فصل
هل یجوز رفع الحدث والخبث بالغسالة بناء علی طهارتها؟
بناءً علیٰ نجاسـة الـغسالـة، فلاریب فی سقوط أحکامها؛ من رافعیّتها للحدث والـخبث.
وأمّا علی الـقول بطهارتها کما هو الأقرب، فهل هی کغسالـة الاستنجاء علی الـقول بطهارتها، أم هی تختصّ بدلیل؟
الـظاهر هو الأوّل، فتأتی الـوجوه الـمزبورة والأدلّـة الـمذکورة هنا من غیر فرق.
نعم، قد یتوهّم: أنّ الإجماعات الـمحکیّـة عن أساطین الـفقهاء ـ علیٰ
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.2)صفحه 137
عدم رافعیّتها للحدث ـ مصبّها هذا الـماء، فهو الـقدر الـمتیقّن الـذی لابدّ من الالتزام بـه.
وأنت خبیر: بأنّ هذا الـتقریب یستلزم وهن الإجماعات الـمنقولـة؛ لاحتمال کون ذلک من صغریات الإجماعات علیٰ عدم مطهّریـة الـمنجّس، ولا یکون مخصوصـاً بهـذه الـمسألـة، وهـذا الاحتمـال قویّ جدّاً، فلایقتضی شیء منها.
ومن الـعجب، توهّم بعض الـمعاصرین کفایـة روایـة عبداللّٰـه بن سِنان الـماضیـة عنها؛ لـدلالتها علیٰ ممنوعیّـة الاستعمال فی الـحدث ـ سواء کانت طاهرة أو نجسـة ـ بإلـغاء خصوصیّـة الـوضوء!!
وأنت خبیر: بأنّها ـ مضافاً إلـیٰ ضعف سندها بأحمد بن هلال، وعدم انجبارها بالـشهرة الـعملیّـة ـ غیر تامّـة دلالـة؛ ضرورة أنّ ذیلها : «وأمّا الماء الذی یتوضّأ الرجل به، فیغسل وجهه ویده فی شیء نظیف، فلابأس أن یأخذه غیره ویتوضّأ به» قرینـة علی أنّ الـنظر إلـی اعتبار الـنظافـة الـعرفیّـة فی ماء الـوضوء، من دون الـنظر إلـی الاستعمال فی الـخبث أو الـحدث.
مع أنّ الـمفروض فی صدره أنّـه قال: «لابأس بأن یتوضّأ بالماء المستعمل».
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.2)صفحه 138
وقال: «الماء الذی یغسل به الثوب أو یغتسل به الرجل من الجنابة، لایجوز أن یتوضّأ منه وأشباهه» فإنّـه لـیس ظاهراً فی الـثوب الـمفروض نجاستـه، ولا فی مفروضیّـة نجاسـة الـبدن.
مع أنّ کلمـة: «أشباهه» ظاهرة فی رجوع الـضمیر إلـی «الماء» أی أشباهـه فی الـکثافـة الـعرفیّـة، فتسقط الـروایـة عن الاستدلال الـمقصود فی هذه الـمواقف جدّاً.
نعم، هی شاهدة علیٰ ما أبدعناه: من قصور أدلّـة مطهّریـة الـمیاه عن إثبات طهوریّـة هذه الـمیاه؛ بعد کون الـموضوعات عرفیّـة.
مع أنّ دعویٰ الانصراف الـتی سمعت من الـوالـد الـمحقّق قریبـة، فلاینبغی توهّم الـملازمـة بین الـطهارة الـشرعیّـة والـطهوریـة الـعرفیّـة، ولایصحّ نسبـة هذا إلـی الـشریعـة الـمقدّسـة الـمنزّهـة عن جمیع الأوساخ والأنجاس، الـظاهریّـة والـباطنیّـة.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.2)صفحه 139