بقی تنبیه : وجه بطلان العقد باشتراط صناعة الخشب صنماً
إنّ مقتضیٰ ما تحرّر منّا فی محطّ الـبحث ، کون شرط صناعـة الـخشب صنماً وأمثالـه ، موجباً لـبطلان الـعقد ، لا من جهـة اختلال الـمالـیّـة ، کما فی کلام الـعلاّمـة الـنائینیِّ رحمه الله بل هو لأجل تضرّر الـعقد من ناحیـة الاشتراط بعدم ذکر الـشرط الـفاسد فی طیّـه وضمنـه ، ولا شبهـة فی أنّـه شرط فاسد عند الـشرع .
وأمّا الـتمسّک بآیـة أکل الـمال بالـباطل ، فهو فی غیر محلّـه لـو اُرید منـه الـبطلان من جهـة منع سلطنـة الـمالـک بالـنسبـة إلـی الـمنافع الـمحلّلـة شرطـاً ، والـمحرّمـة شرعـاً ؛ ضـرورة أنّـه لا حاجـة إلـیـه فی ذلک .
وأمّا لـو اُرید منـه أنّـه أکل بالـباطل وبالـسبب غیر الـشرعیِّ؛ لاختلال الـعقد بذکر الـشرط الـفاسد ، فهو فی غیر محلّـه ، ولا حاجـة أیضاً إلـیـه ؛ لأنّ الـمفروض بطلان الـعقد من جهـة أخبار الـمسألـة الـمذکورة والـمشار إلـیها آنفاً . وقد مرّ إجمال آیـة الأکل بالـباطل فی محلّها ، فراجع .
فما فی کلام الـشیخ ، أیضاً فی غیر محلّـه ، والأمر سهل .
أقول: قضیّـة الإنصاف تمامیّـة هذا الـوجـه الـذی أبدعناه ؛ لـو کانت
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 226
روایات فساد الـشرط الـمخالـف لـلکتاب ، ناظرة إلـی الـشروط الـضمنیّـة ؛ إمّا لأجل أنّ الـشرط حقیقـة معناه ذلک ، أو لانصرافها إلـیـه ، أو لـلإجماع علیـه .
فإنّـه یستظهر ـ بعد کونها ناظرة إلـیٰ تلک الـشروط الـمذکورة فی ضمن الـعقد ـ أنّ الـعقد باطل ولا یقع ، کما لو ورد فی الـعبادات ما یشبـه ذلک ، فتکون تلک الأخبار مرشدة إلـیٰ عدم تحقّق الـسبب الـشرعیِّ. والـسرّ کلّـه أنّ الـشرط تقیّد فی الـعقد ولو لـم یکن قیداً ، کما عرفت تحقیقـه.
وتوهّم : أنّها ناظرة إلـیٰ رغم أنف الـمتعاملین ، وإلـی الـقهر علیـهم ، کما ربّما یقال فی الـبیع الـربویِّ، والـقرض الـربویِّ، غیر جائز ؛ لاحتیاجـه إلـی الـمؤونـة الـزائدة ، فإنّ الـشرع جاء لإرشاد الـناس إلـی الـواقعیّات ؛ وما فیـه الـمصالـح والـمفاسد ، فلو کان الـعقد مشروطةً صحّتـه بالـتراضی ، فکیف یتصوّر إبطال الـشرط الـفاسد ، وتصحیح الـعقد الـباطل ، ولاسیّما علی الـقول بعدم الـتقسیط بالـنسبـة إلـی الـمثمن فی ناحیـة الـشروط ، کمـا مـرّ ؟!
فیعلم من هنا ـ أی یستظهر عرفاً جدّاً ـ: أنّها ناظرة إلـیٰ بیان قید فی الـعقد ، وإلـیٰ فساد الـعقد لأجل اختلال ذلک الـقید والـتقیّد الـعمومیِّ؛ ولو نسب فی بعض الأخبار الـفساد إلـی الـشرط والـبطلان إلـیـه ، إلاّ أنّـه بالـنسبـة إلـیٰ مجموع ما فی الـباب ، ومحصّل ما یفهم من أمثال هذه الـتراکیب ، یستظهر ما ذکرناه .
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 227
وأمّا لـو کانت الـروایات ناظرة إلـیٰ تصحیح الـمشروط علی الإطلاق ، وإبطال الـشروط ؛ علیٰ عمومها الـذی منها ما یذکر فی طیّ الـعقود ، فلا یستکشف منـه الـقید ؛ لأنّ الـنسبـة تصیر عموماً من وجـه ، وقد مرّ قوّة الأخیر عندنا ، وخروجُ الـبدویّات من الـشروط والـعهود ـ لـلإجماع والـسیرة ـ لایضرّ بما هو الـمقبول عندنا ، فلا تخلط .
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 228