سورة البقرة

المسألة الاُولیٰ : حول کلمة «بشّر»

المسألة الاُولیٰ

‏ ‏

حول کلمة «بشّر»

‏ ‏

‏بشّره بـه: أخبره ففرح، الـبِشارة ـ بالـکسر الـخبر یؤثّر فی الـبَشَرة‏‎ ‎‏تغیّراً، وهذا یکون للحزن أیضاً، لکن غلب استعمالـه فیما یُفرح. انتهیٰ ما فی‏‎ ‎‏«الأقرب»‏‎[1]‎‏.‏

‏وفی الـراغب: أنّ بَشَرْتُـه عامّ، وأبشرتـه نحو أحمدتـه، وبشّرتُـه علیٰ‏‎ ‎‏الـتکثیر، وقال تعالـیٰ: ‏‏«‏فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ‏»‏‎[2]‎‏، وقال: ‏‏«‏فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِیمٍ‏»‏‎[3]‎‏،‏‎ ‎‏«‏بَشِّرِ المُنَافِقِینَ بِأَنَّ لَهُمْ‏»‏‎[4]‎‏، ‏‏«‏وَبَشِّرِ الَّذِینَ کَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِیمٍ‏»‏‎[5]‎‏؛‏‎ ‎‏فاستعارة‏‎[6]‎‏. انتهیٰ.‏

والذی یظهر:‏ أنّ أصل الـبِشارة لیس فیـه الـفرح بحسب اللغـة، فلا‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 7
‏مجاز ولا استعارة فی الآیـة وأمثالـها؛ لأنّ غلبـة استعمالـها فی الأنباء‏‎ ‎‏الـمُفرحـة، لا تکون إلـیٰ حدّ الـحقیقـة فیها. نعم فی عصرنا ومصرنا لا یبعد‏‎ ‎‏ذلک، وفی الـحدیث: «اُمرنا أن نبشر الـشوارب بشراً»‏‎[7]‎‏؛ أی نُخفیها لیبین‏‎ ‎‏ظاهر الـجلد، ففی عصر الـقرآن ومصره لا یثبت الـمجاز، ویکون الـمعنیٰ هو‏‎ ‎‏الـخبر الـمؤثّر فی الـعروق، الـموجب لتغیّر الـوجـه وبَشَرة الـجِلْد. نعم إنّ‏‎ ‎‏الـهیئـة لم یعهد تعدّیها إلـیٰ مفعولین إلاّ مع الـواسطـة، کما رأیتَ فی الآیات‏‎ ‎‏الـسابقـة ودَرَیتَ من اللغـة.‏

‏وممّا یؤیّد ما ذکرنا قولـه تعالـیٰ: ‏‏«‏وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَیٰ ظَلَّ وَجْهُهُ‎ ‎مُسْوَدّاً‏»‏‎[8]‎‏، ‏‏«‏وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمٰنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً‏»‏‎[9]‎‏.‏

‏ویؤیّد ما ذکرنا إطلاق الـبَشر علیٰ الإنسان باعتبار ظهور بَشَرتـه، فی‏‎ ‎‏قبال الـحیوانات الـمختلفـة نوعاً بالـشعر والـصوف وغیرهما.‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 8

  • )) أقرب الموارد 1 : 44 .
  • )) یس (36) : 11 .
  • )) آل عمران (3): 21 .
  • )) النساء (4) : 138 .
  • )) التوبة (9) : 3 .
  • )) المفردات فی غریب القرآن : 48 .
  • )) النهایة، ابن الأثیر 1 : 129 .
  • )) النحل (16): 58 .
  • )) الزخرف (43): 17.