المجلد الثانی

کتاب العاریة

‏ ‏

کتاب العاریة 

‏و هی التسلیط ‏‎[1]‎‏علی العین للانتفاع بها علی جهة التبرّع.و هی من العقود ‏‎ ‎‏تحتاج إلی إیجاب وقبول،فالإیجاب کلّ لفظ له ظهور عرفی فی إرادة هذا ‏‎ ‎‏المعنی،کقوله:«أعرتک»أو«أذنت لک فی الانتفاع به»أو«انتفع به»أو«خذه ‏‎ ‎‏لتنتفع به»ونحو ذلک،والقبول کلّما أفاد الرضا بذلک،ویجوز أن یکون بالفعل؛ ‏‎ ‎‏بأن یأخذ العین المعارة بعد إیجاب المعیر بهذا العنوان،بل الظاهر أنّه لا یحتاج ‏‎ ‎‏فی وقوعها وصحّتها إلی لفظ أصلاً فتقع بالمعاطاة کما إذا دفع إلیه قمیصاً لیلبسه ‏‎ ‎‏فأخذه للبس أو دفع إلیه إناءً أو بساطاً لیستعمله فأخذه واستعمله.‏

‏         (مسألة 1): یعتبر فی المعیر أن یکون مالکاً للمنفعة،وله أهلیة التصرّف، ‏‎ ‎‏فلا تصحّ إعارة الغاصب عیناً أو منفعة،وفی جریان الفضولیة فیها حتّی تصحّ ‏‎ ‎‏بإجازة المالک کالبیع و الإجارة وجه قویّ.وکذا لا تصحّ إعارة الصبیّ و المجنون ‏‎ ‎‏والمحجور علیه-لسفه أو فلس-إلّامع إذن الولیّ أو الغرماء،وفی صحّة ‏‎ ‎‏إعارة الصبیّ بإذن الولیّ احتمال لا یخلو من قوّة.‏

‏         (مسألة 2): لا یشترط فی المعیر ملکیة العین،بل یکفی ملکیة المنفعة ‏‎ ‎

کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 5
‏بالإجارة أو بکونها موصی بها له بالوصیّة،نعم إذا اشترط استیفاء المنفعة فی ‏‎ ‎‏الإجارة بنفسه لیس له الإعارة.‏

‏         (مسألة 3): یعتبر فی المستعیر أن یکون أهلاً للانتفاع بالعین،فلا تصحّ ‏‎ ‎‏استعارة المصحف للکافر واستعارة الصید للمحرم؛لا من المحلّ ولا من ‏‎ ‎‏المحرم،وکذا یعتبر فیه التعیین،فلو أعار شیئاً؛أحد هذین أو أحد هؤلاء، ‏‎ ‎‏لم یصحّ.ولا یشترط أن یکون واحداً،فیصحّ إعارة شیء واحد لجماعة،کما إذا ‏‎ ‎‏قال:أعرت هذا الکتاب أو الإناء لهؤلاء العشرة،فیستوفون المنفعة بینهم ‏‎ ‎‏بالتناوب أو القرعة کالعین المستأجرة.وفی جواز کونه عدداً غیر محصور کما ‏‎ ‎‏إذا قال:أعرت هذا الشیء لکلّ الناس،تأمّل ‏‎[2]‎‏وإشکال.‏

‏         (مسألة 4): یعتبر فی العین المستعارة کونها ممّا یمکن الانتفاع بها منفعة ‏‎ ‎‏محلّلة مع بقاء عینها،کالعقارات و الدوابّ و الثیاب و الکتب و الأمتعة و الصفر ‏‎ ‎‏والحلی،بل وفحل الضراب و الهرّة و الکلب للصید و الحراسة وأشباه ذلک، ‏‎ ‎‏فلا یجوز إعارة ما لا منفعة له محلّلة کآلات اللهو،وکذا آنیة الذهب و الفضّة بناءً ‏‎ ‎‏علی عموم حرمة الانتفاع بها،و أمّا بناءً علی اختصاص الحرمة باستعمالها فی ‏‎ ‎‏الأکل و الشرب فلا تجوز إعارتها لخصوص هذه المنفعة،وکذا ما لا ینتفع به إلّا ‏‎ ‎‏بإتلافه کالخبز و الدهن و الأشربة وأشباهها.‏

‏         (مسألة 5): یجوز إعارة الشاة للانتفاع بلبنها وصوفها،والبئر ‏‎[3]‎‏للاستقاء منها. ‏


کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 6
‏         (مسألة 6): لا یجوز استعارة الجواری للاستمتاع بها؛لانحصار سبب حلّیتها ‏‎ ‎‏بالتزویج وملک الیمین وبالتحلیل الراجع إلی أحدهما،نعم لا بأس بإعارتهنّ ‏‎ ‎‏للخدمة،ولا یجوز للمستعیر أن ینظر إلی ما لا یجوز النظر إلیه منها لو لا ‏‎ ‎‏الاستعارة إلّابتحلیل المعیر.‏

‏         (مسألة 7): لا یشترط تعیین العین المستعارة عند الإعارة،فلو قال:أعرنی ‏‎ ‎‏إحدی دوابّک،فقال:ادخل الإصطبل وخذ ما شئت منها،صحّت العاریة.‏

‏         (مسألة 8): العین التی تعلّقت بها العاریة،إن انحصرت جهة الانتفاع بها فی ‏‎ ‎‏منفعة خاصّة،کالبساط للافتراش و اللحاف للتغطیة و الخیمة للاکتنان وأشباه ‏‎ ‎‏ذلک،لا یلزم التعرّض لجهة الانتفاع بها عند إعارتها واستعارتها،و إن تعدّدت ‏‎ ‎‏جهات الانتفاع بها،کالأرض ینتفع بها للزرع و الغرس و البناء،والدابّة ینتفع بها ‏‎ ‎‏للحمل و الرکوب ونحو ذلک،فإن کانت إعارتها واستعارتها لأجل منفعة أو منافع ‏‎ ‎‏خاصّة من منافعها یجب التعرّض لها،واختصّ حلّیة الانتفاع للمستعیر بما ‏‎ ‎‏خصّصه المعیر،و إن کانت لأجل الانتفاع المطلق جاز التعمیم و التصریح ‏‎ ‎‏بالعموم؛بأن یقول:أعرتک هذه الدابّة-مثلاً-لأجل أن تنتفع بها کلّ انتفاع مباح ‏‎ ‎‏یحصل منها،کما أنّه یجوز إطلاق العاریة بأن یقول:أعرتک هذه الدابّة،فیجوز ‏‎ ‎‏للمستعیر الانتفاع بسائر الانتفاعات المباحة المتعلّقة بها،نعم ربّما یکون لبعض ‏‎ ‎‏الانتفاعات بالنسبة إلی بعض الأعیان خفاء لا یندرج فی الإطلاق،ففی مثله ‏‎ ‎‏لا بدّ من التنصیص به أو التعمیم علی وجه یعمّه،وذلک کالدفن فإنّه و إن کان من ‏‎ ‎‏أحد وجوه الانتفاعات من الأرض کالبناء و الزرع و الغرس ومع ذلک لو اعیرت ‏‎ ‎‏الأرض إعارة مطلقة لا یعمّه الإطلاق.‏


کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 7
‏         (مسألة 9): العاریة جائزة من الطرفین،فللمعیر الرجوع متی شاء،کما أنّ ‏‎ ‎‏للمستعیر الردّ متی شاء.نعم فی خصوص إعارة الأرض للدفن لم یجز للمعیر ‏‎ ‎‏بعد الدفن و المواراة الرجوع عن الإعارة ونبش القبر وإخراج المیّت علی ‏‎ ‎‏الأصحّ ‏‎[4]‎‏،و أمّا قبل ذلک فله الرجوع،حتّی بعد وضعه فی القبر قبل مواراته. ‏

‏ولیس علی المعیر اجرة الحفظ ومؤونته إذا رجع بعد الحفر قبل الدفن،کما أنّه ‏‎ ‎‏لیس علی ولیّ المیّت طمّ الحفر بعد ما کان بإذن من المعیر.‏

‏(مسألة 10): تبطل العاریة بموت المعیر،بل بزوال سلطنته بجنون ونحوه.‏

‏         (مسألة 11): یجب علی المستعیر الاقتصار فی نوع المنفعة علی ما عیّنها ‏‎ ‎‏المعیر،فلا یجوز له التعدّی إلی غیرها ولو کانت أدنی وأقلّ ضرراً علی المعیر، ‏‎ ‎‏وکذا یجب أن یقتصر فی کیفیة الانتفاع علی ما جرت به العادة،فلو أعاره دابّة ‏‎ ‎‏للحمل لا یحمّلها إلّاالقدر المعتاد بالنسبة إلی ذلک الحیوان وذلک المحمول ‏‎ ‎‏وذلک الزمان و المکان،فلو تعدّی نوعاً أو کیفیة کان غاصباً وضامناً،وعلیه ‏‎ ‎‏اجرة ‏‎[5]‎‏ما استوفاه من المنفعة.‏

‏         (مسألة 12): لو أعاره أرضاً للبناء أو الغرس جاز له الرجوع،وله إلزام ‏‎ ‎‏المستعیر بالقلع،لکن علیه الأرش،وکذا فی عاریتها للزرع إذا رجع قبل إدراکه، ‏‎ ‎‏ویحتمل ‏‎[6]‎‏عدم استحقاق إلزام المعیر بقلع الزرع لو رضی المستعیر بالبقاء ‏


کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 8
‏بالاُجرة،والأحوط لهما التراضی و التصالح.ومثل ذلک ما إذا أعار جذوعه ‏‎ ‎‏للتسقیف،ثمّ رجع بعد ما أثبتها المستعیر فی البناء.‏

‏         (مسألة 13): العاریة أمانة بید المستعیر،لا یضمنها لو تلفت إلّابالتعدّی أو ‏‎ ‎‏التفریط.نعم لو شرط الضمان ضمنها و إن لم یکن تعدٍّ ولا تفریط،کما أنّه لو ‏‎ ‎‏کانت العین المعارة ذهباً أو فضّة ضمنها؛یشترط فیها الضمان أو لم یشترط ‏‎[7]‎

‏         (مسألة 14): لا یجوز للمستعیر إعارة العین المستعارة ولا إجارتها إلّابإذن ‏‎ ‎‏المالک،فیکون إعارته حینئذٍ فی الحقیقة إعارة المالک ویکون المستعیر وکیلاً ‏‎ ‎‏ونائباً عنه،فلو خرج المستعیر عن قابلیة الإعارة بعد ذلک-کما إذا جنّ-بقیت ‏‎ ‎‏العاریة الثانیة علی حالها.‏

‏         (مسألة 15): إذا تلفت العاریة بفعل المستعیر،فإن کان بسبب الاستعمال ‏‎ ‎‏المأذون فیه من دون التعدّی عن المتعارف،فلیس علیه ضمان کما إذا هلکت ‏‎ ‎‏الدابّة المستعارة للحمل بسبب الحمل علیها حملاً متعارفاً،و إن کان بسبب ‏‎ ‎‏آخر ضمنها.‏

‏         (مسألة 16): إنّما یبرأ المستعیر عن عهدة العین المستعارة بردّها إلی مالکها ‏‎ ‎‏أو وکیله أو ولیّه،ولو ردّها إلی حرزها الذی کانت فیه بلا ید من المالک ولا إذن ‏‎ ‎‏منه لم یبرأ،کما إذا ردّ الدابّة إلی الإصطبل وربطها فیه بلا إذن من المالک،فتلفت ‏‎ ‎‏أو أتلفها متلف.‏

‏         (مسألة 17): إذا استعار عیناً من الغاصب،فإن لم یعلم بغصبه کان قرار ‏‎ ‎

کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 9
‏الضمان علی الغاصب،فإن تلفت فی ید المستعیر ‏‎[8]‎‏فللمالک الرجوع بعوض ‏‎ ‎‏ماله علی کلّ من الغاصب و المستعیر،فإن رجع علی المستعیر یرجع هو علی ‏‎ ‎‏الغاصب،و إن رجع علی الغاصب لم یکن له الرجوع علی المستعیر.وکذلک ‏‎ ‎‏بالنسبة إلی بدل ما استوفاه ‏‎[9]‎‏المستعیر من المنفعة،فإنّه إذا رجع به علی ‏‎ ‎‏المستعیر یرجع هو علی الغاصب دون العکس.و أمّا لو کان عالماً بالغصب لم ‏‎ ‎‏یرجع المستعیر علی الغاصب لو رجع المالک علیه،بل الأمر بالعکس فیرجع ‏‎ ‎‏الغاصب علی المستعیر لو رجع المالک علیه.ولا یجوز له أن یردّ العین إلی ‏‎ ‎‏الغاصب بعد ما علم بالغصبیة،بل یجب أن یردّها إلی مالکها. ‏

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

کتابوسیلة النجاة مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 10

  • -أو هی عقد ثمرته ذلک،أو ثمرته التبرّع بالمنفعة.
  • -والأقوی عدم الجواز.
  • -علی إشکال فیها،بل الأوّل أیضاً لا یخلو من تأمّل؛و إن کان الجواز فیهما لا یخلو من وجه وقوّة.
  • -بل علی الأحوط.
  • -إذا تعدّی نوعاً،و أمّا إذا تعدّی کیفیة فلا یبعد أن تکون علیه اجرة الزیادة.
  • -ویحتمل جواز الإلزام بلا أرش،والمسألة مشکلة جدّاً،فلا یترک الاحتیاط فی أشباههابالتصالح و التراضی.
  • -إلّاإذا اشترط السقوط.
  • -أو فی غیر یده بعد وقوعها علیها.
  • -وغیر ما استوفاه من المنافع الفائتة.