الوجه الثالث : العجز
الـشروط الـباطلـة شرعاً مورد الـتعجیز الاعتباریّ عرفاً ، وعجز الـشرط الـضمنیّ یستلزم الـعجز بالـنسبـة إلـیٰ مصبّ الـعقد ومحطّ الإنشاء .
أو یقال : یستلزم قصوراً فی الـتراضی الـمعتبر فی قوام الـمعاملـة ؛ ضرورة أنّ انتفاء الـقید والـشرط ـ عرفاً کان أو شرعاً ـ یستـتبع انتفاء الـمقیّد عقلاً ؛ لـوجود الـربط ولو کان حرفیّاً بینهما ، کما مرِّ؛ لامتناع کون الـشرط أجنبیّاً علی الإطلاق حتّیٰ یعدّ کالـشرط الـبدویِّ؛ ضرورة أنّ الـضمنیّـة إمّا تعتبر شرعاً ، أو ماهیّـة ، علیٰ خلاف بین الـسیّدین : الـفقیـه
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 239
الـیزدیِّ قدس سره والـوالـد الـمحقّق ـ مدّظلّه ـ وعلیٰ کلّ تقدیر یکون دخیلاً بدخول الـتقیّد ، لا الـقید ، وتصیر الـنتیجـة فساد الـمشروط بفساد الـقید الـمذکور الـموجب لتضیّق الـتراضی ، ولا دلیل علیٰ أنّ الـشرع اعتبر لـزوم الـوفاء رغم أنفهما ، کما هو کذلک فی بعض الـمواقف .
أقول : هذا الـتقریب بالـنسبـة إلـی الـبیوع الـشخصیّـة غیر تامِّ؛ لأنّ تعذّر الـشرط أهون من تعذّر الـوصف ، ولیس الـعجز عن تحویل الـموصوف موجباً لـبطلان الـعقد ؛ حسبما هو الـمعروف بینهم .
هذا ، ولا بأس بدعویٰ : أنّ الـشرع بعد اعتبار الـعجز بالـنسبـة إلـی الـشرط ، أوجب الـوفاء بالـعقد ؛ لأنّ ما هو الـشرط الـمقوّم هو الـتراضی ، وهو حاصل ، وانتفاء الـقید وإن کان یوجب انتفاء الـمقیّد ، إلاّ أنّ الـمتعاملین باقیان علیٰ تراضیهما بالـنسبـة إلـی الـعقد والـمقیّد ، والـشرع فکّک بین الـمقیّد والـقید .
وبعبارة اُخریٰ : إذا عدلا عن الـقید فلا بدّ أن یعدلا عن الـمقیّد ؛ لامتناع بقاء الإرادة والـرضا الـوحدانیّ الـمتشخّص بالـمقیّد والـتقیّد ، دون الـقید بذاتـه ، وأمّا إذا کانا باقیـین علیٰ تراضیهما الأوّلی ، فلا یلزم انتفاء الـمقیّد ؛ لـعدم انتفاء الـقید تکویناً ، وما هو الـلازم هو الـتفکیک فی محیط الـشرع بإیجاب الـوفاء بالـعقد ، دون الـشرط ، بل وتحریمـه أحیاناً .
نعم ، فی موارد جهلهما بالـمسألـة ، وعدولهما عن الـشرط الـمحرّم
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 240
والـفاسد ، لایلزم أیضاً بطلان الـعقد ؛ لأنّ انتفاء الـتراضی بعد الـعقد لا یضرّ بصحّتـه ؛ لـکثرة انتفائـه بانتفاء الـدواعی ، کما تریٰ .
فبالجملة : الـعاقدان الـشارطان الـشرط الـممنوع ، إمّا غیر مبالـیـین، فهما باقیان علیٰ تراضیهما ، والـتفکیک من الـشرع ، فلا تجری قاعدة انتفاء الـمقیّد بانتفاء الـقید .
وإمّا مبالـیان عالـمان ، فلا یترشّح منهما الـجدّ بالـنسبـة إلـی الـعقد فی صورة دخالـة الـشرط ، وهذا دلیل یبطل بـه مقالـة الـسیّدین عفی عنهما .
وإمّـا مبالـیان جـاهلان حین الـعقد ، فلا یبطل الـعقد بعد علمهما ببطلان الـشرط ؛ لأنّ الـتراضی ینتفی ، والـقاعدة تجری ، إلاّ أنّـه لاتنفع ، فاغتنم جیّداً .
وممّا أسّسناه یظهر : أنّـه ولو کان الـشرط بمعنی الـتقیـید ـ کما لا معنیٰ لـه إلاّ ذلک ؛ لـرجوع الالتزام فی الالتزام إلـی الـتقیـید ، ولا معنیٰ لـتعدّد الـمطلوب فی بابی الأوامر والـعبادات والـمعاملات ، نعم فی باب الإلزامات الـعقلیّـة یتصوّر ذلک ، وتفصیلـه فی محلّـه ، وبالـجملـة : ولو کان الـشرط بمعنی الـتقیـید ـ لایلـزم من فسـاد الـشرط اختلال الـرضا الـمعتبر فی صحّـة الـعقد .
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 241