المقصد الثالث فی الشروط

المرحلة الأولیٰ‏: فی مقام الثبوت

المرحلة الأولیٰ : فی مقام الثبوت

‏ ‏

وأنّـه هل یعقل أن یکون الـشرط مفسداً لـلعقد ، أم لا ؟

‏وجهان ، بل قولان أظهرهما عدم إمکانـه ؛ وذلک لـما تحرّر فی‏‎ ‎‏الـمرکّبات الاعتباریـة : من أنّ تصویر الـمانعیّـة فیها غیر معقول؛ وذلک لأنّ‏‎ ‎‏الاعتباریّات الـتی توصف بالـصحـة والـفساد ، لا یعقل أن لا یتحقّق فیها‏‎ ‎‏الـمعنی الأعمّ مع وجود الـمانع ، وحیث إنّ الألفاظ موضوعـة لـلأعمِّ، فیلزم‏‎ ‎‏تحقّق الـمرکّب والـمأمور بـه بالـضرورة ، ومقتضی الإطلاق لـزوم الـخلف ؛‏‎ ‎‏لأنّ الـمفروض مانعیّـة الـثوب الـکذائیّ عن الـصلاة ، کمانعیّـة الـرطوبـة‏‎ ‎‏عن الاحتراق ، وحیث إنّ الـصلاة متحقّقـة فلا یتصوّر الـمانعیّـة . والـتعبّد‏‎ ‎‏بعدم الـتحقّق یحتاج إلـی الـدلیل الـخاصِّ، وهو مفقود فی الـمقام .‏

‏وأما الـمرکّبات الـدائر أمرها بین الـوجود والـعدم ، فلاٰبدّ أن یرجع‏‎ ‎‏قید الـشرط إلـی اعتبار تقیّد الـعقد بعدم الـشرط الـمذکور ، وهذا خلاف‏‎ ‎‏الـفرض ؛ وهو کون الـشرط مفسداً ، فإنّ الإفساد معناه الـمنع عن تحقّقـه‏‎ ‎‏صحیحاً ، لا عن أصل تحقّقـه ، وهو أیضاً خلف .‏

فبالجملة :‏ لا معنیٰ لـهذا الـبحث ؛ وهو أنّ الـشرط هل هو مفسد أم لا ؟‏‎ ‎‏بل الـبحث لابدّ أن یرجع إلـیٰ أنّـه هل یعتبر فی صحّـة الـعقد ونفوذه ـ بل فی‏‎ ‎‏تحقّقـه ـ عدم اشتراط الـشرط الـفاسد ، أم لا ؟‏

‏وما قد یقال : من أنّ لـلعدم لایکون تأثیر حتّیٰ یعتبر دخیلاً ، ففیـه‏‎ ‎‏الـخلط بین الاعتباریّات والـتکوینیّات .‏


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 220
‏ودعویٰ : أنّ من هذا الـباب أصل الإشکال الـمذکور ، غیر مسموعـة ،‏‎ ‎‏کما لایخفیٰ ، وتحریره وتفصیلـه قد مضیٰ فی کتب الـصلاة وغیرها ، وفی‏‎ ‎‏نفس هذا الـکتاب فی مواضع اُخر ‏‎[1]‎‏.‏

إن قلت :‏ بناءً علیـه لایبقیٰ لـلبحث مجال ؛ لأنّ مصبّ الـخلاف هو‏‎ ‎‏الـشرط غیر الـمسری إلـی اختلال رکن الـعقد ، کالـعجز ، والـجهالـة ،‏‎ ‎‏والـسفاهـة ، وغیر ذلک ، فلو کان الـبحث حول أنّ الـعقد هل یتقیّد نفوذه بعدم‏‎ ‎‏الـشرط الـفاسد ؟ فلازمـه سرایـة الـشرط الـفاسد إلـی الاختلال برکنـه ،‏‎ ‎‏وهو الـتقیّد الـمذکور .‏

قلت :‏ نعم ، إلاّ أنّـه یمکن الالتزام بوجود الـدلیل علیٰ بطلان الـعقد من‏‎ ‎‏ناحیـة الـشرط الـفاسد ؛ لأجل الـجهالـة ، دون غیرها مثلاً ، ویترتّب علیـه‏‎ ‎‏فساد ما یظهر من الـشیخ وأتباعـه من إخراج هذه الـشروط عن مصبّ‏‎ ‎‏الـبحث هنا ؛ بتوهّم أنّ الـکلام حول الـشرط الـفاسد غیر الـمسری إلـی‏‎ ‎‏اختلال رکن الـعقد‏‎[2]‎‏ .‏

ویؤید ما ذکرنا‏ إطلاق کلمات الـقوم ؛ من غیر إخراج الـشروط‏‎ ‎‏الـمسریـة عن محطّ الـبحث ؛ لأنّـه لا معنیٰ لـلإسراء إلاّ بمعنی اختلال رکن‏‎ ‎‏الـعقد وقیده ، وهو عدم کونـه متقیّداً بالـشرط الـفاسد ، فلابدّ من الـبحث‏‎ ‎‏والـفحص عن حدود الـدلیل الـناهض علیٰ هذه الـمسألـة .‏


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 221
وبعبارة اُخریٰ :‏ ماسلکـه الـقوم ومنهم الـوالـد الـمحقق ـ مدظلّـه ـ من‏‎ ‎‏انحصار الـبحث هنا حول الـشرط غیر الـمسری ، وإلاّ فما یسری إلـی‏‎ ‎‏اختلال رکن الـعقد ـ فیصیر الـعقد سفهیّاً ، أو مجهولاً ، أو غیر ذلک ممّا یکون‏‎ ‎‏دخیلاً فی صحّتـه ـ فهو یوجب الـفساد طبعاً‏‎[3]‎‏ ، غیر تامّ من جهـة اُخری‏‎ ‎‏أیضاً : وهی إمکان الـتفصیل بین الـجهالـة الـذاتیّـة ، والـجهالـة الـتی‏‎ ‎‏تجیء من ناحیـة الـشرط ؛ لعدم وجود إطلاق علی اشتراط الـمعلومیّـة علی‏‎ ‎‏الإطلاق ، وتصیر الـنتیجـة وقوع الـبحث فی مرحلتین :‏

المرحلة الاُولیٰ :‏ فی أنّ فی الـشروط الـمسریـة ، هل یبطل الـعقد‏‎ ‎‏لأجل قصور الأدلّـة الـناهضـة علی اشتراط الـقدرة فی الـعقد ، أو‏‎ ‎‏الـمعلومیّـة ؟ ‏

‏فیکون الـبحث کبرویّاً من هذه الـجهـة .‏

والمرحلة الثانیة :‏ هل الـشرط غیر الـمسری یوجب الـبطلان ، أم لا ؟‏‎ ‎‏وهو أیضاً بحث کبرویِّ.‏

وأمـّا بناءً‏ علیٰ ما تحرّر منّا ، فیتمحّض الـبحث حول أنّ الـشرط فی‏‎ ‎‏نفوذ الـعقد ، ربّما یکون وجودیّاً ، کالـقدرة مثلاً ، واُخریٰ یکون عدمیّاً ، کعدم‏‎ ‎‏اشتراط الـشرط الـفاسد فی ضمنـه ، ومثلـه اشتراط عدم الـعجز ، وعدم‏‎ ‎‏الـجهل .‏

ومن هنا یظهر :‏ أنّ الـجهـة الـمبحوث عنها هنا ، عین الـجهـة‏‎ ‎‏الـمبحوث عنها فی اشتراط عدم الـعجز وعدم الـجهل ، وکان ینبغی ذکره فی‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 222
‏ذلک الـمقام .‏

کما یظهر :‏ أنّـه یتمحّض الـبحث فی أنّ نفس عدم ذکر الـشرط‏‎ ‎‏الـفاسد ، شرط فی نفوذ الـعقد ، أم لا ؟ وأمّا إذا کان ذکر الـشرط الـفاسد‏‎ ‎‏موجباً للجهالـة ، فهو بعینـه مثل رجوع الـعجز إلـی الـجهالـة فی بعض‏‎ ‎‏الأحیان ، فلا ینبغی الـخلط فیما هو الـمهمّ بالـبحث ، فافهم واغتنم .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 223

  • )) غیر موجود فیما بأیدینا من الکتاب.
  • )) المکاسب، الشیخ الأنصاری: 287 / السطر 27 ـ 29، منیة الطالب 2: 144 / السطر 21، حاشیة المکاسب، المحقّق الأصفهانی 2: 164 / 5.
  • )) البیع، الإمام الخمینی قدس سره 5: 243.