کتاب المکاسب و المتاجر

کتاب الجعالة

‏ ‏

کتاب الجعالة 

‏و هی الالتزام ‏‎[2]‎‏بعوض معلوم علی عمل،ویقال للملتزم الجاعل ولمن یعمل ‏‎ ‎‏ذلک العمل العامل و المعوّض الجعل و الجعیلة.ویفتقر إلی الإیجاب و هو کلّ لفظ ‏‎ ‎‏أفاد ذلک الالتزام،و هو إمّا عامّ کما إذا قال:من ردّ عبدی أو دابّتی أو خاط ثوبی ‏‎ ‎‏أو بنی حائطی-مثلاً-فله کذا،و إمّا خاصّ کما إذا قال لشخص:إن رددت ‏‎ ‎‏عبدی أو دابّتی-مثلاً-فلک کذا،ولا یفتقر إلی قبول حتّی فی الخاصّ فضلاً ‏‎ ‎‏عن العامّ.‏

‏         (مسألة 1): الفرق ‏‎[3]‎‏بین الإجارة علی العمل و الجعالة:أنّ المستأجر فی ‏‎ ‎‏الإجارة یملک العمل علی الأجیر و هو یملک علی المستأجر الاُجرة بنفس العقد ‏‎ ‎‏کما مرّ،بخلافه فی الجعالة؛حیث إنّه لیس أثرها إلّااستحقاق العامل الجعل ‏‎ ‎‏المقرّر علی الجاعل بعد العمل.‏


کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 543
‏         (مسألة 2): إنّما تصحّ الجعالة علی کلّ عمل محلّل مقصود فی نظر العقلاء ‏‎ ‎‏کالإجارة،فلا تصحّ علی المحرّم ولا علی ما یکون لغواً عند العقلاء،وبذل المال ‏‎ ‎‏بإزائه سفهاً کالذهاب ‏‎[4]‎‏إلی الأمکنة المخوفة و الصعود علی الجبال الشاهقة ‏‎ ‎‏والأبنیة المرتفعة و الوثبة من موضع إلی موضع آخر ونحو ذلک.‏

‏         (مسألة 3): کما لا تصحّ الإجارة علی الواجبات العینیة و الکفائیة-علی ‏‎ ‎‏التفصیل الذی مرّ ‏‎[5]‎‏فی کتابها-لا تصحّ الجعالة علیها.‏

‏         (مسألة 4): یعتبر فی الجاعل أهلیة الاستئجار؛من البلوغ و العقل و الرشد ‏‎ ‎‏والقصد وعدم الحجر والاختیار،و أمّا العامل فلا یعتبر فیه إلّاإمکان تحصیل ‏‎ ‎‏العمل؛بحیث لا مانع منه عقلاً أو شرعاً،کما إذا وقعت الجعالة علی کنس ‏‎ ‎‏المسجد،فلا یمکن حصوله شرعاً من الجنب و الحائض،فلو کنساه لم یستحقّا ‏‎ ‎‏شیئاً علی عملهما.ولا یعتبر فیه نفوذ التصرّف فیجوز أن یکون صبیّاً ممیّزاً ولو ‏‎ ‎‏بغیر إذن الولیّ،بل ولو کان غیر ممیّز ‏‎[6]‎‏أو مجنون علی الأظهر،فجمیع هؤلاء ‏‎ ‎‏یستحقّون الجعل المقرّر بعملهم.‏

‏         (مسألة 5): یجوز أن یکون العمل مجهولاً فی الجعالة بما لا یغتفر فی ‏‎ ‎‏الإجارة،فإذا قال:من ردّ دابّتی فله کذا،صحّ و إن لم یعیّن المسافة ولا شخص ‏‎ ‎‏الدابّة مع شدّة اختلاف الدوابّ فی الظفر بها من حیث السهولة و الصعوبة.وکذا ‏‎ ‎‏یجوز أن یوقع الجعالة علی المردّد مع اتّحاد الجعل کما إذا قال:من ردّ عبدی أو ‏


کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 544
‏دابّتی فله کذا،أو بالاختلاف کما إذا قال:من ردّ عبدی فله عشرة ومن ردّ دابّتی ‏‎ ‎‏فله خمسة.نعم لا یجوز جعل موردها مجهولاً صرفاً ومبهماً بحتاً لا یتمکّن ‏‎ ‎‏العامل من تحصیله،کما إذا قال:من وجد وأوصلنی ما ضاع منّی فله کذا،بل ‏‎ ‎‏وکذا لو قال:من ردّ حیواناً ضاع منّی ولم یعیّن أنّه من جنس الطیور أو الدوابّ ‏‎ ‎‏أو غیرها.هذا کلّه فی العمل.‏

‏و أمّا العوض فلا بدّ من تعیینه جنساً ونوعاً ووصفاً،بل کیلاً أو وزناً أو عدّاً ‏‎ ‎‏إن کان مکیلاً أو موزوناً أو معدوداً،فلو جعله ما فی یده أو إنائه-مثلاً-بأن قال: ‏

‏من ردّ دابّتی فله ما فی یدی أو ما فی هذا الإناء،بطلت الجعالة.نعم الظاهر أنّه ‏‎ ‎‏یصحّ أن یجعل الجعل حصّة معیّنة ممّا یردّه ولو لم یشاهد ولم یوصف؛بأن قال: ‏

‏من ردّ دابّتی فله نصفها.وکذا یصحّ أن یجعل للدلّال ما زاد علی رأس المال،کما ‏‎ ‎‏إذا قال:بع هذا المال بکذا و الزائد لک،کما مرّ فیما سبق.‏

‏         (مسألة 6): کلّ مورد بطلت الجعالة للجهالة استحقّ العامل اجرة المثل، ‏‎ ‎‏والظاهر أنّه من هذا القبیل ما هو المتعارف من جعل الحلاوة المطلقة لمن دلّه ‏‎ ‎‏علی ولد ضائع أو دابّة ضالّة.‏

‏         (مسألة 7): لا یعتبر أن یکون الجعل ممّن له العمل،فیجوز أن یجعل جعلاً ‏‎ ‎‏من ماله لمن خاط ثوب زید أو ردّ دابّته.‏

‏         (مسألة 8): لو عیّن الجعالة لشخص وأتی بالعمل غیره لم یستحقّ الجعل ذلک ‏‎ ‎‏الشخص لعدم العمل،ولا ذلک الغیر؛لأنّه ما امر بإتیان العمل ولا جعل لعمله ‏‎ ‎‏جعل فهو کالمتبرّع.نعم لو جعل الجعالة علی العمل لا بقید المباشرة؛بحیث لو ‏‎ ‎‏حصّل ذلک الشخص العمل بالإجارة أو الاستنابة أو الجعالة شملته الجعالة، ‏

کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 545
‏وکان عمل ذلک الغیر تبرّعاً عن المجعول له ومساعدة له،استحقّ المجعول له ‏‎ ‎‏بسبب عمل ذلک العامل الجعل المقرّر.‏

‏         (مسألة 9): إذا جعل الجعل علی عمل،و قد عمله شخص قبل إیقاع الجعالة ‏‎ ‎‏أو بقصد التبرّع وعدم أخذ العوض،یقع عمله ضائعاً وبلا جعل واُجرة.‏

‏         (مسألة 10): إنّما یستحقّ العامل الجعل المقرّر لو کان عمله لأجل ‏‎[7]‎‏ذلک، ‏‎ ‎‏فیعتبر اطّلاعه علی التزام العامل به،فلو عمل لا لأجل ذلک بل تبرّعاً لم یستحقّ ‏‎ ‎‏شیئاً،وکذا لو تبیّن کذب المخبر کما إذا أخبر مخبر بأنّ فلاناً قال:من ردّ دابّتی ‏‎ ‎‏فله کذا فردّها أحد اعتماداً علی إخباره مع أنّه لم یقله،لم یستحقّ شیئاً،لا علی ‏‎ ‎‏صاحب الدابّة ولا علی المخبر الکاذب،نعم لو کان قوله أوجب الاطمئنان ‏‎ ‎‏لا یبعد ضمانه اجرة مثل عمله للغرور.‏

‏         (مسألة 11): لو قال:من دلّنی علی مالی فله کذا،فدلّه من کان ماله فی یده ‏‎ ‎‏لم یستحقّ شیئاً؛لأنّه واجب علیه شرعاً،و أمّا لو قال:من ردّ مالی فله کذا،فإن ‏‎ ‎‏کان المال ممّا فی ردّه کلفة ومؤونة کالعبد الآبق و الدابّة الشاردة استحقّ ‏‎[8]‎‏الجعل ‏‎ ‎‏المقرّر،و إن لم یکن کذلک کالدراهم و الدنانیر لم یستحقّ شیئاً.‏

‏         (مسألة 12): إنّما یستحقّ العامل الجعل بتسلیم العمل،فلو جعل علی ردّ ‏‎ ‎‏الدابّة إلی مالکها فجاء بها فی البلد فشردت،لم یستحقّ الجعل.نعم لو کان ‏


کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 546
‏الجعل علی مجرّد إیصالها إلی البلد استحقّه،کما أنّه لو کان الجعل علی مجرّد ‏‎ ‎‏الدلالة علیها وإعلام محلّها استحقّ بذلک الجعل و إن لم یکن منه إیصال أصلاً.‏

‏         (مسألة 13): لو قال:من ردّ دابّتی-مثلاً-فله کذا،فردّها جماعة،اشترکوا ‏‎ ‎‏فی الجعل المقرّر بالسویّة إن تساووا فی العمل،وإلّا فیوزّع علیهم بالنسبة.‏

‏         (مسألة 14): لو جعل جعلاً لشخص علی عمل-کبناء حائط أو خیاطة ‏‎ ‎‏ثوب-فشارکه غیره فی ذلک العمل یسقط عن جعله المعیّن ما یکون بإزاء عمل ‏‎ ‎‏ذلک الغیر،فإن لم یتفاوتا کان له نصف الجعل وإلّا فبالنسبة،و أمّا الآخر فلم ‏‎ ‎‏یستحقّ شیئاً لکونه متبرّعاً.نعم لو لم یشترط علی العامل المباشرة،بل ارید منه ‏‎ ‎‏العمل مطلقاً ولو بمباشرة غیره،وکان اشتراک الغیر معه بعنوان التبرّع عنه ‏‎ ‎‏ومساعدته،استحقّ المجعول له تمام الجعل.‏

‏         (مسألة 15): الجعالة قبل تمامیة العمل جائزة من الطرفین ولو بعد تلبّس ‏‎ ‎‏العامل بالعمل وشروعه فیه،فله رفع الید عن العمل.کما أنّ للجاعل فسخ ‏‎ ‎‏الجعالة ونقض التزامه علی کلّ حال،فإن کان ذلک قبل التلبّس لم یستحقّ ‏‎ ‎‏المجعول له شیئاً،و أمّا لو کان بعد التلبّس فإن کان الرجوع من العامل لم یستحقّ ‏‎ ‎‏شیئاً،و إن کان من طرف الجاعل فعلیه للعامل اجرة مثل ما عمل.ویحتمل الفرق ‏‎ ‎‏فی الأوّل-و هو ما کان الرجوع من العامل-بین ما کان العمل مثل خیاطة ‏‎[9]‎


کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 547
‏الثوب وبناء الحائط ونحوهما ممّا کان تلبّس العامل به بإیجاد بعض العمل،وبین ‏‎ ‎‏ما کان مثل ردّ الضالّة و الآبق ونحوهما ممّا کان التلبّس به بإیجاد بعض مقدّماته ‏‎ ‎‏الخارجة،فله من المسمّی بالنسبة إلی ما عمل فی الأوّل بخلاف الثانی فإنّه لم ‏‎ ‎‏یستحقّ شیئاً،والمسألة محلّ إشکال فلا ینبغی ترک الاحتیاط بالتراضی ‏‎ ‎‏والتصالح علی کلّ حال.‏

‏         (مسألة 16): ما ذکرنا من أنّ للعامل الرجوع عن عمله علی کلّ حال-ولو ‏‎ ‎‏بعد التلبّس والاشتغال-إنّما هو فی مورد لم یکن فی عدم إنهاء العمل ضرر علی ‏‎ ‎‏الجاعل،وإلّا فیجب علیه إمّا عدم الشروع فی العمل،و إمّا إتمامه بعد شروعه، ‏‎ ‎‏مثلاً إذا وقعت الجعالة علی قصّ عینه أو بعض العملیات المتداولة بین الأطبّاء ‏‎ ‎‏فی هذه الأزمنة-حیث إنّ الصلاح و العلاج مترتّب علی تکمیلها وفی عدمه ‏‎ ‎‏فساد-لا یجوز له رفع الید عن العمل بعد التلبّس به و الشروع فیه،ولو رفع الید ‏‎ ‎‏عنه لم یستحقّ ‏‎[10]‎‏فی مثله شیئاً بالنسبة إلی ما عمل بلا إشکال. ‏

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 548

  • -أو هی إنشاء الالتزام بعوض معلوم علی عمل محلّل مقصود،أو جعل عوض معلوم علی عمل محلّل مقصود،والأمر سهل.
  • -هذا أحد الفروق بینهما ولهما فروق اخری:منها:أنّ الإجارة من العقود و هی من الإیقاعات علی الأقوی.
  • -إذا لم تکن فیه وفی سائر المذکورات أغراض عقلائیة.
  • -قد مرّ أنّه الأحوط فی الکفائیة وکذا هاهنا.
  • -هذا ینافی ما یأتی فی المسألة العاشرة.
  • -هذا ممنوع،فلا یعتبر اطّلاعه علی التزامه،نعم یعتبر فیه أن لا یکون متبرّعاً بعمله،فلوعمله خطأً وغفلةً بل من غیر تمییز-کالطفل الغیر الممیّز و المجنون-فالظاهر استحقاقه له کما مرّ.
  • -إذا لم یکن فی یده علی وجه الغصب.
  • -إذا لم یکن الجعل علی إتمامهما،وإلّا یکون الحکم کردّ الضالّة و الآبق.ویحتمل الفرق فی الصورتین إذا کان الفسخ من الجاعل فیقال:إنّ للعامل من المسمّی بالنسبة فی الاُولی،وله اجرة المثل فی الثانیة،فإذا کان العمل مثل الخیاطة و البناء فأوجد بعضه فرجع الجاعل،یکون للعامل من المسمّی بالنسبة،و إذا کان مثل ردّ الضالّة وکذا إتمام الخیاطة تکون له اجرة المثل.
  • -وذلک لأنّ الجعل فی أمثاله إنّما هو علی إتمام العمل،وإلّا فلو فرض کونه علی العمل فالظاهر استحقاقه علی ما عمل بالنسبة،وعلیه غرامة الضرر الوارد.