فصل [فی لزوم عقد الاجارة]
الإجارة من العقود اللازمة لا تنفسخ إلّابالتقایل أو شرط الخیار لأحدهما أو کلیهما إذا اختار الفسخ،نعم الإجارة المعاطاتیة جائزة ،یجوز لکلّ منهما الفسخ ما لم تلزم بتصرّفهما أو تصرّف أحدهما فیما انتقل إلیه.
(مسألة 1): یجوز بیع العین المستأجرة قبل تمام مدّة الإجارة،ولا تنفسخ الإجارة به فتنتقل إلی المشتری مسلوبة المنفعة مدّة الإجارة،نعم للمشتری مع جهله بالإجارة خیار فسخ البیع؛لأنّ نقص المنفعة عیب ،ولکن لیس کسائر العیوب؛ممّا یکون المشتری معه مخیّراً بین الردّ و الأرش،فلیس له أن لا یفسخ ویطالب بالأرش،فإنّ العیب الموجب للأرش ما کان نقصاً فی الشیء فی حدّ نفسه،مثل العمی و العرج،وکونه مقطوع الید،أو نحو ذلک،لا مثل المقام الذی العین فی حدّ نفسها لا عیب فیها،و أمّا لو علم المشتری أنّها مستأجرة ومع ذلک
کتابالعروة الوثقی مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 403
أقدم علی الشراء فلیس له الفسخ أیضاً،نعم لو اعتقد کون مدّة الإجارة کذا مقداراً فبان أنّها أزید،له الخیار أیضاً،ولو فسخ المستأجر الإجارة رجعت المنفعة فی بقیّة المدّة إلی البائع لا إلی المشتری،نعم لو اعتقد البائع و المشتری بقاء مدّة الإجارة و أنّ العین مسلوبة المنفعة إلی زمان کذا وتبیّن أنّ المدّة منقضیة، فهل منفعة تلک المدّة للبائع حیث إنّه کأ نّه شرط کونها مسلوبة المنفعة إلی زمان کذا،أو للمشتری لأنّها تابعة للعین ما لم تفرز بالنقل إلی الغیر أو بالاستثناء، والمفروض عدمها،وجهان،والأقوی الثانی،نعم لو شرطا کونها مسلوبة المنفعة إلی زمان کذا بعد اعتقاد بقاء المدّة کان لما ذکر وجه .ثمّ بناءً علی ما هو الأقوی من رجوع المنفعة فی الصورة السابقة إلی المشتری فهل للبائع الخیار أو لا؟وجهان،لا یخلو أوّلهما من قوّة ،خصوصاً إذا أوجب ذلک له الغبن.هذا إذا بیعت العین المستأجرة علی غیر المستأجر،أمّا لو بیعت علیه ففی انفساخ الإجارة وجهان،أقواهما العدم ویتفرّع علی ذلک امور:منها:اجتماع الثمن والاُجرة علیه حینئذٍ.ومنها:بقاء ملکه للمنفعة فی مدّة تلک الإجارة لو فسخ البیع بأحد أسبابه،بخلاف ما لو قیل بانفساخ الإجارة.ومنها:إرث الزوجة من المنفعة فی تلک المدّة لو مات الزوج المستأجر بعد شرائه لتلک العین و إن کانت ممّا لا ترث الزوجة منه،بخلاف ما لو قیل بالانفساخ بمجرّد البیع.ومنها:
رجوع المشتری بالاُجرة لو تلف العین بعد قبضها وقبل انقضاء مدّة الإجارة،
کتابالعروة الوثقی مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 404
فإن تعذّر استیفاء المنفعة یکشف عن بطلان الإجارة،ویوجب الرجوع بالعوض و إن کان تلف العین علیه.
(مسألة 2): لو وقع البیع و الإجارة فی زمان واحد،کما لو باع العین مالکها علی شخص وآجرها وکیله علی شخص آخر،واتّفق وقوعهما فی زمان واحد، فهل یصحّان معاً،ویملکها المشتری مسلوبة المنفعة،کما لو سبقت الإجارة،أو یبطلان معاً للتزاحم فی ملکیة المنفعة،أو یبطلان معاً بالنسبة إلی تملیک المنفعة فیصحّ البیع علی أنّها مسلوبة المنفعة تلک المدّة،فتبقی المنفعة علی ملک البائع وجوه،أقواها الأوّل؛لعدم التزاحم،فإنّ البائع لا یملک المنفعة،و إنّما یملک العین،وملکیة العین توجب ملکیة المنفعة للتبعیة و هی متأخّرة عن الإجارة.
(مسألة 3): لا تبطل الإجارة بموت المؤجر ولا بموت المستأجر علی الأقوی،نعم فی إجارة العین الموقوفة إذا آجر البطن السابق تبطل بموته بعد الانتقال إلی البطن اللاحق؛لأنّ الملکیة محدودة،ومثله ما لو کانت المنفعة موصی بها للمؤجر ما دام حیّاً،بخلاف ما إذا کان المؤجر هو المتولّی للوقف وآجر لمصلحة البطون إلی مدّة،فإنّها لا تبطل بموته،ولا بموت البطن الموجود حال الإجارة،وکذا تبطل إذا آجر نفسه للعمل بنفسه من خدمة أو غیرها،فإنّه إذا مات لا یبقی محلّ للإجارة،وکذا إذا مات المستأجر الذی هو محلّ العمل؛ من خدمة أو عمل آخر متعلّق به بنفسه،ولو جعل العمل فی ذمّته لا تبطل الإجارة بموته،بل یستوفی من ترکته،وکذا بالنسبة إلی المستأجر إذا لم یکن محلّ للعمل،بل کان مالکاً له علی المؤجر،کما إذا آجره للخدمة من غیر تقیید بکونها له،فإنّه إذا مات تنتقل إلی وارثه،فهم یملکون علیه ذلک العمل،و إذا آجر
کتابالعروة الوثقی مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 405
الدار واشترط علی المستأجر سکناه بنفسه لا تبطل بموته،ویکون للمؤجر خیار الفسخ،نعم إذا اعتبر سکناه علی وجه القیدیة تبطل بموته.
(مسألة 4): إذا آجر الولیّ أو الوصیّ الصبیّ المولّی علیه مدّة تزید علی زمان بلوغه ورشده بطلت فی المتیقّن بلوغه فیه؛بمعنی أنّها موقوفة علی إجازته وصحّت واقعاً وظاهراً بالنسبة إلی المتیقّن صغره،وظاهراً بالنسبة إلی المحتمل، فإذا بلغ له أن یفسخ علی الأقوی؛أیلا یجیز،خلافاً لبعضهم فحکم بلزومها علیه لوقوعها من أهلها فی محلّها فی وقت لم یعلم لها منافٍ،و هو کما تری،نعم لو اقتضت المصلحة اللازمة المراعاة إجارته مدّة زائدة علی زمان البلوغ؛بحیث یکون إجارته أقلّ من تلک المدّة خلاف مصلحته تکون لازمة لیس له فسخها بعد بلوغه،وکذا الکلام فی إجارة أملاکه.
(مسألة 5): إذا آجرت امرأة نفسها للخدمة مدّة معیّنة،فتزوّجت قبل انقضائها،لم تبطل الإجارة و إن کانت الخدمة منافیة لاستمتاع الزوج.
(مسألة 6): إذا آجر عبده أو أمته للخدمة ثمّ أعتقه،لا تبطل الإجارة بالعتق، ولیس له الرجوع علی مولاه بعوض تلک الخدمة فی بقیّة المدّة؛لأنّه کان مالکاً لمنافعه أبداً و قد استوفاها بالنسبة إلی تلک المدّة،فدعوی أنّه فوّت علی العبد ما کان له حال حرّیته کما تری،نعم یبقی الکلام فی نفقته فی بقیّة المدّة إن لم یکن شرط کونها علی المستأجر،وفی المسألة وجوه:أحدها:کونها علی المولی؛ لأنّه حیث استوفی بالإجارة منافعه فکأ نّه باقٍ علی ملکه.الثانی:أنّه فی کسبه إن أمکن له الاکتساب لنفسه فی غیر زمان الخدمة،و إن لم یمکن فمن بیت
کتابالعروة الوثقی مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 406
المال،و إن لم یکن فعلی المسلمین کفایة.الثالث:أنّه إن لم یمکن اکتسابه فی غیر زمان الخدمة،ففی کسبه و إن کان منافیاً للخدمة.الرابع:أنّه من کسبه، ویتعلّق مقدار ما یفوت منه من الخدمة بذمّته.الخامس:أنّه من بیت المال من الأوّل ولا یبعد قوّة الوجه الأوّل
(مسألة 7): إذا وجد المستأجر فی العین المستأجرة عیباً سابقاً علی العقد وکان جاهلاً به،فإن کان ممّا تنقص به المنفعة،فلا إشکال فی ثبوت الخیار له بین الفسخ و الإبقاء،والظاهر عدم جواز مطالبته الأرش،فله الفسخ أو الرضا بها مجّاناً،نعم لو کان العیب مثل خراب بعض بیوت الدار،فالظاهر تقسیط الاُجرة ؛لأنّه یکون حینئذٍ من قبیل تبعّض الصفقة،ولو کان العیب ممّا لا تنقص معه المنفعة،کما إذا تبیّن کون الدابّة مقطوع الاُذن أو الذنب،فربما یستشکل فی ثبوت الخیار معه،لکن الأقوی ثبوته إذا کان ممّا یختلف به الرغبات،وتتفاوت به الاُجرة،وکذا له الخیار إذا حدث فیها عیب بعد العقد وقبل القبض،بل بعد القبض أیضاً،و إن کان استوفی بعض المنفعة ومضی بعض المدّة.هذا إذا کانت العین شخصیة،و أمّا إذا کانت کلّیة وکان الفرد المقبوض معیباً فلیس له فسخ العقد،بل له مطالبة البدل،نعم لو تعذّر البدل کان له الخیار فی أصل العقد.
(مسألة 8): إذا وجد المؤجر عیباً سابقاً فی الاُجرة ولم یکن عالماً به کان له فسخ العقد،وله الرضا به،وهل له مطالبة الأرش معه؟لا یبعد ذلک،بل ربّما
کتابالعروة الوثقی مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 407
یدّعی عدم الخلاف فیه،لکن هذا إذا لم تکن الاُجرة منفعة عین،وإلّا فلا أرش فیه،مثل ما مرّ فی المسألة السابقة من کون العین المستأجرة معیباً.هذا إذا کانت الاُجرة عیناً شخصیة،و أمّا إذا کانت کلّیة فله مطالبة البدل،لا فسخ أصل العقد إلّا مع تعذّر البدل علی حذو ما مرّ فی المسألة السابقة.
(مسألة 9): إذا أفلس المستأجر بالاُجرة کان للمؤجر الخیار بین الفسخ واسترداد العین،وبین الضرب مع الغرماء،نظیر ما إذا أفلس المشتری بالثمن؛ حیث إنّ للبائع الخیار إذا وجد عین ماله.
(مسألة 10): إذا تبیّن غبن المؤجر أو المستأجر فله الخیار؛إذا لم یکن عالماً به حال العقد،إلّاإذا اشترطا سقوطه فی ضمن العقد.
(مسألة 11): لیس فی الإجارة خیار المجلس ولا خیار الحیوان،بل ولا خیار التأخیر علی الوجه المذکور فی البیع،ویجری فیها خیار الشرط حتّی للأجنبیّ،وخیار العیب و الغبن کما ذکرنا،بل یجری فیها سائر الخیارات کخیار الاشتراط وتبعّض الصفقة وتعذّر التسلیم و التفلیس و التدلیس و الشرکة،وما یفسد لیومه وخیار شرط ردّ العوض نظیر شرط ردّ الثمن فی البیع.
(مسألة 12): إذا آجر عبده أو داره-مثلاً-ثمّ باعه من المستأجر لم تبطل الإجارة،فیکون للمشتری منفعة العبد-مثلاً-من جهة الإجارة قبل انقضاء مدّتها،لا من جهة تبعیة العین،ولو فسخت الإجارة رجعت إلی البائع،ولو مات
کتابالعروة الوثقی مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 408
بعد القبض رجع المشتری المستأجر علی البائع بما یقابل بقیّة المدّة من الاُجرة و إن کان تلف العین علیه،واللّٰه العالم.
کتابالعروة الوثقی مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 409