سورة البقرة

المسألة الثانیة عشرة : حول کلمة «العهد»

المسألة الثانیة عشرة

‏ ‏

حول کلمة «العهد»

‏ ‏

‏«الـعهد» الـوصیّـة والـمَوثِق والـیمین یحلف بها الـرجل، والـذی‏‎ ‎‏یکتبـه ولی الأمر للولاة إیذاناً بتولیتهم مع الأمر بلزوم الـشریعـة وإقامـة‏‎ ‎‏الـنصفـة. جمعـه: عهود، والـعهد أیضاً: الـوفاء والـضمان والـمودّة والأمان‏‎ ‎‏والـذمّـة، والـعهد الـقدیم: الأسفار قبل الـمسیح ‏‏علیه السلام‏‏، والـعهد الـجدید: الـتی‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 17
‏کتبت بعد الـمسیح ‏‏علیه السلام‏‏. انتهیٰ ما فی «الأقرب»‏‎[1]‎‏.‏

‏وفی «الـمفردات»: الـعهد: حفظ الـشیء ومراعاتـه حالاً بعد حال،‏‎ ‎‏وسمّی الـمَوثِق الـذی یلزم مراعاتـه عهداً‏‎[2]‎‏. انتهیٰ ما فیـه. وفی «الأقرب»:‏‎ ‎‏قیل: أصلـه الـرعایـة، ثمّ استعمل فی الـمَوثِق‏‎[3]‎‏.‏

والذی یظهر لی‏ بعد مراجعـة هذه الـمادّة فی مواضع مختلفـة من‏‎ ‎‏الـقرآن الـکریم: أنّ الـعهد مصدر، ومعناه معلوم، واسم مصدر وحاصل من‏‎ ‎‏الـمصدر الـثلاثی أحیاناً والـرباعی، وهو الاسم من عاهد والـحاصل منـه،‏‎ ‎‏وهو الـقرار الـقلبی الـمبرَز بین الـعبد وربّـه، أو بین الـعباد بعضهم مع بعض،‏‎ ‎‏أو قرار من اللّٰه بالـنسبـة إلـیٰ الـخلائق والـناس فی مختلف الاُمور. نعم ربّما‏‎ ‎‏یعبّر عنـه بالـوصیّـة؛ لأنّها أیضاً تکشف عن ذلک الـقرار أو الأمان والـضمان‏‎ ‎‏وغیر ذلک من الألفاظ، إلاّ أنّ الـکلّ مشترک فی ذلک الـقرار الأعمّ من کونـه‏‎ ‎‏قراراً بین الـدول فی الـمسائل الـسیاسیـة والاقتصادیـة، أو بین الـربّ‏‎ ‎‏والـمربوب فی الـمسائل الأخلاقیـة والـفردیـة، وبین أبناء الـبشر فی الاُمور‏‎ ‎‏الـجزئیـة الـشخصیـة وغیرها.‏

‏ویظهر من موارد الاستعمال: أنّـه الـقرار الـذی یقبل الـتأکید ویتحمّل‏‎ ‎‏الـتوثیق والإحکام فی الاعتبار.‏

‏ویؤیّد ذلک ما فی صحیح أخبارنا: أنّ الـعقد هو الـعهد الـمشدّد‏‎[4]‎‏، فإنّ‏‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 18
‏الـعهد هو غیر الـمشدّد من ذلک الـقرار، بخلاف الـعقد، وفی أمثال هذه الآیـة‏‎ ‎‏إشعار بذلک: ‏‏«‏یَنْقُضُونَ عَهْدَ اللّٰهِ مِنْ بَعْدِ مِیثَاقِهِ‏»‏‎[5]‎‏.‏

ثمّ إنّ فی آیة اُخریٰ: ‏«‏اَلَّذینَ یُوفُونَ بِعَهْدِ اللّٰهِ وَلاَیَنْقُضُونَ المِیثَاقَ‏»‏‎[6]‎‏،‏‎ ‎‏وهو مُشعر بخلاف ما مرّ، إلاّ أنّـه غیر خفیّ علیٰ أهلـه.‏

‏ثمّ إنّ ما ذکرناه فهو فی خصوص الـعهد دون سائر مشتقّاتـه، فإنّها ربّما‏‎ ‎‏تختلف معانیها، وما ذکرناه هو معنیٰ الـعهد مع الـفراغ عن الـقرائن الـخاصّـة،‏‎ ‎‏کما هو الـظّاهر.‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 19

  • )) راجع أقرب الموارد 2 : 842 .
  • )) راجع المفردات فی غریب القرآن : 350 .
  • )) راجع أقرب الموارد 2 : 842 .
  • )) راجع زبدة البیان فی أحکام القرآن : 362، وعوائد الأیّام : 11.
  • )) البقرة (2) : 27 .
  • )) الرعد (13) : 20.