دلالة الأخبار السابقة علیٰ کفایة التغیّر
أقول: الـحقّ أنّ هذه الأخبار تدلّ علیٰ الـمطلوب؛ وذلک لـوجهین.
الأوّل: أنّ الـماء إذا کان قابلاً لـتأثیر الـجیفـة فیـه، ومنع عنـه الـریاح فلم یغلب علیـه ریح الـجیفـة، یکون طاهراً بلا شبهـة؛ بمقتضیٰ فهم الـعرف
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.۱)صفحه 162
من هذه الـمآثیر، مع أنّ لازم ما أفاده نجاستـه إن أخذنا بالـمفهوم، أو عدم شمولها لـه إن طرحناه.
الثانی: الـظاهر أنّ الـمقصود من غلبـة الـریح علیٰ الـجیفـة، أن لا یکون الـماء متعفّناً بها، ویکون صافیاً وخالـصاً، ولیس مفهوم الـغلبـة فیـه الـخصوصیّـة، ولو اشترط أن یکون الـماء بما هو الـماء غالـباً، یلزم خروج جمیع الـمیاه عن مفاد الـروایات؛ لأنّ الـماء یغلب غالـباً بضمیمـة بعض الـخصوصیّات الـموجودة فیـه، کالـغلظـة والـبرودة والـلّون وغیرها، وقلّما یتّفق غلبتـه بطبیعتـه الـصافیـة والـخالـصـة.
وبالجملة: الـعرف یستفید من هذه الـتعابیر، أنّ تمام الـملاک والـمناط کون الـنتن غالـباً، وقضیّـة مفهوم الـشرط والـقید طهارتـه، مع أنّـه لا حاجـة إلـیـه؛ لـفهم الـعرف ذلک من مناسبات الـحکم والـموضوع.
فتحصّل إلیٰ هنا: أنّ مقتضی الـنصوص والاعتبار، کفایـة زوال وصف الـتغیّر فی الـطهارة، وفاقاً لـجمع مضیٰ ذکرهم.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.۱)صفحه 163