کتاب الطهارة

الجهة الرابعة: فی قضیّة الأدلّة والاُصول العملیّة

الجهة الرابعة: فی قضیّة الأدلّة والاُصول العملیّة

‏ ‏

‏إذا سقطت الأدلّـة الـلّفظیّـة عن الاستدلال سنداً أودلالـة،فهل عند ذلک‏‎ ‎‏لابدّ من الـقول : بأنّ الـقدر الـمتیقّن من الـمنفعل، ما کان أقلّ من سبعـة‏‎ ‎‏وعشرین؛ لأنّ الأصل الأوّلی عدم انفعال الـماء مطلقاً؟‏

‏أو الـقول : بأنّ الـقدر الـمتیقّن من الـلاّانفعال هو الـثلاثـة والأربعون،‏‎ ‎‏فلو نقص منـه شیء ینفعل؛ لأنّ الأصل انفعال الـماء إلاّ إذا کان کرّاً؟‏

‏وقد مضیٰ شطر من الـبحث حول ماهو الـحقّ فی الـمسألـة؛ حسب‏‎ ‎‏الأدلّـة اللفظیّـة‏‎[1]‎‏.‏

والذی هو الأقرب:‏ أنّ الـماء إذا ثبت قابلیّتـه للنجاسـة فی الـجملـة،‏‎ ‎‏فلابدّ فیـه من الـعاصم، وهو الـبالـغ إلـی الـحدّ الأکثر لـدی الـشکّ؛‏‎ ‎‏لـرجوعـه إلـی الـشکّ فیما یعصمـه.‏

وتوهّم:‏ أنّ الـقلّـة مقتضیـة لـلانفعال، فی غیر محلّـه؛ لأنّها لـیست أمراً‏‎ ‎‏خارجیّاً حتّیٰ یکون مقتضیاً لـشیء.‏

اللهمّ إلاّ أن یقال:‏ ظاهر الـنبویّ‏‎[2]‎‏، هو أنّ الـماء لاینجّسـه شیء إلاّ إذا‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.۱)صفحه 342
‏کان متغیّراً بالاستثناء، أو قلیلاً بالـتخصیص الـمنفصل، وإذا کان مفهوم‏‎ ‎‏«الـقلیل» و «الـکرّ» و«الـکثیر» مجملاً، فلابدّ من الـمراجعـة إلـی الـعامّ؛‏‎ ‎‏وهو عدم تنجّس الـماء، والـقدر الـمتیقّن منـه الـذی ینجس، هو غیر الـبالـغ‏‎ ‎‏إلـی الـحدّ الأقلّ.‏

فبالجملة :‏ قضیّـة ما حرّر فی الاُصول، هو الـرجوع إلـی الـعمومات فی‏‎ ‎‏الـشبهـة الـمصداقیّـة الـمفهومیّـة للمخصّص‏‎[3]‎‏، وأمّا الـنظر إلـی‏‎ ‎‏الـمقتضیات؛ وأنّ الـکثیر فیـه الاقتضاء دون الـقلیل، فغیر جائز؛ للزوم‏‎ ‎‏الاجتهاد فی مقابل الـنصّ کما لایخفیٰ.‏

‏نعم، فی ثبوت الـنبویّ سنداً، وفی وضوحـه دلالـة، مباحث هامّـة‏‎ ‎‏مضت‏‎[4]‎‏.‏

‏ولو فرغنا عن جمیع تلک الـمباحث، وفرضنا الإطلاق لـه من هذه‏‎ ‎‏الـجهـة أیضاً، فالـذی هو الـمحرّر عندی: عدم جواز الـرجوع إلـی‏‎ ‎‏الـعمومات فی الـمفروض من الـکلام أیضاً، لـما تقرّر من رجوع الـشبهـة‏‎ ‎‏الـمصداقیّـة إلـی الـموضوعیّـة فی محیط الـتقنین والـتشریع مطلقاً‏‎[5]‎‏.‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.۱)صفحه 343

  • )) تقدّم فی الصفحة 274 ـ 277 .
  • )) المعتبر 1 : 40 ، وسائل الشیعة 1 : 135، کتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 1، الحدیث 9.
  • )) تحریرات فی الاُصول 5 : 237 ـ 238 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 118 ـ 121 .
  • )) لاحظ تحریرات فی الاُصول 5 : 236 و 251 و 254 ـ 255 .