القول:فی المفلّس
و هو من حجر علیه عن ماله لقصوره عن دیونه.
(مسألة 1): من کثرت علیه الدیون ولو کانت أضعاف أمواله،یجوز له التصرّف فیها بأنواعه ونفذ أمره فیها بأصنافه؛ولو بإخراجها جمیعاً عن ملکه مجّاناً أو بعوض ما لم یحجر علیه الحاکم الشرعی.نعم لو کان صلحه عنها،أو هبتها-مثلاً-لأجل الفرار من أداء الدیون یشکل الصحّة،خصوصاً فیما إذا لم یرج حصول مال آخر له باکتساب ونحوه.
(مسألة 2): لا یجوز الحجر علی المفلّس إلّابشروط أربعة:الأوّل:أن تکون دیونه ثابتة شرعاً.الثانی:أن تکون أمواله من عروض ونقود ومنافع ودیون علی الناس-ما عدا مستثنیات الدین-قاصرة عن دیونه.الثالث:أن تکون الدیون حالّة،فلا یحجر علیه لأجل الدیون المؤجّلة و إن لم یفِ ماله بها لو حلّت،ولو
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 105
کان بعضها حالّاً وبعضها مؤجّلاً،فإن قصر ماله عن الحالّة یحجر علیه وإلّا فلا.الرابع:أن یرجع الغرماء کلّهم أو بعضهم إلی الحاکم ویلتمسوا منه الحجر علیه.
(مسألة 3): بعد ما تمّت الشرائط الأربعة وحجر علیه الحاکم وحکم بذلک، تعلّق حقّ الغرماء بأمواله ولا یجوز له التصرّف فیها بعوض کالبیع و الإجارة وبغیر عوض کالوقف و الهبة إلّابإذنهم أو إجازتهم.و إنّما یمنع عن التصرّفات الابتدائیة،فلو اشتری شیئاً سابقاً بخیار ثمّ حجر علیه فالخیار باقٍ وکان له فسخ البیع وإجازته.نعم لو کان له حقّ مالی سابقاً علی الغیر لیس له إسقاطه وإبراؤه کلاًّ أو بعضاً.
(مسألة 4): إنّما یمنع عن التصرّف فی أمواله الموجودة فی زمان الحجر علیه،و أمّا الأموال المتجدّدة الحاصلة له بغیر اختیاره کالإرث أو باختیاره بمثل الاحتطاب والاصطیاد وقبول الوصیّة و الهبة ونحو ذلک،ففی شمول الحجر لها إشکال،نعم لا إشکال فی جواز تجدید الحجر علیها.
(مسألة 5): لو أقرّ بعد الحجر بدین سابق صحّ وشارک المقرّ له مع الغرماء،وکذا لو أقرّ بدین لاحق وأسنده إلی سبب لا یحتاج إلی رضا الطرفین مثل الإتلاف و الجنایة ونحوهما،و أمّا لو أسنده إلی سبب یحتاج إلی ذلک
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 106
کالاقتراض و الشراء بما فی الذمّة ونحو ذلک نفذ الإقرار فی حقّه،لکن لا یشارک المقرّ له مع الغرماء.
(مسألة 6): لو أقرّ بعین من الأعیان التی تحت یده لشخص،لا إشکال فی نفوذ إقراره فی حقّه،فلو سقط حقّ الغرماء وانفکّ الحجر لزمه تسلیمها إلی المقرّ له أخذاً بإقراره،و أمّا نفوذه فی حقّ الغرماء بحیث تدفع إلی المقرّ له فی الحال، ففیه إشکال،الأقوی العدم.
(مسألة 7): بعد ما حکم الحاکم بحجر المفلّس ومنعه عن التصرّف فی أمواله یشرع فی بیعها وقسمتها بین الغرماء بالحصص وعلی نسبة دیونهم،مستثنیاً منها مستثنیات الدین و قد مرّت فی کتاب الدین،وکذا أمواله المرهونة عند الدیّان لو کان،فإنّ المرتهن أحقّ باستیفاء حقّه من الرهن الذی عنده،ولا یحاصّه فیه سائر الغرماء و قد مرّ فی کتاب الرهن.
(مسألة 8): إن کان من جملة مال المفلّس عین اشتراها،وکان ثمنها فی ذمّته،کان البائع بالخیار بین أن یفسخ البیع ویأخذ عین ماله وبین الضرب مع الغرماء بالثمن ولو لم یکن له مال سواها.
(مسألة 9): قیل:هذا الخیار علی الفور،فإن لم یبادر بالرجوع فی العین تعیّن له الضرب مع الغرماء و هو أحوط،لکن الظاهر العدم.نعم لیس له الإفراط فی تأخیر الاختیار بحیث تعطّل أمر التقسیم علی الغرماء،فإذا وقع منه ذلک خیّره الحاکم بین الأمرین فإن امتنع عن اختیار أحدهما ضربه مع الغرماء بالثمن.
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 107
(مسألة 10): یعتبر فی جواز رجوع البائع بالعین حلول الدین،فلا رجوع لو کان مؤجّلاً.
(مسألة 11): لو کانت العین من مستثنیات الدین لیس للبائع أن یرجع إلیها علی الأظهر.
(مسألة 12): المقرض کالبائع فی أنّ له الرجوع فی العین المقترضة لو وجدها عند المقترض،بل وکذا المؤجر فإنّ له فسخ الإجارة إذا حجر علی المستأجر قبل استیفاء المنفعة.
(مسألة 13): لو وجد البائع أو المقرض بعض العین المبیعة أو المقترضة، کان لهما الرجوع إلی الموجود بحصّته من الدین و الضرب بالباقی مع الغرماء، کما أنّ لهما الضرب بتمام الدین معهم.وکذا إذا استوفی المستأجر بعض المنفعة کان للمؤجر فسخ الإجارة بالنسبة إلی ما بقی من المدّة بحصّتها من الاُجرة و الضرب مع الغرماء بما قابلت المنفعة الماضیة،کما أنّ له الضرب معهم بتمام الاُجرة.
(مسألة 14): لو زادت فی العین المبیعة أو المقترضة زیادة متّصلة کالسمن تتبع الأصل،فیرجع البائع أو المقرض إلی العین کما هی.و أمّا الزیادة المنفصلة کالحمل و الولد و اللبن و الثمر علی الشجر فهی للمشتری و المقترض ولیس للبائع والمقرض إلّاالرجوع إلی الأصل.
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 108
(مسألة 15): لو تعیّبت العین عند المشتری-مثلاً-فإن کان بآفة سماویة أو بفعل المشتری فللبائع أن یأخذها کما هی بدل الثمن وأن یضرب بالثمن مع الغرماء،وکذا لو کان بفعل البائع .و أمّا إن کان بفعل الأجنبیّ فالبائع بالخیار بین أن یضرب مع الغرماء بتمام الثمن وبین أن یأخذ العین معیباً،وحینئذٍ فیحتمل أن یضارب الغرماء فی جزء من الثمن نسبته إلیه کنسبة الأرش إلی قیمة العین، ویحتمل أن یضاربهم فی تمام الأرش،فإذا کان الثمن عشرة وقیمة العین عشرین وأرش النقصان أربعة-خمس القیمة-فعلی الأوّل یضاربهم فی اثنین وعلی الثانی فی أربعة.ولو فرض العکس بأن کان الثمن عشرین و القیمة عشرة وکان الأرش اثنین-خمس العشرة-یکون الأمر بالعکس یضاربهم فی أربعة علی الأوّل وفی اثنین علی الثانی،والمسألة محلّ إشکال،فالأحوط للبائع أن یقتصر علی أقلّ الأمرین و هو الاثنان فی الصورتین.
(مسألة 16): لو اشتری أرضاً فأحدث فیها بناءً أو غرساً ثمّ فلس کان للبائع الرجوع إلی أرضه،لکنّ البناء و الغرس للمشتری ولیس له حقّ البقاء ولو بالاُجرة،فإن تراضیا علی البقاء مجّاناً أو بالاُجرة،وإلّا فللبائع إلزامه بالقلع لکن مع دفع الأرش،کما أنّ للمشتری القلع لکن مع طمّ الحفر،والأحوط للبائع عدم إلزامه بالقلع و الرضا ببقائه ولو بالاُجرة إذا أراده المشتری.
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 109
(مسألة 17): لو خلط المشتری-مثلاً-ما اشتراه بماله،فإن کان بغیر جنسه لیس للبائع الرجوع فی ماله وبطل حقّه من العین،و إن کان بجنسه کان له ذلک؛سواء خلط بالمساوی أو الأردأ أو الأجود،وبعد الرجوع یشارک المفلّس بنسبة مالهما فی المقدار.لکن فیما إذا اختلط بالمساوی اقتسماه عیناً بنسبة مالهما.و أمّا فی غیره فیباع المجموع ویخصّ کلّ منهما من الثمن بنسبة قیمة ماله،فإذا خلط منّ من زیت یسوی درهماً بمنّ من زیت یسوی درهمین یقسّم الثمن بینهما أثلاثاً،و إذا أراد أحدهما البیع لیس للآخر الامتناع.نعم لصاحب الأجود مطالبة القسمة العینیة بنسبة مقدار المالین فإنّه قد رضی بدون حقّه ولیس للآخر الامتناع ومطالبة البیع وتقسیم الثمن بنسبة القیمة.هذا ولکن فی أصل المسألة-و هو کون البائع أحقّ بماله فی صورة الامتزاج-عندی تأمّل وإشکال،فالأحوط عدم الرجوع إلّامع رضا الغرماء.
(مسألة 18): لو اشتری غزلاً فنسجه،أو دقیقاً فخبزه،أو ثوباً فقصّره أو صبغه،لم یبطل حقّ البائع من العین،علی إشکال فی الأوّلین.
(مسألة 19): غریم المیّت کغریم المفلّس،فإذا وجد عین ماله فی ترکته کان له الرجوع إلیه،لکن بشرط أن یکون ما ترکه وافیاً بدین الغرماء وإلّا فلیس له ذلک،بل هو کسائر الغرماء یضرب بدینه معهم و إن کان المیّت قد مات محجوراً علیه.
(مسألة 20): یجری علی المفلّس إلی یوم قسمة ماله نفقته وکسوته ونفقة
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 110
من یجب علیه نفقته وکسوته علی ما جرت علیه عادته.ولو مات قدّم کفنه بل وسائر مؤن تجهیزه من السدر و الکافور وماء الغسل ونحو ذلک علی حقوق الغرماء،ویقتصر علی الواجب علی الأحوط،و إن کان القول باعتبار المتعارف بالنسبة إلی أمثاله لا یخلو من قوّة
(مسألة 21): لو قسّم الحاکم مال المفلّس بین غرمائه،ثمّ ظهر غریم آخر لم ینتقض القسمة علی الأقوی،بل یشارک مع کلّ منهم علی الحساب،فإذا کان مجموع ماله ستّین وکان له غریمان یطلب أحدهما ستّین و الآخر ثلاثین فأخذ الأوّل أربعین و الثانی عشرین ثمّ ظهر ثالث یطلب منه عشرة یأخذ من الأوّل أربعة ومن الثانی اثنین،فیصیر حصّة الأوّل ستّة وثلاثین و الثانی ثمانیة عشر و الثالث ستّة،یأخذ کلّ منهم ثلاثة أخماس طلبه وهکذا.
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 111