القول:فی العیوب الموجبة لخیار الفسخ و التدلیس
و هی قسمان:مشترک ومختصّ:
أمّا المشترک:فهو الجنون؛و هو اختلال العقل.ولیس منه الإغماء ومرض الصرع الموجب لعروض الحالة المعهودة فی بعض الأوقات.ولکلّ من الزوجین فسخ النکاح بجنون صاحبه فی الرجل مطلقاً؛سواء کان جنونه قبل العقد مع جهل المرأة به،أو حدث بعده قبل الوطء أو بعده.نعم،فی الحادث بعد العقد إذا لم یبلغ حدّاً لا یعرف أوقات الصلاة تأمّل وإشکال،فلا یترک الاحتیاط.و أمّا فی المرأة ففیما إذا کان قبل العقد ولم یعلم الرجل،دون ما إذا طرأ بعده.ولا فرق فی الجنون الموجب للخیار بین المطبق و الأدوار و إن وقع العقد حال إفاقته،کما أنّ الظاهر عدم الفرق فی الحکم بین النکاح الدائم والمنقطع.
و أمّا المختصّ:فالمختصّ بالرجل ثلاثة:الخصاء،و هو سلّ الخصیتین أو رضّهما،وتفسخ به المرأة مع سبقه علی العقد وعدم علمها به.
والجبّ،و هو قطع الذکر؛بشرط أن لا یبقی منه ما یمکن معه الوطء ولو قدر الحشفة،وتفسخ المرأة فیما إذا کان ذلک سابقاً علی العقد.و أمّا اللاحق به ففیه تأمّل،بل لا یبعد عدم الخیار فی اللاحق مطلقاً؛سواء کان قبل الوطء أو بعده.
والعنن،و هو مرض تضعف معه الآلة عن الانتشار بحیث یعجز عن الإیلاج، فتفسخ المرأة بشرط عجزه عن الوطء مطلقاً،فلو لم یقدر علی وطئها و قدر علی وطء غیرها لا خیار لها.ویثبت به الخیار سواء سبق العقد أو تجدّد بعده،لکن
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 314
بشرط أن لم یقع منه وطؤها ولو مرّة حتّی دبراً،فلو وطئها ثمّ حدثت به العنّة -بحیث لم یقدر علی الوطء بالمرّة-فلا خیار لها.
والمختصّ بالمرأة ستّة:البرص و الجذام و الإفضاء-و قد مرّ تفسیره فیما سبق-والقرن،ویقال له:العفل،و هو لحم أو غُدّة أو عظم ینبت فی فم الرحم یمنع عن الوطء،بل ولو لم یمنع إذا کان موجباً للتنفّر والانقباض علی الأظهر، والعرج البیّن و إن لم یبلغ حدّ الإقعاد و الزمانة علی الأظهر،والعمی،و هو ذهاب البصر عن العینین و إن کانتا مفتوحتین،ولا اعتبار بالعور،ولا بالعشا،و هی علّة فی العین لا یبصر فی اللیل ویبصر بالنهار،ولا بالعمش،و هو ضعف الرؤیة مع سیلان الدمع فی غالب الأوقات.
(مسألة 1): إنّما یفسخ العقد بعیوب المرأة إذا تبیّن وجودها قبل العقد،و أمّا ما یتجدّد بعده فلا اعتبار به؛سواء کان قبل الوطء أو بعده.
(مسألة 2): لیس العقم من العیوب الموجبة للخیار؛لا من طرف الرجل، ولا من طرف المرأة.
(مسألة 3): لیس الجذام و البرص من عیوب الرجل الموجبة لخیار المرأة علی الأقوی.
(مسألة 4): خیار الفسخ فی کلّ من الرجل و المرأة علی الفور،فلو علم کلّ منهما بالعیب فلم یبادر بالفسخ لزم العقد.نعم،الظاهر أنّ الجهل بالخیار بل والفوریة عذر،فلا یسقط مع الجهل بأحدهما لو لم یبادر.
(مسألة 5): إذا اختلفا فی العیب فالقول قول منکره مع الیمین إن لم تکن لمدّعیه بیّنة،ویثبت بها العیب حتّی العنن علی الأقوی.کما أنّه یثبت کلّ
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 315
عیب بإقرار صاحبه أو البیّنة علی إقراره،وکذا یثبت بالیمین المردودة علی المدّعی.ولو نکل المنکر عن الیمین ولم یردّها ردّها الحاکم علی المدّعی،فإن حلف یثبت به.وتثبت العیوب الباطنة للنساء بشهادة أربع نسوة عادلات،کما فی نظائرها.
(مسألة 6): لو ثبت عنن الرجل فإن صبرت فلا کلام،و إن لم تصبر ورفعت أمرها إلی حاکم الشرع لاستخلاص نفسها منه أجّلها سنة کاملة من حین المرافعة،فإن واقعها أو واقع غیرها فی أثناء هذه المدّة فلا خیار لها،وإلّا کان لها الفسخ فوراً عرفیاً،فإن لم تبادر به فإن کان بسبب جهلها بالخیار أو فوریته لم یضرّ کما مرّ،وإلّا سقط خیارها،وکذا إن رضیت أن تقیم معه ثمّ طلبت الفسخ بعد ذلک،فإنّه لیس لها ذلک.
(مسألة 7): الفسخ بالعیب لیس بطلاق؛سواء وقع من الزوج أو الزوجة، فلیس له أحکامه إلّاتنصیف المهر فی الفسخ بالعنن کما یأتی.ولا یعتبر فیه شروطه،فلا یحسب من الثلاثة المحرّمة المحتاجة إلی المحلّل،ولا یعتبر فیه الخلوّ من الحیض و النفاس ولا حضور العدلین.
(مسألة 8): یجوز للرجل الفسخ بعیب المرأة من دون إذن الحاکم،وکذا المرأة بعیب الرجل.نعم،مع ثبوت العنن یفتقر إلی الحاکم،لکن من جهة ضرب الأجل-حیث إنّه من وظائفه-لا من جهة نفوذ فسخها،فبعد ما ضرب الأجل لها،کان لها التفرّد بالفسخ عند انقضائه وتعذّر الوطء فی المدّة من دون مراجعته.
(مسألة 9): لو فسخ الرجل بأحد عیوب المرأة فإن کان قبل الدخول فلا مهر
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 316
لها،و إن کان بعده استقرّ علیه المهر المسمّی.وکذا الحال فیما إذا فسخت المرأة بعیب الرجل،فتستحقّ تمام المهر إن کان بعده،و إن کان قبله لم تستحقّ شیئاً إلّا فی العنن،فإنّها تستحقّ علیه نصف المهر المسمّی.
(مسألة 10): لو دلّست المرأة نفسها علی الرجل فی أحد عیوبها الموجبة للخیار،وتبیّن له بعد الدخول،فإن اختار البقاء فعلیه تمام المهر،و إن اختار الفسخ لم تستحقّ المهر،و إن دفعه إلیها استعاده.و إن کان المدلّس غیر الزوجة، فالمهر المسمّی و إن استقرّ علی الزوج بالدخول واستحقّت علیه الزوجة،إلّاأنّه بعد ما دفعه إلیها یرجع به إلی المدلّس ویأخذه منه.
(مسألة 11): یتحقّق التدلیس بتوصیف المرأة بالصحّة عند الزوج للتزویج؛ بحیث صار ذلک سبباً لغروره وانخداعه،فلا یتحقّق بالإخبار لا للتزویج أو لغیر الزوج،والظاهر تحقّقه أیضاً بالسکوت عن العیب مع العلم به وخفائه عن الزوج واعتقاده بالعدم.
(مسألة 12): من یکون تدلیسه موجباً للرجوع علیه بالمهر هو الذی یسند إلیه التزویج؛من ولیّها الشرعی أو العرفی،کأبیها وجدّها واُمّها وأخیها الکبیر وعمّها وخالها؛ممّن لا تصدر إلّاعن رأیهم ویتصدّون تزویجها،ویرجع إلیهم فیه فی العرف و العادة.ومثلهم علی الظاهر بعض الأجانب ممّن له شدّة علاقة وارتباط بها بحیث لا تصدر إلّاعن رأیه،ویکون هو المرجع فی امورها المهمّة ویرکن إلیه فیما یتعلّق بها.بل لا یبعد أن یلحق بمن ذکر من یراود عند الطرفین ویعالج فی إیجاد وسائل الائتلاف فی البین.
(مسألة 13): کما یتحقّق التدلیس فی العیوب الموجبة للخیار کالجنون
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 317
والعمی وغیرهما،کذلک یتحقّق فی مطلق النقص کالعور ونحوه بإخفائه.وکذا فی صفات الکمال کالشرف و الحسب و النسب و الجمال و البکارة وغیرها بتوصیفها بها مع فقدانها.ولا أثر للأوّل-أیالتدلیس فی العیوب الموجبة للخیار-إلّارجوع الزوج علی المدلّس بالمهر کما مرّ.و أمّا الخیار فإنّما هو بسبب نفس وجود العیب.و أمّا الثانی-و هو التدلیس فی سائر أنواع النقص، وفی صفة الکمال-فهو موجب للخیار إذا کان عدم النقص أو وجود صفة الکمال مذکورین فی العقد بنحو الاشتراط.ویلحق به توصیفها به فی العقد و إن لم یکن بعبارة الاشتراط،کما إذا قال:«زوّجتک هذه الباکرة أو غیر الثیّبة»،بل الظاهر أنّه إذا وصفها بصفة الکمال أو عدم النقص قبل العقد عند الخطبة والمقاولة ثمّ أوقعه مبنیّاً علی ما ذکر،کان بمنزلة الاشتراط،فیوجب الخیار،و إذا تبیّن ذلک بعد العقد و الدخول واختار الفسخ ودفع المهر،رجع به علی المدلّس.
(مسألة 14): لیس من التدلیس الموجب للخیار سکوت الزوجة أو ولیّها عن النقص مع وجوده واعتقاد الزوج عدمه فی غیر العیوب الموجبة للخیار،وأولی بذلک سکوتهما عن فقد صفة الکمال مع اعتقاد الزوج وجودها.
(مسألة 15): لو تزوّج امرأة علی أنّها بکر بأحد الوجوه الثلاثة المتقدّمة فوجدها ثیّباً،لم یکن له الفسخ،إلّاإذا ثبت بالإقرار أو البیّنة سبق ذلک علی العقد،فکان له الفسخ.نعم،لو تزوّجها باعتقاد البکارة،ولم یکن اشتراط ولا توصیف وإخبار وبناء علی ثبوتها فبان خلافها،لیس له الفسخ و إن ثبت زوالها قبل العقد.
(مسألة 16): لو فسخ فی الفرض المتقدّم حیث کان له الفسخ،فإن کان قبل
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 318
الدخول فلا مهر،و إن کان بعده استقرّ المهر ورجع به علی المدلّس،و إن کانت هی المدلّس لم تستحقّ شیئاً.و إن لم یکن تدلیس استقرّ علیه المهر ولا رجوع له علی أحد.و إذا اختار البقاء أو لم یکن له الفسخ-کما فی صورة اعتقاد البکارة من دون اشتراط وتوصیف وبناء-کان له أن ینقص من مهرها شیئاً،و هو نسبة التفاوت بین مهر مثلها بکراً وثیّباً،فإذا کان المهر المسمّی مائة وکان مهر مثلها بکراً ثمانین وثیّباً ستّین ینقص من المائة ربعها،والأحوط فی صورة العلم بتجدّد زوالها أو احتماله التصالح؛و إن کان التنقیص بما ذکر لا یخلو من وجه.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 319