بیان مقتضی القواعد فی لبن الجاریة

‏‏بیان مقتضی القواعد فی لبن الجاریة‏

‏‏ ‏

‏‏أقول:‏‏ ربّما یشکل الـطهارة؛ لأنّ مقتضی الـقواعد هی الـنجاسـة، لـعدم‏‎ ‎‏الـفرق ـ علیٰ ما مرّ ـ بین الـملاقاة مع الـباطن فی الـباطن، أو مع الـظاهر،‏‎ ‎‏بعد قیام الـدلیل علیٰ منجّسیـة الـنجس فی الـجملـة عرضاً؛ وإن اختلفت‏‎ ‎‏آراؤهم طولاً.‏

‏‏اللهمّ إلاّ أن یقال: إنّ دلیل «ما لا تحلّـه الـحیاة لا ینجس» یشمل اللّبن،‏‎ ‎‏وفراراً من اللغویّـة لابدّ من الـقول بالـطهارة. بل یمکن استکشاف طهارة‏‎ ‎‏الـضرع باطنـه وظاهره‏‎[1]‎‏.‏

‏‏وفیه:‏‏ أنّ لـغویّـة إطلاق الـدلیل ممّا لا یجب الـفرار منها، وما هو یفرّ‏‎ ‎

‏
‏‎

‎‏منـه لغویّـة ذات الـدلیل وتمام الـمدلول، فعند ذلک تقع الـمعارضـة بین إطلاق‏‎ ‎‏ما دلّ علیٰ طهارة ما لا تحلّـه الـحیاة، وإطلاق دلیل نجاسـة الـمیتـة وهو منها،‏‎ ‎‏وإطلاق دلیل منجّسیّـة الـنجس.‏

‏‏وتوهّم عدم شمول الـدلیل الـثانی لـما نحن فیـه، مدفوع بما عرفت.‏

‏‏وتوهّم اختصاص منجّسیّـة الـنجس بما إذا کانت الـملاقاة بعد‏‎ ‎‏الـنجاسـة، وبعبارة اُخریٰ: الـمعتبر هو الـملاقاة بمعناها الـمصدریّ، وهی هنا‏‎ ‎‏غیر متحقّقـة، غیر مرضیّ.‏

‏‏نعم قضیّـة ما سلف‏‎[2]‎‏؛ أنّ أدلّـة طهارة ما لا تحلّـه الـحیاة، تقصر عن‏‎ ‎‏شمول الـمائعات، کالأعراق واللّبن والـدّم، وتختصّ بالـنابتات فی الـبدن،‏‎ ‎‏کالـشعر والـصوف والـظفر، وأمثالـها ممّا عدّ فی کثیر من الـمآثیر، وفی ذیلها‏‎ ‎‏الـعمومات الـواردة الـمقتضیـة لـطهارة ما لا تحلّـه الـحیاة‏‎[3]‎‏، فراجع وتأمّل‏‎ ‎‏حتّیٰ یظهر لـک ما خطر بالـبال، فعلیـه تبقیٰ قاعدة نجاسـة اللّبن ـ ذاتیّةً‏‎ ‎‏وعرضیّةً ـ باقیةً علیٰ حالـها.‏

‏‏هذا، ولو فرضنا الـمعارضـة بین قاعدة طهارة ما لا تحلّـه الـحیاة،‏‎ ‎‏وقاعدة نجاسـة الـمائع بملاقاة الـنجس، فهی بالـعموم من وجـه، ولا ترجیح،‏‎ ‎‏إلاّ أنّ الـدلیل الأوّل ـ لـمکان تعرّضـه لـطهارتـه الـذاتیّـة ـ لا یقاوم الـثانی،‏‎ ‎‏والـثانی یقدّم علیـه.‏

‏
‏‎

‎‏وبعبارة اُخریٰ:‏‏ لا معارضـة بعد ذلک؛ لـعدم الـمنافاة بین الـطهارة‏‎ ‎‏الـذاتیّـة ونجاستـه الـعرضیّـة، ولا یلزم عند ذلک الالتزام بطهارتـه فراراً من‏‎ ‎‏اللغویّـة؛ لـما عرفت.‏

‏‏نعم، لو سلّمنا ذلک فتصل النوبـة إلـیٰ قاعدة الـطهارة، بل واستصحابها.‏

‏‏اللهمّ إلاّ ترجّح إحداهما علی الاُخریٰ بالـمرجّحات، والـترجیح مع‏‎ ‎‏قاعدة منجّسیـة الـنجس؛ لأنّها أقویٰ، وقد عدّت من اُصول الـمذهب‏‎[4]‎‏. مع أنّ‏‎ ‎‏استقذار الـعقلاء والـعرف من أسباب رجوعهم إلـیٰ نجاستها؛ والأخذ بما یدلّ‏‎ ‎‏علیها، وطرح الآخر.‏

‏‏هذا کلّـه حول قضیّـة الـقواعد فی اللبن.‏

‏‏ ‏

‏‎ ‎

‏‎

‎

• )) دروس فی فقه الشیعة 2: 361.
• )) تقدّم فی الصفحة 423 .
• )) وسائل الشیعة 24 : 179 ، کتاب الأطعمة والأشربة ، أبواب الأطعمة المحرّمة ، الباب 33 .
• )) جامع المقاصد 1 : 167 .