المقصد الثالث فی الشروط

بقی تنبیه‏: وجه بطلان العقد باشتراط صناعة الخشب صنماً

بقی تنبیه : وجه بطلان العقد باشتراط صناعة الخشب صنماً

‏ ‏

‏إنّ مقتضیٰ ما تحرّر منّا فی محطّ الـبحث ، کون شرط صناعـة الـخشب‏‎ ‎‏صنماً وأمثالـه ، موجباً لـبطلان الـعقد ، لا من جهـة اختلال الـمالـیّـة ، کما‏‎ ‎‏فی کلام الـعلاّمـة الـنائینیِّ ‏‏رحمه الله‏‎[1]‎‏ بل هو لأجل تضرّر الـعقد من ناحیـة‏‎ ‎‏الاشتراط بعدم ذکر الـشرط الـفاسد فی طیّـه وضمنـه ، ولا شبهـة فی أنّـه‏‎ ‎‏شرط فاسد عند الـشرع .‏

‏وأمّا الـتمسّک بآیـة أکل الـمال بالـباطل‏‎[2]‎‏ ، فهو فی غیر محلّـه لـو‏‎ ‎‏اُرید منـه الـبطلان من جهـة منع سلطنـة الـمالـک بالـنسبـة إلـی الـمنافع‏‎ ‎‏الـمحلّلـة شرطـاً ، والـمحرّمـة شرعـاً ؛ ضـرورة أنّـه لا حاجـة إلـیـه‏‎ ‎‏فی ذلک .‏

‏وأمّا لـو اُرید منـه أنّـه أکل بالـباطل وبالـسبب غیر الـشرعیِّ؛‏‎ ‎‏لاختلال الـعقد بذکر الـشرط الـفاسد ، فهو فی غیر محلّـه ، ولا حاجـة أیضاً‏‎ ‎‏إلـیـه ؛ لأنّ الـمفروض بطلان الـعقد من جهـة أخبار الـمسألـة الـمذکورة‏‎ ‎‏والـمشار إلـیها آنفاً . وقد مرّ إجمال آیـة الأکل بالـباطل فی محلّها ، فراجع .‏

‏فما فی کلام الـشیخ‏‎[3]‎‏ ، أیضاً فی غیر محلّـه ، والأمر سهل .‏

أقول:‏ قضیّـة الإنصاف تمامیّـة هذا الـوجـه الـذی أبدعناه ؛ لـو کانت‏

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 226
‏روایات فساد الـشرط الـمخالـف لـلکتاب‏‎[4]‎‏ ، ناظرة إلـی الـشروط‏‎ ‎‏الـضمنیّـة ؛ إمّا لأجل أنّ الـشرط حقیقـة معناه ذلک ، أو لانصرافها إلـیـه ، أو‏‎ ‎‏لـلإجماع علیـه .‏

‏فإنّـه یستظهر ـ بعد کونها ناظرة إلـیٰ تلک الـشروط الـمذکورة فی‏‎ ‎‏ضمن الـعقد ـ أنّ الـعقد باطل ولا یقع ، کما لو ورد فی الـعبادات ما یشبـه‏‎ ‎‏ذلک ، فتکون تلک الأخبار مرشدة إلـیٰ عدم تحقّق الـسبب الـشرعیِّ. والـسرّ‏‎ ‎‏کلّـه أنّ الـشرط تقیّد فی الـعقد ولو لـم یکن قیداً ، کما عرفت تحقیقـه.‏

وتوهّم :‏ أنّها ناظرة إلـیٰ رغم أنف الـمتعاملین ، وإلـی الـقهر علیـهم ،‏‎ ‎‏کما ربّما یقال فی الـبیع الـربویِّ، والـقرض الـربویِّ، غیر جائز ؛ لاحتیاجـه‏‎ ‎‏إلـی الـمؤونـة الـزائدة ، فإنّ الـشرع جاء لإرشاد الـناس إلـی الـواقعیّات ؛‏‎ ‎‏وما فیـه الـمصالـح والـمفاسد ، فلو کان الـعقد مشروطةً صحّتـه بالـتراضی ،‏‎ ‎‏فکیف یتصوّر إبطال الـشرط الـفاسد ، وتصحیح الـعقد الـباطل ، ولاسیّما‏‎ ‎‏علی الـقول بعدم الـتقسیط بالـنسبـة إلـی الـمثمن فی ناحیـة الـشروط ،‏‎ ‎‏کمـا مـرّ ؟!‏

‏فیعلم من هنا ـ أی یستظهر عرفاً جدّاً ـ: أنّها ناظرة إلـیٰ بیان قید فی‏‎ ‎‏الـعقد ، وإلـیٰ فساد الـعقد لأجل اختلال ذلک الـقید والـتقیّد الـعمومیِّ؛ ولو‏‎ ‎‏نسب فی بعض الأخبار الـفساد إلـی الـشرط والـبطلان إلـیـه ، إلاّ أنّـه‏‎ ‎‏بالـنسبـة إلـیٰ مجموع ما فی الـباب ، ومحصّل ما یفهم من أمثال هذه‏‎ ‎‏الـتراکیب ، یستظهر ما ذکرناه .‏


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 227
‏وأمّا لـو کانت الـروایات ناظرة إلـیٰ تصحیح الـمشروط علی‏‎ ‎‏الإطلاق ، وإبطال الـشروط ؛ علیٰ عمومها الـذی منها ما یذکر فی طیّ‏‎ ‎‏الـعقود ، فلا یستکشف منـه الـقید ؛ لأنّ الـنسبـة تصیر عموماً من وجـه ، وقد‏‎ ‎‏مرّ قوّة الأخیر عندنا ، وخروجُ الـبدویّات من الـشروط والـعهود ـ لـلإجماع‏‎ ‎‏والـسیرة ـ لایضرّ بما هو الـمقبول عندنا ، فلا تخلط .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 228

  • )) منیة الطالب 2: 145 / السطر 2 و 3.
  • )) النساء (4): 29 «یا أیّها الذین آمنوا لا تأکلوا أموالکم بینکم بالباطل».
  • )) المکاسب، الشیخ الأنصاری: 288 / السطر 14.
  • )) وسائل الشیعة 18: 16، کتاب التجارة، أبواب الخیار، الباب 6، الحدیث1و2و3و4.