الوجه الثالث

‏‏الوجه الثالث :‏

‏‏ ‏

‏‏الـنبویّ الـمشهور بین الأصحاب الـمذکور سابقاً: «‏‏خلق اللّٰه الماء‏‎ ‎‏طهوراً لا ینجّسه شیء، إلاّ ما غیّر لونه أو ریحه أو طعمه»‏‎[1]‎‏.‏

‏‏فإنّ الـحصر یفید طهارة الـقلیل الـملاقی مع الـنجس، وهو الآبی عن‏‎ ‎‏الـتقیید، بل الاستثناء یؤکّد الـعموم، ویورث نصوصیّـة الـمستثنیٰ منـه فیما‏‎ ‎‏عداه، ولا یکون الـجمع بینـه وبین ما هو الأخصّ منـه من الـجمع الـعرفیّ؛‏‎ ‎‏وذلک لأجل أنّ حجّیـة مفهوم الـحصر مستندة إلـی الـتبادر، وهو لا یکون إلاّ‏‎ ‎‏فی الـموضوع لـه، فعلیـه تکون هیئـة الاستثناء، ظاهرةً فی نفی غیر‏‎ ‎‏الـمستثنیٰ، وحصرِ الـمقصود فی الـمستثنیٰ حصراً حقیقیّاً ـ لا إضافیّاً ـ غیرَ‏‎ ‎‏قابل للتخصیص.‏

‏‏وجمیع الـمآثیر الـمشتملـة علیٰ توصیف الـماء بـ «‏‏الطهور»‏‎[2]‎‏ فإنّـه‏‎ ‎‏لـیس إلاّ لأجل زیادة أمر فیـه؛ إمّا عدم قابلیّتـه للنجاسـة، أو مطهّریتـه للغیر،‏‎ ‎‏أو هما معاً.‏

‏‏والـظاهر من قولـه: «‏‏لا ینجّسه شیء‏‏» أنّـه من الآثار الـمترتّبـة علیٰ کونـه‏‎ ‎

‏
‏‎

‏‏وإن شت قلت:‏‏ هذه الـطائفـة فی مقام الامتنان، وأیّ امتنان أعظم من‏‎ ‎‏عصمـة الـماء الـقلیل الـذی هو الأکثر ابتلاء؟! وإخراجـه من تلک الأدلّـة‏‎ ‎‏خلاف الامتنان الـظاهر من تلک الأدلّـة.‏

‏‏ودعویٰ عدم إطلاقها؛ لأنّها فی مقام إثبات الـتشریع، بحذاء ما ورد من‏‎ ‎‏قرض الاُمم الـسابقـة لـحومَهم، غیر مسموعـة؛ لأنّ الـمآثیر مختلفـة، وقصّـة‏‎ ‎‏الـقرض ممنوعـة عقلاً وإن وردت بـه الـمآثیر الـصحیحـة، ومقتضی الامتنان‏‎ ‎‏هو الإطلاق الآبی عن الـتقیید، فتدبّر.‏

‏‏هذه هی الـوجوه الـثلاثـة.‏

‏‏ ‏

‏‎ ‎

‏‎

• )) المعتبر 1 : 40 ، وسائل الشیعة 1 : 135، کتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 1، الحدیث 9 .
• )) وسائل الشیعة 1 : 133 ـ 137، کتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق ، الباب 1، الحدیث 1 و4 و8 و9 و 10، والباب 2، الحدیث 1 و 4 .