الجهة العاشرة : حول التقسیط بالنسبة إلی الشرط
مقتضیٰ ما تحرّر منّا فی الـمباحث الـسابقـة ؛ أنّ الأثمان لا تقسّط علیٰ أجزاء الـمثمن أجزاء خارجیّـة مقداریّـة فکّیـة ، فضلاً عن الأجزاء الـتحلیلیّـة والأوصاف .
فما وقع مورد الـبحث هنا ـ وهو تقسیط الـثمن بالـنسبـة إلـی الـشروط ـ ساقط من رأسـه ؛ وذلک لأنّ الـمبیع لاینحلّ إلـی الـبیوع ، ولا الـعقد إلـی الـعقود ، بل فی مفروض الـبحث ؛ وهو کون الـمبیع شیئاً واحداً عنواناً ومعنوناً ، کالـفرس الـذی هو واحد طبیعیّ أو کالـدار الـتی هی واحدة بالـوحدة الـتألیفیّـة ، أو الـحذاءین والـمصراعین الـلذین یعدّان واحداً اعتباراً . وفیما ینحلّ الـبیع إلـی الـبیوع ـ کما إذا باع الأشیاء الـمختلفـة ـ فإنّـه یقسّط الـثمن ، أو باع ما یَملک وما لا یَملک ، أو یُملک وما لا یُملک ، علیٰ
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 205
ما مرّ فی محلّـه ، وتفصیلـه یطلب من فروع بیع الـصُبْرة .
وتفصیل الأصحاب هنا کلّـه خارج عن حدّ الـبحث ، وقد تعرّضنا لـما فی « الـتذکرة » هنا فی فروع بیع الـصبرة بما لا مزید علیـه من الـمسائل الأربعـة وغیرها.
فبالجملة : فیما إذا کان الـمبیع واحداً شخصیّاً مرفوع الـغرر بالـمشاهدة ، تکون الأجزاء فانیـة غیر ملحوظـة ، کبیع الـدار ، فإذا سقط بیت منـه قبل الـتسلیم ، أو کان ساقطاً قبل الـعقد ، فلا یثبت إلاّ الـخیار .
وتوهّم ثبوت الـتقسیط عبارة اُخری عن الأرش، ومجرّد کون الأرش غرامـة ، والـتقسیط رجوعاً إلـیٰ شخص الـثمن ، غیر واقع فی محلّـه . مع أنّ الـثمن إن کان شخصیّاً ، فهو لـیس عندنا بیعاً ، بل هی معاوضـة ، وإن کان نقداً کلّیاً ، فلا حقّ بالـنسبـة إلـی الـشخصیّ منـه عرفاً وشرعاً .
نعم ، إذا کان متاعاً کلّیاً کالـحنطـة ، وتعیّن بالـتسلیم ، فیتصوّر الـتقسیط ، إلاّ أنّـه لا أساس لـه ، بل هو بالـخیار ولا أمر زائد علیـه .
ولو کان الـتقسیط هنا صحیحاً عرفاً ، فالأرش علیٰ طبق الـقاعدة ، کما استفاده الـفقیـه الـیزدیِّ قدس سره فإلـزام أحدهما الآخر بقبول الـقسط ، غیر ثابت جدّاً .
وإن شئت قلت : الأجزاء الـمقداریّـة بالـقیاس إلـی الـعین ، فی حکم
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 206
الـوصف ، بل الـکمّ من الأعراض ومن الـمحمولات بالـضمیمـة ، فما هو الـمبیع هو الـجسم الـطبیعیّ الـمتکمّم بالـجسم الـتعلیمیّ الـخاصِّ، وبالـکیف الـمخصوص ؛ من غیر کونهما داخلین فی الـعین الـتی هی الـمبیع ، فإذا کان الأمر کذلک هنا ، ففی الـشرائط ـ الـتی هی داخلـة تقیّداً ، وخارجـة قیداً ـ بالأولویّـة الـقطعیّـة .
وغیر خفیِّ: أنّ ارتضاء الـمتعاملین بالـتقسیط فی تخلّف الأجزاء الـمقداریّـة ، لایوجب کون الـتقسیط شرعیّاً وحکماً إلـزامیّاً ؛ حتّیٰ یجوز إلـزام أحدهما الآخر علی الـقبول ، والـمراضاةُ مبادلـة جدیدة، وإسقاط وإمضاء وانصراف عن الـحقِّ، وإلاّ فما هو الـثابت فی صورة الـتخلّف لـیس إلاّ الـخیار ؛ وهو خیار تعذّر الـتسلیم ؛ لـما یجب علیـه تسلیم الـمقدار الـخاصِّ، کما لـو تعذّر تسلیم مجموع الـصُبْرة .
وفی تخلّف الـوصف والـشرط ، خیار تخلّفهما الـمفروغ عنـه عند الأصحاب إجماعاً ، وسیمرّ علیک مناقشـة منّا فی ثبوت الـخیار فی مطلق تخلّف الـشرط فی الـبحث الآتی إن شاء اللّٰه تعالـیٰ .
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 207