنتان لذی الثلث،وواحدة لذی السدس وهکذا، وبعد ما افرزت حصّة کلّ منهم من الماء یصنع بمائه ما شاء.
(مسألة 28): الظاهر أنّ القسمة بحسب الأجزاء قسمة إجبار،فإذا طلبها أحد الشرکاء یجبر الممتنع منهم علیها،و هی لازمة لیس لأحدهم الرجوع عنها بعد وقوعها.و أمّا المهایاة فهی موقوفة علی التراضی،ولیست بلازمة،فلبعضهم الرجوع عنها حتّی فیما إذا استوفی تمام نوبته ولم یستوف الآخر نوبته؛و إن ضمن حینئذٍ مقدار ما استوفاه بالمثل مع إمکانه،وإلّا فبالقیمة.
(مسألة 29): إذا اجتمعت أملاک علی ماء مباح من عین أو وادٍ أو نهر ونحوها؛بأن أحیاها أشخاص علیه لیسقوها منه بواسطة السواقی أو الدوالی أو النواعیر أو المکائن المتداولة فی هذه الأعصار،کان للجمیع حقّ السقی منه، فلیس لأحد أن یشقّ نهراً فوقها یقبض الماء کلّه أو ینقصه عن مقدار احتیاج تلک الأملاک.وحینئذٍ فإن وفی الماء لسقی الجمیع من دون مزاحمة فی البین فهو،و إن لم یف ووقع بین أربابها-فی التقدّم و التأخّر-التشاحّ و التعاسر یقدّم الأسبق فالأسبق فی الإحیاء إن علم السابق،وإلّا یقدّم الأعلی فالأعلی والأقرب فالأقرب إلی فوهة الماء وأصله،فیقضی الأعلی حاجته،ثمّ یرسله إلی ما یلیه وهکذا،لکن لا یزید للنخل عن الکعب أیقبّة القدم علی
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 235
الأحوط و إن کان الجواز إلی أوّل الساق لا یخلو من قوّة،وللشجر عن القدم، وللزرع عن الشراک.
(مسألة 30): الأنهار المملوکة المنشقّة من الشطوط ونحوها؛إذا وقع التعاسر بین أربابها؛بأن کان الشطّ لا یفی فی زمان واحد بإملاء جمیع تلک الأنهار،کان حالها کحال اجتماع الأملاک علی الماء المباح المتقدّم فی المسألة السابقة، فالأحقّ ما کان شقّه أسبق ثمّ الأسبق.و إن لم یعلم الأسبق فالمدار هو الأعلی فالأعلی،فیقبض الأعلی ما یسعه ثمّ ما یلیه وهکذا.
(مسألة 31): لو احتاج النهر المملوک المشترک بین جماعة إلی تنقیة أو حفر أو إصلاح أو سدّ خرق ونحو ذلک،فإن أقدم الجمیع علی ذلک کانت المؤونة علی الجمیع بنسبة ملکهم للنهر؛سواء کان إقدامهم بالاختیار أو بالإجبار من حاکم قاهر جائر أو بإلزام من الشرع،کما إذا کان مشترکاً بین المولّی علیهم ورأی الولیّ المصلحة الملزمة فی تعمیره مثلاً.و إن لم یقدم إلّاالبعض لم یجبر الممتنع،ولیس للمقدمین مطالبته بحصّته من المؤونة ما لم یکن إقدامهم بالتماس منه وتعهّده ببذل حصّته.نعم،لو کان النهر مشترکاً بین القاصر وغیره،وکان إقدام غیر القاصر متوقّفاً علی مشارکة القاصر إمّا لعدم اقتداره بدونه،أو لغیر ذلک،وجب علی ولیّ القاصر مراعاةً لمصلحته تشریکه فی التعمیر وبذل المؤونة من ماله بمقدار حصّته.
(مسألة 32): ومن المشترکات المعادن،و هی إمّا ظاهرة،و هی ما لا تحتاج فی استخراجها و الوصول إلیها إلی عمل ومؤونة،کالملح و القیر و الکبریت والمومیا و الکحل و النفط؛إذا لم یحتج کلّ منها إلی الحفر و العمل المعتدّ به.و إمّا
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 236
باطنة،و هی ما لا تظهر إلّابالعمل و العلاج،کالذهب و الفضّة و النحاس والرصاص،وکذا النفط إذا احتاج فی استخراجه إلی حفر آبار کما هو المعمول غالباً فی هذه الأعصار.فأمّا الظاهرة:فهی تملک بالحیازة لا بالإحیاء،فمن أخذ منها شیئاً ملک ما أخذه قلیلاً کان أو کثیراً و إن کان زائداً علی ما یعتاد لمثله وعلی مقدار حاجته،ویبقی الباقی ممّا لم یأخذه علی الاشتراک ولا یختصّ بالسابق فی الأخذ،ولیس له علی الأحوط أن یحوز مقداراً یوجب الضیق والمضارّة علی الناس.و أمّا الباطنة:فهی تملک بالإحیاء؛بأن ینهی العمل والنقب و الحفر إلی أن یبلغ نیلها،فیکون حالها حال الآبار المحفورة فی الموات لأجل استنباط الماء،و قد مرّ أنّها تملک بحفرها حتّی یبلغ الماء ویملک بتبعها الماء،ولو عمل فیها عملاً لم یبلغ به نیلها،کان تحجیراً أفاد الأحقّیة و الأولویة دون الملکیة.
(مسألة 33): إذا شرع فی إحیاء معدن ثمّ أهمله وعطّله،اُجبر علی إتمام العمل أو رفع یده عنه،ولو أبدی عذراً انظر بمقدار زوال عُذره،ثمّ الزم علی أحد الأمرین،کما سبق ذلک کلّه فی إحیاء الموات.
(مسألة 34): لو أحیا أرضاً مزرعاً أو مسکناً-مثلاً-فظهر فیها معدن ملکه تبعاً لها؛سواء کان عالماً به حین إحیائها أم لا.
(مسألة 35): لو قال ربّ المعدن لآخر:«اعمل فیه ولک نصف الخارج»مثلاً، بطل إن کان بعنوان الإجارة،وصحّ لو کان بعنوان الجعالة.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 237