المقصد الثانی فی النجاسات وأحکامها

الفرع الثامن : فی حکم اللّبن فی ضرع المیتة

الفرع الثامن : فی حکم اللّبن فی ضرع المیتة

‏ ‏

‏کان إلـیٰ زمان ابن إدریس مشهوراً بین الأصحاب ـ رضی اللّٰـه عنهم ـ‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.2)صفحه 434
‏وعن «الـغنیـة» و«الـخلاف» دعوی الإجماع علیـه‏‎[1]‎‏، وهو الـمعروف عند‏‎ ‎‏الـمتأخّرین کما فی «الـمسالـک»‏‎[2]‎‏ وما رأیت حکایـة الـنجاسـة عن أحد‏‎ ‎‏من الـقدماء إلاّ «الـمراسم»‏‎[3]‎‏.‏

‏ومع ذلک قال ابن إدریس: «إنّـه نجس بغیر خلاف عن الـمحصّلین من‏‎ ‎‏أصحابنا»‏‎[4]‎‏ ولعلّـه ناظر إلـیٰ نفی الـتحصیل عن الـقائلین بالـطهارة.‏

‏وقال «الـمنتهیٰ» و«جامع الـمقاصد»: «إنّـه الـمشهور»‏‎[5]‎‏ وعن الأخیر‏‎ ‎‏«أنّـه الـموافق لاُصول الـمذهب»‏‎[6]‎‏.‏

‏والـذی هو الـظاهر: أنّ کلّ أحد إذا کان یؤدّی نظره إلـیٰ طرف، نسبـه‏‎ ‎‏إلـی الـشهرة والأکثر، أو ادّعی الاتفاق والإجماع، وهذا ممّا یظهر بعد‏‎ ‎‏الـمراجعـة إلـیٰ «مفتاح الـکرامـة»‏‎[7]‎‏ والـمتون الاُخر فی الأطعمـة‏‎ ‎‏والأشربـة.‏

‏وعلیٰ هذا، ففی الـمسألـة قولان: الـطهارة، ولعلّـه کان عند الـقدماء‏‎[8]‎‎ ‎


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.2)صفحه 435
‏والـمتأخّرین‏‎[9]‎‏ أشهر، بل الـمشهور، والـنجاسـة وهو عند الـمتوسّطین من‏‎ ‎‏عصر ابن إدریس إلـی الـعلاّمـة‏‎[10]‎‏، ومن بعده إلـیٰ عصر «الـمسالـک»‏‎ ‎‏والأردبیلیّ‏‎[11]‎‏، والأخیر کأنّـه مردّد فی الـمسألـة‏‎[12]‎‏ وإن مال إلـی الـطهارة،‏‎ ‎‏فالـمتّبع بعد ذلک هو الـدلیل، ولاسیّما بعد عدم تعرّض بعض من الـقدماء،‏‎ ‎‏کالـسیّد فی «الـناصریّات» و«الانتصار» واتباعـه‏‎[13]‎‏.‏

‏ویظهر الـتفصیل بین لـبن الـجاریـة الـمیّتـة وغیرها، فیقال بطهارتـه‏‎ ‎‏منها‏‎[14]‎‏. وربّما یستظهر من الـصدوق الـعکس‏‎[15]‎‏، فیکون هو من الـنجاسات إذا‏‎ ‎‏کان عن جاریـة، ومن الـطاهرات إذا کان عن شاة مثلاً، وهو الـمحکیّ عن‏‎ ‎‏الإسکافیّ‏‎[16]‎‏، واللّٰـه الـعالـم.‏

‏ثمّ إنّ أبناء الـعامّـة قد اختلفت آراؤهم حسب الـکتب، فیظهر من‏‎ ‎‏«منتهی الـعلاّمـة» أنّ الـنجاسـة قول مالـک، والـشافعیّ، وأحمد فی روایـة،‏‎ ‎‏والـطهارة قول أبی حنیفـة، وداود، وأحمد فی روایـة اُخریٰ ضعیفـة‏‎[17]‎‏.‏


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.2)صفحه 436
‏ویظهر من «الـفقـه علی الـمذاهب» أنّ الـنجاسـة قول الـکلّ إلاّ‏‎ ‎‏الـحنفیّـة‏‎[18]‎‏، وهذا هو الـظاهر من الـشیخ‏‎[19]‎‏، إلاّ أنّـه قال فی مقام حمل روایـة‏‎ ‎‏وهب بن وهب‏‎[20]‎‏ علی الـتقیّـة: «بأنّها موافقـة لـمذاهب الـعامّـة؛ لأنّهم‏‎ ‎‏یحرّمون کلّ شیء من الـمیتـة، ولا یجیزون استعمالـها علیٰ حال»‏‎[21]‎‏ انتهیٰ،‏‎ ‎‏وهذا ینافی ما سبق بعمومـه، والأمر سهل.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.2)صفحه 437

  • )) مفتاح الکرامة 1 : 154 / السطر 27 ، الغنیة ، ضمن الجوامع الفقهیّة : 557 / السطر7، الخلاف 1 : 519 .
  • )) مسالک الأفهام 2: 194 / السطر 43.
  • )) لاحظ المهذّب البارع 4 : 214 ، المراسم : 211 .
  • )) السرائر 3 : 112 .
  • )) منتهی المطلب 1: 165 / السطر 21، جامع المقاصد 1: 167.
  • )) مفتاح الکرامة 1: 154 / السطر 19، جامع المقاصد 1: 167.
  • )) اُنظر مفتاح الکرامة 1: 154 ـ 155.
  • )) الهدایة ، ضمن الجوامع الفقهیّة : 62 / السطر 28 ، المقنعة : 583 ، النهایة : 585 ، الخـلاف 1 : 519 ، الوسیلة : 361 ـ 362 ، المهذّب 2 : 441 .
  • )) مسالک الأفهام 2: 194 / السطر 42، مدارک الأحکام 2: 274، کفایة الأحکام : 11 / السطر الأخیر، ذخیرة المعاد : 148 / السطر 17.
  • )) شرائع الإسلام 3: 175، منتهی المطلب 1: 165 / السطر 21.
  • )) المهذّب البارع 4: 213، جامع المقاصد 1: 167.
  • )) مجمع الفائدة والبرهان 1: 305.
  • )) جواهر الکلام 5: 331.
  • )) مفتاح الکرامة 1: 155 / السطر 5.
  • )) مفتاح الکرامة 1 : 155 / السطر 8 ، المقنع : 15.
  • )) مختلف الشیعة : 56 / السطر 36 .
  • )) منتهی المطلب 1 : 165 / السطر 22.
  • )) الفقه علی المذاهب الأربعة 1: 11.
  • )) الخلاف 1: 519.
  • )) تهذیب الأحکام 9: 76 / 325، وسائل الشیعة 24: 183، کتاب الأطعمة والأشربة، أبواب الأطعمة المحرّمة، الباب 33، الحدیث11.
  • )) تهذیب الأحکام 9: 77، ذیل الحدیث 325.