بقی شیء: بحث حول روایة عمر بن حنظلة
[ما ذکرناه] مقتضیٰ ما ورد فی باب ( 14 ) من أبواب الـخیار بسند
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 210
لایخلو من مناقشـة ؛ لـما فیـه ذبیان ، وقد مرّ فی الـسلف بعض الـبحث حولـه ، عن عمر بن حنظلـة الـذی هو أیضاً لـم یوثّق فی الاُصول الـخمسـة ، ولکن لایبعد عن مسلکنا اعتباره ، عن أبی عبداللّٰه علیه السلام : فی رجل باع أرضاً علیٰ أنّها عشرة أجربـة ، فاشتری الـمشتری ذلک منـه بحدوده ، ونقد الـثمن ، ووقّع صفقـة الـبیع وافترقا، فلمّا مسح الأرض إذا هی خمسـة أجربـة .
قال : « إن شاء استرجع فضل ماله وأخذ الأرض ، وإن شاء ردّ البیع ، وأخذ ماله کلّه ، إلاّ أن یکون له إلیٰ جنب تلک الأرض أیضاً أرضون ، فلیؤخذ ، ویکون البیع لازماً علیه ، وعلیه الوفاء بتمام البیع ، فإن لم یکن له فی ذلک المکان غیر الذی باع ، فإن شاء المشتری أخذ الأرض واسترجع فضل ماله ، وإن شاء ردّ الأرض وأخذ المال کلّه » .
وقد رواه الـصدوق والـشیخ ، إلاّ أنّ تمامیّـة الـسند ذاتاً مشکل ، وعملاً غیر محرز ، فلیتدبّر .
وتوهّم بطلان الـبیع لـلغرر والـجزاف ؛ ضرورة أنّ اختلاف الـعشرة والـخمسـة ، یشهد علیٰ أنّهما کانا غیر مستأهلین لـلتخریص والـتعیـین
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 211
الـمتعارف ، فی غیر محلّـه ، بل هی تشهد علیٰ أنّ الـجهالـة لا تضرّ بهذه الـمثابـة ، کما هو مختارنا صناعـة .
ودعویٰ دلالتها علی الـتقسیط ، غیر مسموعـة ؛ لأنّها لـو کانت تامّـة دلالـة وسنداً، فلا بأس بالالتزام بمفادها علیٰ خلاف الـقواعد . مع قوّة احتمال کون قولـه : « علیٰ أنّها عشرة أجربـة » خارجاً عن الـشرط ، بل هو أمر اعتبر فی ذمّتـه ، أو یعدّ بحسب الـصغریٰ من مصادیق الـشروط الـراجعـة إلـیٰ تأکید الـمبیع ، فلا یعدّ شرطاً اصطلاحیاً ؛ کی یکون الـقید خارجاً ، والـتقیّد داخلاً ، فلا خلاف قاعدة فیها من هذه الـجهـة .
وأمّا الـتفصیل الـواقع فی ذیلـه ، فهو مشعر بوفق الـقاعدة ، بل فیـه إشعار بنکتـة علمیّـة جدّاً ؛ فإنّ مقتضی ما تحرّر منّا ـ وهو فناء الأجزاء فی الـمبیع ـ أنّ الـمبیع هنا عشرة جربان علیٰ أنّ الأجزاء فانیـة فیها ، وهو عنوان واحد ، وإذا کان فی جنب الـمبیع الـمشار إلـیـه حین الـبیع أرضون لـه متّصلـة بما وقع الـبیع علیـه علیٰ أن یکون عشرة ، یقع الـبیع قهراً علیـه ؛ لأنّ الـمبیع ما اُشیر إلـیـه فی الـخارج علی کذا ، فلا یمکن أن یقع تحت الإنشاء إلاّ ما هو فی الـخارج بخصوصیّتـه ، وهی الـعشرة ؛ لأنّ تلک الـوحدة عرفیّـة شخصیّـة ، فیقع الـبیع طبعاً حسب الـقواعد لازماً .
فلو باع داراً علیٰ أنّها مائـة جریب فبانت تسعین ، یقع الـبیع علی الـدار ، وهکذا فی عکسـه ، من غیر عروض اختلاف فی الـمبیع الـشخصیّ باختلاف الـحدود والـجربان ؛ لأنّ الـمشار إلـیـه واحد شخصیّ تحت الـبیع والـمبادلـة والـتصفیق .
فما تخیّلوه محدوداً بالـخمسـة بعد قولـه : « علیٰ أنّها عشرة » یوجب
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 212
کون الـبیع واقعاً علی ما فی الـخارج ؛ وهی عشرة ، فإذا کان لـه فی جنب الأرض الـمحدودة أرضون اُخر ینسحب ذیل الـبیع والإشارة إلـیٰ حدّ الـعشرة قهراً وطبعاً، فتکون الـروایـة شاهدة علی ما قوّیناه فی أساس الـبحث ، وقد مرّ حولها شطر من الـبحث ، فراجع .
ومن هنا یظهر : أنّ الإشکال بکونها خلاف الـقاعدة ، فی غیر محلّـه . والالتزام بالـتفکیک بین الـصدر والـذیل ولو أمکن ، ولکنّـه فی خصوص هذه الـروایـة ـ بل مطلقاً ـ غیر جائز ؛ لـعدم بناء أو لـعدم دلیل لـفظیّ علیٰ حجّیـة خبر الـثقـة حتّیٰ یشمل الـفرض .
وذهاب الـشیخ فی « الـنهایـة » وابن إدریس ـ الـمعلوم مسلکـه ـ إلـی الـعمل بمفاده ، غیر معلوم صغرویّاً وکبرویّا ، فراجع .
وأحسن من ذلک کلّـه کونـه من أخبار کتاب « الـفقیـه » ولکنّـه أیضاً غیر وافٍ عندنا فی محلّـه ؛ بعد عدم حجّیـة الـخبر ذاتاً ، وعدم اشتهار الـعمل بمضمونها صدراً وذیلاً .
نعم ، هو فی الـحکم علیٰ حسب الـقواعد عندنا ، کما اُشیر إلـیـه ، فلا نحتاج إلـی الـسند ، کما ربّما یکون الـعامل بالـخبر من الـقدماء مثلنا فی هذه الـجهـة ، فکیف ینجبر ضعف الـسند بعملـه ؟!
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 213