المقصد الثالث فی الشروط

بقی شیء: بحث حول روایة عمر بن حنظلة

بقی شیء: بحث حول روایة عمر بن حنظلة

‏ ‏

‏[‏‏ما ذکرناه‏‏]‏‏ مقتضیٰ ما ورد فی باب ( 14 ) من أبواب الـخیار بسند‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 210
‏لایخلو من مناقشـة‏‎[1]‎‏ ؛ لـما فیـه ذبیان‏‎[2]‎‏ ، وقد مرّ فی الـسلف بعض الـبحث‏‎ ‎‏حولـه ، عن عمر بن حنظلـة الـذی هو أیضاً لـم یوثّق فی الاُصول الـخمسـة ،‏‎ ‎‏ولکن لایبعد عن مسلکنا اعتباره ، عن أبی عبداللّٰه  ‏‏علیه السلام‏‏ : فی رجل باع أرضاً‏‎ ‎‏علیٰ أنّها عشرة أجربـة ، فاشتری الـمشتری ذلک منـه بحدوده ، ونقد الـثمن ،‏‎ ‎‏ووقّع صفقـة الـبیع وافترقا، فلمّا مسح الأرض إذا هی خمسـة أجربـة .‏

‏قال : ‏« إن شاء استرجع فضل ماله وأخذ الأرض ، وإن شاء ردّ البیع ،‎ ‎وأخذ ماله کلّه ، إلاّ أن یکون له إلیٰ جنب تلک الأرض أیضاً أرضون ، فلیؤخذ ،‎ ‎ویکون البیع لازماً علیه ، وعلیه الوفاء بتمام البیع ، فإن لم یکن له فی ذلک‎ ‎المکان غیر الذی باع ، فإن شاء المشتری أخذ الأرض واسترجع فضل ماله ،‎ ‎وإن شاء ردّ الأرض وأخذ المال کلّه »‏ ‏‎[3]‎‏.‏

‏وقد رواه الـصدوق‏‎[4]‎‏ والـشیخ‏‎[5]‎‏ ، إلاّ أنّ تمامیّـة الـسند ذاتاً مشکل ،‏‎ ‎‏وعملاً غیر محرز ، فلیتدبّر .‏

‏وتوهّم بطلان الـبیع لـلغرر والـجزاف ؛ ضرورة أنّ اختلاف الـعشرة‏‎ ‎‏والـخمسـة ، یشهد علیٰ أنّهما کانا غیر مستأهلین لـلتخریص والـتعیـین‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 211
‏الـمتعارف ، فی غیر محلّـه ، بل هی تشهد علیٰ أنّ الـجهالـة لا تضرّ بهذه‏‎ ‎‏الـمثابـة ، کما هو مختارنا صناعـة .‏

‏ودعویٰ دلالتها علی الـتقسیط ، غیر مسموعـة ؛ لأنّها لـو کانت تامّـة‏‎ ‎‏دلالـة وسنداً، فلا بأس بالالتزام بمفادها علیٰ خلاف الـقواعد . مع قوّة احتمال‏‎ ‎‏کون قولـه : « علیٰ أنّها عشرة أجربـة » خارجاً عن الـشرط ، بل هو أمر اعتبر‏‎ ‎‏فی ذمّتـه ، أو یعدّ بحسب الـصغریٰ من مصادیق الـشروط الـراجعـة إلـیٰ‏‎ ‎‏تأکید الـمبیع ، فلا یعدّ شرطاً اصطلاحیاً ؛ کی یکون الـقید خارجاً ، والـتقیّد‏‎ ‎‏داخلاً ، فلا خلاف قاعدة فیها من هذه الـجهـة .‏

وأمّا الـتفصیل الـواقع فی ذیلـه ، فهو‏ مشعر بوفق الـقاعدة ، بل فیـه‏‎ ‎‏إشعار بنکتـة علمیّـة جدّاً ؛ فإنّ مقتضی ما تحرّر منّا ـ وهو فناء الأجزاء فی‏‎ ‎‏الـمبیع ـ أنّ الـمبیع هنا عشرة جربان علیٰ أنّ الأجزاء فانیـة فیها ، وهو عنوان‏‎ ‎‏واحد ، وإذا کان فی جنب الـمبیع الـمشار إلـیـه حین الـبیع أرضون لـه‏‎ ‎‏متّصلـة بما وقع الـبیع علیـه علیٰ أن یکون عشرة ، یقع الـبیع قهراً علیـه ؛ لأنّ‏‎ ‎‏الـمبیع ما اُشیر إلـیـه فی الـخارج علی کذا ، فلا یمکن أن یقع تحت الإنشاء‏‎ ‎‏إلاّ ما هو فی الـخارج بخصوصیّتـه ، وهی الـعشرة ؛ لأنّ تلک الـوحدة عرفیّـة‏‎ ‎‏شخصیّـة ، فیقع الـبیع طبعاً حسب الـقواعد لازماً .‏

‏فلو باع داراً علیٰ أنّها مائـة جریب فبانت تسعین ، یقع الـبیع علی‏‎ ‎‏الـدار ، وهکذا فی عکسـه ، من غیر عروض اختلاف فی الـمبیع الـشخصیّ‏‎ ‎‏باختلاف الـحدود والـجربان ؛ لأنّ الـمشار إلـیـه واحد شخصیّ تحت الـبیع‏‎ ‎‏والـمبادلـة والـتصفیق .‏

‏فما تخیّلوه محدوداً بالـخمسـة بعد قولـه : « علیٰ أنّها عشرة » یوجب‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 212
‏کون الـبیع واقعاً علی ما فی الـخارج ؛ وهی عشرة ، فإذا کان لـه فی جنب‏‎ ‎‏الأرض الـمحدودة أرضون اُخر ینسحب ذیل الـبیع والإشارة إلـیٰ حدّ‏‎ ‎‏الـعشرة قهراً وطبعاً، فتکون الـروایـة شاهدة علی ما قوّیناه فی أساس‏‎ ‎‏الـبحث ، وقد مرّ حولها شطر من الـبحث ، فراجع .‏

ومن هنا یظهر :‏ أنّ الإشکال بکونها خلاف الـقاعدة ، فی غیر محلّـه .‏‎ ‎‏والالتزام بالـتفکیک بین الـصدر والـذیل ولو أمکن ، ولکنّـه فی خصوص‏‎ ‎‏هذه الـروایـة ـ بل مطلقاً ـ غیر جائز ؛ لـعدم بناء أو لـعدم دلیل لـفظیّ علیٰ‏‎ ‎‏حجّیـة خبر الـثقـة حتّیٰ یشمل الـفرض .‏

‏وذهاب الـشیخ فی « الـنهایـة »‏‎[6]‎‏ وابن إدریس‏‎[7]‎‏ ـ الـمعلوم‏‎ ‎‏مسلکـه ـ إلـی الـعمل بمفاده ، غیر معلوم صغرویّاً وکبرویّا ، فراجع .‏

‏وأحسن من ذلک کلّـه کونـه من أخبار کتاب « الـفقیـه »‏‎[8]‎‏ ولکنّـه‏‎ ‎‏أیضاً غیر وافٍ عندنا فی محلّـه ؛ بعد عدم حجّیـة الـخبر ذاتاً ، وعدم اشتهار‏‎ ‎‏الـعمل بمضمونها صدراً وذیلاً .‏

‏نعم ، هو فی الـحکم علیٰ حسب الـقواعد عندنا ، کما اُشیر إلـیـه ، فلا‏‎ ‎‏نحتاج إلـی الـسند ، کما ربّما یکون الـعامل بالـخبر من الـقدماء مثلنا فی‏‎ ‎‏هذه الـجهـة ، فکیف ینجبر ضعف الـسند بعملـه ؟!‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 213

  • )) سنده فی تهذیب الأحکام: محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن علیّ بن محبوب، عن محمّد بن الحسین، عن ذبیان، عن موسی بن أکیل، عن داود بن الحصین، عن عمر بن حنظلة، عن أبی عبدالله علیه السلام.
  • )) معجم رجال الحدیث 7: 148.
  • )) وسائل الشیعة 18: 27 ـ 28، کتاب التجارة، أبواب الخیار، الباب 14، الحدیث 1.
  • )) الفقیه 3: 151 / 663.
  • )) تهذیب الأحکام 7: 153 / 675.
  • )) النهایة: 420.
  • )) السرائر 2: 375 ـ 376.
  • )) الفقیه 3: 151 / 663.