فذلکة
قد تبیّن ممّا ذکرنا فی طیّ المسائل المذکورة أنّ هاهنا صوراً:الاُولی:وقوع العقد صحیحاً جامعاً للشرائط و العمل علی طبقه إلی الآخر؛حصل الحاصل أو لم یحصل؛لآفة سماویة أو أرضیة.الثانیة:وقوعه صحیحاً مع ترک الزارع للعمل إلی أن انقضت المدّة؛سواء زرع غیر ما وقع علیه العقد أو لم یزرع أصلاً.
الثالثة :ترکه العمل فی الأثناء بعد أن زرع اختیاراً أو لعذر خاصّ به.الرابعة:
تبیّن البطلان من الأوّل.الخامسة:حصول الانفساخ فی الأثناء لقطع الماء أو نحوه من الأعذار العامّة.السادسة:حصول الفسخ بالتقایل أو بالخیار فی الأثناء، و قد ظهر حکم الجمیع فی طیّ المسائل المذکورة کما لا یخفی.
(مسألة 18): إذا تبیّن بعد عقد المزارعة أنّ الأرض کانت مغصوبة،فمالکها مخیّر بین الإجازة فتکون الحصّة له؛سواء کان بعد المدّة أو قبلها،فی الأثناء أو قبل الشروع بالزرع،بشرط أن لا یکون هناک قید أو شرط لم یکن معه محلّ للإجازة،وبین الردّ،وحینئذٍ فإن کان قبل الشروع فی الزرع فلا إشکال،و إن کان بعد التمام فله اجرة المثل لذلک الزرع و هو لصاحب البذر،وکذا إذا کان فی الأثناء ویکون بالنسبة إلی بقیّة المدّة الأمر بیده،فإمّا یأمر بالإزالة ،و إمّا
کتابالعروة الوثقی مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 533
یرضی بأخذ الاُجرة بشرط رضا صاحب البذر،ثمّ المغرور من المزارع و الزارع یرجع فیما خسر علی غارّه،ومع عدم الغرور فلا رجوع،و إذا تبیّن کون البذر مغصوباً فالزرع لصاحبه ولیس علیه اجرة الأرض ولا اجرة العمل،نعم إذا کان التبیّن فی الأثناء کان لمالک الأرض الأمر بالإزالة.هذا إذا لم یکن محلّ للإجازة،کما إذا وقعت المعاملة علی البذر الکلّی لا المشخّص فی الخارج أو نحو ذلک،أو کان ولم یجز،و إن کان له محلّ وأجاز یکون هو الطرف للمزارعة ویأخذ الحصّة التی کانت للغاصب،و إذا تبیّن کون العامل عبداً غیر مأذون فالأمر إلی مولاه،و إذا تبیّن کون العوامل أو سائر المصارف مغصوبة فالمزارعة صحیحة ولصاحبها اجرة المثل أو قیمة الأعیان التالفة،وفی بعض الصور یحتمل جریان الفضولیة وإمکان الإجازة کما لا یخفی.
(مسألة 19): خراج الأرض علی صاحبها،وکذا مال الإجارة إذا کانت مستأجرة،وکذا ما یصرف فی إثبات الید عند أخذها من السلطان،وما یؤخذ لترکها فی یده،ولو شرط کونها علی العامل بعضاً أو کلاًّ صحّ و إن کانت ربما تزاد وربما تنقص علی الأقوی،فلا یضرّ مثل هذه الجهالة؛للأخبار،و أمّا سائر المؤن کشقّ الأنهار وحفر الآبار وآلات السقی وإصلاح النهر وتنقیته ونصب الأبواب مع الحاجة إلیها و الدولاب ونحو ذلک ممّا یتکرّر کلّ سنة أو لا یتکرّر فلا بدّ من تعیین کونها علی المالک أو العامل،إلّاإذا کان هناک عادة ینصرف الإطلاق إلیها،و أمّا ما یأخذه المأمورون من الزارع ظلماً من غیر الخراج،فلیس علی المالک و إن کان أخذهم ذلک من جهة الأرض.
کتابالعروة الوثقی مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 534
(مسألة 20): یجوز لکلّ من المالک و الزارع أن یخرص علی الآخر بعد إدراک الحاصل بمقدار منه بشرط القبول و الرضا من الآخر؛لجملة من الأخبار هنا وفی الثمار،فلا یختصّ ذلک بالمزارعة و المساقاة،بل مقتضی الأخبار جوازه فی کلّ زرع مشترک أو ثمر مشترک،والأقوی لزومه بعد القبول و إن تبیّن بعد ذلک زیادته أو نقیصته؛لبعض تلک الأخبار،مضافاً إلی العمومات العامّة خلافاً لجماعة،والظاهر أنّه معاملة مستقلّة ولیست بیعاً ولا صلحاً معاوضیاً،فلا یجری فیها إشکال اتّحاد العوض و المعوّض،ولا إشکال النهی عن المحاقلة و المزابنة، ولا إشکال الربا ولو بناءً علی ما هو الأقوی من عدم اختصاص حرمته بالبیع وجریانه فی مطلق المعاوضات،مع أنّ حاصل الزرع و الشجر قبل الحصاد والجذاذ لیس من المکیل و الموزون،ومع الإغماض عن ذلک کلّه یکفی فی صحّتها الأخبار الخاصّة،فهو نوع من المعاملة عقلائیة ثبت بالنصوص ولتسمّ بالتقبّل،وحصر المعاملات فی المعهودات ممنوع،نعم یمکن أن یقال:إنّها فی المعنی راجعة إلی الصلح الغیر المعاوضی،فکأ نّهما یتسالمان علی أن یکون حصّة أحدهما من المال المشترک کذا مقداراً و البقیّة للآخر شبه القسمة أو نوع منها،وعلی ذلک یصحّ إیقاعها بعنوان الصلح علی الوجه المذکور مع قطع النظر عن الأخبار أیضاً علی الأقوی من اغتفار هذا المقدار من الجهالة فیه؛إذا ارتفع الغرر بالخرص المفروض،وعلی هذا لا یکون من التقبیل و التقبّل.ثمّ إنّ المعاملة المذکورة لا تحتاج إلی صیغة مخصوصة،بل یکفی کلّ لفظ دال علی التقبّل،بل الأقوی عدم الحاجة إلی الصیغة أصلاً،فیکفی فیها مجرّد التراضی
کتابالعروة الوثقی مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 535
کما هو ظاهر الأخبار،والظاهر اشتراط کون الخرص بعد بلوغ الحاصل وإدراکه،فلا یجوز قبل ذلک،والقدر المتیقّن من الأخبار کون المقدار المخروص علیه من حاصل ذلک الزرع،فلا یصحّ الخرص وجعل المقدار فی الذمّة من جنس ذلک الحاصل،نعم لو أوقع المعاملة بعنوان الصلح علی الوجه الذی ذکرنا لا مانع من ذلک فیه،لکنّه کما عرفت خارج عن هذه المعاملة.ثمّ إنّ المشهور بینهم أنّ قرار هذه المعاملة مشروط بسلامة الحاصل،فلو تلف بآفة سماویة أو أرضیة کان علیهما ولعلّه لأنّ تعیین الحصّة فی المقدار المعیّن لیس من باب الکلّی فی المعیّن،بل هی باقیة علی إشاعتها،غایة الأمر تعیینها فی مقدار معیّن،مع احتمال أن یکون ذلک من الشرط الضمنی بینهما،والظاهر أنّ المراد من الآفة الأرضیة ما کان من غیر الإنسان،ولا یبعد لحوق إتلاف متلف من الإنسان أیضاً به،وهل یجوز خرص ثالث حصّة أحدهما أو کلیهما فی مقدار؟ وجهان،أقواهما العدم.
(مسألة 21): بناءً علی ما ذکرنا من الاشتراک من أوّل الأمر فی الزرع یجب علی کلّ منهما الزکاة إذا کان نصیب کلّ منهما بحدّ النصاب،وعلی من بلغ نصیبه إن بلغ نصیب أحدهما،وکذا إن اشترطا الاشتراک حین ظهور الثمر؛لأنّ تعلّق الزکاة بعد صدق الاسم،وبمجرّد الظهور لا یصدق،و إن اشترطا الاشتراک بعد صدق الاسم أو حین الحصاد و التصفیة،فهی علی صاحب البذر منهما؛لأنّ
کتابالعروة الوثقی مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 536
المفروض أنّ الزرع و الحاصل له إلی ذلک الوقت،فتتعلّق الزکاة فی ملکه.
(مسألة 22): إذا بقی فی الأرض أصل الزرع بعد انقضاء المدّة و القسمة، فنبت بعد ذلک فی العام الآتی،فإن کان البذر لهما فهو لهما،و إن کان لأحدهما فله،إلّامع الإعراض،وحینئذٍ فهو لمن سبق،ویحتمل أن یکون لهما مع عدم الإعراض مطلقاً؛لأنّ المفروض شرکتهما فی الزرع،وأصله و إن کان البذر لأحدهما أو لثالث و هو الأقوی،وکذا إذا بقی فی الأرض بعض الحبّ فنبت فإنّه مشترک بینهما مع عدم الإعراض،نعم لو کان الباقی حبّاً مختصّاً بأحدهما اختصّ به ،ثمّ لا یستحقّ صاحب الأرض اجرة لذلک الزرع النابت علی الزارع فی صورة الاشتراک أو الاختصاص به و إن انتفع بها؛إذ لم یکن ذلک من فعله ولا من معاملة واقعة بینهما.
(مسألة 23): لو اختلفا فی المدّة وأ نّها سنة أو سنتان مثلاً،فالقول قول منکر الزیادة،وکذا لو قال أحدهما:إنّها ستّة أشهر،والآخر قال:إنّها ثمانیة أشهر،نعم لو ادّعی المالک مدّة قلیلة لا تکفی لبلوغ الحاصل ولو نادراً ففی تقدیم قوله إشکال،ولو اختلفا فی الحصّة قلّة وکثرة فالقول قول صاحب البذر المدّعی للقلّة،هذا إذا کان نزاعهما فی زیادة المدّة أو الحصّة وعدمها، و أمّا لو اختلفا فی تشخیص ما وقع علیه العقد وأ نّه وقع علی کذا أو کذا،
کتابالعروة الوثقی مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 537
فالظاهر التحالف و إن کان خلاف إطلاق کلماتهم،فإن حلفا أو نکلا فالمرجع أصالة عدم الزیادة.
(مسألة 24): لو اختلفا فی اشتراط کون البذر أو العمل أو العوامل علی أیّهما، فالمرجع التحالف ،ومع حلفهما أو نکولهما تنفسخ المعاملة.
(مسألة 25): لو اختلفا فی الإعارة و المزارعة،فادّعی الزارع:أنّ المالک أعطاه الأرض عاریة للزراعة،والمالک ادّعی المزارعة،فالمرجع التحالف أیضاً،ومع حلفهما أو نکولهما تثبت اجرة المثل للأرض،فإن کان بعد البلوغ فلا إشکال،و إن کان فی الأثناء فالظاهر جواز الرجوع للمالک،وفی وجوب إبقاء الزرع إلی البلوغ علیه مع الاُجرة إن أراد الزارع،وعدمه وجواز أمره بالإزالة وجهان،و إن کان النزاع قبل نثر الحبّ فالظاهر الانفساخ بعد حلفهما أو نکولهما.
(مسألة 26): لو ادّعی المالک الغصب،والزارع ادّعی المزارعة،فالقول
کتابالعروة الوثقی مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 538
قول المالک مع یمینه علی نفی المزارعة.
(مسألة 27): فی الموارد التی للمالک قلع زرع الزارع،هل یجوز له ذلک بعد تعلّق الزکاة وقبل البلوغ،قد یقال بعدم الجواز إلّاأن یضمن حصّتها للفقراء؛لأنّه ضرر علیهم،والأقوی الجواز،وحقّ الفقراء یتعلّق بذلک الموجود و إن لم یکن بالغاً.
(مسألة 28): یستفاد من جملة من الأخبار:أنّه یجوز لمن بیده الأرض الخراجیة أن یسلّمها إلی غیره لیزرع لنفسه ویؤدّی خراجها عنه،ولا بأس به.
کتابالعروة الوثقی مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. 2)صفحه 539