روایة الحسین بن المنذر
ومنها : ما رواه « الـکافی » بإسناده عن ابن أبی عمیر ، عن حفص بن
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 229
سوقـة ، عن الـحسین بن الـمنذر قال : قلت لأبی عبداللّٰه علیه السلام یجیئنی الـرجل ، فیطلب الـعینـة، فأشتری لـه الـمتاع مرابحـة ، ثمّ أبیعهُ إیّاه ، ثمّ أشتریه منه مکانی ؟
قال : « إذا کان بالخیار ؛ إن شاء باع ، وإن شاء لم یبع ، وکنت أنت بالخیار ؛ إن شئت اشتریت ، وإن شئت لم تشترِ ، فلا بأس » .
فقلت : إنّ أهل الـمسجد یزعمون أنّ هذا فاسد ، ویقولون : إن جاء بـه بعد أشهر صلح .
قال : « إنّما هذا تقدیم وتأخیر ، فلا بأس ».
والذی یظهر لی : أنّـه ـ مضافاً إلـیٰ ما فی حفص والـحسین من أنّهما لـم یوثّقا ، ولم یقم عندی الأمارات الـعامّـة الـلازمـة ، ومجرّد روایـة ابن أبی عمیر ، عن حفص غیر کافیـة. نعم الـحسین بن الـمنذر أقویٰ من حفص احتمالاً ـ تکون الـروایـة أجنبیّـة عمّا نحن فیـه ؛ وذلک لـعدم ذکر الاشتراط فی ضمن الـعقد فی الـسؤال ، ولعلّـه اتفاق یقع أحیاناً .
ویظهر لـی : أنّـه کان قضیّـة الـقاعدة ، إرجاعـه فی هذه الـصورة إلـیٰ خیار الـمجلس بعد کونـه فی مکانـه ، وربّما کان أهل الـمسجد یفسدونـه لـذلک ، أو لـکونـه یشبـه الـسفـه ، فحملُ الـروایـة علی اشتراط الـبیع من
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 230
الـبائع الأوّل ـ کما فی کلمات أصحابنا ـ بلا وجـه ، وتکون الـروایـة من شواهد صحّـة الـبیع الـمذکور ؛ لـو کان من باب الاتفاق الـموجب لـلاختیار .
وأمّا دلالتها علیٰ فساد الـعقد ؛ لأجل فساد الـشرط ـ حسب الـمفهوم الـمستفاد من الـجواب ـ فهی واضحـة الـمنع ؛ لإمکان کون الـفساد لأجل الاُمور الاخر ، کالـفرار من الـربا الـذی قد یتعارف بمثلـه ، أو لأجل عدم حصول الـتراضی ، فیکون الـفساد ناشئاً من عدم الاقتضاء لـصحّـة الـعقد ؛ لکون الـشرط مفسداً .
وأمّا حدیث الـدور ، فقد مضیٰ تفصیلـه بما لا مزید علیـه .
هذا مع أنّـه ربّما یشعر بأنّـه شرط خلاف الـکتاب ؛ لـکونـه بالـخیار بالـنسبـة إلـیٰ خیار الـمجلس ، وهذا غیر إسقاطـه مستقلاً . أو شرط مخالـفللکتاب ؛ لأجل کونـه خلاف الـسلطنـة ، أو غیر ذلک ، فلا یدلّ علیٰ إفسادهللمشروط والـعقد .
اللهمّ إلاّ أن یقال : بظهوره فی لـزوم خلوّ الـبیع الأول من مثلـه ، وهو إرشاد إلـیٰ فساده لـو کان الـبیع الأوّل مشروطاً بالـبیع الـثانی ، أو الاشتراء الـثانی .
ثمّ إنّ مقتضی إطلاق الـمفهوم ، عدم صحّـة الـشرط الـمذکور ولو کان بعد أشهر ، ولازمـه حملـه علیٰ ما یناسب الـقواعد ؛ وهو أنّـه شرط باطل ،
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 231
وسلب للقدرة الـتشریعیّـة ، وقد مرّ أنّ من وجوه بطلان الـشرط الـمخالـف لـقاعدة الـسلطنـة : أنّـه یستلزم الـتعجیز ، وهو غیر جائز .
وإذا قلنا : بأنّـه ناظر إلـیٰ بطلان الاُصول ؛ لـلاختلال الـحاصل فی الـفرع بالـشرط ، یتمّ الـمطلوب ؛ وهو فساد الـعقد بفساد الـشرط ؛ لأجل ما ذکرناه من لـزوم خلوّ الـعقد من الـشرط الـفاسد ، فلاحظ وتأمّل .
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 232