المقصد الثانی فی النجاسات وأحکامها

مسألة: فی حکم إنفحة ما لا یؤکل لحمه

مسألة: فی حکم إنفحة ما لا یؤکل لحمه

‏ ‏

‏إنفحـة غیر الـمأکول، أو إنفحـة الـمأکول ذاتاً وغیر الـمأکول عرضاً‏‎ ‎‏کالـجلاّل، أو إنفحـة الـمأکول غیر الـمتعارف، کالـحمار والـفرس، أو إنفحـة‏‎ ‎‏غیر الـمتعارف فی الاستفادة، کإنفحـة الـبقر والإبل، طاهرة کإنفحـة الـجدی‏‎ ‎‏والـحمل، أم هی نجسـة؛ بناءً علیٰ کونها مع قطع الـنظر عن هذه الأخبار‏‎ ‎‏الـواردة فی خصوصها نجسـة.‏

‏فالـکلام هنا حول ما إذا کانت الإنفحـة مع قطع الـنظر عن هذه الأخبار،‏‎ ‎‏نجسـة ذاتاً أو عرضاً، وإلاّ فلو کانت هی طاهرة فلا حاجـة إلـیٰ إدراجها تحت‏‎ ‎‏مفادها.‏

‏إذا عرفت ذلک فربّما یقال: بأنّ بعد فرض کون الإنفحـة من الـمیتـة‏‎ ‎‏حسبما عرفت منّا‏‎[1]‎‏، والـمیتـة من الـنجاسات الـعینیّـة، فالاستثناء منها‏‎ ‎‏یقتضی طهارتها، من غیر الـنظر إلـیٰ أنّ هذه الـمیتـة قبل الـموت کانت‏‎ ‎‏مأکولـة اللحم، أو غیر مأکولـة اللحم؛ لاشتراک میتـة الـکلّ فی الـنجاسـة‏‎ ‎‏وهی الـمستثناة من الـمیتـة، لا من الـحیوان الـکذائیّ الـطاهر الـعین حتّیٰ‏‎ ‎‏یختلف بین أنواع الـحیوان‏‎[2]‎‏.‏

‏وأمّا اشتمال بعض الأخبار علیٰ أنّها ممّا یکثر انتفاع الـخلق منها‏‎[3]‎‏،‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.2)صفحه 433
‏وهذا یختصّ بطائفـة دون طائفـة، فهو لا یورث تفصیلاً فی الـمسألـة؛ لأنّ ذلک‏‎ ‎‏ممّا یعدّ حِکْمـة فی الـحکم، وإلاّ یلزم الـقول بنجاسـة الإنفحـة ممّا لایؤکل‏‎ ‎‏عادة کالـحمار، وبطهارة ما یجعل فی الـجبن ممّا لایؤکل مطلقاً؛ لأنّ الـمیزان‏‎ ‎‏هو الـمتعارف فی الانتفاع من الإنفحـة، لا من حیوانها کما لا یخفیٰ.‏

‏فالـقول بأنّ الإنفحـة من الـکلّ فی حدّ واحد، قویّ جدّاً، وما تریٰ فی‏‎ ‎‏کتب الأصحاب من الاغتشاش، ناشئ من الـغفلـة عن حقیقـة الـحال.‏

‏هذا، وحیث عرفت: أنّ الإنفحـة هی الـمظروف‏‎[4]‎‏، وعرفت الإشکال فی‏‎ ‎‏شمول دلیل طهارة مٰا لاٰ تحلّـه الـحیاة لـمثلـه‏‎[5]‎‏، فیشکل طهارتها الـذاتیّـة؛‏‎ ‎‏لأنّها من الـمیتـة عرفاً، وملحقـة بها حکماً، فلولا ما ذکرناه یکون الـقول‏‎ ‎‏بنجاستها الـذاتیّـة قویّاً جدّاً.‏

‏وأمّا توهّم عدم صدق «الإنفحـة» علیٰ غیر الـمأکول لـحمـه، مستدلاًّ‏‎ ‎‏بالـروایـة کما فی «الـمصباح»‏‎[6]‎‏ فهو ـ مضافاً إلـیٰ ضعف الاستدلال ـ یورث‏‎ ‎‏الـحصر بمورده.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.2)صفحه 434

  • )) تقدّم فی الصفحة 423 .
  • )) مصباح الفقیه، الطهارة : 532 / السطر 28.
  • )) الکافی 6: 257 / 2، وسائل الشیعة 24: 179، کتاب الأطعمة والأشربة، أبواب الأطعمة المحرّمة، الباب 33، الحدیث2.
  • )) تقدّم فی الصفحة 424 ـ 425 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 423 .
  • )) مصباح الفقیه، الطهارة : 532 / السطر 29.