کتاب المساقاة
و هی المعاملة علی اصول ثابتة؛بأن یسقیها مدّة معیّنة بحصّة من ثمرها.
و هی عقد من العقود یحتاج إلی إیجاب وقبول،واللفظ الصریح فی إیجابها أن یقول ربّ الاُصول:«ساقیتک»أو«عاملتک» أو«سلّمت إلیک»وما أشبه ذلک، وفی القبول:«قبلت»ونحو ذلک،ویکفی فیهما کلّ لفظ دالّ علی المعنی المذکور بأیّ لغة کانت،والظاهر کفایة القبول الفعلی بعد الإیجاب القولی کالمزارعة.
ویعتبر فیها-بعد شرائط المتعاقدین من البلوغ و العقل و القصد والاختیار وعدم الحجر -أن تکون الاُصول مملوکة عیناً ومنفعة أو منفعة فقط،وأن تکون معیّنة عندهما معلومة لدیهما،وأن تکون مغروسة ثابتة،فلا تصحّ فی الفسیل قبل الغرس،ولا علی اصول غیر ثابتة کالبطّیخ و الخیار و الباذنجان وأشباهها، وأن تکون المدّة معلومة مقدّرة بما لا یحتمل الزیادة و النقصان کالأشهر و السنین،
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 67
والظاهر کفایة جعل المدّة إلی بلوغ الثمر فی العام الواحد إذا عیّن مبدأ الشروع فی السقی،وأن تکون الحصّة معیّنة مشاعة بینهما مقدّرة بمثل النصف أو الثلث أو الربع ونحو ذلک،فلا تصحّ أن یجعل لأحدهما مقداراً معیّناً و البقیّة للآخر،أو یجعل لأحدهما أشجاراً معلومة وللآخر اخری،نعم لا یبعد جواز أن یشترط اختصاص أحدهما بأشجار معلومة والاشتراک فی البقیّة،أو یشترط لأحدهما مقدار معیّن مع الاشتراک فی البقیّة إذا علم کون الثمر أزید من ذلک المقدار وأ نّه تبقی بقیّة.
(مسألة 1): لا إشکال فی صحّة المساقاة قبل ظهور الثمر،کما لا إشکال فی عدم الصحّة بعد البلوغ و الإدراک بحیث لا یحتاج إلی عمل غیر الحفظ والاقتطاف.وفی صحّتها بعد الظهور وقبل البلوغ قولان،أقواهما أوّلهما ، خصوصاً إذا کان فی جملتها بعض الأشجار التی لم تظهر بعد ثمرها.
(مسألة 2): لا یجوز المساقاة علی الأشجار الغیر المثمرة کالخلاف ونحوه.نعم لا یبعد جوازها علی ما ینتفع منها بورقه کالتوت الذکر والحنّاء ونحوهما.
(مسألة 3): یجوز المساقاة علی فسلان مغروسة قبل أن صارت مثمرة؛ بشرط أن تجعل المدّة بمقدار تصیر مثمرة فیها کخمس سنین أو ستّ أو أزید.
(مسألة 4): إذا کانت الأشجار لا تحتاج إلی السقی-لاستغنائها بماء السماء
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 68
أو لمصّها من رطوبات الأرض-ولکن احتاجت إلی أعمال اخر یشکل صحّة المساقاة علیها،فلا یترک فیه الاحتیاط.
(مسألة 5): إذا اشتملت البستان علی أنواع من الشجر و النخیل یجوز أن یفرد کلّ نوع بحصّة مخالفة للحصّة من النوع الآخر،کما إذا جعل النصف فی ثمرة النخل و الثلث فی الکرم و الربع فی الرمّان-مثلاً-لکن إذا علما بمقدار کلّ نوع من الأنواع.
(مسألة 6): من المعلوم أنّ ما یحتاج إلیه البساتین و النخیل و الأشجار فی إصلاحها وتعمیرها واستزادة ثمارها وحفظها أعمال کثیرة:فمنها:ما یتکرّر کلّ سنة مثل إصلاح الأرض وتنقیة الأنهار وإصلاح طریق الماء وإزالة الحشیش المضرّ وتهذیب جرائد النخل و الکرم و التلقیح و اللقاط و التشمیس وإصلاح موضعه وحفظ الثمرة إلی وقت القسمة وغیر ذلک.ومنها:ما لا یتکرّر غالباً کحفر الآبار و الأنهار وبناء الحائط و الدولاب و الدالیة ونحو ذلک.فمع إطلاق عقد المساقاة،الظاهر أنّ القسم الثانی علی المالک،و أمّا القسم الأوّل فیتّبع التعارف و العادة،فما جرت العادة علی کونه علی المالک أو العامل کان هو المتّبع ولا یحتاج إلی التعیین،ولعلّ ذلک یختلف باختلاف البلاد،و إذا لم یکن عادة لا بدّ من التعیین وأ نّه علی المالک أو العامل.
(مسألة 7): المساقاة لازمة من الطرفین،لا تنفسخ إلّابالتقایل أو الفسخ بخیار بسبب الاشتراط أو تخلّف بعض الشروط.ولا تبطل بموت
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 69
أحدهما،بل یقوم وارثهما مقامهما،نعم لو کانت مقیّدة بمباشرة العامل تبطل بموته.
(مسألة 8): لا یشترط فی المساقاة أن یکون العامل مباشراً للعمل بنفسه، فیجوز أن یستأجر أجیراً لبعض الأعمال وتمامها ویکون علیه الاُجرة.وکذا یجوز أن یتبرّع عنه متبرّع بالعمل ویستحقّ العامل الحصّة المقرّرة،نعم لو لم یقصد التبرّع عنه ففی کفایته إشکال،وأشکل منه إذا قصد التبرّع عن المالک، وکذا الحال فیما إذا لم یکن علیه إلّاالسقی ویستغنی عنه بالأمطار ولم یحتج إلی السقی أصلاً.نعم لو کان علیه أعمال اخر غیر السقی واستغنی عنه بالمطر وبقی سائر الأعمال فالظاهر استحقاق حصّته
(مسألة 9): یجوز أن یشترط للعامل مع الحصّة من الثمر شیئاً آخر من ذهب أو فضّة أو غیرهما،وکذا حصّة من الاُصول مشاعاً أو مفروزاً.
(مسألة 10): کلّ موضع بطل فیه عقد المساقاة یکون الثمر للمالک وللعامل اجرة مثل عمله،إلّاإذا کان عالماً بالفساد ومع ذلک أقدم علی العمل.
(مسألة 11): یملک العامل الحصّة من الثمر حین ظهوره،فإذا مات بعد الظهور قبل القسمة وبطلت المساقاة من جهة أنّه قد اشترط مباشرته للعمل
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 70
انتقلت إلی وارثه،وتجب علیه الزکاة إذا بلغت حصّته النصاب.
(مسألة 12): المغارسة باطلة،و هی أن یدفع أرضاً إلی غیره لیغرس فیها علی أن یکون المغروس بینهما؛سواء اشترط کون حصّة من الأرض أیضاً للعامل أو لا،وسواء کانت الاُصول من المالک أو من العامل،وحینئذٍ یکون الغرس لصاحبه،فإن کانت من مالک الأرض فعلیه اجرة عمل الغارس،و إن کانت من الغارس فعلیه اجرة الأرض للمالک.فإن تراضیا علی الإبقاء بالاُجرة أو لا معها فذاک،وإلّا فلمالک الأرض الأمر بالقلع وعلیه أرش نقصانه إن نقص بسبب القلع،کما أنّ للغارس قلعه وعلیه طمّ الحفر ونحو ذلک ممّا حصل بالغرس، ولیس لصاحب الأرض إلزامه بالإبقاء ولو بلا اجرة.
(مسألة 13): بعد بطلان المغارسة یمکن أن یتوصّل إلی نتیجتها بإدخالها تحت عنوان آخر مشروع،کأن یشترکا فی الاُصول:إمّا بشرائها بالشرکة ولو بأن یوکّل صاحب الأرض الغارس فی أنّ کلّ ما یشتری من الفسیل یشتریه لهما بالاشتراک،ثمّ یؤاجر الغارس نفسه لغرس حصّة صاحب الأرض وسقیها وخدمتها فی مدّة معیّنة بنصف منفعة أرضه إلی تلک المدّة أو بنصف عینها،أو بتملیک أحدهما للآخر نصف الاُصول-مثلاً-إذا کانت من أحدهما،ویجعل العوض إذا کانت من صاحب الأرض الغرس و الخدمة إلی مدّة معیّنة شارطاً علی نفسه بقاء حصّة الغارس فی أرضه مجّاناً إلی تلک المدّة،و إذا کانت من الغارس یجعل العوض نصف عین الأرض أو نصف منفعتها إلی مدّة معیّنة شارطاً علی نفسه غرس حصّة صاحب الأرض وخدمتها إلی تلک المدّة.
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 71
(مسألة 14): الخراج الذی یأخذه السلطان من النخیل و الأشجار فی الأراضی الخراجیة علی المالک،إلّاإذا اشترطا کونه علی العامل أو علیهما.
(مسألة 15): لا یجوز للعامل فی المساقاة أن یساقی غیره إلّابإذن المالک، لکن مرجع إذنه فیها إلی توکیله فی إیقاع مساقاة اخری للمالک مع شخص ثالث بعد فسخ المساقاة الاُولی،فلا یستحقّ العامل الأوّل شیئاً.
کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 72