القول:فی الصید
ولیعلم أنّه کما یذکّی الحیوان ویحلّ أکل لحم ما حلّ أکله بالذبح الواقع علی النحو المعتبر شرعاً،یذکّی أیضاً بالصید علی النحو المعتبر،و هو إمّا بالحیوان أو بغیر الحیوان.وبعبارة اخری:الآلة التی یصاد بها:إمّا حیوانیة أو جمادیة،ویتمّ الکلام فی القسمین فی ضمن مسائل:
(مسألة 1): لا یحلّ من صید الحیوان ومقتوله إلّاما کان بالکلب المعلّم؛ سواء کان سلوقیاً أو غیره،وسواء کان أسود أو غیره،فلا یحلّ صید غیر الکلب من جوارح السباع کالفهد و النمر وغیرهما وجوارح الطیر کالبازی و العقاب والباشق وغیرها و إن کانت معلّمة،فما یأخذه الکلب المعلّم ویقتله بعقره وجرحه مذکّیً حلال أکله من غیر ذبح،فیکون عضّ الکلب وجرحه-علی أیّ موضع من الحیوان کان-بمنزلة ذبحه.
(مسألة 2): یعتبر فی حلّیة صید الکلب أن یکون معلّماً للاصطیاد،وعلامة کونه بتلک الصفة:أن یکون من عادته مع عدم المانع أن یسترسل ویهیج إلی
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 252
الصید لو أرسله صاحبه وأغراه به،وأن ینزجر ویقف عن الذهاب و الهیاج إذا زجره.واعتبر المشهور مع ذلک أن یکون من عادته-التی لا تتخلّف إلّانادراً- أن یمسک الصید ولا یأکل منه شیئاً حتّی یصل صاحبه،وفی اعتبار ذلک نظر و إن کان أحوط
(مسألة 3): یشترط فی حلّیة صید الکلب امور:
الأوّل :أن یکون ذلک بإرساله للاصطیاد،فلو استرسل بنفسه من دون إرسال لم یحلّ مقتوله و إن أغراه صاحبه بعد الاسترسال،حتّی فیما إذا أثّر إغراؤه فیه -بأن زاد فی عدوه بسببه-علی الأحوط.وکذلک الحال لو أرسله لا للاصطیاد بل لأمر آخر من دفع عدوّ أو طرد سبع أو غیر ذلک فصادف غزالاً-مثلاً- فصاده.والمعتبر قصد الجنس لا الشخص،فلو أرسله مسلم إلی صید غزال فصادف غزالاً آخر فأخذه وقتله کفی فی حلّه،وکذا لو أرسله إلی صید فصاده وغیره حلّا معاً.
الثانی :أن یکون المرسل مسلماً أو بحکمه کالصبیّ الملحق به،فلو أرسله کافر بجمیع أنواعه أو من کان بحکمه کالنواصب لم یحلّ أکل ما یقتله.
الثالث :أن یسمّی؛بأن یذکر اسم اللّٰه عند إرساله،فلو ترک التسمیة عمداً لم یحلّ مقتوله،ولا یضرّ لو کان الترک نسیاناً.وفی الاکتفاء بالتسمیة قبل الإصابة وجه قویّ ،إلّاأنّ الأحوط-احتیاطاً لا یترک-أن تکون عند الإرسال.
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 253
الرابع :أن یکون موت الحیوان مستنداً إلی جرحه وعقره،فلو کان بسبب صدمه أو خنقه أو إتعابه فی العدو أو ذهاب مرارته من جهة شدّة خوفه لم یحلّ.
الخامس :عدم إدراک صاحب الکلب الصید حیّاً مع تمکّنه من تذکیته؛بأن أدرکه میّتاً أو أدرکه حیّاً لکن لم یسع الزمان لذبحه.وملخّص هذا الشرط أنّه إذا أرسل کلبه إلی الصید فإن لحق به بعد ما أخذه وعقره وصار غیر ممتنع فوجده میّتاً کان ذکیّاً وحلّ أکله،وکذا إن وجده حیّاً ولم یتّسع الزمان لذبحه فترکه حتّی مات.و أمّا إن اتسع الزمان لذبحه لا یحلّ إلّابالذبح،فلو ترکه حتّی مات کان میتة.وأدنی ما یدرک ذکاته أن یجده تطرف عینیه أو ترکض رجله أو یحرّک ذنبه أو یده،فإن وجده هکذا واتّسع الزمان لذبحه لم یحلّ أکله إلّابالذبح.وکذلک الحال لو وجده بعد عقر الکلب علیه ممتنعاً فجعل یعدو خلفه فوقف له،فإن بقی من حیاته زماناً یتّسع لذبحه لم یحلّ إلّابالذبح،و إن لم یتّسع له حلّ بدونه.
ویلحق بعدم اتّساع الزمان ما إذا وسع ولکن کان ترک التذکیة لا بتقصیر منه،کما إذا اشتغل بأخذ الآلة وسلّ السکّین وامتنع الصید من التمکین-بما فیه من بقیّة قوّة ونحو ذلک-فمات قبل أن یمکنه الذبح.نعم لا یلحق به فقد الآلة علی الأحوط-لو لم یکن أقوی-فلو وجده حیّاً واتّسع الزمان لذبحه إلّاأنّه لم یکن عنده السکّین فلم یذبحه لذلک حتّی مات،لم یحلّ أکله.
(مسألة 4): هل یجب علی من أرسل الکلب،المسارعة و المبادرة إلی الصید من حین الإرسال،أو من حین ما رآه قد أصاب الصید و إن کان بعدُ علی
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 254
امتناعه،أو من حین ما أوقفه وصار غیر ممتنع،أو لا تجب أصلاً؟ الظاهر وجوبها من حین الإیقاف،فإذا أشعر بإیقافه وعدم امتناعه یجب علیه المسارعة العرفیة حتّی أنّه لو أدرکه حیّاً ذبحه،فلو لم یتسارع ثمّ وجده میّتاً لم یحلّ أکله.
و أمّا قبل ذلک فالظاهر عدم وجوبها و إن کان الاحتیاط لا ینبغی ترکه.هذا إذا احتمل ترتّب أثر علی المسارعة و اللحوق بالصید؛بأن احتمل أنّه یدرکه حیّاً ویقدر علی ذبحه من جهة اتّساع الزمان ووجود الآلة،و أمّا مع عدم احتماله -ولو من جهة عدم ما یذبح به-فلا إشکال فی عدم وجوبها،فلو خلّاه حینئذٍ علی حاله إلی أن قتله الکلب وأزهق روحه بعقره حلّ أکله.نعم لو توقّف إحراز کون موته بسبب جرح الکلب لا بسبب آخر علی التسارع إلیه وتعرّف حاله لزم علیه لأجل ذلک.
(مسألة 5): لا یعتبر فی حلّیة الصید وحدة المرسل ولا وحدة الکلب،فلو أرسل جماعة کلباً واحداً أو أرسل واحد أو جماعة کلاباً متعدّدة فقتلت صیداً حلّ أکله،نعم یعتبر فی المتعدّد-صائداً أو آلة-أن یکون الجمیع واجداً للاُمور المعتبرة شرعاً،فلو کان المرسل اثنین أحدهما مسلم و الآخر کافر،أو سمّی أحدهما دون الآخر،أو ارسل کلبان أحدهما معلّم و الآخر غیر معلّم،لم یحلّ.
(مسألة 6): لا یؤکل من الصید المقتول بالآلة الجمادیة إلّاما قتله السیف والسکّین و الخنجر ونحوها؛من الأسلحة التی تقطع بحدّها أو الرمح و السهم والنشّاب ممّا یشاک بحدّه حتّی العصا التی فی طرفها حدیدة محدّدة،من غیر فرق بین ما کان فیه نصل کالسهم الذی یرکب علیه الریش أو صنع قاطعاً أو شائکاً بنفسه.بل لا یبعد عدم اعتبار کونه من الحدید،فیکفی بعد کونه سلاحاً
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 255
قاطعاً أو شائکاً کونه من أیّ فلزّ کان حتّی الصفر و الذهب و الفضّة.بل یحتمل قویّاً عدم اعتبار کونه مستعملاً سلاحاً فی العادة فیشمل المخیط و السکّ و السفود ونحوها،إلّاأنّ الأحوط خلافه.والظاهر أنّه لا یعتبر الخرق و الجرح فی الآلة المذکورة-أعنی ذات الحدید المحدّدة-فلو رمی الصید بسهم أو طعنه برمح فقتله بالرمی و الطعن من دون أن یکون فیه أثر السهم و الرمح حلّ أکله.
ویلحق بالآلة الحدیدیة ما لم تشتمل علی الحدید،لکن تکون محدّدة کالمعراض -الذی هو کما قیل:خشبة لا نصل فیها إلّاأنّها محدّدة الطرفین ثقیلة الوسط-والسهم الحادّ الرأس الذی لا نصل فیه.لکن إنّما یحلّ مقتول هذه الآلة لو قتلت الصید بخرقها إیّاه وشوکها فیه ولو یسیراً،فلو قتلته بثقلها من دون خرق لم یحلّ.والحاصل أنّه یعتبر فی الآلة الجمادیة:إمّا أن تکون حدیدة محدّدة و إن لم تکن خارقة،و إمّا أن تکون محدّدة غیر حدیدیة بشرط کونها خارقة.
(مسألة 7): کلّ آلة جمادیة لم تکن ذات حدید محدّدة ولا محدّدة غیر حدیدیة قتلت بخرقها من المثقلات کالحجارة و المقمعة و العمود و البندقة لا یحلّ مقتولها،کالمقتول بالحبالة و الشبکة و الشرک ونحوها.نعم لا بأس بالاصطیاد بها وبالحیوان غیر الکلب کالفهد و النمر و البازی ونحوها؛بمعنی جعل الحیوان الممتنع بها غیر ممتنع وتحت الید،لکنّه لا یحلّ ما یصطاد بها إلّاإذا أدرک ذکاته فذکّاه.
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 256
(مسألة 8): لا یبعد حلّیة ما قتل بالآلة المعروفة المسمّاة بالتفنک إذا سمّی الرامی واجتمعت سائر الشرائط،والبندقة التی قلنا فی المسألة السابقة بحرمة مقتولها غیر هذه البندقة النافذة الخارقة،خصوصاً فی الطرز الجدید منها المستحدث فی هذه الأعصار الأخیرة ممّا صنع الرصاص فیه بشکل یشبه المخروط ولا یکون بشکل البندقة.
(مسألة 9): لا یعتبر فی حلّیة الصید بالآلة الجمادیة وحدة الصائد،ولا وحدة الآلة،فلو رمی شخص بالسهم وطعن آخر بالرمح وسمّیا معاً فقتلا صیداً حلّ إذا اجتمع الشرائط فی کلیهما،بل إذا أرسل أحد کلبه إلی صید ورماه آخر بسهم فقتل بهما حلّ ما قتلاه.
(مسألة 10): یشترط فی الصید بالآلة الجمادیة جمیع ما اشترط فی الصید بالآلة الحیوانیة،فیشترط کون الصائد مسلماً،والتسمیة عند استعمال الآلة،وأن یکون استعمال الآلة للاصطیاد،فلو رمی إلی هدف أو إلی عدوّ أو إلی خنزیر فأصاب غزالاً فقتله لم یحلّ و إن کان مسمّیاً عند الرمی لغرض من الأغراض، وکذا لو أفلت من یده فأصاب صیداً فقتله،وأن لا یدرکه حیّاً زماناً اتّسع للذبح، فلو أدرکه کذلک لم یحلّ إلّابالذبح،والکلام فی وجوب المسارعة وعدمه کما مرّ،وأن یستقلّ الآلة المحلّلة فی قتل الصید فلو شارکها فیه غیرها لم یحلّ،فلو سقط بعد إصابة السهم من الجبل أو وقع فی الماء واستند موته إلیهما،بل و إن لم یعلم استقلال إصابة السهم فی إماتته لم یحلّ،وکذا لو رماه شخصان
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 257
فقتلاه وسمّی أحدهما ولم یسمّ الآخر أو کان أحدهما مسلماً دون الآخر.
(مسألة 11): لا یشترط فی حلّیة الصید إباحة الآلة فیحلّ الصید بالکلب أو السهم المغصوبین و إن فعل حراماً وعلیه الاُجرة ویملکه الصائد دون صاحب الآلة.
(مسألة 12): الحیوان الذی یحلّ مقتوله-بالکلب و الآلة مع اجتماع الشرائط-کلّ حیوان ممتنع مستوحش من طیر أو وحش؛سواء کان کذلک بالأصل کالحمام و الظبی وبقر الوحش،أو کان إنسیاً فتوحّش أو استعصی کالبقر المستعصی و البعیر العاصی وکذلک الصائل من البهائم کالجاموس الصائل ونحوه،وبالجملة:کلّ ما لا یجیء تحت الید ولا یقدر علیه غالباً إلّابالعلاج.
فلا تقع التذکیة الصیدیة علی کلّ حیوان أهلی مستأنس؛سواء کان استئناسه أصلیاً کالدجاج و الشاة و البعیر و البقر أو عارضیاً کالظبی و الطیر المستأنسین، وکذا ولد الوحش قبل أن یقدر علی العدو،وفرخ الطیر قبل نهوضه للطیران،فلو رمی طائراً وفرخه الذی لم ینهض فقتلهما،حلّ الطائر دون الفرخ.
(مسألة 13): الظاهر أنّه کما تقع التذکیة الصیدیة علی الحیوان المأکول اللحم فیحلّ بها أکل لحمه،تقع علی غیر المأکول اللحم القابل للتذکیة أیضاً،فیطهر بها جلده ویجوز الانتفاع به.نعم القدر المتیقّن ما إذا کانت بالآلة الجمادیة،و أمّا الحیوانیة ففیها تأمّل وإشکال.
(مسألة 14): لو قطعت الآلة قطعة من الحیوان،فإن کانت الآلة غیر محلّلة کالشبکة و الحبالة یحرم الجزء الذی لیس فیه الرأس ومحالّ التذکیة وکذلک
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 258
الجزء الآخر إذا زال عنه الحیاة المستقرّة،و إن بقیت حیاته المستقرّة یحلّ بالتذکیة.و إن کانت الآلة محلّلة کالسیف فی الصید مع اجتماع الشرائط،فإن زال الحیاة المستقرّة عن الجزئین بهذا التقطیع حلّا معاً،وکذا إن بقیت الحیاة المستقرّة ولم یتّسع الزمان للتذکیة،و إن اتّسع لها لا یحلّ الجزء الذی فیه الرأس إلّا بالذبح،و أمّا الجزء الآخر فهو جزء مبان من الحیّ فیکون میتة.
(مسألة 15): یملک الحیوان الوحشی-وحشاً کان أو طیراً-بأحد امور ثلاثة:أحدها:وضع الید علیه وأخذه حقیقة،مثل أن یأخذ رجله أو قرنه أو جناحه أو شدّه بحبل ونحوه.ثانیها:وقوعه فی آلة معتادة للاصطیاد بها، کالحبالة و الشرک و الشبکة ونحوها إذا نصبها لذلک.ثالثها:أن یصیّره غیر ممتنع ویمسکه بآلة،مثل أن رماه فجرحه جراحة منعته عن العدو،أو کسر جناحه فمنعه عن الطیران؛سواء کانت الآلة من الآلات المحلّلة للصید کالسهم و الکلب المعلّم،أو من غیرها کالحجارة و الخشب و الفهد و الباز و الشاهین وغیرها.
ویعتبر فی هذا أیضاً أن یکون إعمال الآلة بقصد الاصطیاد و التملّک،فلو رماه عبثاً أو هدفاً أو لغرض آخر لم یملکه الرامی،فلو أخذه شخص آخر بقصد التملّک ملکه.
(مسألة 16): الظاهر أنّه یلحق بآلة الاصطیاد کلّ ما جعل وسیلة لإثبات
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 259
الحیوان وزوال امتناعه؛ولو بحفر حفیرة فی طریقه لیقع فیها فوقع فیها،أو باتّخاذ أرض وإجراء الماء علیها لتصیر موحلة فیتوحّل فیها فتوحّل فیها،أو فتح باب البیت وإلقاء الحبوب فیه لیدخل فیه العصافیر فدخلت فأغلق علیها الباب.نعم لو عشّش الطیر فی داره لم یملکه بمجرّد ذلک،وکذا لو توحّل حیوان فی أرضه الموحلة ما لم یجعلها کذلک لأجل ذلک،فلو أخذه إنسان بعد ذلک ملکه و إن عصی فی دخول داره أو أرضه بغیر إذنه.
(مسألة 17): لو سعی خلف حیوان حتّی أعیاه ووقف عن العدو لم یملکه ما لم یأخذه،فلو أخذه غیره قبل أن یأخذه ملکه.
(مسألة 18): لو وقع حیوان فی شبکة منصوبة للاصطیاد،ولم تمسکه الشبکة لضعفها وقوّته فانفلت منها،لم یملکه ناصبها،وکذا إن أخذ الشبکة وانفلت بها من دون أن یزول عنه الامتناع،فإن صاده غیره ملکه وردّ الشبکة إلی صاحبها،نعم لو أمسکته الشبکة وأثبتته ثمّ انفلت منها بسبب من الأسباب الخارجیة لم یخرج بذلک عن ملکه،کما لو أمسکه بیده ثمّ انفلت منها،وکذا لو مشی بالشبکة علی وجه لا یقدر علی الامتناع فإنّه لناصبها،فلو أخذه غیره لم یملکه،بل یجب أن یردّه إلیه.
(مسألة 19): لو رماه فجرحه لکن لم یخرجه عن الامتناع فدخل داراً فأخذه صاحب الدار ملکه بأخذه لا بدخول الدار،کما أنّه لو رماه ولم یثبته فرماه شخص آخر فهو للثانی لا الأوّل.
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 260
(مسألة 20): لو أطلق الصائد صیده من یده،فإن لم یقصد الإعراض عنه لم یخرج عن ملکه ولا یملکه غیره باصطیاده،و إن قصد الإعراض وزوال ملکه عنه فالظاهر أنّه یصیر کالمباح جاز اصطیاده لغیره ویملکه،ولیس للأوّل الرجوع إلی الثانی بعد ما ملکه علی الأقوی.
(مسألة 21): إنّما یملک غیر الطیر بالاصطیاد إذا لم یعلم کونه ملکاً للغیر ولو من جهة وجود آثار الید-التی هی أمارة علی الملک-فیه کما إذا کان طوق فی عنقه أو قرط فی اذنه أو شدّ حبل فی أحد قوائمه.و أمّا إذا علم ذلک لم یملکه الصائد بل یردّ إلی صاحبه إن عرفه،و إن لم یعرفه یکون بحکم اللقطة ومجهول المالک.و أمّا الطیر فإن کان مقصوص الجناحین کان بحکم ما علم أنّ له مالکاً ،فیردّ إلی صاحبه إن عرف،و إن لم یعرف کان لقطة،و أمّا إن ملک جناحیه یتملّک بالاصطیاد إلّاإذا کان له مالک معلوم،فیجب علیه ردّه إلیه، والأحوط فیما إذا علم أنّ له مالکاً ولم یعرفه أن یعامل معه معاملة اللقطة ومجهول المالک کغیر الطیر.
(مسألة 22): لو صنع برجاً لتعشیش الحمام فعشّشت فیه لم یملکها، خصوصاً لو کان الغرض حیازة زرقها-مثلاً-فیجوز لغیره صیدها ویملک ما صاده،بل لو أخذ حمامة من البرج ملکها و إن أثم من جهة الدخول فیه بغیر إذن مالکه،وکذلک فیما إذا عشّشت فی بئر مملوکة فإنّه لا یملکها مالک البئر.
(مسألة 23): الظاهر أنّه یکفی فی تملّک النحل الغیر المملوکة أخذ أمیرها، فمن أخذه من الجبال-مثلاً-واستولی علیه یملکه،ویملک کلّ ما تتبعه من
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 261
النحل ممّا تسیر بسیره وتقف بوقوفه،وتدخل الکنّ وتخرج منه بدخوله وخروجه.
(مسألة 24): ذکاة السمک إمّا بإخراجه من الماء حیّاً،أو بأخذه بعد خروجه منه قبل موته؛سواء کان ذلک بالید أو بآلة کالشبکة ونحوها،فلو وثب علی الجدّ أو نبذه البحر إلی الساحل أو نضب الماء الذی کان فیه،حلّ لو أخذه إنسان قبل أن یموت،وحرم لو مات قبل الأخذ و إن أدرکه حیّاً ناظراً إلیه علی الأقوی.
(مسألة 25): لا یشترط فی تذکیة السمک-عند إخراجه من الماء أو أخذه بعد خروجه منه-التسمیة،کما أنّه لا یعتبر فی صائده الإسلام،فلو أخرجه کافر أو أخذه فمات بعد أخذه حلّ؛سواء کان کتابیاً أو غیره.نعم لو وجده فی یده میّتاً لم یحلّ أکله ما لم یعلم أنّه قد مات خارج الماء بعد إخراجه أو أخذه بعد خروجه وقبل موته،ولا یحرز ذلک بکونه فی یده ولا بقوله لو أخبر به،بخلاف ما إذا کان فی ید مسلم فإنّه یحکم بتذکیته حتّی یعلم خلافها.
(مسألة 26): لو وثب من الماء سمکة إلی السفینة لم یحلّ ما لم یؤخذ بالید، ولم یملکه السفّان ولا صاحب السفینة بل کلّ من أخذه ملکه.نعم لو قصد صاحب السفینة الصید بها؛بأن جعل فی السفینة ضوءاً باللیل ودقّ بشیء کالجرس لیثب فیها السموک فوثبت فیها فالوجه أنّه یملکها،ویکون وثوبها فیها بسبب هذا الصنع بمنزلة إخراجها حیّاً فیکون به تذکیتها.
(مسألة 27): لو نصب شبکة أو صنع حظیرة فی الماء لاصطیاد السمک فکلّ ما وقع واحتبس فیهما ملکه،فإن أخرج ما فیها من الماء حیّاً حلّ بلا إشکال،
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 262
وکذا لو نضب الماء وغار ولو بسبب جزره فماتت فیهما بعد نضوبه،و أمّا لو ماتت فی الماء فهل هی حلال أم لا؟ قولان،أشهرهما وأحوطهما الثانی،بل لا یخلو من قوّة.نعم لو أخرج الشبکة من الماء فوجد بعض ما فیه من السمک أو کلّه میّتاً،ولم یدر أنّه قد مات فی الماء أو بعد خروجه لا یبعد البناء علی الثانی وحلّیة أکله.
(مسألة 28): لو أخرج السمک من الماء حیّاً ثمّ أعاده إلی الماء-مربوطاً أو غیر مربوط-فمات فیه حرم.
(مسألة 29): لو طفا السمک علی الماء وزال امتناعه بسبب من الأسباب، مثل أن ضرب بمضراب أو بلع ما یسمّی ب«الزهر»فی لسان بعض الناس أو غیر ذلک،فإن أدرکه إنسان وأخذه وأخرجه من الماء قبل أن یموت حلّ و إن مات علی الماء حرم.و إن ألقی الزهر أحد فبلعه السمک وصار علی وجه الماء لم یملکه الملقی ما لم یأخذه،فلو أخذه غیره ملکه،من غیر فرق بین ما إذا لم یقصد سمکاً معیّناً کما إذا ألقاه فی الشطّ فبلعه بعض السموک أو قصد سمکاً معیّناً وألقاه له فبلعه فطفا علی الماء،علی إشکال فی الثانی ؛ لاحتمال کونه کإثبات صید البرّ وإزالة امتناعه بالرمی و قد مرّ فی بابه أنّه للرامی فلا یملکه غیره بالأخذ.وکذلک الحال فیما إذا ازیل امتناع السمک باستعمال آلة کما لو رماه بالرصاص فطفا علی الماء وفیه حیاة،بل الأمر
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 263
فیه أشکل؛لقوّة احتمال کونه ملکاً لرامیه لا لمن أخذه.
(مسألة 30): لا یعتبر فی حلّیة السمک-بعد ما اخرج من الماء حیّاً أو اخذ حیّاً بعد خروجه-أن یموت خارج الماء بنفسه،فلو قطعه قبل أن یموت ومات بالتقطیع،بل لو شوّاه حیّاً حلّ أکله.بل لا یعتبر فی حلّه الموت من أصله فیحلّ بلعه حیّاً،بل لو قطع منه قطعة واُعید الباقی إلی الماء حلّ ما قطعه؛سواء مات الباقی فی الماء أم لا،نعم لو قطع منه قطعة و هو فی الماء حیّ أو میّت لم یحلّ ما قطعه.
(مسألة 31): ذکاة الجراد أخذه حیّاً؛سواء کان بالید أو بالآلة،فلو مات قبل أخذه حرم.ولا یعتبر فیه التسمیة ولا إسلام الآخذ کما مرّ فی السمک.نعم لو وجده میّتاً فی ید الکافر لم یحلّ ما لم یعلم بأخذه حیّاً،ولا یجدی یده ولا إخباره فی إحراز ذلک کما تقدّم فی السمک.
(مسألة 32): لو وقعت نار فی أجمة ونحوها فأحرقت ما فیها من الجراد، لم یحلّ و إن قصده المحرق،نعم لو أحرقها أو شوّاها أو طبخها بعد ما اخذت قبل أن تموت حلّ کما مرّ فی السمک،کما أنّه لو فرض کون النار آلة صید الجراد بأ نّه لو أجّجها اجتمعت من الأطراف وألقت أنفسها فیها فأجّجها لذلک فاجتمعت واحترقت بها،لا یبعد حلّیة ما احترقت بها من الجراد؛لکونها حینئذٍ من آلات الصید کالشبکة و الحظیرة للسمک.
(مسألة 33): لا یحلّ من الجراد ما لم یستقلّ بالطیران و هو المسمّی ب«الدبی»علی وزن العصا،و هو الجراد إذا تحرّک ولم تنبت بعدُ أجنحته.
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 264