القول:فی العیوب الموجبة لخیار الفسخ و التدلیس
و هی قسمان:مشترک ومختصّ.أمّا المشترک:فهو الجنون،و هو اختلال العقل،ولیس منه الإغماء ومرض الصرع الموجب لعروض الحالة المعهودة فی بعض الأوقات.ولکلّ من الزوجین فسخ النکاح بجنون صاحبه،فی الرجل مطلقاً؛سواء کان جنونه قبل العقد مع جهل المرأة به أو حدث بعده قبل الوطء أو بعده،و أمّا فی المرأة ففیما إذا کان جنونها قبل العقد ولم یعلم الرجل،دون ما إذا طرأ بعده.ولا فرق فی الجنون الموجب للخیار بین المطبق و الأدوار و إن وقع
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 451
العقد حال إفاقته،کما أنّ الظاهر عدم الفرق فی الحکم بین النکاح الدائم والمنقطع.
و أمّا المختصّ:فأمّا المختصّ بالرجل فثلاثة:الخصاء و هو سَلُّ الاُنثیین أو رضّهما،وتفسخ به المرأة مع سبقه علی العقد وعدم علمها به،والجبّ،و هو قطع الذکر بشرط أن لا یبقی منه ما یمکن معه الوطء ولو قدر الحشفة،وتفسخ به المرأة؛سواء سبق العقد أو لحقه بشرط کونه قبل الوطء لا بعده،والعنن،و هو مرض تضعف معه الآلة عن الانتشار؛بحیث یعجز عن الإیلاج،و هو سبب لتسلّط المرأة علی الفسخ بشرط عجزه عن الوطء بها ووطء غیرها،فلو لم یقدر علی وطئها و قدر علی وطء غیرها لا خیار لها.ویثبت به الخیار؛سواء سبق العقد أو تجدّد بعده،لکن بشرط أن لم یقع منه وطؤها ولو مرّة،فلو وطئها ثمّ حدثت به العنّة بحیث لم یقدر علی الوطء بالمرّة فلا خیار لها.
و أمّا المختصّ بالمرأة فستّة:البرص،والجذام،والإفضاء-و قد مرّ تفسیره فیما سبق-والقرن ویقال له العفل و هو لحم ینبت فی فم الرحم یمنع ففففف4eeeeeمن الوطء،والعرج البیّن؛و إن لم یبلغ حدّ الإقعاد و الزمانة علی الأظهر،والعمی و هو ذهاب البصر عن العینین و إن کانتا مفتوحتین،ولا اعتبار بالعور،ولا بالعشا، و هی علّة فی العین لا یبصر فی اللیل ویبصر بالنهار،ولا بالعمش،و هو ضعف الرؤیة مع سیلان الدمع فی غالب الأوقات.
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 452
(مسألة 1): إنّما یفسخ العقد بعیوب المرأة إذا تبیّن وجودها قبل العقد،و أمّا ما یتجدّد بعده فلا اعتبار به؛سواء کان قبل الوطء أو بعده.
(مسألة 2): لیس العقم من العیوب الموجبة للخیار؛لا من طرف الرجل ولا من طرف المرأة.
(مسألة 3): لیس الجذام و البرص من عیوب الرجل الموجبة لخیار المرأة عند المشهور ،وقیل بکونهما منها،فهما من العیوب المشترکة بین الرجل والمرأة و هو لیس ببعید،لکن لا یترک الاحتیاط من طرف الزوجة بإرضاء الزوج بالطلاق ومن طرف الزوج بتطلیقها إذا أرادت الفسخ وفسخت النکاح.
(مسألة 4): خیار الفسخ فی کلّ من الرجل و المرأة علی الفور،فلو علم الرجل أو المرأة بالعیب فلم یبادرا بالفسخ لزم العقد.نعم الظاهر أنّ الجهل بالخیار بل و الفوریة عذر،فلو کان عدم المبادرة بالفسخ من جهة الجهل بأحدهما لم یسقط الخیار.
(مسألة 5): إذا اختلفا فی العیب،فالقول قول منکره مع الیمین إذا لم یکن لمدّعیه بیّنة،ویثبت بها العیب حتّی العنن علی الأقوی،کما أنّه یثبت کلّ عیب بإقرار صاحبه أو البیّنة علی إقراره،وکذا یثبت بالیمین المردودة علی المدّعی ونکول المنکر عن الیمین کسائر الدعاوی،وتثبت العیوب الباطنة للنساء بشهادة أربع نسوة عادلات کما فی نظائرها.
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 453
(مسألة 6): إذا ثبت عنن الرجل بأحد الوجوه المذکورة،فإن صبرت فلا کلام،و إن لم تصبر ورفعت أمرها إلی حاکم الشرع لاستخلاص نفسها منه أجّلها سنة کاملة من حین المرافعة،فإن واقعها أو واقع غیرها فی أثناء هذه المدّة فلا خیار لها،وإلّا کان لها الفسخ فوراً عرفیاً،و إن لم تبادر بالفسخ،فإن کان بسبب جهلها بالخیار أو فوریته لم یضرّ کما مرّ،وإلّا سقط خیارها،وکذا إن رضیت أن تقیم معه ثمّ طلبت الفسخ بعد ذلک،فإنّه لیس لها ذلک.
(مسألة 7): الفسخ بالعیب لیس بطلاق؛سواء وقع من الزوج أو الزوجة، فلیس له أحکامه ولا یترتّب علیه لوازمه.ولا یعتبر فیه شروطه،فلا یحسب من الثلاثة المحرّمة المحتاجة إلی المحلّل،ولا یعتبر فیه الخلوّ من الحیض والنفاس ولا حضور العدلین.
(مسألة 8): یجوز للرجل الفسخ بعیب المرأة من دون إذن الحاکم،وکذا المرأة بعیب الرجل.نعم مع ثبوت العنن یفتقر إلی الحاکم،لکن من جهة ضرب الأجل،حیث إنّه من وظائفه لا من جهة نفوذ فسخها،فبعد ما ضرب الأجل لها کان لها التفرّد بالفسخ عند انقضائه وتعذّر الوطء فی المدّة من دون مراجعته.
(مسألة 9): إذا فسخ الرجل بأحد عیوب المرأة،فإن کان قبل الدخول فلا مهر لها،و إن کان بعده استقرّ علیه المهر المسمّی.وکذا الحال فیما إذا فسخت المرأة بعیب الرجل فتستحقّ تمام المهر إن کان بعد الدخول،و إن کان قبله لم تستحقّ شیئاً إلّافی العنن،فإنّها تستحقّ علیه فیه نصف المهر المسمّی.
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 454
(مسألة 10): إذا دلّست المرأة نفسها علی الرجل فی أحد عیوبها الموجبة للخیار وتبیّن له بعد الدخول،فإن اختار البقاء فعلیه تمام المهر کما مرّ،و إن اختار الفسخ لم تستحقّ المهر،و إن دفعه إلیها استعاده.و إن کان المدلّس غیر الزوجة،فالمهر المسمّی و إن استقرّ علی الزوج بالدخول واستحقّت علیه الزوجة إلّا أنّه بعد ما دفعه إلیها یرجع به علی المدلّس ویأخذه منه.
(مسألة 11): یتحقّق التدلیس بتوصیف المرأة بالصحّة عند الزوج للتزویج؛ بحیث صار ذلک سبباً لغروره وانخداعه،فلا یتحقّق بالإخبار لا للتزویج أو لغیر الزوج،والظاهر تحقّقه أیضاً بالسکوت عن العیب مع العلم به وخفائه علی الزوج واعتقاده بالعدم.
(مسألة 12): من یکون تدلیسه موجباً للرجوع علیه بالمهر هو الذی یسند إلیه التزویج من ولیّها الشرعی أو العرفی-کأبیها وجدّها واُمّها وأخیها الکبیر وعمّها وخالها-ممّن لا تصدر إلّاعن رأیهم ویتصدّون تزویجها ویرجع إلیهم فیه فی العرف و العادة،ومثلهم علی الظاهر بعض الأجانب ممّن له شدّة علاقة وارتباط بها بحیث لا تصدر إلّاعن رأیه،ویکون هو المرجع فی امورها المهمّة ویرکن إلیه فیما یتعلّق بها،بل لا یبعد أن یلحق بمن ذکر الغیر الذی یراود عند الطرفین ویعالج فی إیجاد وسائل الائتلاف فی البین.
(مسألة 13): کما یتحقّق التدلیس فی العیوب الموجبة للخیار کالجنون والعمی وغیرهما،کذلک یتحقّق فی مطلق النقص کالعور ونحوه بإخفائه،وکذا فی صفات الکمال کالشرف و الحسب و النسب و الجمال و البکارة وغیرها بتوصیفها بها مع فقدانها،ولا أثر للأوّل-أیالتدلیس فی العیوب الموجبة
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 455
للخیار-إلّارجوع الزوج علی المدلّس بالمهر کما مرّ،و أمّا الخیار فإنّما هو بسبب نفس وجود العیب.و أمّا الثانی-و هو التدلیس فی سائر أنواع النقص وفی صفة الکمال-فهو موجب للخیار إذا کان عدم النقص أو وجود صفة الکمال مذکورین فی العقد بنحو الاشتراط.ویلحق به توصیفها به فی العقد و إن لم یکن بعبارة الاشتراط،کما إذا قال:«زوّجتک هذه البنت الباکرة»أو«...غیر الثیّبة»، بل الظاهر أنّه إذا وصفها بصفتی الکمال أو عدم النقص قبل العقد عند الخطبة والمقاولة،ثمّ أوقع العقد مبنیّاً علی ما ذکر،کان بمنزلة الاشتراط فیوجب الخیار،و إذا تبیّن ذلک بعد العقد و الدخول واختار الفسخ ودفع المهر رجع به علی المدلّس.
(مسألة 14): لیس من التدلیس الموجب للخیار سکوت الزوجة أو ولیّها عن النقص مع وجوده واعتقاد الزوج عدمه فی غیر العیوب الموجبة للخیار،وأولی بذلک سکوتهما عن فقد صفة الکمال مع اعتقاد الزوج وجودها.
(مسألة 15): لو تزوّج امرأة علی أنّها حرّة بأحد الوجوه الثلاثة المتقدّمة؛من اشتراط الحرّیة فی العقد أو توصیفها بها أو إیقاع العقد بانیاً علیها،فبانت أمة مع إذن السیّد أو إجازته کان له الفسخ،ولا مهر لها مع الفسخ قبل الدخول،ولها المهر تماماً لو کان الفسخ بعده وکان المهر لمولی الأمة،ویرجع الزوج به علی المدلّس.وکذا لو تزوّجت المرأة برجل علی أنّه حرّ فبان مملوکاً کان لها الفسخ قبل الدخول وبعده،ولا مهر لها مع الفسخ قبل الدخول ولها المهر المسمّی لو فسخت بعده.
(مسألة 16): لو تزوّج امرأة علی أنّها بکر بأحد الوجوه الثلاثة المتقدّمة،
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 456
فوجدها ثیّباً لم یکن له الفسخ،إلّاإذا ثبت بالإقرار أو البیّنة سبق ذلک علی العقد فحینئذٍ کان له الفسخ.نعم لو تزوّجها باعتقاد البکارة ولم یکن اشتراط ولا توصیف وإخبار وبناء علی ثبوتها فبان خلافها،لیس له الفسخ و إن ثبت زوالها قبل العقد.
(مسألة 17): إذا فسخ حیث یکون له الفسخ،فإن کان قبل الدخول فلا مهر،و إن کان بعده استقرّ المهر ورجع به علی المدلّس،و إن کانت هی المدلّس لم تستحقّ شیئاً،و إن لم یکن تدلیس استقرّ علیه المهر ولا رجوع له علی أحد،و إذا اختار البقاء أو لم یکن له الفسخ-کما فی صورة اعتقاد البکارة من دون اشتراط وتوصیف وبناء-کان له أن ینقص من مهرها شیئاً،و هو نسبة التفاوت بین مهر مثلها بکراً وثیّباً،فإذا کان المهر المسمّی مائة وکان مهر مثلها بکراً ثمانین وثیّباً ستّین ینقص من المائة ربعها-و هی خمسة وعشرون-وتبقی خمسة وسبعون.
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 457