المقصد الثالث فی الشروط

الجهة العاشرة‏: حول التقسیط بالنسبة إلی الشرط

الجهة العاشرة : حول التقسیط بالنسبة إلی الشرط

‏ ‏

‏مقتضیٰ ما تحرّر منّا فی الـمباحث الـسابقـة ؛ أنّ الأثمان لا تقسّط علیٰ‏‎ ‎‏أجزاء الـمثمن أجزاء خارجیّـة مقداریّـة فکّیـة ، فضلاً عن الأجزاء‏‎ ‎‏الـتحلیلیّـة والأوصاف .‏

‏فما وقع مورد الـبحث هنا ـ وهو تقسیط الـثمن بالـنسبـة إلـی‏‎ ‎‏الـشروط ـ ساقط من رأسـه ؛ وذلک لأنّ الـمبیع لاینحلّ إلـی الـبیوع ، ولا‏‎ ‎‏الـعقد إلـی الـعقود ، بل فی مفروض الـبحث ؛ وهو کون الـمبیع شیئاً واحداً‏‎ ‎‏عنواناً ومعنوناً ، کالـفرس الـذی هو واحد طبیعیّ أو کالـدار الـتی هی واحدة‏‎ ‎‏بالـوحدة الـتألیفیّـة ، أو الـحذاءین والـمصراعین الـلذین یعدّان واحداً‏‎ ‎‏اعتباراً . وفیما ینحلّ الـبیع إلـی الـبیوع ـ کما إذا باع الأشیاء الـمختلفـة ـ‏‎ ‎‏فإنّـه یقسّط الـثمن ، أو باع ما یَملک وما لا یَملک ، أو یُملک وما لا یُملک ، علیٰ‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 205
‏ما مرّ فی محلّـه ، وتفصیلـه یطلب من فروع بیع الـصُبْرة .‏

‏وتفصیل الأصحاب هنا کلّـه خارج عن حدّ الـبحث ، وقد تعرّضنا لـما‏‎ ‎‏فی « الـتذکرة »‏‎[1]‎‏ هنا فی فروع بیع الـصبرة بما لا مزید علیـه من الـمسائل‏‎ ‎‏الأربعـة وغیرها‏‎[2]‎‏.‏

فبالجملة :‏ فیما إذا کان الـمبیع واحداً شخصیّاً مرفوع الـغرر‏‎ ‎‏بالـمشاهدة ، تکون الأجزاء فانیـة غیر ملحوظـة ، کبیع الـدار ، فإذا سقط بیت‏‎ ‎‏منـه قبل الـتسلیم ، أو کان ساقطاً قبل الـعقد ، فلا یثبت إلاّ الـخیار .‏

‏وتوهّم ثبوت الـتقسیط عبارة اُخری عن الأرش، ومجرّد کون الأرش‏‎ ‎‏غرامـة ، والـتقسیط رجوعاً إلـیٰ شخص الـثمن ، غیر واقع فی محلّـه . مع أنّ‏‎ ‎‏الـثمن إن کان شخصیّاً ، فهو لـیس عندنا بیعاً ، بل هی معاوضـة ، وإن کان نقداً‏‎ ‎‏کلّیاً ، فلا حقّ بالـنسبـة إلـی الـشخصیّ منـه عرفاً وشرعاً .‏

‏نعم ، إذا کان متاعاً کلّیاً کالـحنطـة ، وتعیّن بالـتسلیم ، فیتصوّر‏‎ ‎‏الـتقسیط ، إلاّ أنّـه لا أساس لـه ، بل هو بالـخیار ولا أمر زائد علیـه .‏

‏ولو کان الـتقسیط هنا صحیحاً عرفاً ، فالأرش علیٰ طبق الـقاعدة ، کما‏‎ ‎‏استفاده الـفقیـه الـیزدیِّ ‏‏قدس سره‏‎[3]‎‏ فإلـزام أحدهما الآخر بقبول الـقسط ، غیر‏‎ ‎‏ثابت جدّاً .‏

وإن شئت قلت :‏ الأجزاء الـمقداریّـة بالـقیاس إلـی الـعین ، فی حکم‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 206
‏الـوصف ، بل الـکمّ من الأعراض ومن الـمحمولات بالـضمیمـة ، فما هو‏‎ ‎‏الـمبیع هو الـجسم الـطبیعیّ الـمتکمّم بالـجسم الـتعلیمیّ الـخاصِّ،‏‎ ‎‏وبالـکیف الـمخصوص ؛ من غیر کونهما داخلین فی الـعین الـتی هی‏‎ ‎‏الـمبیع ، فإذا کان الأمر کذلک هنا ، ففی الـشرائط ـ الـتی هی داخلـة تقیّداً ،‏‎ ‎‏وخارجـة قیداً ـ بالأولویّـة الـقطعیّـة .‏

وغیر خفیِّ:‏ أنّ ارتضاء الـمتعاملین بالـتقسیط فی تخلّف الأجزاء‏‎ ‎‏الـمقداریّـة ، لایوجب کون الـتقسیط شرعیّاً وحکماً إلـزامیّاً ؛ حتّیٰ یجوز‏‎ ‎‏إلـزام أحدهما الآخر علی الـقبول ، والـمراضاةُ مبادلـة جدیدة، وإسقاط‏‎ ‎‏وإمضاء وانصراف عن الـحقِّ، وإلاّ فما هو الـثابت فی صورة الـتخلّف لـیس‏‎ ‎‏إلاّ الـخیار ؛ وهو خیار تعذّر الـتسلیم ؛ لـما یجب علیـه تسلیم الـمقدار‏‎ ‎‏الـخاصِّ، کما لـو تعذّر تسلیم مجموع الـصُبْرة .‏

‏وفی تخلّف الـوصف والـشرط ، خیار تخلّفهما الـمفروغ عنـه عند‏‎ ‎‏الأصحاب إجماعاً ، وسیمرّ علیک مناقشـة منّا فی ثبوت الـخیار فی مطلق‏‎ ‎‏تخلّف الـشرط فی الـبحث الآتی إن شاء اللّٰه تعالـیٰ .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الخیارات (ج. 4)صفحه 207

  • )) تذکرة الفقهاء 1: 494 / السطر 28.
  • )) هذه المباحث من کتاب البیع مفقودة.
  • )) حاشیة المکاسب، السیّد الیزدی 2: 101 / السطر 15، و30 / السطر 22.