القول:فی الرضاع
انتشار الحرمة بالرضاع یتوقّف علی شروط:
الأوّل :أن یکون اللبن حاصلاً من وطء جائز شرعاً بسبب نکاح أو ملک یمین أو تحلیل،ویلحق به وطء الشبهة علی الأقوی،فلو درّ اللبن من الامرأة من دون نکاح لم ینشر الحرمة،وکذا لو کان اللبن من زناً.
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 416
(مسألة 1): لا یعتبر فی النشر بقاء المرأة فی حبال الرجل،فلو طلّقها الزوج أو مات عنها و هی حامل منه أو مرضع،فأرضعت ولداً نشر الحرمة؛و إن تزوّجت ودخل بها الزوج الثانی ولم تحمل منه،أو حملت منه وکان اللبن بحاله لم ینقطع ولم تحدث فیه زیادة
الثانی :أن یکون شرب اللبن بالامتصاص من الثدی،فلو وجر فی حلقه اللبن،أو شرب اللبن المحلوب من المرأة،لم ینشر الحرمة.
الثالث :أن تکون المرضعة حیّة،فلو ماتت فی أثناء الرضاع وأکمل النصاب حال موتها ولو رضعة،لم ینشر الحرمة.
الرابع :أن یکون المرتضع فی أثناء الحولین وقبل استکمالهما،فلا عبرة برضاعه بعدهما.ولا یعتبر الحولان فی ولد المرضعة علی الأقوی،فلو وقع الرضاع بعد کمال حولیه نشر الحرمة إذا کان قبل حولی المرتضع.
(مسألة 2): المراد بالحولین أربع وعشرون شهراً هلالیاً من حین الولادة،ولو وقعت فی أثناء الشهر یکمل من الشهر الخامس و العشرین ما مضی من الشهر الأوّل علی الأظهر،فلو تولّد فی العاشر من شهر تکمل حولاه فی العاشر من الخامس و العشرین.
الشرط الخامس :الکمّیة،و هی بلوغه حدّاً معیّناً،فلا یکفی مسمّی الرضاع ولا رضعة کاملة،وله فی الأخبار وعند فقهائنا الأخیار تحدیدات وتقدیرات ثلاثة :الأثر و الزمان و العدد،وأیّ واحد منها حصل کفی فی نشر الحرمة:فأمّا
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 417
الأثر فهو أن یرضع بمقدار نبت اللحم وشدّ العظم،و أمّا الزمان فهو أن یرتضع من المرأة یوماً ولیلة مع اتّصالهما؛بأن یکون غذاؤه فی هذه المدّة منحصراً بلبن المرأة،و أمّا العدد فهو أن یرتضع منها خمس عشرة رضعة کاملة.
(مسألة 3): المعتبر فی إنبات اللحم وشدّ العظم،استقلال الرضاع فی حصولهما علی وجه ینسبان إلیه،فلو فرض ضمّ السکّر ونحوه إلیه علی نحو ینسبان إلیهما أشکل ثبوت التحریم.کما أنّ المدار علی الإنبات و الشدّ المعتدّ به منهما علی نحو مبان یصدقان عرفاً،ولا یکفی حصولهما بالدقّة العقلیة.و إذا شکّ فی حصولهما بهذه المرتبة أو فی استقلال الرضاع فی حصولهما یرجع إلی التقدیرین الآخرین.
(مسألة 4): یعتبر فی التقدیر بالزمان أن یکون غذاؤه فی الیوم و اللیلة منحصراً باللبن،ولا یقدح شرب الماء للعطش ولا ما یأکل أو یشرب دواء .
والظاهر کفایة التلفیق فی التقدیر بالزمان لو ابتدأ بالرضاع فی أثناء اللیل أو النهار.
(مسألة 5): یعتبر فی التقدیر بالعدد امور:منها:کمال الرضعة؛بأن یروی الصبیّ ویصدر من قبل نفسه،ولا تحسب الرضعة الناقصة ولا تضمّ الناقصات بعضها ببعض؛بأن تحسب رضعتان ناقصتان أو ثلاث رضعات ناقصات-مثلاً-واحدة.نعم لو التقم الصبیّ الثدی ثمّ رفضه لا بقصد الإعراض بأن کان للتنفّس،أو الالتفات إلی ملاعب أو الانتقال من ثدی إلی آخر أو غیر ذلک،کان الکلّ رضعة واحدة.ومنها:توالی الرضعات؛بأن لا یفصل بینها رضاع
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 418
امرأة اخری،ولا یقدح فی التوالی تخلّل غیر الرضاع من المأکول و المشروب و إن تغذّی به.ومنها:أن یکون کمال العدد من امرأة واحدة،فلو ارتضع بعض الرضعات من امرأة وأکملها من امرأة اخری لم ینشر الحرمة و إن اتّحد الفحل، فلا تکون واحدة من المرضعتین امّاً للمرتضع ولا الفحل أباً له.ومنها:اتّحاد الفحل؛بأن یکون تمام العدد من لبن فحل واحد،ولا یکفی اتّحاد المرضعة،فلو أرضعت امرأة من لبن فحل ثمان رضعات ثمّ طلّقها الفحل وتزوّجت بآخر وحملت منه ثمّ أرضعت ذلک الطفل من لبن الفحل الثانی تکملة العدد من دون تخلّل رضاع امرأة اخری فی البین-بأن یتغذّی الولد فی هذه المدّة المتخلّلة بالمأکول و المشروب-لم ینشر الحرمة.
(مسألة 6): ما ذکرنا من الشروط شروط لناشریة الرضاع للحرمة،فلو انتفی بعضها لا أثر له ولیس بناشر لها أصلاً،حتّی بین الفحل و المرتضعة،وکذا بین المرتضع و المرضعة،فضلاً عن الاُصول و الفروع و الحواشی.وفی الرضاع شرط آخر زائد علی ما مرّ مختصّ بنشر الحرمة بین المرتضعین وبین أحدهما وفروع الآخر،وبعبارة اخری:شرط لتحقّق الاُخوّة الرضاعیة بین المرتضعین؛و هو اتّحاد الفحل الذی ارتضع المرتضعان من لبنه،فلو ارتضع صبیّ من امرأة من لبن شخص رضاعاً کاملاً،وارتضعت صبیّة من تلک المرأة من لبن شخص آخر کذلک؛بأن طلّقها الأوّل وزوّجها الثانی وصارت ذات لبن منه فأرضعتها رضاعاً کاملاً،لم تحرم الصبیّة علی ذلک الصبیّ،ولا فروع أحدهما علی الآخر،بخلاف ما إذا کان الفحل وصاحب اللبن واحداً وتعدّدت المرضعة،کما إذا کانت لشخص
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 419
نسوة متعدّدة وأرضعت کلّ واحدة منهنّ من لبنه طفلاً رضاعاً کاملاً،فإنّه یحرم بعضهم علی بعض وعلی فروعه؛لحصول الاُخوّة الرضاعیة بینهم.
(مسألة 7): إذا تحقّق الرضاع الجامع للشرائط،صار الفحل و المرضعة أباً واُمّاً للمرتضع،واُصولهما أجداداً وجدّات،وفروعهما إخوة وأولاد إخوة له،ومن فی حاشیتهما وفی حاشیة اصولهما أعماماً أو عمّات وأخوالاً أو خالات له، وصار هو-أعنی المرتضع-ابناً أو بنتاً لهما وفروعه أحفاداً لهما.و إذا تبیّن ذلک فکلّ عنوان نسبی محرّم من العناوین السبعة المتقدّمة إذا تحقّق مثله فی الرضاع یکون محرّماً،فالاُمّ الرضاعیة کالاُمّ النسبیة،والبنت الرضاعیة کالبنت النسبیة وهکذا.فلو أرضعت امرأة من لبن فحل طفلاً حرمت المرضعة واُمّها واُمّ الفحل علی المرتضع للاُمومة،والمرتضعة وبناتها وبنات المرتضع علی الفحل وعلی أبیه وأبی المرضعة للبنتیة،وحرمت اخت الفحل واُخت المرضعة علی المرتضع لکونهما عمّة وخالة له،والمرتضعة علی أخی الفحل وأخی المرضعة لکونها بنت أخ أو بنت اخت لهما،وحرمت بنات الفحل علی المرتضع و المرتضعة علی أبنائه -نسبیین کانوا أم رضاعیین-وکذا بنات المرضعة علی المرتضع و المرتضعة علی أبنائها إذا کانوا نسبیین للاُخوّة.و أمّا أولاد المرضعة الرضاعیون ممّن أرضعتهم بلبن فحل آخر غیر الفحل الذی ارتضع المرتضع بلبنه لم یحرموا علی المرتضع؛لما مرّ من اشتراط اتّحاد الفحل فی نشر الحرمة بین المرتضعین.
(مسألة 8): تکفی فی حصول العلاقة الرضاعیة المحرّمة دخالة الرضاع فیه فی الجملة،فقد تحصل من دون دخالة غیره فیها،کعلاقة الاُبوّة والاُمومة والابنیة و البنتیة الحاصلة بین الفحل و المرضعة وبین المرتضع،وکذا الحاصلة
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 420
بینه وبین اصولهما الرضاعیین،کما إذا کان لهما أب أو امّ من الرضاعة؛حیث إنّهما جدّ وجدّة للمرتضع من جهة الرضاع محضاً و قد تحصل به مع دخالة النسب فی حصولها،کعلاقة الاُخوّة الحاصلة بین المرتضع وأولاد الفحل والمرضعة النسبیین،فإنّهم و إن کانوا منسوبین إلیهما بالولادة إلّاأنّ اخوّتهم للمرتضع حصلت بسبب الرضاع،فهم إخوة أو أخوات له من الرضاعة.
توضیح ذلک:أنّ النسبة بین شخصین قد تحصل بعلاقة واحدة کالنسبة بین الولد ووالده ووالدته،و قد تحصل بعلاقتین کالنسبة بین الأخوین فإنّها تحصل بعلاقة کلّ منهما مع الأب أو الاُمّ أو کلیهما،وکالنسبة بین الشخص وجدّه الأدنی فإنّها تحصل بعلاقة بینه وبین أبیه-مثلاً-وعلاقة بین أبیه وبین جدّه،و قد تحصل بعلاقات ثلاث،کالنسبة بین الشخص وبین جدّه الثانی،وکالنسبة بینه وبین عمّه الأدنی،فإنّه تحصل بعلاقة بینک وبین أبیک وبعلاقة کلّ من أبیک وأخیه مع أبیهما-مثلاً-وهکذا تتصاعد وتتنازل النسب وتنشعب بقلّة العلاقات وکثرتها،حتّی أنّه قد تتوقّف نسبته بین شخصین علی عشر علائق أو أقلّ أو أکثر.و إذا تبیّن ذلک،فإن کانت تلک العلائق کلّها حاصلة بالولادة کانت العلاقة نسبیة،و إن حصلت کلّها أو بعضها ولو واحدة من العشر بالرضاع کانت العلاقة رضاعیة.
(مسألة 9): لمّا کانت المصاهرة-التی هی أحد أسباب تحریم النکاح کما یأتی-علاقة بین أحد الزوجین وبعض أقرباء الآخر،فهی تتوقّف علی أمرین:
مزاوجة وقرابة،والرضاع إنّما یقوم مقام الثانی دون الأوّل،فمرضعة ولدک لا تکون بمنزلة زوجتک حتّی تحرم امّها علیک لکنّ الاُمّ و البنت الرضاعیتین لزوجتک تکونان کالاُمّ و البنت النسبیین لها فتحرمان علیک،وکذلک حلیلة
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 421
الابن الرضاعی کحلیلة الابن النسبی،وحلیلة الأب الرضاعی کحلیلة الأب النسبی،تحرم الاُولی علی أبیه الرضاعی و الثانیة علی ابنه الرضاعی.
(مسألة 10): قد تبیّن ممّا سبق:أنّ العلاقة الرضاعیة المحضة قد تحصل برضاع واحد کالحاصلة بین المرتضع وبین المرضعة وصاحب اللبن،و قد تحصل برضاعین کالحاصلة بین المرتضع وبین أبوی الفحل و المرضعة الرضاعیین،و قد تحصل برضاعات متعدّدة،فإذا کان لصاحب اللبن-مثلاً-أب من جهة الرضاع وکان لذلک الأب الرضاعی أیضاً أب من الرضاع وکان للأخیر أیضاً أب من الرضاع وهکذا إلی عشرة آباء،کان الجمیع أجداداً رضاعیین للمرتضع الأخیر وجمیع المرضعات جدّات له،فإن کانت انثی،حرمت علی جمیع الأجداد،و إن کان ذکراً،حرمت علیه جمیع الجدّات،بل لو کانت للجدّ الرضاعی الأعلی اخت رضاعیة،حرمت علی المرتضع الأخیر لکونها عمّته العلیا من الرضاع،ولو کانت للمرضعة الأبعد التی هی الجدّة العلیا للمرتضع اخت،حرمت علیه لکونها خالته العلیا من الرضاع.
(مسألة 11): قد عرفت فیما سبق:أنّه یشترط فی حصول الاُخوّة الرضاعیة بین المرتضعین اتّحاد الفحل،ویتفرّع علی ذلک مراعاة هذا الشرط فی العمومة والخؤولة الحاصلتین بالرضاع أیضاً؛لأنّ العمّ و العمّة أخ واُخت للأب،والخال والخالة أخ واُخت للاُمّ،فلو تراضع أبوک أو امّک مع صبیّة من امرأة فإن اتّحد الفحل کانت الصبیّة عمّتک أو خالتک من الرضاعة بخلاف ما إذا لم یتّحد،فحیث لم تحصل الاُخوّة الرضاعیة بین أبیک أو امّک مع الصبیّة لم تکن هی عمّتک أو خالتک،فلم تحرم علیک.
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 422
(مسألة 12): لا یجوز أن ینکح أبو المرتضع فی أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعاً ،وکذا فی أولاد المرضعة نسباً لا رضاعاً،و أمّا أولاده الذین لم یرتضعوا من هذا اللبن فیجوز نکاحهم فی أولاد صاحب اللبن وفی أولاد المرضعة التی أرضعت أخاهم و إن کان الاحتیاط لا ینبغی ترکه.
(مسألة 13): إذا أرضعت امرأة ابن شخص بلبن فحلها،ثمّ أرضعت بنت شخص آخر من لبن ذلک الفحل،فتلک البنت و إن حرمت علی ذلک الابن لکن تحلّ أخوات کلّ منهما لإخوة الآخر.
(مسألة 14): الرضاع المحرّم کما یمنع من النکاح لو کان سابقاً،یبطله لو حصل لاحقاً،فلو کانت له زوجة صغیرة فأرضعته بنته أو امّه أو اخته أو بنت أخیه أو بنت اخته أو زوجة أخیه بلبنه رضاعاً کاملاً بطل نکاحها وحرمت علیه؛ لصیرورتها بالرضاع بنتاً أو اختاً أو بنت أخ أو بنت اخت له،فحرمت علیه لاحقاً،کما کانت تحرم علیه سابقاً.وکذا لو کانت له زوجتان صغیرة وکبیرة فأرضعت الکبیرة الصغیرة حرمت علیه الکبیرة،لأنّها صارت امّ زوجته،وکذلک الصغیرة إن کان رضاعها من لبنه،أو دخل بالکبیرة؛لکونها بنتاً له فی الأوّل وبنت زوجته المدخول بها فی الثانی.
تنبیه
إذا کان أخوان فی بیت واحد-مثلاً-وکانت زوجة کلّ منهما أجنبیّة عن الآخر،وأرادا أن تصیر زوجة کلّ منهما من محارم الآخر حتّی یحلّ له النظر
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 423
إلیها یمکن لهما الاحتیال؛بأن یتزوّج کلّ منهما بصبیّة وترضع زوجة کلّ منهما زوجة الآخر رضاعاً کاملاً،فصارت زوجة کلّ منهما امّاً لزوجة الآخر،فصارت من محارمه وحلّ نظره إلیها،وبطل نکاح کلتا الصبیّتین؛لصیرورة کلّ منهما بالرضاع بنت أخی زوجها.
(مسألة 1): إذا أرضعت امرأة ولد بنتها،وبعبارة اخری:أرضعت الولد جدّته من طرف الاُمّ،حرمت بنتها-اُمّ الولد-علی زوجها وبطل نکاحها؛سواء أرضعته بلبن أبی البنت أو بلبن غیره؛وذلک لأنّ زوج البنت أب للمرتضع وزوجته بنت للمرضعة جدّة الولد،و قد مرّ أنّه یحرم علی أبی المرتضع نکاح أولاد المرضعة،فإذا منع منه سابقاً أبطله لاحقاً.وکذا إذا أرضعت زوجة أبی البنت من لبنه ولد البنت،بطل نکاح البنت؛لما مرّ من أنّه یحرم نکاح أبی المرتضع فی أولاد صاحب اللبن.و أمّا الجدّة من طرف الأب إذا أرضعت ولد ابنها فلا یترتّب علیه شیء،کما أنّه لو کان رضاع الجدّة من طرف الاُمّ ولد بنتها بعد وفاة بنتها أو طلاقها أو وفاة زوجها لم یترتّب علیه شیء،فلا مانع منه.
(مسألة 2): لو زوّج ابنه الصغیر بابنة أخیه الصغیرة،ثمّ أرضعت جدّتهما من طرف الأب أو الاُمّ أحدهما انفسخ نکاحهما؛لأنّ المرتضع إن کان هو الذکر، فإن أرضعته جدّته من طرف الأب صار عمّاً لزوجته،و إن أرضعته جدّته من طرف الاُمّ صار خالاً لزوجته،و إن کان هو الاُنثی صارت هی عمّة لزوجها علی الأوّل،وخالة له علی الثانی،فبطل النکاح علی أیّ حال.
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 424
(مسألة 3): إذا حصل الرضاع الطارئ المبطل للنکاح،فإمّا أن یبطل نکاح المرضعة بإرضاعها،کما فی إرضاع الزوجة الکبیرة لشخص زوجته الصغیرة بالنسبة إلی نکاحها،و إمّا أن یبطل نکاح المرتضعة،کالمثال بالنسبة إلی نکاح الصغیرة،و إمّا أن یبطل نکاح غیرهما،کما فی إرضاع الجدّة من طرف الاُمّ ولد بنتها.والظاهر بقاء استحقاق الزوجة للمهر فی الجمیع إلّافی الصورة الاُولی فیما إذا کان الإرضاع وانفساخ العقد قبل الدخول،وهل تضمن المرضعة ما یغرمه الزوج من المهر قبل الدخول فیما إذا کان إرضاعها مبطلاً لنکاح غیرها؟ قولان،أقواهما العدم،والأحوط التصالح.
(مسألة 4): قد سبق أنّ العناوین المحرّمة من جهة الولادة و النسب سبعة:
الاُمّهات و البنات و الأخوات و العمّات و الخالات وبنات الأخ وبنات الاُخت.فإن حصل بسبب الرضاع أحد هذه العناوین کان محرّماً کالحاصل بالولادة،و قد عرفت فیما سبق کیفیة حصولها بالرضاع مفصّلاً.و أمّا لو لم یحصل بسببه أحد تلک العناوین السبعة،لکن حصل عنوان خاصّ لو کان حاصلاً بالولادة لکان ملازماً ومتّحداً مع أحد تلک العناوین السبعة-کما لو أرضعت امرأة ولد بنته فصارت امّ ولد بنته واُمّ ولد البنت لیست من تلک السبع،لکن لو کانت امومة ولد البنت بالولادة کانت بنتاً له و البنت من المحرّمات السبعة-فهل مثل هذا الرضاع أیضاً محرّم،فتکون مرضعة ولد البنت کالبنت أم لا؟ الحقّ هو الثانی،وقیل بالأوّل.و هذا هو الذی اشتهر فی الألسنة بعموم المنزلة الذی ذهب إلیه بعض الأجلّة ولنذکر لذلک أمثلة:
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 425
أحدها :زوجتک أرضعت بلبنک أخاها فصار ولدک،وزوجتک اخت له،فهل تحرم علیک من جهة أنّ اخت ولدک إمّا بنتک أو ربیبتک وهما محرّمتان علیک وزوجتک بمنزلتهما أم لا؟ فمن قال بعموم المنزلة یقول:نعم،ومن قال بالعدم یقول:لا.
ثانیها :زوجتک أرضعت بلبنک ابن أخیها فصار ولدک و هی عمّته،وعمّة ولدک حرام علیک؛لأنّها اختک،فهل تحرم من الرضاع أم لا؟ فمن قال بعموم المنزلة یقول:نعم،ومن قال بالعدم یقول:لا.
ثالثها :زوجتک أرضعت عمّها أو عمّتها أو خالها أو خالتها،فصارت امّهم واُمّ عمّ وعمّة زوجتک حرام علیک؛حیث إنّها جدّتها من الأب،وکذا امّ خال وخالة زوجتک حرام علیک؛حیث إنّها جدّتها من الاُمّ،فهل تحرم علیک من جهة الرضاع أم لا؟ فمن قال بعموم المنزلة یقول:نعم،ومن قال بالعدم یقول:لا.
رابعها :زوجتک أرضعت بلبنک ولد عمّها أو ولد خالها،فصرت أبا ابن عمّها أو أبا ابن خالها و هی تحرم علی أبی ابن عمّها وأبی ابن خالها؛لکونهما عمّها وخالها،فهل تحرم علیک من جهة الرضاع أم لا؟ فمن قال بعموم المنزلة یقول:
نعم،ومن قال بالعدم یقول:لا.
خامسها :امرأة أرضعت أخاک أو اختک لأبویک،فصارت امّاً لهما،و هی محرّمة فی النسب؛لأنّها امّ لک،فهل تحرم علیک من جهة الرضاع ویبطل نکاح المرضعة إن کانت زوجتک أم لا؟ فمن قال بعموم المنزلة یقول:نعم،ومن قال بالعدم یقول:لا.
سادسها :امرأة أرضعت ولد بنتک،فصارت امّاً له،فهل تحرم علیک لکونها بمنزلة بنتک و إن کانت المرضعة زوجتک بطل نکاحها أم لا؟ فمن قال بعموم
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 426
المنزلة یقول:نعم،ومن قال بالعدم یقول:لا.
سابعها :امرأة أرضعت ولد اختک،فصارت امّاً له،فهل تحرم علیک من جهة أنّ امّ ولد الاُخت حرام علیک؛لأنّها اختک،و إن کانت المرضعة زوجتک بطل نکاحها أم لا؟ فمن قال بعموم المنزلة یقول:نعم،ومن قال بالعدم یقول:لا.
ثامنها :امرأة أرضعت عمّک أو عمّتک أو خالک أو خالتک،فصارت امّهم،واُمّ عمّک وعمّتک نسباً تحرم علیک؛لأنّها جدّتک من طرف أبیک،وکذا امّ خالک وخالتک؛لأنّها جدّتک من طرف الاُمّ،فهل تحرم علیک بسبب الرضاع و إن کانت المرضعة زوجتک بطل نکاحها أم لا؟ فمن قال بعموم المنزلة یقول:نعم،ومن قال بالعدم یقول:لا.
(مسألة 5): لو شکّ فی وقوع الرضاع أو فی حصول بعض شروطه من الکمّیة أو الکیفیة بنی علی العدم،نعم یشکل فیما لو علم بوقوع الرضاع بشروطه، ولم یعلم بوقوعه فی الحولین أو بعدهما،وعلم تأریخ الرضاع وجهل تأریخ ولادة المرتضع،فحینئذٍ لا یترک الاحتیاط.
(مسألة 6): لا تقبل الشهادة علی الرضاع إلّامفصّلة؛بأن یشهد الشهود علی الارتضاع فی الحولین بالامتصاص من الثدی خمس عشرة رضعة متوالیات -مثلاً-إلی آخر ما مرّ من الشروط.ولا یکفی الشهادة المطلقة و المجملة؛بأن یشهد علی وقوع الرضاع المحرّم أو یشهد-مثلاً-علی أنّ فلان ولد فلانة،أو فلانة بنت فلان من الرضاع،بل یسأل منه التفصیل.
(مسألة 7): الأقوی أنّه تقبل شهادة النساء العادلات فی الرضاع مستقلّات؛
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 427
بأن تشهد أربع نسوة علیه،ومنضمّات؛بأن تشهد به امرأتان مع رجل واحد.
(مسألة 8): یستحبّ أن یختار لرضاع الأولاد،المسلمة العاقلة العفیفة الوضیئة ذات الأوصاف الحسنة،فإنّ للّبن تأثیراً تامّاً فی المرتضع کما یشهد به الاختبار ونطقت به الأخبار و الآثار،فعن الباقر علیه السلام:«قال رسول اللّٰه صلی الله علیه و آله و سلم:
لا تسترضعوا الحمقاء و العمشاء،فإنّ اللبن یعدی»،وعن أمیر المؤمنین علیه السلام:
«لا تسترضعوا الحمقاء،فإنّ اللبن یغلب الطباع»،وعنه علیه السلام:«انظروا من ترضع أولادکم فإنّ الولد یشبّ علیه»،إلی غیر ذلک من الأخبار المستفاد منها رجحان اختیار ذوات الصفات الحمیدة خلقاً وخُلقاً ومرجوحیة اختیار أضدادهنّ وکراهته،ولا سیّما الکافرة،و إن اضطرّ إلی استرضاعها فلیختر الیهودیة والنصرانیة علی المشرکة و المجوسیة،ومع ذلک لا یسلّم الطفل إلیهنّ ولا یذهبن بالولد إلی بیوتهنّ ویمنعها من شرب الخمر وأکل لحم الخنزیر.ومثل الکافرة أو أشدّ کراهة استرضاع الزانیة باللبن الحاصل من الزنا و المرأة المتولّدة من زناً، فعن الباقر علیه السلام:«لبن الیهودیة و النصرانیة و المجوسیة أحبّ إلیّ من ولد الزنا»، وعن الکاظم علیه السلام سئل عن امرأة زنت هل یصلح أن تسترضع؟ قال:«لا یصلح ولا لبن ابنتها التی ولدت من الزنا».
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 428