المقصد الثانی فی النجاسات وأحکامها

وأمّا المرحلة الثانیة

وأمّا المرحلة الثانیة:

‏ ‏

‏فقضیّـة ما مرّ طهارة تلک الأجزاء؛ سواء جزّت، أو قلعت.‏

‏نعم، فی صورة الـقلع ربّما یحتاج إلـی الـغسل لـما لاقی الـمیتـة‏‎ ‎‏برطوبـة. وربّما یمکن دعویٰ وجوب الـغسل مع الاحتمال الـمزبور؛ قضاءً‏‎ ‎‏لـحقّ بعض الأخبار الآتیـة، فتکون الـعلّـة والـحکمـة احتمال الـتلوّث‏‎[1]‎‏.‏


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.2)صفحه 406
‏ویظهر من الـشیخ فی «الـخلاف» و«الـنهایـة» بل و«الـمبسوط»‏‎ ‎‏اختصاص الـطهارة بصورة الـجزء‏‎[2]‎‏. ویمکن حمل کلامـه علیٰ أنّ فی صورة‏‎ ‎‏الـقلع لابدّ من الـغسل، فلا یقول بنجاستها الـعینیّـة، خلافاً لـما یظهر من‏‎ ‎‏«خلافـه» من أهل الـخلاف الـقائلین بنجاستها الـعینیّـة‏‎[3]‎‏.‏

‏ولکنّـه خلاف الـتحقیق، فالـنسبـة علیٰ کلّ تقدیر غیر واضحـة،‏‎ ‎‏فلاحظ وتدبّر.‏

‏وأمّا توهم نصوصیّـة عبارة «الـنهایـة» فی ذلک؛ لـما قال: «ولا یحلّ‏‎ ‎‏شیء منها إذا قلع منها»‏‎[4]‎‏ فهو فاسد؛ لأنّ ذلک أعمّ من الـنجاسـة، ولعلّـه کان لا‏‎ ‎‏یریٰ جواز الـصلاة فیها کما لا یخفیٰ، والأمر بعد ذلک سهل.‏

‏وهو ‏‏قدس سره‏‏ وحید فی هذا الـرأی والإفتاء، ویشهد لـما ذهب إلـیـه بعض‏‎ ‎‏الـنصوص؛ مثل ما مرّ من معتبر حَریز، عنـه ‏‏علیه السلام‏‏ قال: «‏وإن أخذته منه بعد أن‎ ‎یموت، فاغسله وصلّ فیه»‎[5]‎‏.‏

‏فإنّ الـمراد من «الأخذ» هو الـقلع حتّیٰ یتمّ رأیـه، ولو کان الأعمّ‏‎ ‎‏فیکون دلیلاً علیٰ نجاستها.‏

‏وهو محجوج بما مرّ؛ ضرورة أنّ الأمر بالـغسل ـ بعد الـنصّ الـثابت‏‎ ‎‏علیٰ طهارتـه ـ لا یشهد علی الـنجاسـة بالـضرورة. مع أنّـه مخالـف لـه‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.2)صفحه 407
‏ولغیره، ولم یذهب أحد إلـیـه، فهذا الأمر تنزیهیّ؛ لـما فیـه بعد الـموت من‏‎ ‎‏الـقذارة الـعرفیّـة طبعاً، ولا حاجـة إلـیٰ حملها علی الـوجوب لـنجاستها‏‎ ‎‏بالـقلع، حتّیٰ یتوسّل بارتکاز الـعرف علیٰ فهم تحقّق الـملاقاة مع الـرطوبـة،‏‎ ‎‏کما صنعـه الـوالـد الـمحقق ـ مدّظلّـه ـ‏‎[6]‎‏.‏

فبالجملة:‏ یتمّ الاستدلال بمثلـه؛ بناء علیٰ حملـه علی الـقلع، وحمل‏‎ ‎‏الـهیئـة علی الـوجوب، من غیر اشتراط الـمباشرة برطوبـة، فیکون الـغسل‏‎ ‎‏واجباً.‏

‏ویمکن دعویٰ نجاستـه الـعینیّـة الـزائلـة بالـغسل، کما تزول بالـغسل‏‎ ‎‏فی أموات الـمؤمنین.‏

‏وفیـه ما لا یخفیٰ، مع أنّ قضیّـة بعض الإطلاقات طهارة الـمنتوف، ففی‏‎ ‎‏الـباب الـمزبور عن «قرب الإسناد» قال: «‏لا بأس بما ینتف من الطیر‎ ‎والدجاج ینتفع به...»‎[7]‎‏.‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.2)صفحه 408

  • )) مشارق الشموس: 319 / السطر 3.
  • )) الخلاف 1 : 66 ، النهایة : 585 ، المبسوط 1 : 15 .
  • )) الخلاف 1 : 66 .
  • )) دروس فی فقه الشیعة 2 : 350.
  • )) الکافی 6: 258 / 4، وسائل الشیعة 24: 180، کتاب الأطعمة والأشربة، أبواب الأطعمة المحرّمة، الباب 33، الحدیث3 .
  • )) الطهارة، الإمام الخمینی  قدس سره 3: 101.
  • )) قرب الإسناد : 136 / 480 ، وسائل الشیعة 24: 183، کتاب الأطعمة والأشربة، أبواب الأطعمة المحرّمة، الباب 33، الحدیث13 .