الرابعة التعارض بین أدلّة الربا والأرش

‏‏الرابعة التعارض بین أدلّة الربا والأرش‏

‏‏ ‏

‏‏لو فرضنا شمول أدلّـة الـربا لـما نحن فیـه؛ إمّا لأجل ما أفاده‏‎ ‎‏الـشیخ ‏‏رحمه الله‏‏: من عدم الـفرق بین سببیّـة الـعقد علی الـمتجانسین للزیادة فی‏‎ ‎‏طرف بلا واسطـة، أو بواسطـة سببیّتـه لاستحقاق الأرش الـذی هو زیادة‏‎ ‎‏علی الـمتجانسین‏‎[1]‎‏.‏

‏‏أو لأجل ما أفاده الـعلاّمـة الـخراسانیّ ‏‏رحمه الله‏‏: من عدم الـفرق بین انعقاد‏‎ ‎‏الـعقد علی الـمتفاضلین، وبین استقراره علیٰ ذلک‏‎[2]‎‏.‏

‏‏أو لأجل ما فی کلام الـفقیـه الـیزدیّ: من عدم الـفرق بین کون‏‎ ‎‏الـخیار بجعل الـمتعاقدین، أو بحکم الـشرع‏‎[3]‎‏.‏

‏‏أو لأجل عدم الـفرق بین ردّ بعض الـثمن، أو ما یساویـه فی‏‎ ‎‏الـمالـیّـة، فإنّـه علی الأوّل یختلفان فی الـمقدار والـحجم، ویخرجان عن‏‎ ‎‏الـمثل بالـمثل.‏

‏‏أو لأجل أنّ الـمماثلـة من ناحیـة الـتزام الـبائع حسب أصالـة‏‎ ‎

‏
‏‎

‏‏أو لأجل إلـحاق ما نحن فیـه بسائر الـموارد فی هذا الـحکم؛ بعد‏‎ ‎‏اجتماع الـجهات الـموجبـة للربا فیـه، کما هو الـمعلوم.‏

‏‏أو لأجل عدم الـفرق بین کون الأرش جزء الـبیع فی مرحلـة الإنشاء،‏‎ ‎‏أو جزءه الـلاحق بمصداق الـمبیع بحکم الـعرف، أو کونـه بحکم الـجزء من‏‎ ‎‏ابتداء الـعقد شرعاً، أو من حین الـمطالـبـة، فإنّ بالـکلّ یخرج عن الـمثل‏‎ ‎‏بالـمثل بحسب الـواقع.‏

‏‏وبالجملة: ‏‏لو فرضنا أنّ الـمسألـة من صغریات الـربا، یلزم الـتعارض‏‎ ‎‏بین إطلاقات الـربا، وأخبار الـمسألـة ودلیلها.‏

‏‏والـمناقشـة هنا فی دلیلـه‏‎[4]‎‏ غیر وجیهـة بعد فرض الـمعارضـة، کما‏‎ ‎‏أنّ فرض سقوط الـردّ غیر صحیح؛ لأنّ الـکلام فی موارد یسقط فیها الأرش‏‎ ‎‏خاصّـة، فلابدّ من کون الـمفروض ثبوت حقّ الـردّ.‏

‏‏وعند ذلک قضیّـة الـمعارضـة بینهما بالـعموم من وجـه - بعد إمکان‏‎ ‎‏الـجمع الـعقلائیّ باختیار الـردّ - معلومـة؛ ضرورة أنّ کون الـربا محرّماً،‏‎ ‎‏وکونَ الـمشتری مخیّراً بین ما لایستلزم الـربا وما یستلزمـه، یقتضی تعیّن‏‎ ‎‏الأخذ بالـطرف الأوّل علیٰ جمیع الـمسالـک فی الـتخیـیر وفیما نحن فیـه،‏‎ ‎‏وهذا الـجمع تامّ فی مثل الـعامّین من وجـه؛ لأنّ الـتعارض بینهما بالـعرض.‏

‏‏وأمّا علی الـقول بعدم تمامیّـة ذلک الـجمع الـعقلائیّ فالـحقّ: أنّ‏‎ ‎

‏
‏‎

‏‏ولو نظرنا إلـیٰ سندهما فما ثبت بالـکتاب‏‎[5]‎‏ أقویٰ، إلاّ أنّ حرمـة‏‎ ‎‏الـربا ولزوم الـوفاء بعدم جواز الـعقد، کلیهما من الـثابت بـه‏‎[6]‎‏ علی‏‎ ‎‏الـمعروف، ولکنّـه خلاف الـتحقیق عندنا.‏

‏‏فعلی کلّ تقدیر‏‏ یکون سقوط حقّ الأرش أقرب من اُفق الـتحقیق؛ بناءً‏‎ ‎‏علیٰ کون الـمسألـة من صغریات تلک الـمسألـة، وإلاّ فقد عرفت تمام‏‎ ‎‏الـبحث حولها.‏

‏‏ولو فرضنا تعارض الأدلّـة، وعدم الـتمکّن من الـجمع، ولامن‏‎ ‎‏الـترجیح، فتصل الـنوبـة إلـیٰ الـشکّ، وهو کافٍ لـعدم ثبوت حقّ الأرش؛‏‎ ‎‏من غیر الـحاجـة إلـیٰ استصحاب عدم استحقاق الأرش حتّیٰ یناقش فیـه،‏‎ ‎‏فما أفاده الـعلاّمـة الإیروانیّ ‏‏رحمه الله‏‏ هنا‏‎[7]‎‏ وإن کان من وجـه قریباً من طریق‏‎ ‎‏الـمسألـة وطیّها، ولکنّـه مشتمل علیٰ جهات من الـضعف، وقد اُشیر فی‏‎ ‎‏مطاوی کلماتنا إلـیٰ تلک الـجهات، فتدبّر.‏

‏‏ ‏

‏‎ ‎

‏‎

• )) المکاسب، الشیخ الأنصاری: 260 / السطر 5.
• )) حاشیة المکاسب، المحقّق الخراسانی: 222.
• )) حاشیة المکاسب، السیّد الیزدی 2: 85 / السطر 9.
• )) البیع، الإمام الخمینی قدس سره 5: 65.
• )) «أحلّ الله البیع وحرّم الربا»، البقرة (2): 275.
• )) «یا أیّها الذین آمنوا أوفوا بالعقود»، المائدة (5): 1.
• )) حاشیة المکاسب، المحقّق الإیروانی 2: 58 / السطر 12.