کتاب المکاسب و المتاجر

مقدّمة تشتمل علی مسائل

‏ ‏

مقدّمة تشتمل علی مسائل: 

‏         (مسألة 1): لا یجوز التکسّب بالأعیان النجسة بجمیع أنواعها ‏‎[2]‎‏بالبیع ‏‎ ‎‏والشراء،وجعلها ثمناً فی البیع،واُجرةً فی الإجارة،وعوضاً للعمل فی الجعالة، ‏‎ ‎‏بل مطلق المعاوضة علیها ولو بجعلها مهراً،أو عوضاً فی الخلع،ونحو ذلک،بل ‏‎ ‎‏یقوی عدم جواز هبتها و الصلح عنها بلا عوض أیضاً.ولا یدور حرمة بیعها ‏‎ ‎‏والتکسّب بها مدار عدم المنفعة،بل یحرم ذلک ولو کانت لها منفعة محلّلة ‏‎ ‎‏مقصودة کالتسمید فی العذرة.ویستثنی من ذلک العصیر المغلیّ قبل ذهاب ثلثیه ‏‎ ‎‏-بناءً علی نجاسته-والکافر بجمیع أقسامه حتّی المرتدّ عن فطرة علی الأقوی، ‏‎ ‎‏وکلب الصید،وربّما یلحق ‏‎[3]‎‏به کلب الماشیة و الزرع و البستان و الدور أیضاً وفیه ‏‎ ‎‏تأمّل وإشکال،نعم لا إشکال فی إجارتها وإعارتها. ‏


کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 419
‏         (مسألة 2): الأعیان النجسة-عدا ما استثنی-و إن لم یعامل معها شرعاً ‏‎ ‎‏معاملة الأموال فلا یجوز الاکتساب بها،ولا یصحّ جعلها عوضاً أو معوّضاً فی ‏‎ ‎‏المعاوضات،بل ولا هبتها و الصلح عنها-کما عرفت-لکن لمن کانت هی فی ‏‎ ‎‏یده وتحت استیلائه حقّ اختصاص متعلّق بها،ناشئ إمّا من حیازتها،أو من ‏‎ ‎‏کون أصلها مالاً له کما إذا مات حیوان له فصار میتة أو صار عنبه خمراً،و هذا ‏‎ ‎‏الحقّ قابل للانتقال إلی الغیر بالإرث وغیره،فیصحّ أن یصالح عنه بلا عوض،بل ‏‎ ‎‏بالعوض أیضاً لو جعل مقابلاً لذلک الحقّ لا عوضاً لنفس العین،لکنّه لا یخلو ‏‎ ‎‏من إشکال،بل لا یبعد دخوله فی الاکتساب المحظور.نعم لو بذل له مالاً ‏‎ ‎‏لیرفع یده ویعرض عنها فیحوزها الباذل سلم من الإشکال،نظیر بذل المال ‏‎ ‎‏لمن سبق إلی مکان من الأمکنة المشترکة کالمسجد و المدرسة لیرفع یده عنه ‏‎ ‎‏فیسکنه الباذل.‏

‏         (مسألة 3): لا إشکال فی جواز بیع ما لا تحلّه الحیاة من أجزاء المیتة ‏‎ ‎‏ممّا کانت له منفعة محلّلة مقصودة کشعرها وصوفها،بل ولبنها أیضاً ‏‎ ‎‏إذا قلنا بطهارته کما مرّ فی النجاسات.وفی جواز بیع المیتة الطاهرة ‏‎ ‎‏کالسمک الطافی إذا کانت له منفعة ولو من دهنه إشکال،لا یبعد الجواز،بل ‏‎ ‎‏لا یخلو من قوّة ‏‎[4]‎

‏         (مسألة 4): لا إشکال فی جواز بیع الأرواث الطاهرة إذا کانت لها منفعة.و أمّا ‏‎ ‎‏الطاهر من الأبوال،فأمّا بول الإبل فیجوز بیعه بلا إشکال،و أمّا غیره ففیه إشکال ‏‎ ‎‏لا یبعد الجواز فیما کان له منفعة محلّلة مقصودة. ‏


کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 420
‏         (مسألة 5): لا إشکال فی جواز بیع المتنجّس الذی یقبل التطهیر،وکذا ما ‏‎ ‎‏لا یقبله ولکن یمکن الانتفاع به مع وصف نجاسته فی حال الاختیار؛بأن لا ‏‎ ‎‏تکون منفعته المحلّلة المقصودة فی حال الضرورة متوقّفة علی طهارته کالدهن ‏‎ ‎‏المتنجّس الذی یمکن الانتفاع به بالإسراج وطلی السفن و الصبغ و الطین ‏‎ ‎‏المتنجّسین و الصابون الذی لا یمکن تطهیره.و أمّا ما لا یقبل التطهیر وکان ‏‎ ‎‏الانتفاع به متوقّفاً علی طهارته کالسکنجبین النجس ونحوه فلا یجوز بیعه ‏‎ ‎‏والمعاوضة علیه.‏

‏         (مسألة 6): لا بأس ببیع التریاق المشتمل علی لحوم الأفاعی ‏‎[5]‎‏مع ‏‎ ‎‏استهلاکها فیه کما هو الغالب،بل المتعارف،فجاز استعماله وینتفع به منفعة ‏‎ ‎‏محلّلة معتدّاً بها.و أمّا المشتمل علی الخمر فلا یجوز بیعه؛لعدم قابلیته للتطهیر ‏‎ ‎‏مع عدم حلّیة الانتفاع به مع وصف نجاسته.وجواز التداوی به عند الاضطرار ‏‎ ‎‏لیس علیه المدار،بل المدار علی حلّیة الانتفاع بالشیء فی حال الاختیار.‏

‏         (مسألة 7): یجوز بیع الهرّة ویحلّ ثمنها بلا إشکال،و أمّا غیرها من أنواع ‏‎ ‎‏السباع فالظاهر جواز بیع ما کان منها ذا منفعة محلّلة مقصودة عند العقلاء،وکذا ‏‎ ‎‏الحشرات،بل المسوخ أیضاً إذا کانت کذلک،فهذا هو المدار فی جمیع ‏‎ ‎‏الأنواع،فلا إشکال فی بیع العلق الذی یمصّ الدم الفاسد ودود القزّ ونحل ‏‎ ‎‏العسل و إن کانت من الحشرات،وکذا الفیل الذی ینتفع بظهره وعظمه و إن کان ‏‎ ‎‏من المسوخ.‏

‏         (مسألة 8): یحرم بیع کلّ ما کان آلةً للحرام بحیث کانت منفعته المقصودة ‏‎ ‎

کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 421
‏منحصرة فیه؛مثل آلات اللهو کالعیدان و المزامیر و البرابط ونحوها وآلات القمار ‏‎ ‎‏کالنرد و الشطرنج ونحوهما.وکما یحرم بیعها وشراؤها یحرم صنعتها والاُجرة ‏‎ ‎‏علیها،بل یجب کسرها وتغییر هیئتها.نعم یجوز بیع مادّتها من الخشب و الصفر ‏‎ ‎‏-مثلاً-بعد الکسر،بل قبله أیضاً إذا اشترط ‏‎[6]‎‏علی المشتری کسرها،و أمّا مع ‏‎ ‎‏عدم الاشتراط ففیه إشکال.و أمّا أوانی الذهب و الفضّة فحرمة بیعها وعدمها ‏‎ ‎‏مبنیّان علی حرمة اقتنائها و التزیّن بها باقیة علی صورتها وهیئتها وعدمها،فعلی ‏‎ ‎‏الأوّل یحرم بیعها وشراؤها،بل وصیاغتها وأخذ الاُجرة علیها بخلافه علی ‏‎ ‎‏الثانی،و قد مرّ فی أحکام الأوانی أنّ أحوطهما الأوّل وأظهرهما الثانی.‏

‏         (مسألة 9): الدراهم الخارجة و المغشوشة المعمولة لأجل غشّ الناس تحرم ‏‎ ‎‏المعاملة بها وجعلها عوضاً أو معوّضاً فی المعاملات مع جهل من تدفع إلیه،بل ‏‎ ‎‏مع علمه ‏‎[7]‎‏واطّلاعه أیضاً علی الأحوط-لو لم یکن أقوی-بل لا یبعد وجوب ‏‎ ‎‏إتلافها ولو بکسرها دفعاً لمادّة الفساد.‏

‏         (مسألة 10): یحرم بیع العنب أو التمر لیعمل خمراً أو الخشب-مثلاً-لیعمل ‏‎ ‎‏صنماً أو آلة للّهو أو القمار ونحو ذلک،وذلک إمّا بذکر صرفه فی المحرّم والالتزام ‏‎ ‎‏به فی العقد أو تواطئهما علی ذلک،ولو بأن یقول المشتری لصاحب العنب مثلاً: ‏

‏بعنی منّاً من العنب لأعمله خمراً،فباعه إیّاه.وکذا تحرم إجارة المساکن لیباع، ‏‎ ‎‏أو یحرز فیها الخمر،أو لیعمل فیها بعض الاُمور المحرّمة وإجارة السفن أو ‏


کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 422
‏الحمولة لحمل الخمر وشبهها بأحد الوجهین المتقدّمین.وکما یحرم البیع ‏‎ ‎‏والإجارة فیما ذکر یفسدان أیضاً،فلا یحلّ له الثمن والاُجرة.و أمّا بیع العنب أو ‏‎ ‎‏التمر-مثلاً-لمن یعلم أنّه یعمله خمراً من دون أن یبیعه له وإجارة المسکن لمن ‏‎ ‎‏یعلم أنّه یجعله محرزاً له-مثلاً-من دون أن تکون الإجارة له،فالظاهر جوازه ‏‎[8]‎‎ ‎‏و إن کان الأحوط ترکه.‏

‏         (مسألة 11): یحرم بیع السلاح لأعداء الدین حال مقاتلتهم مع المسلمین،بل ‏‎ ‎‏حال مباینتهم معهم؛بحیث یخاف منهم علیهم ویکون ذلک تقویة لهم.نعم فی ‏‎ ‎‏حال الهدنة ‏‎[9]‎‏معهم أو فی زمان وقوع الحرب بین أنفسهم ومقاتلة بعضهم مع ‏‎ ‎‏بعض لا بأس ببیعه لهم،خصوصاً إذا کان فی ذلک تقویة لمن لا یعادی المسلمین ‏‎ ‎‏علی من یعادیهم.ویلحق بالکفّار من یعادی الفرقة الحقّة من سائر الفرق ‏‎ ‎‏المسلمة ویخشی علیهم إذا بیع السلاح لهم.ولا یبعد التعدّی إلی قطّاع الطریق ‏‎ ‎‏وأشباههم،بل لا یبعد التعدّی من بیع السلاح لأعداء الدین إلی بیع غیره لهم ممّا ‏‎ ‎‏یکون سبباً لتقویتهم علی أهل الحقّ کالزاد و الراحلة و الحمولة ونحوها.‏

‏         (مسألة 12): یحرم تصویر ذوات الأرواح من الإنسان و الحیوان إذا کانت ‏‎ ‎‏الصورة مجسّمة،کالمعمولة من الشمع أو الخشب أو الفلزّات أو غیرها،وکذا مع ‏‎ ‎‏عدم التجسیم أیضاً علی الأحوط ‏‎[10]‎‏لو لم یکن الأقوی.و أمّا تصویر غیر ذوات ‏


کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 423
‏الأرواح کالأشجار و الأوراد ونحوها فلا بأس به ولو مع التجسیم.ولا فرق بین ‏‎ ‎‏أنحاء إیجاد الصورة من النقش و التخطیط و التطریز و الحکّ وغیر ذلک.والظاهر ‏‎ ‎‏أ نّه لیس من التصویر العکس المتداول فی زماننا،فلا بأس به إذا لم یترتّب علیه ‏‎ ‎‏مفسدة.وکما یحرم عمل التصویر من ذوات الأرواح یحرم التکسّب به وأخذ ‏‎ ‎‏الاُجرة علیه؛فإنّ اللّٰه تعالی إذا حرّم شیئاً حرّم ثمنه.هذا کلّه فی عمل الصور، ‏‎ ‎‏و أمّا بیعها واقتناؤها واستعمالها و النظر إلیها،فالأقوی جواز ذلک کلّه خصوصاً ‏‎ ‎‏فی غیر المجسّمة،ولیست هی کآلات اللهو وشبهها ممّا یحرم اقتناؤها وإبقاؤها ‏‎ ‎‏ویجب کسرها وإتلافها،نعم یکره اقتناؤها وإمساکها فی البیت،ولا سیّما ‏‎ ‎‏المجسّمة منها؛فإنّ الکراهة بیعاً واقتناءً فیها أشدّ ‏‎[11]‎‏وآکد.‏

‏         (مسألة 13): الغناء حرام فعله وسماعه و التکسّب به،ولیس هو مجرّد ‏‎ ‎‏تحسین الصوت،بل هو مدّ الصوت وترجیعه بکیفیة خاصّة مطربة تناسب ‏‎ ‎‏مجالس اللهو ومحافل الاستئناس و الطرب،ویوالم مع آلات الملاهی و اللعب. ‏

‏ولا فرق بین استعماله فی کلام حقّ؛من قراءة أو دعاء أو مرثیة وغیره من شعر ‏‎ ‎‏أو نثر،بل یتضاعف عقابه لو استعمله فیما یطاع به اللّٰه تعالی کقراءة القرآن ‏‎ ‎‏ونحوها،نعم قد یستثنی غناء المغنّیات فی الأعراس ‏‎[12]‎‏ولیس ببعید و إن کان ‏‎ ‎‏الأحوط ترکه.‏

‏         (مسألة 14): معونة الظالمین فی ظلمهم،بل فی کلّ محرّم حرام بلا إشکال، ‏


کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 424
‏بل ورد عن النبی صلی الله علیه و آله و سلم:«من مشی إلی ظالم لیعینه و هو یعلم أنّه ظالم فقد ‏‎ ‎‏خرج عن الإسلام»؛وعنه صلی الله علیه و آله و سلم:«إذا کان یوم القیامة ینادی منادٍ أین الظلمة ‏‎ ‎‏أین أعوان الظلمة أین أشباه الظلمة،حتّی من بری لهم قلماً أو لاق لهم دواة ‏‎ ‎‏فیجتمعون فی تابوت من حدید ثمّ یرمی بهم فی جهنّم».و أمّا معونتهم فی غیر ‏‎ ‎‏المحرّمات فالظاهر جوازه ما لم یعدّ من أعوانهم وحواشیهم و المنسوبین إلیهم، ‏‎ ‎‏ولم یکن اسمه مقیّداً فی دفترهم ودیوانهم ‏‎[13]‎

‏         (مسألة 15): یحرم حفظ کتب الضلال ونسخها وقراءتها و النظر فیها ودرسها ‏‎ ‎‏وتدریسها إذا لم یکن غرض صحیح فی ذلک،کأن یکون قاصداً لنقضها وإبطالها ‏‎ ‎‏وکان أهلاً لذلک وکان مأموناً من الضلال،و أمّا مجرّد الاطّلاع علی مطالبها ‏‎ ‎‏فلیس من الأغراض الصحیحة المجوّزة لحفظها لغالب الناس من العوامّ الذین ‏‎ ‎‏یخشی علیهم الضلال و الزلل،فاللازم علی أمثالهم التجنّب عن الکتب المشتملة ‏‎ ‎‏علی ما یخالف عقائد المسلمین،خصوصاً ما اشتمل منها علی شبهات ‏‎ ‎‏ومغالطات عجزوا عن حلّها ودفعها،ولا یجوز لهم شراؤها وإمساکها وحفظها، ‏‎ ‎‏بل یجب علیهم إتلافها.‏

‏         (مسألة 16): عمل السحر وتعلیمه وتعلّمه و التکسّب به حرام،حتّی ورد فی ‏‎ ‎‏الخبر:«أنّ الساحر کالکافر»و«من تعلّم شیئاً من السحر قلیلاً أو کثیراً فقد کفر ‏‎ ‎‏وکان آخر عهده بربّه إلّاأن یتوب».والمراد بالسحر ما یعمل من کتابة أو تکلّم ‏‎ ‎‏أو دخنة أو تصویر أو نفث أو عقد یؤثّر فی بدن المسحور أو قلبه أو عقله،فیؤثّر ‏‎ ‎‏فی إحضاره أو إنامته أو إغمائه أو تحبیبه أو تبغیضه ونحو ذلک. ‏


کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 425
‏ویلحق به استخدام الملائکة وإحضار الجنّ وتسخیرهم وإحضار الأرواح ‏‎ ‎‏وتسخیرها وأمثال ذلک،بل ویلحق به،أو یکون منه الشعبذة؛و هی إراءة غیر ‏‎ ‎‏الواقع واقعاً بسبب الحرکة السریعة،نظیر ما یری من إدارة النار بالحرکة السریعة ‏‎ ‎‏دائرة متّصلة مع أنّها بحسب الواقع منفصلة.وکذلک الکهانة؛و هی تعاطی ‏‎ ‎‏الأخبار عن الکائنات فی مستقبل الزمان بزعم أنّه یلقی إلیه الأخبار عنها بعض ‏‎ ‎‏الجانّ،أو بزعم أنّه یعرف الاُمور بمقدّمات وأسباب یستدلّ بها علی مواقعها. ‏

‏والقیافة؛و هی الاستناد إلی علامات خاصّة فی إلحاق بعض الناس ببعض ‏‎ ‎‏وسلب بعض عن بعض علی خلاف ما جعل فی الشرع میزاناً للإلحاق وعدمه ‏‎ ‎‏من الفراش ونحوه.والتنجیم؛و هو الإخبار علی البتّ و الجزم عن حوادث ‏‎ ‎‏الکون من الرخص و الغلاء و الجدب و الخصب وکثرة الأمطار وقلّتها وغیر ذلک ‏‎ ‎‏من الخیر و الشرّ و النفع و الضرر مستنداً إلی الحرکات الفلکیة و النظرات ‏‎ ‎‏والاتّصالات الکوکبیة معتقداً تأثیرها ‏‎[14]‎‏فی هذا العالم.ولیس منه الإخبار عن ‏‎ ‎‏الخسوف و الکسوف و الأهلّة واقتران الکواکب وانفصالها؛لأنّ أمثال ذلک بسبب ‏‎ ‎‏الحساب بعد ضبط الحرکات ومقادیرها وتعیین مدارات الکواکب وأوضاعها ‏‎ ‎‏ولها اصول وقواعد سدیدة عندهم،والخطأ الواقع أحیاناً منهم فی ذلک ناشئ من ‏‎ ‎‏الخطأ فی الحساب.‏

‏         (مسألة 17): یحرم الغشّ بما یخفی فی البیع و الشراء،کشوب اللبن بالماء، ‏‎ ‎‏وخلط الطعام الجیّد بالردیء،ومزج الدهن بالشحم،ونحو ذلک من دون إعلام، ‏‎ ‎

کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 426
‏ففی النبوی صلی الله علیه و آله و سلم:«لیس منّا من غشّ مسلماً أو ضرّه أو ماکره»،وفی النبوی ‏‎ ‎‏الآخر:«من غشّ مسلماً فی بیع أو شراء فلیس منّا ویحشر مع الیهود یوم ‏‎ ‎‏القیامة؛لأنّه من غشّ الناس فلیس بمسلم»إلی أن قال:«من غشّنا فلیس منّا ‏‎ ‎‏-قالها ثلاثاً-ومن غشّ أخاه المسلم نزع اللّٰه برکةَ رزقه وسدّ علیه معیشته ‏‎ ‎‏ووکّله إلی نفسه»،وقال مولانا الصادق علیه السلام لرجل یبیع الدقیق:«إیّاک و الغشّ ‏‎ ‎‏فإنّ من غشّ غُشّ فی ماله فإن لم یکن له مال غشّ فی أهله».ولا یفسد أصل ‏‎ ‎‏المعاملة بوقوع الغشّ و إن حرم فعله وأوجب الخیار للمغشوش بعد الاطّلاع، ‏‎ ‎‏نعم لو کان الغشّ بإظهار الشیء علی خلاف جنسه کبیع المموّه علی أنّه ذهب أو ‏‎ ‎‏فضّة ونحو ذلک فسد أصل المعاملة.‏

‏         (مسألة 18): یحرم أخذ الاُجرة علی ما یجب علیه فعله ولو کفائیاً ‏‎[15]‎‏کتغسیل ‏‎ ‎‏الموتی وتکفینهم ودفنهم،نعم لو کان الواجب توصّلیاً کالدفن ولم یبذل المال ‏‎ ‎‏لأجل أصل العمل،بل لأجل اختیار عمل خاصّ لا بأس به،فالمحرّم أخذ ‏‎ ‎‏الاُجرة لأصل الدفن.و أمّا إذا اختار الولیّ مکاناً خاصّاً وقبراً مخصوصاً ‏‎ ‎‏وأعطی المال للحفّار لحفر ذلک المکان الخاصّ،فالظاهر أنّه لا بأس به.کما أنّه ‏‎ ‎‏لا بأس بأخذ الطبیب الاُجرة للحضور عند المریض،و إن أشکل أخذها لأجل ‏‎ ‎‏أصل المعالجة.هذا لو کان الواجب توصّلیاً لا یشترط فیه قصد القربة کالدفن، ‏‎ ‎‏و أمّا لو کان تعبّدیاً یشترط فیه التقرّب کالتغسیل فلا یجوز أخذ الاُجرة علیه ‏‎ ‎‏علی أیّ حال.نعم لا بأس بأخذها علی بعض الاُمور الغیر الواجبة کما تقدّم فی ‏‎ ‎‏غسل المیّت. ‏


کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 427
‏وممّا یجب علی الإنسان:تعلیم مسائل الحلال و الحرام فلا یجوز أخذ ‏‎ ‎‏الاُجرة علیه،و أمّا تعلیم الأطفال للقرآن فضلاً عن غیره من الکتابة وقراءة الخطّ ‏‎ ‎‏وغیر ذلک فلا بأس بأخذ الاُجرة علیه.والمراد بأخذ الاُجرة علی الواجبات ‏‎ ‎‏أخذها علی ما وجب علی نفس الأجیر،و أمّا ما وجب علی غیره ولا یعتبر فیه ‏‎ ‎‏المباشرة فلا بأس بأخذ الاُجرة علیه حتّی فی العبادات التی یشرع فیها النیابة؛ ‏‎ ‎‏حیث إنّ الاُجرة تکون فی قبال النیابة عنه،فلا بأس بالاستئجار للأموات فی ‏‎ ‎‏العبادات کالحجّ و الصوم و الصلاة.‏

‏         (مسألة 19): کما أنّ فی الشرع معاملات ومکاسب محرّمة یجب الاجتناب ‏‎ ‎‏عنها کذلک مکاسب مکروهة ینبغی التنزّه عنها،و هی امور:منها بیع الصرف، ‏‎ ‎‏فإنّه لا یسلم من الربا.ومنها:بیع الأکفان،فإنّه لا یسلم من أن یسرّه الوباء وکثرة ‏‎ ‎‏الموتی.ومنها:بیع الطعام،فإنّه لا یسلم من الاحتکار وحبّ الغلاء ونزعت منه ‏‎ ‎‏الرحمة.ومنها:بیع الرقیق،فإنّ شرّ الناس من باع الناس،و إنّما تکره البیوع ‏‎ ‎‏المزبورة فیما إذا جعلها حرفة له؛علی وجه یکون صیرفیاً وبیّاع أکفان وحنّاطاً ‏‎ ‎‏ونخّاساً،لا بمجرّد صدورها منه أحیاناً.ومنها:اتّخاذ الذبح و النحر صنعة،فإنّ ‏‎ ‎‏صاحبها یقسو قلبه ویسلب منه الرحمة.ومنها:صنعة الحیاکة،فإنّ اللّٰه تعالی قد ‏‎ ‎‏سلب عن الحوکة عقولهم،وروی«أنّ عقل أربعین معلّماً عقل حائک وعقل ‏‎ ‎‏حائک عقل امرئة و المرأة لا عقل لها»بل ورد«أنّ ولد الحائک لا ینجب إلی ‏‎ ‎‏سبعة أبطن».ومنها:صنعة الحجامة وکسبها،خصوصاً إذا کان یشترط الاُجرة ‏‎ ‎‏علی العمل.ومنها:التکسّب بضراب الفحل،بأن یؤاجره لذلک مع ضبطه بالمرّة ‏‎ ‎‏أو المرّات المعیّنة أو بالمدّة أو بغیر الإجارة،نعم الظاهر أنّه لا کراهة فیما یعطی ‏‎ ‎‏له بعنوان الإهداء و الإکرام عوضاً عن ذلک.‏


کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 428
‏         (مسألة 20): لاریب أنّ التکسّب وتحصیل المعیشة بالکدّ و التعب محبوب ‏‎ ‎‏عند الربّ،فعن النبی صلی الله علیه و آله و سلم:«العبادة سبعون جزءاً،أفضلها طلب الحلال»، ‏‎ ‎‏وعن مولانا أمیر المؤمنین علیه السلام:«إنّ اللّٰه-عزّ وجلّ-یحبّ المحترف الأمین»، ‏‎ ‎‏وعن مولانا الباقر علیه السلام:«من طلب الدنیا استعفافاً عن الناس وسعیاً علی أهله ‏‎ ‎‏وتعطّفاً علی جاره لقی اللّٰه-عزّ وجلّ-یوم القیامة ووجهه مثل القمر لیلة البدر».‏

‏وأفضل ‏‎[16]‎‏المکاسب التجارة،فعن مولانا أمیر المؤمنین علیه السلام:«اتّجروا بارک ‏‎ ‎‏اللّٰه لکم،فإنّی سمعت رسول اللّٰه صلی الله علیه و آله و سلم یقول:الرزق عشرة أجزاء؛تسعة أجزاء ‏‎ ‎‏فی التجارة وواحد فی غیرها»،وفی خبر آخر عنه صلی الله علیه و آله و سلم:«تسعة أعشار الرزق ‏‎ ‎‏فی التجارة و الجزء الباقی فی السابیا؛یعنی الغنم»،ثمّ الزرع و الغرس،وأفضله ‏‎ ‎‏النخل،فعن مولانا الباقر علیه السلام قال:«کان أبی یقول:خیر الأعمال الحرث تزرع ‏‎ ‎‏فیأکل منه البرّ و الفاجر-إلی أن قال-ویأکل منه البهائم و الطیر»،وعن مولانا ‏‎ ‎‏الصادق علیه السلام:«ازرعوا واغرسوا فلا و اللّٰه ما عمل الناس عملاً أحلّ وأطیب منه»، ‏‎ ‎‏وعنه علیه السلام:«الزارعون کنوز الأنام یزرعون طیّباً أخرجه اللّٰه-عزّ وجلّ-وهم ‏‎ ‎‏یوم القیامة أحسن الناس مقاماً وأقربهم منزلة،یدعون المبارکین»،وعنه علیه السلام: ‏

‏«الکیمیا الأکبر الزراعة ثمّ اقتناء الأغنام للاستفادة؛فإنّ فیها البرکة»،فعن مولانا ‏‎ ‎‏الصادق علیه السلام:«إذا اتّخذ أهل بیت شاة آتاهم اللّٰه برزقها وزاد فی أرزاقهم وارتحل ‏‎ ‎‏عنهم الفقر مرحلة،فإن اتّخذوا شاتین آتاهم اللّٰه بأرزاقهما وزاد فی أرزاقهم ‏‎ ‎‏وارتحل عنهم الفقر مرحلتین،و إن اتّخذوا ثلاثة آتاهم اللّٰه بأرزاقها وارتحل عنهم ‏‎ ‎‏الفقر رأساً»،وعنه علیه السلام:«ما من أهل بیت تروح علیهم ثلاثون شاة إلّالم تزل ‏‎ ‎

کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 429
‏الملائکة تحرسهم حتّی یصبحوا»،ثمّ اقتناء البقر فإنّها تغدو بخیر وتروح ‏‎ ‎‏بخیر.و أمّا الإبل فقد نهی عن إکثارها،فعن النبی صلی الله علیه و آله و سلم:«إنّ فیها الشقاء ‏‎ ‎‏والجفاء و العناء».‏

‏         (مسألة 21): یجب علی کلّ من یباشر التجارة وسائر أنواع التکسّب تعلّم ‏‎ ‎‏أحکامها و المسائل المتعلّقة بها،لیعرف صحیحها عن فاسدها ویسلم من الربا، ‏‎ ‎‏فعن مولانا أمیر المؤمنین علیه السلام کان علی المنبر و هو یقول:«یا معشر التجّار الفقه ‏‎ ‎‏ثمّ المتجر،الفقه ثمّ المتجر،الفقه ثمّ المتجر،واللّٰه للربا فی هذه الاُمّة أخفی من ‏‎ ‎‏دبیب النمل علی الصفا،شوبوا إیمانکم بالصدق،التاجر فاجر و الفاجر فی النار ‏‎ ‎‏إلّا من أخذ الحقّ وأعطی الحقّ»،وعنه علیه السلام:«من اتّجر بغیر علم ارتطم فی الربا ‏‎ ‎‏ثمّ ارتطم»،وعنه علیه السلام:«لا یقعدنّ فی السوق إلّامن یعقل الشراء و البیع»،وعن ‏‎ ‎‏مولانا الصادق علیه السلام:«من أراد التجارة فلیتفقّه فی دینه لیعلم بذلک ما یحلّ له ممّا ‏‎ ‎‏یحرم علیه،ومن لم یتفقّه فی دینه ثمّ اتّجر تورّط فی الشبهات».والقدر اللازم ‏‎ ‎‏أن یکون عالماً ولو عن تقلید بحکم التجارة و المعاملة التی یوقعها حین ‏‎ ‎‏إیقاعها،بل ولو بعد إیقاعها بأن یوقع معاملة مشکوکة فی صحّتها وفسادها ثمّ ‏‎ ‎‏یسأل عن حکمها،فإذا تبیّن کونها صحیحة رتّب علیها الأثر وإلّا فلا.نعم فیما ‏‎ ‎‏اشتبه حکمه من جهة الحرمة و الحلّیة لا من جهة مجرّد الفساد و الصحّة کموارد ‏‎ ‎‏الشکّ فی کون المعاملة ربویة ‏‎[17]‎‏یجب علی الجاهل الاجتناب حتّی یسأل عن ‏‎ ‎‏حکمه ویتعلّمه.‏

‏         (مسألة 22): للتجارة و التکسّب آداب مستحبّة ومکروهة. ‏


کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 430
‏         أمّا المستحبّة :فأهمّها الإجمال فی الطلب والاقتصاد فیه،فعن مولانا ‏‎ ‎‏الصادق علیه السلام:«لیکن طلبک المعیشة فوق کسب المضیّع ودون طلب الحریص»، ‏‎ ‎‏وعن مولانا الباقر علیه السلام:«قال رسول اللّٰه صلی الله علیه و آله و سلم فی حجّة الوداع:ألا إنّ الروح ‏‎ ‎‏الأمین نفث فی روعی:إنّه لا تموت نفس حتّی تستکمل رزقها،فاتّقوا اللّٰه-عزّ ‏‎ ‎‏وجلّ-وأجملوا فی الطلب ولا یحملنّکم استبطاء شیء من الرزق أن تطلبوه ‏‎ ‎‏بشیء من معصیة اللّٰه-عزّ وجلّ-فإنّ اللّٰه تبارک وتعالی قسّم الأرزاق بین خلقه ‏‎ ‎‏حلالاً ولم یقسّمها حراماً،فمن اتّقی اللّٰه-عزّ وجلّ-وصبر آتاه اللّٰه برزقه من ‏‎ ‎‏حلّه،ومن هتک حجاب الستر وعجّل فأخذه من غیر حلّه قصّ به من رزقه ‏‎ ‎‏الحلال وحوسب علیه یوم القیامة».ومنها:إقالة النادم فی البیع و الشراء لو ‏‎ ‎‏استقاله،فأیّما عبد أقال مسلماً فی بیع أقاله اللّٰه عثرته یوم القیامة.ومنها:التسویة ‏‎ ‎‏بین المبتاعین فی السعر،فلا یفرّق بین المماکس وغیره،بأن یقلّل الثمن للأوّل ‏‎ ‎‏ویزیده للثانی،نعم لو فرّق بینهم بسبب الفضل و الدین ونحو ذلک فالظاهر أنّه ‏‎ ‎‏لا بأس.ومنها:أن یقبض لنفسه ناقصاً ویعطی راجحاً.‏

‏         و أمّا المکروهة فاُمور:منها مدح البائع لما یبیعه.ومنها:ذمّ المشتری لما ‏‎ ‎‏یشتریه.ومنها:الیمین صادقاً علی البیع و الشراء،ففی النبوی صلی الله علیه و آله و سلم:«أربع من ‏‎ ‎‏کنّ فیه طاب مکسبه:إذا اشتری لم یعب،و إذا باع لم یمدح،ولا یدلّس،وفیما ‏‎ ‎‏بین ذلک لا یحلف».ومنها:البیع فی موضع یستتر فیه العیب.ومنها:الربح علی ‏‎ ‎‏المؤمن وعلی من وعده بالإحسان إلّامع الضرورة،أو کون الشراء ‏‎[18]‎‏للتجارة. ‏


کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 431
‏ومنها:السوم ما بین الطلوعین.ومنها:الدخول إلی السوق أوّلاً و الخروج منه ‏‎ ‎‏أخیراً،بل ینبغی أن یکون آخر داخل وأوّل خارج؛عکس المسجد.ومنها: ‏

‏مبایعة الأدنین الذین لا یبالون بما قالوا وما قیل لهم ولا یسرّهم الإحسان ‏‎ ‎‏ولا تسوؤهم الإساءة و الذین یحاسبون علی الشیء الدنیّ.ومنها:مبایعة ذوی ‏‎ ‎‏العاهات و الأکراد و المحارف ومن لم ینشأ فی الخیر کمستحدثی النعمة.ومنها: ‏

‏التعرّض للکیل أو الوزن أو العدّ أو المساحة إذا لم یحسنه.ومنها:الاستحطاط ‏‎ ‎‏من الثمن بعد العقد.ومنها:الدخول فی سوم المؤمن علی الأظهر وقیل بالحرمة، ‏‎ ‎‏والمراد به الزیادة فی الثمن،أو بذل مبیع غیر ما بذله البائع الأوّل لیکون الشراء ‏‎ ‎‏أو البیع له بعد تراضی الأوّلین،والإشراف علی إیقاع العقد فی البین،فلا یکون ‏‎ ‎‏منه الزیادة فیما إذا کان المبیع فی المزایدة.ومنها:أن یتوکّل حاضر عارف بسعر ‏‎ ‎‏البلد لبادٍ غریب جاهل غافل؛بأن یصیر وکیلاً عنه فی البیع و الشراء،ففی ‏‎ ‎‏النبوی:«لا یبیع حاضر لباد،دعوا الناس یرزق اللّٰه بعضهم من بعض»،وفی ‏‎ ‎‏النبوی الآخر:«دعوا الناس علی غفلاتها».ومنها:تلقّی الرکبان و القوافل ‏‎ ‎‏واستقبالهم للبیع علیهم أو الشراء منهم قبل وصولهم إلی البلد،وقیل یحرم و إن ‏‎ ‎‏صحّ البیع و الشراء لو تلقّی وباع أو اشتری،و هو الأحوط و إن کان الأظهر ‏‎ ‎‏الکراهة،و إنّما یکره أو یحرم بشروط:أحدها:کون الخروج بقصد ذلک،فلو ‏‎ ‎‏خرج لا لذلک فاتّفق الرکب لم یثبت الحکم.ثانیها:تحقّق مسمّی الخروج من ‏‎ ‎‏البلد،فلو تلقّی الرکب فی أوّل وصوله إلی البلد لم یثبت الحکم.ثالثها:أن یکون ‏‎ ‎‏دون الأربعة فراسخ،فلو تلقّی فی الأربعة فصاعداً لم یثبت الحکم بل یکون ‏‎ ‎‏سفر تجارة،وفی اعتبار کون الرکب جاهلاً بسعر البلد فیما یبیعه أو یشتریه ‏

کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 432
‏وجه ‏‎[19]‎‏و إن کان الأحوط التعمیم،وهل یعمّ الحکم غیر البیع و الشراء کالإجارة ‏‎ ‎‏ونحوها؟ وجهان.‏

‏         (مسألة 23): الاحتکار-و هو حبس الطعام وجمعه یتربّص به الغلاء-حرام ‏‎ ‎‏مع ضرورة المسلمین وحاجتهم وعدم وجود من یبذلهم قدر کفایتهم،فعن ‏‎ ‎‏النبی صلی الله علیه و آله و سلم:«طرق طائفة من بنی إسرائیل لیلاً عذاب وأصبحوا و قد فقدوا ‏‎ ‎‏أربعة أصناف:الطبّالین و المغنّین و المحتکرین للطعام و الصیارفة؛أکلة الربا ‏‎ ‎‏منهم»،وعنه صلی الله علیه و آله و سلم:«لا یحتکر الطعام إلّاخاطئ»،وعنه صلی الله علیه و آله و سلم عن ‏‎ ‎‏جبرئیل علیه السلام:«اطّلعت فی النار فرأیت وادیاً فی جهنّم یغلی فقلت:یا مالک لمن ‏‎ ‎‏هذا؟ فقال:لثلاثة:المحتکرین و المدمنین للخمر و القوّادین».نعم مجرّد حبس ‏‎ ‎‏الطعام انتظاراً لعلوّ السعر مع عدم ضرورة الناس ووجود الباذل لیس بحرام و إن ‏‎ ‎‏کان مکروهاً.ولو لم یحبسه للبیع فی زمان الغلاء،بل کان لصرفه فی محاویجه ‏‎ ‎‏لا حرمة ولا کراهة.و إنّما یتحقّق الاحتکار بحبس الحنطة و الشعیر و التمر ‏‎ ‎‏والزبیب و الدهن،وکذا الزیت و الملح علی الأحوط لو لم یکن أقوی ‏‎[20]‎‏،بل ‏‎ ‎‏لا یبعد تحقّقه فی کلّ ما یحتاج إلیه عامّة أهالی البلد من الأطعمة،کالأرز و الذرة ‏‎ ‎‏بالنسبة إلی بعض البلاد.ویجبر المحتکر علی البیع ولا یعیّن ‏‎[21]‎‏علیه السعر،بل ‏‎ ‎‏له أن یبیع بما شاء إلّاإذا أجحف فیجبر علی النزول ‏‎[22]‎‏من دون تسعیر علیه. ‏


کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 433
‏         (مسألة 24): لا یجوز مع الاختیار الدخول فی الولایات و المناصب ‏‎ ‎‏والأشغال من قبل الجائر،و إن کان أصل الشغل مشروعاً مع قطع النظر عن کونه ‏‎ ‎‏متولّیاً من قبل الجائر،کجبایة الخراج وجمع الزکاة وتولّی المناصب الجندیة ‏‎ ‎‏والأمنیة وحکومة البلاد ونحو ذلک،فضلاً عمّا کان غیر مشروع فی نفسه کأخذ ‏‎ ‎‏العشور و القمرک وغیر ذلک من أنواع الظلم المبتدعة.نعم یسوّغ کلّ ذلک مع ‏‎ ‎‏الجبر و الإکراه بإلزام من یخشی من التخلّف عن إلزامه علی نفسه أو عرضه أو ‏‎ ‎‏ماله ‏‎[23]‎‏،إلّافی الدماء المحترمة،فإنّه لا تقیّة فیها.کما أنّه یسوّغ خصوص القسم ‏‎ ‎‏الأوّل و هو الدخول فی الولایة علی أمر مشروع فی نفسه للقیام بمصالح ‏‎ ‎‏المسلمین وإخوانه فی الدین،فعن مولانا الصادق علیه السلام:«کفّارة عمل السلطان ‏‎ ‎‏قضاء حوائج الإخوان»،وعن زیاد بن أبی سلمة قال دخلت علی أبی الحسن ‏‎ ‎‏موسی علیه السلام فقال لی:«یا زیاد إنّک لتعمل عمل السلطان؟»قال:قلت:أجل.قال ‏‎ ‎‏لی:«ولِمَ؟»قلت:أنا رجل لی مروءة وعلیَّ عیال ولیس وراء ظهری شیء. ‏

‏فقال لی:«یا زیاد لأن أسقط من حالق فاُتقطّع قطعة قطعة أحبّ إلیّ من أن أتولّی ‏‎ ‎‏لهم عملاً أو أطأ بساط رجل منهم إلّا،لماذا؟»،قلت:لا أدری جعلت فداک؟ ‏‎ ‎‏قال:«إلّا لتفریج کربة عن مؤمن أو فکّ أسره أو قضاء دینه»إلی أن قال:«یا زیاد ‏‎ ‎‏فإن ولّیت شیئاً من أعمالهم فأحسن إلی إخوانک فواحدة بواحدة،واللّٰه من وراء ‏‎ ‎‏ذلک...»الخبر.وعن الفضل بن عبدالرحمان الهاشمی قال:کتبت إلی أبی ‏‎ ‎‏الحسن علیه السلام أستأذنه فی أعمال السلطان،فقال:«لا بأس به ما لم تغیّر حکماً ‏‎ ‎

کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 434
‏ولم تبطل حدّاً،وکفّارته قضاء حوائج إخوانکم».‏

‏بل لو کان دخوله فیها بقصد الإحسان إلی المؤمنین ودفع الضرر عنهم کان ‏‎ ‎‏راجحاً.و قد ورد عن أئمّتنا علیهم السلام الحثّ علیه و الترغیب فیه،فقد روی الصدوق ‏‎ ‎‏عن مولانا الکاظم علیه السلام:«إنّ للّٰه‌تبارک وتعالی مع السلطان أولیاء یدفع بهم عن ‏‎ ‎‏أولیائه»،قال وفی خبر آخر:«اُولئک عتقاء اللّٰه من النار»،وعن محمّد بن ‏‎ ‎‏إسماعیل بن بزیع:قال أبو الحسن الرضا علیه السلام:«إنّ للّٰه‌تعالی بأبواب الظالمین من ‏‎ ‎‏نوّر اللّٰه به البرهان،ومکّن له فی البلاد لیدفع بهم عن أولیائه،ویصلح اللّٰه بهم ‏‎ ‎‏امور المسلمین،إلیهم یلجأ المؤمن من الضرّ،وإلیهم یفزع ذو الحاجة من شیعتنا، ‏‎ ‎‏وبهم یؤمّن اللّٰه روعة المؤمن فی دار الظلم،اُولئک هم المؤمنون حقّاً اولئک امناء ‏‎ ‎‏اللّٰه فی أرضه»،إلی أن قال:«خلقوا و اللّٰه للجنّة وخلقت لهم،فهنیئاً لهم،ما علی ‏‎ ‎‏أحدکم أن لو شاء لنال هذا کلّه»قال قلت:بماذا جعلنی اللّٰه فداک؟ قال:«یکون ‏‎ ‎‏معهم فیسرّنا بإدخال السرور علی المؤمنین من شیعتنا،فکن منهم یا محمّد».‏

‏والأخبار فی هذا المعنی کثیرة،بل ربّما بلغ الدخول فی بعض المناصب ‏‎ ‎‏والأشغال لبعض الأشخاص أحیاناً إلی حدّ الوجوب،کما إذا تمکّن شخص ‏‎ ‎‏بسببه علی دفع مفسدة دینیة،أو المنع عن بعض المنکرات الشرعیة مثلاً،ومع ‏‎ ‎‏ذلک فیها خطرات کثیرة إلّالمن عصمه اللّٰه تعالی.‏

‏         (مسألة 25): ما تأخذه الحکومة من الضریبة علی الأراضی ‏‎[24]‎‏جنساً أو نقداً ‏‎ ‎‏وعلی النخیل و الأشجار یعامل معه معاملة ما یأخذه السلطان العادل،فتبرأ ذمّة ‏‎ ‎‏الدافع عمّا کان علیه من الخراج الذی هو اجرة الأرض الخراجیة.ویجوز لکلّ ‏‎ ‎

کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 435
‏أحد شراؤه وأخذه مجّاناً وبالعوض و التصرّف فیه بأنواع التصرّف،بل لو لم تأخذه ‏‎ ‎‏الحکومة وحوّل شخصاً علی من علیه الخراج بمقدار فدفعه إلی المحتال یحلّ له ‏‎ ‎‏وتبرأ ذمّة المحوّل علیه عمّا علیه،لکن الأحوط خصوصاً فی مثل هذه الأزمنة، ‏‎ ‎‏رجوع من ینتفع بهذه الأراضی ویتصرّف فیها فی أمر خراجها وکذلک من یصل ‏‎ ‎‏إلیه من هذه الأموال شیء،إلی حاکم الشرع أیضاً-والظاهر أنّ حکم السلطان ‏‎ ‎‏المؤالف کالمخالف-و إن کان الاحتیاط بالرجوع إلی حاکم الشرع فی الأوّل أشدّ.‏

‏         (مسألة 26): یجوز لکلّ أحد أن یتقبّل الأراضی الخراجیة،ویضمنها من ‏‎ ‎‏الحکومة بشیء،وینتفع بها بنفسه بزرع أو غرس وغیره،أو یقبّلها ویضمنها لغیره ‏‎ ‎‏ولو بالزیادة ‏‎[25]‎‏،کما یصنعه بعض الشیوخ و الزعماء؛حیث یتقبّلون بعض ‏‎ ‎‏الأراضی من الحکومة بضریبة مقرّرة،ثمّ یقبّلونها قطعاً قطعاً لأشخاص بتلک ‏‎ ‎‏الضریبة،أو بأزید منها.‏

‏         (مسألة 27): إذا دفع إنسان مالاً إلی أحد لیصرفه فی طائفة وکان المدفوع ‏‎ ‎‏إلیه بصفتهم ‏‎[26]‎‏،کما إذا دفع إلی فقیر مالاً-زکاة أو غیرها-لیصرفه فی الفقراء،أو ‏‎ ‎‏إلی شخص هاشمی؛خمساً أو غیره لیصرفه فی السادة ولم یعیّن شخصاً معیّناً ‏‎ ‎‏جاز له أن یأخذ مثل أحدهم من غیر زیادة.وکذا له أن یصرفه فی عیاله ‏‎ ‎‏خصوصاً إذا أعطاه وقال:إنّ هذا للفقراء،أو مصرفه الفقراء أو السادة مثلاً،و إن ‏‎ ‎‏کان الأحوط عدم أخذه منه شیئاً إلّابإذن صریح. ‏

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 436

  • -لا یخلو عمومه من إشکال،لکن لا یترک الاحتیاط.
  • -هذا هو الأقوی.
  • -القوّة ممنوعة،فلا یترک الاحتیاط فیها.
  • -إذا لم یثبت أنّها من ذوات أنفس سائلات.
  • -أو یبیع المادّة ممّن یثق به أنّه یکسرها.
  • -إلّاإذا وقعت المعاملة علی مادّتها ویشترط علی المتعامل کسرها،أو یکون الموثوق به فیه.
  • -محلّ إشکال جدّاً،بل عدمه لا یخلو من وجه قویّ.
  • -فی المسألة تفصیل لا یقتضی المقام ذکره،ولیس موضوع الحکم مطلق الهدنة ولا بدّفی ذلک من ملاحظة مصالح الیوم و الأمر موکول إلی و الی المسلمین.
  • -و إن کان الأقوی عدم التحریم.
  • -الأشدّیة و الآکدیة غیر ثابتتین.
  • -الأحوط الاقتصار علی زفّ العرائس و المجلس المعدّ له مقدّماً ومؤخّراً،لامطلق المجالس.
  • -ولم یکن ذلک موجباً لازدیاد شوکتهم وقوّتهم.
  • -علی نحو الاستقلال أو الاشتراک مع اللّٰه-تعالی عمّا یقول الظالمون-دون مطلق التأثیرولو بإعطاء اللّٰه تعالی إیّاها إذا کان عن دلیل قطعی.
  • -علی الأحوط فیه.
  • -أفضلیتها من الزرع محلّ تأمّل.
  • -بناءً علی حرمة نفس المعاملة أیضاً،کما هو کذلک علی الأحوط.
  • -هذا من مستثنیات ربح المؤمن علی المؤمن لا ربح من وعده بالإحسان،فإنّ الظاهرکراهته مطلقاً،ویستثنی من ربح المؤمن ما إذا اشتری أکثر من مائة درهم؛فإنّ ربح قوت الیوم منه غیر مکروه.
  • -والأقوی عدم اعتباره.
  • -بل الأقوی عدم تحقّقه إلّافی الغلّات و السمن و الزیت،نعم هو أمر مرغوب عنه فی مطلق ما یحتاج إلیه الناس،لکن لا تثبت له أحکام الاحتکار.
  • -علی الأحوط.
  • -ومع عدم تعیینه یعیّن الحاکم بما یری المصلحة.
  • -فی إطلاقه بالنسبة إلی تولّی بعض أنواع الظلم کهتک أعراض طائفة من المسلمین ونهب أموالهم وإیقاعهم فی الحرج مع خوفه علی عرضه ببعض مراتبه الضعیفة أو علی ماله إذا لم یقع فی الحرج إشکال بل منع.
  • -مع شرائطها.
  • -علی کراهة فی هذه الصورة إلّاأن یحدث فیها حدثاً،کحفر نهر أو عمل فیها یعین المستأجر به،بل الأحوط ترک التقبیل بالزیادة إلّامعه.
  • -ولم ینصرف اللفظ عنه.