المقصد الأوّل موضوع الاُصول وتعریفه مع نبذة من مباحث الألفاظ

الأمر الأوّل : مادّة المشتقّات

الأمر الأوّل : فیما هو مادّة المشتقّات

‏ ‏

اعلم :‏ أنّه قد اختلفت کلمات النحاة فی هذه المسألة ؛ فالمعروف عن‏‎ ‎‏الکوفیّین أنّها المصدر‏‎[1]‎‏، والمنسوب إلی البصریّین أنّها الفعل‏‎[2]‎‏، والمحکیّ عن‏‎ ‎‏الشارح الرضیّ نجم الأئمّة ‏‏رحمه الله‏‏ أنّ النزاع فی الحقیقة راجع إلیٰ ماهو المتقدّم فی‏‎ ‎‏الوضع، لا فی الأصلیّة والفرعیّة‏‎[3]‎‏، وعن بعض الأعلام: أنّها اسم المصدر‏‎[4]‎‏.‏

والذی هو التحقیق :‏ أنّ المادّة المذکورة، لابدّ وأن تکون مطلقة من حیث‏‎ ‎‏الهیئة والمعنیٰ، وإلاّ فلا یعقل کونها مادّة ومبدأً فی المشتقّات:‏

‏أمّا اشتراط کونها مطلقة من حیث الهیئة، فهو واضح؛ ضرورة أنّ مع تقوّمها‏‎ ‎‏بالهیئة الخاصّة، لایعقل انحفاظ تلک الهیئة فی سائر الهیئات؛ لتباینها، فلو کانت‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 378
‏المادّة مثلاً «ضربْ» بالتسکین الموازن لـ «فعل» فلایحفظ تلک الهیئة فی «ضارب»‏‎ ‎‏و«مضروب» بالضرورة.‏

‏وأمّا اشتراط کونها مطلقة من حیث المعنیٰ؛ فلبداهة أنّ لکلّ واحد من‏‎ ‎‏المشتقّات معنی خاصّاً، ضرورة أنّ طبیعة الضرب کلّما تحقّقت فی الخارج فلها‏‎ ‎‏ـ زائداً علیٰ ذاتها ـ خصوصیّة، هی محکیّة بتلک الهیئة الطارئة علیها، فلابدّ من‏‎ ‎‏إطلاقها من تلک الخصوصیّة؛ حتّیٰ تکون منحفظة فی جمیع الأطوار والأشکال.‏

‏فما هی المادّة هی نفس الطبیعة من غیر النظر إلیٰ وجودها السِعیّ؛ فإنّها فی‏‎ ‎‏هذه النظرة هی اسم المصدر، ومن غیر النظر إلیٰ صدورها؛ فإنّها فی هذه اللحظة هی‏‎ ‎‏المصدر، ومن غیر النظر إلیٰ ذات أصدرتها؛ فإنّها فی هذه اللحظة اسم الفاعل،‏‎ ‎‏وهکذا فی سائر المشتقّات.‏

والسرّ کلّ السرّ :‏ أنّ کلّ طبیعة لابدّ فی تحقّقها الخارجیّ، من الخصوصیّات‏‎ ‎‏المختلفة الملتحقة بها، والمتّحدة معها، وتکون مادّة المشتقّات هی أصل الطبیعة،‏‎ ‎‏والخصوصیّات زائدة علیها، ولیست محکیّة بها، بل حاکیها هی الهیئات العارضة‏‎ ‎‏علیها، المتّحدة معها فی وجودها اللفظیّ، فبذلک انقدح سقوط الأقوال.‏

‏ومن العجیب ما أفاده نجم الأئمّة‏‎[5]‎‏!! فإنّ البحث فی مادّة المشتقّات، غیر‏‎ ‎‏البحث فی کیفیّة وضعها؛ فإنّ الخلط بین المسألتین غیر جائز، کما لایخفیٰ.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 379

  • )) شرح الکافیة 1: 191 ـ 192، شرح ابن عقیل 1: 559 ، البهجة المرضیّة 1: 197.
  • )) نفس المصادر.
  • )) شرح الکافیة 2: 192.
  • )) بدائع الأفکار (تقریرات المحقّق العراقی) الآملی 1: 157.
  • )) شرح الکافیة: 2: 192.